أول بحرينية وخليجية تحصل على الليسانس والماجستير من جامعة ديجون الفرنسية.. أدرجت ضمن قائمة أكثـر النساء تأثيرا في البحرين من مجلة «بيزنس إن جلف».. نالت لقب محامٍ متميز من منظمة «ثومسون رويترز».. رشحت لجائزة أفضل محامية امرأة في العالم العربي في القطاع المصرفي من «لكزس نكساس».. الرئيس التنفيذي للشؤون القانونية في مجموعة سيكو بالمملكة.. نورة محمد عقيل جناحي لــ«أخبار الخليج»:
يقول كبير أساقفة جنوب إفريقيا الحائز جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو «القليل من الإصرار يقابله الكثير من الإنجاز»!
نعم، فأعظم ما يتفوق به الانسان على كل ما في الوجود هو موهبة التحدي التي تتطلب بذل الجهد المتواصل لإطلاق ما بداخله من قدرات وطاقات كامنة تمكنه من تحقيق أحلامه، وهذا ما حدث على أرض الواقع مع هذه المرأة التي رسمت صورة نسائية قانونية مشرفة عبر مشوارها الحافل بالكفاح والنجاح والذي حققت فيه الكثير من المجد والتألق، حتة تركت بصمة خاصة بها في هذا المجال.
نورة محمد عقيل جناحي، الرئيس التنفيذي للشؤون القانونية في مجموعة سيكو بالمملكة، أول بحرينية حاصلة على الليسانس والماجستير من جامعة ديجون بفرنسا، حازت على تقييم تقدير كبير عال من قبل منظمة «أي إف إل آر 1000» وعلى لقب محامٍ متميز من منظمة «توم رويترز» لتقييم المحاسبين، تم ترشيحها لجائزة أفضل محامي في مجال البنوك والمصارف من مؤسسة «لكزس تكساس»، فضلا عن إدراجها ضمن قائمة أكثر النساء تأثيرا في البحرين من قبل مجلة «بيزنس إن جلف».
هذه التجربة الثرية المليئة بالإنجازات والكفاحات والتحديات استحقت وعن جدارة أن نتوقف عند أهم محطاتها وذلك في الحوار التالي:
حدثينا عن نشأتك؟
أنا من مواليد محافظة المنامة، أنتمي الى عائلة عصامية عاشقة للعمل التجاري تضم ثلاثة أولاد وبنتين، وتعتبر والدتي من رواد الأعمال في مجال الطبخ حيث تملك مصنعا كبيرا شهيرا، وقد نشأت على مبدأ عدم وجود شيء مستحيل في الحياة، وهذا ما حفزني على تحقيق النجاح الذي وصلت إليه الآن، ومن ثم بلوغ أهدافي وطموحاتي، ومنذ طفولتي عشقت الفن وتولدت بداخلي ميول إعلامية جعلتني أحلم بالقيام بدور بارز في هذا المجال مستقبلا، ولي الشرف أنني تخرجت في مدرسة حكومية.
متى تم تحديد مسارك العلمي؟
أثناء دراستي في إحدى المدارس الحكومية سعيت لتعلم واتقان اللغة الإنجليزية فالتحقت بالمعهد البريطاني منذ الصغر، وعند عمر 12 عاما قمت بزيارة سياحية لفرنسا وهناك ولعت باللغة الفرنسية، وتعلمتها عبر دورات مسائية، وفي المرحلة الثانوية اخترت المسار التجاري وكنت من المتفوقين وتم تكريمي من لدن رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، حيث احتللت المرتبة الثانية على مستوى مملكة البحرين في ذلك المسار.
وحدث أن ترشحت لبعثة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وكان لذلك الفضل في تطوير مهاراتي وصقل شخصيتي.
كيف جاء قرار الدراسة في فرنسا؟
حين ألقيت كلمة الخريجين باللغة الفرنسية خلال حفل التخرج في المرحلة الثانوية، وجه رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بمنحي بعثة للدراسة في فرنسا، وبالفعل قررت دراسة القانون هناك، وبعد حصولي على درجة الليسانس، واصلت مشواري العلمي لنيل رسالة الماجستير، وكنت أول بحرينية تدرس القانون وتحصل على درجتي الليسانس والماجستير من جامعة ديجون الفرنسية، وقد قضيت هناك حوالي ست سنوات بين الدراسة والتدريب العملي.
أصعب تحدٍ واجهك؟
من أصعب التحديات التي واجهتني أثناء الدراسة في فرنسا كان حاجز اللغة حتى انني حققت النجاح في أول عام دراسي بالكاد، وقد كنت الطالبة العربية والخليجية الوحيدة في دفعتي، ولكني كسرت هذا الحاجز ببذل جهد مضاعف، ولله الحمد تخرجت بتقدير عال، علما أنني بدأت مشواري العملي هناك في عمر 18 عاما، لدي فرع مكتب محاماة بريطاني عالمي، الأمر الذي أكسبني خبرات ومهارات متنوعة أفادتني كثيرا لاحقا.
أجمل التجارب؟
لقد تم اختياري من قبل جامعة ديجون الفرنسية لتمثيلها في هيئة الأمم المتحدة، وكان ذلك بالنسبة لي من أجمل التجارب التي عشتها وأفخر بها، هذا فضلا عن تجربة عملي في مجال التحكيم في غرفة التجارة العربية الفرنسية في باريس الأمر الذي منحني خبرات واسعة كان لها أثر كبير على مسيرتي المهنية، ولا زالت علاقتي مع السفارة الفرنسية قوية حتى اليوم، علما بأنني كنت في السابق عضو مجلس إدارة المعهد الفرنسي الذي تعلمت فيه اللغة الفرنسية والأمين المالي ونائب رئيس مجلس الإدارة في السفارة.
وبعد العودة إلى الوطن؟
بعد حصولي على رسالة الماجستير في قانون التجارة الدولي بتفوق عدت إلى مملكة البحرين، حيث كنت أرغب بشدة في الانتماء الى مكتب وطني مرموق في مجالي، ولم أجد أفضل من مكتب المحامي الكبير الأستاذ العلامة حسن رضي وكانت انطلاقتي من هناك على اعتبار أنه مكتب وطني بهوية دولية، وقد عملت به حوالي 16 عاما، وكنت قد بدأت معه كمتدربة، وعند عمر 28 أصبحت شريكا في المكتب أنا وأربعة من الكوادر البشرية الشابة بعد أن آمن بقدراتنا، وهي خطوة جديدة وسباقة لم نسمع عنها من قبل، وحدث ذلك بعد اربع سنوات فقط من عملي بالمكتب، ثم جاءت نقطة تحول في مسيرتي.
وما هي نقطة التحول؟
لقد تلقيت عرضا للانضمام إلى مجموعة سيكو بالمملكة والتي تتميز بحضور نسائي قوي في مختلف المناصب وخاصة القيادية، ورغم أنها كانت خطوة تحمل الكثير من المخاطرة فإنني أقدمت على هذه المغامرة وقبلت التحدي، واليوم بطور تأسيس فريق كامل للشؤون القانونية بالمجموعة، وبالطبع مثل عملي الجديد فرصة كبيرة لي للانفتاح على أسواق جديدة وخارجية ومن ثم تنوع الخبرات والمسؤوليات وكم أنا فخورة بهذا المنصب الجديد الذي جاء تتويجا لمشواري الطويل وجهودي الكبيرة في مجال الاستحواذ والاندماج في البنوك والشركات المالية.
فاتورة تحقيق الطموح العملي؟
فلا شك أنني حرصت طوال مشواري على إحداث نوع من التوازن بين مهام العمل ودوري الأسري الذي أشعر بأنني قدمت تضحيات كبيرة تتعلق به، ويمكن القول بأن أكبر فاتورة دفعتها في سبيل تحقيق طموحاتي العملية كانت عدم تمكني من مشاركة أبنائي في كل تفاصيل طفولتهم في بعض الأوقات، لذلك كنت في فترة العطلة الصيفية أحاول قدر الإمكان تعويضهم، وهو حال كثير من السيدات العاملات اللاتي يؤمن بأنه لا يمكن الوصول إلى درجة المثالية في كل شيء يتعلق بحياتنا.
إلى أي مدى يهدد الذكاء الصناعي العمالة البشرية؟
أنا لا أجد أن الذكاء الاصطناعي يمثل خطرا على مستقبل العمالة البشرية بل يمكنني الجزم بأنه لن يحل محلها كما يتوهم أو يزعم البعض، ويبقى الشيء المهم هو استخدامه بالشكل الصحيح والايجابي ضمن قوانين وضوابط، ومن ثم يصبح عاملا مساعدا وليس أساسيا في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة التي يمكن أن يستخدم بها.
مبدأ تسيرين عليه؟
المبدأ الذي أسير عليه دوما هو الإيمان بأن باب العلم يظل مفتوحا طالما حيينا، وبصحة مقولة «وعلى نياتكم ترزقون»، فالنية من الأشياء المهمة التي تلعب دورا كبيرا ومهما في حياة أي إنسان وبحسبها يكون المردود.
متى تفشل المرأة؟
قد يتعثر المرء سواء كان رجلا أم امرأة إذا لم يحدد له هدف في الحياة، وكذلك إذا افتقد الدعم المعنوي وخاصة العائلي، وهذا ما حاولت غرسه في نفوس أبنائي، ولعل أهم القيم التي كرستها بداخلهم أهمية تحقيق الاستقلالية وتحمل المسؤولية وتقدير قيمة النعم التي منحها الخالق لهم والتأكيد على الترابط الأسري الذي تراجعت قيمته في عصرنا هذا بسبب العالم الافتراضي الذي بات يعيش فيه كل فرد من أفراد العائلة، وممتنة كثيرا لزوجي الذي قدم لي كل الدعم والتشجيع وكان شريكا أساسيا لي في تربيتهم.
من وراء نجاحك؟
وراء نجاحي الله سبحانه وتعالى، ثم رضا الوالدين ودعم الزوج والأسرة، ويجب أن أؤكد هنا دور أستاذي ومعلمي المحامي الكبير حسن رضي الذي كان بالنسبة لي أبا وقدوة ومدرسة في الإنسانية والقانون.
أولويات المرحلة القادمة؟
أتمنى في المرحلة القادمة التمكن من الإيفاء بمسؤوليات منصبي الجديد على أكمل وجه، وأن أوفق في تشكيل الفريق القانوني المطلوب، وتعويض ما فاتني على صعيد العائلة ومحاولة منحها الوقت والاهتمام الكافيين، إلى جانب المشاركة في مجال العمل الاجتماعي الذي اعتبره من المشاريع المؤجلة بالنسبة لي رغم اهتمامي الكبير به وحماسي الشديد له.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك