العدد : ١٧٢٢٦ - الخميس ٢٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٦ - الخميس ٢٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سوريا الجديدة واستعادة وضعها الطبيعي

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬أهم‭ ‬النتائج‭ ‬غير‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لجولة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬زار‭ ‬خلالها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬قطر‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬واجتماعه‭ ‬بقادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬زيارته‭ ‬للسعودية،‭ ‬الانفتاح‭ ‬الإيجابي‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬المسألة‭ ‬السورية‭ ‬ويحق‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬أن‭ ‬تفتخر‭ ‬بهذه‭ ‬النتيجة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬نتائج‭ ‬بالغة‭ ‬على‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭ ‬وعلى‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬ويمكن‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬عدة‭ ‬نقاط‭ ‬ترتبط‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬باللقاء‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭  ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬والرئيس‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭.‬

الأولى‭: ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬كسر‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والنظام‭ ‬السوري‭ ‬السابق‭ ‬وما‭ ‬اتسمت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عدوانية‭ ‬وحصار‭ ‬وعقوبات‭ ‬ثقيلة‭ ‬استمرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬وكذلك‭ ‬تم‭ ‬كسر‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬عن‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬والقوى‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬استبداد‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬توصف‭ ‬به‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬حاربت‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭. ‬

الثانية‭: ‬تتعلق‭ ‬بالقرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬برفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬سوريا‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬وكان‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬ولكن‭ ‬نجح‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬برفع‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬ولو‭ ‬تدريجيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدة‭ ‬سوريا‭ ‬والشعب‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الصعوبات‭ ‬الحياتية‭ ‬الأساسية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والمحروقات‭ ‬والكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬عانى‭ ‬منها‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬ويعاني‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬بشكل‭ ‬دراماتيكي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬بل‭ ‬وكانت‭ ‬شبه‭ ‬المعجزة‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬بالمفهوم‭ ‬السياسي‭ ‬حدثت‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬مكسب‭ ‬كبير‭ ‬وتحول‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬الدولة‭ ‬وسوريا‭ ‬المجتمع‭ ‬والفضل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬أن‭ ‬تستعيد‭ ‬سوريا‭ ‬عافيتها‭ ‬كجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ومن‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

الثالثة‭: ‬الشروط‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬بالوضع‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬قد‭ ‬وافقت‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬تدريجي‭ ‬عن‭ ‬العقوبات‭ ‬فإنها‭ ‬ربطت‭ ‬هذا‭ ‬الرفع‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الاشتراطات‭ ‬الأساسية‭ ‬منها‭ ‬ضرورة‭ ‬تخلص‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬والتنظيمات‭ ‬العسكرية‭ ‬وشبه‭ ‬العسكرية‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وضرورة‭ ‬انضمام‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تطبيع‭ ‬الأحوال‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يتحرك‭ ‬بهذا‭ ‬الملف‭ ‬كما‭ ‬بقية‭ ‬الملفات‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مشروعه‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سابقا‭ ‬لأوانه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬السوري‭ ‬لأن‭ ‬التحديات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬سوريا‭ ‬ترتبط‭ ‬بتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وتوحيد‭ ‬البلاد‭ ‬وتوفير‭ ‬المتطلبات‭ ‬المعيشية‭ ‬للشعب‭ ‬السوري‭.‬

مما‭ ‬تقدم‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬الثلاثي‭ ‬تعد‭ ‬خطوة‭ ‬متقدمة‭ ‬بالمعنى‭ ‬السياسي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والجهات‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬الجديدة‭ ‬ولكنها‭ ‬متخوفة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬والجهات‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬حاليا‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬سوف‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لإعادة‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل‭ ‬ومن‭ ‬دونها‭ ‬سوف‭ ‬تبقى‭ ‬سوريا‭ ‬مقيدة‭ ‬ومحاصرة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭ ‬الأساسية‭.‬

إنها‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬نتطلع‭ ‬أن‭ ‬يعقبها‭ ‬خطوات‭ ‬تحقق‭ ‬للشعب‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬ما‭ ‬يصبو‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬وما‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬ازدهار‭ ‬لتكون‭ ‬سوريا‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعربي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا