العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إذا شـعـرت بالـضـياع.. مـاذا تفعل؟

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٨ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

لا‭ ‬يوجد‭ ‬تعريف‭ ‬واضح‭ ‬ومحدد‭ ‬لمصطلح‭ (‬الضياع‭)‬،‭ ‬ولكنها‭ ‬ببساطة‭ ‬تخيل‭ ‬نفسك‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬غريبة،‭ ‬وتسير‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬طويل‭ ‬لا‭ ‬أول‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬آخر،‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬قد‭ ‬تهت،‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬المسير،‭ ‬هل‭ ‬تواصل،‭ ‬أم‭ ‬تتوقف،‭ ‬أم‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭ ‬أو‭ ‬اليسار،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬معك‭ ‬خريطة‭ ‬وأنت‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬التغطية‭ ‬اللاسلكية،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تفعل؟

هكذا‭ ‬الضياع،‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الضياع‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬وإنما‭ ‬الضياع‭ ‬في‭ ‬الطريق،‭ ‬ولكن‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الطرق؟‭ ‬

تقول‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬إن‭ ‬الضياع‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬نفسيّة‭ ‬من‭ ‬مظاهرها‭ ‬الحيرة‭ ‬وغياب‭ ‬الهدف‭ ‬والتشتّت‭ ‬الفكريّ‭ ‬والشعور‭ ‬بالوحدة‭ ‬وبالحرمان‭ ‬من‭ ‬العون‭ ‬والهداية‭.‬

تقول‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬إنه‭ ‬شعور‭ ‬لا‭ ‬يوصف‭ ‬وغريب،‭ ‬تشعر‭ ‬به‭ ‬وكأنك‭ ‬في‭ ‬فراغ‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عنصر‭ ‬مادي‭ ‬وثقل‭ ‬فولاذي‭ ‬لا‭ ‬يتزحزح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تشعر‭ ‬بالشيء‭ ‬ونقيضه،‭ ‬تضيع‭ ‬بين‭ ‬البكاء‭ ‬والابتسامة،‭ ‬الحنين‭ ‬والنفور،‭ ‬البرد‭ ‬والحرارة،‭ ‬الرغبة‭ ‬وفقدانها‭ ‬والوجود‭ ‬واللاوجود‭.‬

يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬صعبة‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬علماء‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬وكأنك‭ ‬تسبح‭ ‬في‭ ‬الفراغ،‭ ‬طاقته‭ ‬القوية‭ ‬تمنعك‭ ‬عن‭ ‬التشبث‭ ‬بأي‭ ‬شيء‭ ‬سوى‭ ‬السقوط‭ ‬والانهيار‭ ‬والنسيان،‭ ‬قوة‭ ‬غريبة‭ ‬تشدك‭ ‬نحو‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬وبشكل‭ ‬ما‭ ‬تشعرك‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬المميت،‭ ‬وحين‭ ‬تقرر‭ ‬التحرر،‭ ‬بتلقائية،‭ ‬تصطدم‭ ‬بجدار‭ ‬اللانهاية،‭ ‬وتلتهمك‭ ‬أيادي‭ ‬الطاقة‭ ‬المظلمة‭ ‬المزينة‭ ‬بالغموض،‭ ‬التهام‭ ‬الجائع‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬يشتاق‭ ‬إلى‭ ‬قطرة‭ ‬ماء‭ ‬ناجية‭ ‬فتتقدم‭ ‬بطواعية‭ ‬نحو‭ ‬الأمام‭ ‬وتندثر‭ ‬آثارك‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا‭.‬

عندما‭ ‬ذهبنا‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬أشكال‭ ‬الضياع‭ ‬وأنواعه‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬المراجع‭ ‬تختلف‭ ‬فيها‭ ‬حسب‭ ‬نوعية‭ ‬تخصص‭ ‬المفكر‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬البحث‭ ‬والكتاب،‭ ‬وربما‭ ‬وجدنا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬نوعًا،‭ ‬بعضها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬أنواعا‭ ‬ثانوية‭ ‬وبعضها‭ ‬مهم،‭ ‬لنحاول‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬والأشكال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬الخمسة،‭ ‬وهي‭:‬

الضياع‭ ‬الروحي؛‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬بانفصال‭ ‬عن‭ ‬ذاته‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الروحية‭ ‬التي‭ ‬يؤمن‭ ‬بها،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لانعدام‭ ‬الروحانيات‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬الداخلية‭.‬

الضياع‭ ‬النفسي؛‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالتشتت‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬الذات‭ ‬أو‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬الشخصية،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بعدم‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬إرضاء‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الذات‭.‬

الضياع‭ ‬الاجتماعي؛‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬بالعزلة‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬به،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لتجارب‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬دعم‭ ‬اجتماعي‭ ‬مناسب‭.‬

الضياع‭ ‬المهني؛‭ ‬يتعلق‭ ‬بعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬المسار‭ ‬المهني‭ ‬المناسب‭ ‬أو‭ ‬الشعور‭ ‬بعدم‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الحالي،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬أهداف‭ ‬واضحة‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬تحقيق‭ ‬الطموحات‭ ‬المهنية‭.‬

الضياع‭ ‬العاطفي؛‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬بعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬العاطفي‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬صحية‭ ‬ومستقرة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لتجارب‭ ‬عاطفية‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المشاعر‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭.‬

ربما‭ ‬بعضنا‭ ‬مر‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬حياته‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬النوعيات‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬ربما‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬يختنق‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يفعل،‭ ‬ربما‭ ‬استعان‭ ‬بصديق،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬الصديق‭ ‬نفسه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬ترشده‭ ‬وتدله‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬ربما‭ ‬وربما‭.. ‬فالحياة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬بمكان‭ ‬والطريق‭ ‬غير‭ ‬ممهد،‭ ‬وكلنا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بوصلة‭ ‬لا‭ ‬تدله‭ ‬على‭ ‬اتجاه‭ ‬محدد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تدله‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬فمن‭ ‬يمتلك‭ ‬تلك‭ ‬البوصلة؟

وأثناء‭ ‬بحثنا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مراجع‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬والتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬ونحن‭ ‬نكتب‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬تلك‭ ‬البوصلة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الخريطة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بصورتها‭ ‬المتكاملة،‭ ‬لذلك‭ ‬ذهبنا‭ ‬نجمع‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬وتمكنا‭ ‬‭ ‬بفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬أن‭ ‬نجمع‭ ‬هذه‭ ‬النقاط‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بوصلة‭ ‬أو‭ ‬خريطة‭ ‬للمرء‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬الضياع‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ترشده‭ ‬إلى‭ ‬بدايات‭ ‬الطريق‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الضياع،‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

أولاً‭: ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬ولحظة‭ ‬هدوء؛‭ ‬عندما‭ ‬يجد‭ ‬المرء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬لحظة،‭ ‬فلا‭ ‬يتقدم‭ ‬ولا‭ ‬يتأخر،‭ ‬لحظة‭ ‬يتنفس‭ ‬فيها‭ ‬الصعداء،‭ ‬يركن‭ ‬عقله‭ ‬للراحة،‭ ‬لا‭ ‬يفكر،‭ ‬ولا‭ ‬يعمل‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬وإنما‭ ‬يتنفس،‭ ‬فقط‭ ‬يتنفس،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بأن‭ ‬روحه‭ ‬استراحت‭ ‬ولو‭ ‬للحظات‭ ‬يتوضأ‭ ‬بهدوء‭ ‬تام‭ ‬وليس‭ ‬بطريقة‭ ‬مستعجلة،‭ ‬ثم‭ ‬يذهب‭ ‬ويصلي‭ ‬ركعتين‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يشاء،‭ ‬وعليه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬واقف‭ ‬بين‭ ‬يديّ‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬ويتحدث‭ ‬إليه،‭ ‬تحدث‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬السجود،‭ ‬نعم‭ ‬تحدث،‭ ‬قل‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تشاء،‭ ‬إن‭ ‬غلبتك‭ ‬العبرة‭ ‬فابكِ،‭ ‬فلن‭ ‬يراك‭ ‬أحد،‭ ‬أنت‭ ‬بين‭ ‬يديّ‭ ‬خالقك‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬عنك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تعرفه‭ ‬عن‭ ‬نفسك‭. ‬تحدث‭ ‬وتحدث‭ ‬فإن‭ ‬انتهيت‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬أعد‭ ‬الحديث‭ ‬مرات‭ ‬ومرات،‭ ‬حتى‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬الطاقة‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬متشبثة‭ ‬بأضلاعك‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬تتفكك،‭ ‬وعندما‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬لا‭ ‬تقاوم‭ ‬وإنما‭ ‬دع‭ ‬الإيجابية‭ ‬تنفذ‭ ‬إلى‭ ‬صدرك‭ ‬وأضلعك،‭ ‬عندها‭ ‬حتمًا‭ ‬ستشعر‭ ‬بالهدوء‭. ‬

ثانيًا‭: ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتًا‭ ‬للتغيير؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬والفرح‭ ‬لا‭ ‬يدومان،‭ ‬فإن‭ ‬الحزن‭ ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬يدوم،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬قابل‭ ‬للتغيير،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬الحكماء‭: ‬‮«‬فإن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يبدأ‭ ‬صغيرًا‭ ‬ثم‭ ‬يكبر‭ ‬إلا‭ ‬المصيبة‭ ‬فإنها‭ ‬تبدأ‭ ‬كبيرة‭ ‬ثم‭ ‬تصغر‮»‬،‭ ‬وهذه‭ ‬أساسيات‭ ‬وبديهيات‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قناعات،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬في‭ ‬محنة‭ ‬أو‭ ‬مصيبة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬لذلك‭ ‬تقبل‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬ولتكن‭ ‬عندك‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬سيتغير‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬أو‭ ‬أخرى‭.  ‬

ثالثًا‭: ‬كن‭ ‬صبورًا‭ ‬لطيفًا‭ ‬مع‭ ‬نفسك؛‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬عندما‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الضياع‭ ‬يلوم‭ ‬نفسه‭ ‬ويجلدها،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬بخطأ‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يترفق‭ ‬بنفسه‭ ‬قليلاً،‭ ‬فلا‭ ‬يحتقر‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬يبغضها،‭ ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يوقن‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬فيه،‭ ‬فربما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هو‭ ‬السبب،‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬وضغوط‭ ‬خارجية‭ ‬لا‭ ‬فرار‭ ‬منها،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬هو،‭ ‬لذلك‭ ‬ففي‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬لحظة‭ ‬صفاء‭ ‬ويحادثها،‭ ‬وأكرر‭ ‬يحادثها‭ ‬وربما‭ ‬يعاتبها‭ ‬بطريقة‭ ‬لطيفة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬النقطة‭ ‬التالية‭. ‬

رابعًا‭: ‬قم‭ ‬بتنظيم‭ ‬أفكارك‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أهدافك‭ ‬وقيمك؛‭ ‬خذ‭ ‬ورقة‭ ‬وقلم‭ ‬وادرس‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬التي‭ ‬أنت‭ ‬فيها،‭ ‬اكتبها،‭ ‬حللها،‭ ‬أو‭ ‬ارسمها،‭ ‬ثم‭ ‬قارن‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬بأهدافك‭ ‬وقيمك،‭ ‬هل‭ ‬تأثرت‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف‭ ‬وتلك‭ ‬القيم؟‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬الضياع‭ ‬في‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬بسببها؟‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬لم‭ ‬تمس‭ ‬قيمك‭ ‬وأهدافك‭ ‬فلا‭ ‬بأس،‭ ‬واعتبرها‭ ‬دورة‭ ‬تدريبية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجودية‭ ‬ربما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬حتى‭ ‬تعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬نفسك‭ ‬وحياتك‭.  ‬

خامسًا‭: ‬ابدأ‭ ‬بخطوات‭ ‬صغيرة‭ ‬ولا‭ ‬تحمل‭ ‬نفسك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طاقتها؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحلل‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الورقة‭ ‬والقلم،‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬بعض‭ ‬الحلول‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يمكنك‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحالة،‭ ‬ضعها‭ ‬أمامك‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬ثم‭ ‬خذ‭ ‬الحل‭ ‬الأول‭ ‬وقسمه‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬وجزئيات‭ ‬صغيرة‭ ‬وإلى‭ ‬أصغر‭ ‬حجم‭ ‬ممكن،‭ ‬ثم‭ ‬اسأل‭ ‬نفسك؛‭ ‬هل‭ ‬يمكنك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الجزئيات‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬بوصلة‭ ‬الخروج؟،‭ ‬حاول،‭ ‬فإن‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬الجزئية‭ ‬الثانية،‭ ‬وهكذا،‭ ‬فلا‭ ‬تُحمّل‭ ‬نفسك‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬طاقتها‭ ‬لأنك‭ ‬لن‭ ‬تستطيع،‭ ‬حينها‭ ‬فستفشل‭ ‬وتنهار‭ ‬وتعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الضياع‭ ‬التي‭ ‬أنت‭ ‬فيها‭ ‬وتعاني‭ ‬منها‭. ‬

سادسًا‭: ‬خذ‭ ‬خطوة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وتأمل‭ ‬ذاتك‭ ‬وحياتك‭ ‬الجديدة؛‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬ومرحلة‭ ‬خذ‭ ‬فترة‭ ‬راحة،‭ ‬خذ‭ ‬إجازة‭ ‬من‭ ‬نفسك،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الراحة‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفكير‭ ‬وإعادة‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬والهدوء،‭ ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬راجع‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬قمت‭ ‬بها،‭ ‬والنجاحات‭ ‬التي‭ ‬حققتها،‭ ‬فأنت‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬حياتك،‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬حتمًا‭ ‬أنت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬سجل‭ ‬نجاحاتك‭ ‬وإخفاقاتك،‭ ‬وأعد‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسك‭ ‬أنك‭ ‬قادر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬الأمور‭ ‬ووضعها‭ ‬في‭ ‬نصابها‭.‬

سابعًا‭: ‬تحدث‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬صديق‭ ‬تثق‭ ‬به‭ ‬واطلب‭ ‬منه‭ ‬المساعدة؛‭ ‬حتمًا‭ ‬لدينا‭ ‬أصدقاء‭ ‬أو‭ ‬أشخاص‭ ‬مقربون،‭ ‬يسمعون‭ ‬آهاتنا‭ ‬ويمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يساعدونا‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الضياع،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا،‭ ‬ولكنهم‭ ‬حتمًا‭ ‬لديهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإصغاء،‭ ‬اذهب‭ ‬إليه‭ ‬واجلس‭ ‬معه‭ ‬وقل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبتك،‭ ‬وإن‭ ‬وجدت‭ ‬نفسك‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬الأخصائيين‭ ‬الذي‭ ‬تتحتم‭ ‬عليهم‭ ‬وظائفهم‭ ‬الإصغاء‭ ‬للبشر،‭ ‬اذهب‭ ‬واجلس‭ ‬وتحدث،‭ ‬فهذه‭ ‬منطقة‭ ‬راحة‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭. ‬

ثامنًا‭: ‬جرب‭ ‬أشياء‭ ‬جديدة،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الشعور‭ ‬بالضياع‭ ‬فرصة‭ ‬لك‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة؛‭ ‬أنت‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لحالة‭ ‬الضياع‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬فيها،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬تستعين‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وتقوم‭ ‬بالأمور‭ ‬التي‭ ‬تحدثنا‭ ‬فيها،‭ ‬ضع‭ ‬البوصلة‭ ‬أمامك،‭ ‬اخرج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬أو‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬بعض‭ ‬عاداتك‭ ‬القديمة‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬السبب،‭ ‬فإن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تمارس‭ ‬الرياضة‭ ‬فمارسها،‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تقرأ‭ ‬الكتب‭ ‬فاقرأ،‭ ‬افعل‭ ‬أمورا‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬شاقة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليك،‭ ‬المهم‭ ‬غير‭ ‬حياتك‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الأمور،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نقول‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬العصا‭ ‬السحرية‭ ‬التي‭ ‬ستخرجك‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الضياع،‭ ‬ولكنها‭ ‬حتمًا‭ ‬إنها‭ ‬بوصلة‭ ‬وخريطة‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا