من أهم النتائج غير الاقتصادية لجولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخليجية التي زار خلالها المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة واجتماعه بقادة دول مجلس التعاون على هامش زيارته للسعودية، الانفتاح الإيجابي ولأول مرة بعد عشرين سنة على المسألة السورية ويحق للمملكة العربية السعودية الشقيقة أن تفتخر بهذه النتيجة الاستراتيجية والتي ستكون لها نتائج بالغة على القطر السوري وعلى الشعب السوري الشقيق ويمكن هنا أن نتوقف عند عدة نقاط ترتبط بشكل مباشر باللقاء الذي جمع الرئيس ترامب وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوري أحمد الشرع.
الأولى: لقد تم كسر الصورة النمطية التي سادت سنين طويلة في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام السوري السابق وما اتسمت به من عدوانية وحصار وعقوبات ثقيلة استمرت أكثر من 25 سنة وكذلك تم كسر الصورة النمطية عن الرئيس السوري أحمد الشرع والقوى التي ساهمت في تحرير سوريا من استبداد النظام السابق وما كانت توصف به الجماعات التي حاربت النظام السابق وحلفاؤه سنين طويلة.
الثانية: تتعلق بالقرار الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا وهذا أمر بالغ الأهمية وكان شبه مستحيل قبل فترة قصيرة ولكن نجح سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في إقناع الرئيس الأمريكي برفع هذه العقوبات ولو تدريجيا من أجل مساعدة سوريا والشعب السوري الشقيق على تجاوز الصعوبات الحياتية الأساسية فيما يتعلق بالغذاء والدواء والمحروقات والكهرباء والماء وغيرها من الجوانب التي عانى منها الشعب السوري في الماضي ويعاني منها في الوقت الحاضر بشكل دراماتيكي هذه الخطوة التي كان من المستحيل أن تحدث بل وكانت شبه المعجزة أن تحدث بالمفهوم السياسي حدثت وهذا في حد ذاته مكسب كبير وتحول مهم جدا بالنسبة إلى سوريا الدولة وسوريا المجتمع والفضل في ذلك بعد الله سبحانه وتعالى كما هو واضح إلى القيادة السعودية التي كان من المهم بالنسبة إليها أن تستعيد سوريا عافيتها كجزء لا يتجزأ من المنطقة العربية ومن العالم بشكل عام.
الثالثة: الشروط والتحديات التي ترتبط بالوضع السوري في المستقبل فإذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة قد وافقت كما هو واضح على رفع تدريجي عن العقوبات فإنها ربطت هذا الرفع بعدد من الاشتراطات الأساسية منها ضرورة تخلص سوريا من الجماعات والتنظيمات العسكرية وشبه العسكرية بمن في ذلك الفلسطينيين وضرورة انضمام الدولة السورية في الفترة القادمة إلى المفاوضات التي قد تؤدي إلى تطبيع الأحوال في الإقليم وكما هو واضح فإن الرئيس ترامب يتحرك بهذا الملف كما بقية الملفات في سياق مشروعه لتوسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية وهذا أمر قد يكون سابقا لأوانه بالنسبة إلى الطرف السوري لأن التحديات الكبرى التي تواجهها سوريا ترتبط بتوفير الأمن والاستقرار وتوحيد البلاد وتوفير المتطلبات المعيشية للشعب السوري.
مما تقدم يتضح أن الخطوة التي تحققت خلال هذا الاجتماع الثلاثي تعد خطوة متقدمة بالمعنى السياسي الاستراتيجي سوف تكون لها نتائج إيجابية في جميع الأحوال خاصة وأن العديد من الدول والجهات كانت تريد تطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة ولكنها متخوفة من العقوبات الأمريكية التي تفرض على الدول والجهات التي تتعامل مع سوريا كما هو حاصل حاليا ولذلك فإن هذه الخطوة سوف تفتح الباب أمام هذه الدول لإعادة علاقاتها مع سوريا بما في ذلك العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تعد بالنسبة إلى سوريا حيوية في المرحلة الحالية وفي المستقبل ومن دونها سوف تبقى سوريا مقيدة ومحاصرة وغير قادرة على توفير احتياجات المجتمع السوري الأساسية.
إنها فرصة تاريخية نتطلع أن يعقبها خطوات تحقق للشعب السوري الشقيق ما يصبو إليه من استقرار وأمن وما يتطلع إليه من ازدهار لتكون سوريا جزءا لا يتجزأ من الأمن الإقليمي والعربي في المستقبل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك