العدد : ١٧٢١٨ - الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٨ - الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مستقبل التعاون في الذكاء الاصطناعي بين أمريكا ودول الخليج

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬بزيارة‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬جولته‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬اختار‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المنطقة‭ ‬محطتها‭ ‬الأولى،‭ ‬والتي‭ ‬تمتد‭ ‬لأربعة‭ ‬أيام،‭ ‬تشمل‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬وقطر‭. ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تتناول‭ ‬المحادثات‭ ‬ملفات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتواصلة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومستقبل‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬فرص‭ ‬استثمارات‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

ومع‭ ‬اقتراب‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬تساءل‭ ‬‮«‬أندرياس‭ ‬كريج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬‮«‬كينجز‭ ‬كوليدج‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬جاهزية‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لتفويض‭ ‬شركائه‭ ‬الإقليميين‭ ‬بتحمل‭ ‬‮«‬عبء‭ ‬إدارة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬وحل‭ ‬النزاعات،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‮»‬‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تكثف‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬جهودها‭ ‬لجذب‭ ‬فرص‭ ‬استثمارية‭ ‬وتجارية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الخليج؛‭ ‬تبرز‭ ‬مجالات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬كأولويات‭ ‬متزايدة‭ ‬ضمن‭ ‬جهود‭ ‬التعاون‭ ‬المستقبلي‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬علّق‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬سليمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وخاصة‭ ‬السعودية،‭ ‬تسارع‭ ‬في‭ ‬تحولها‭ ‬لتصبح‭ ‬قوة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬عالمية،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬أمامها‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬محورية‭ ‬لإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬شراكتها‮»‬‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬بحيث‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الروابط‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬الوثيقة‭. ‬وأكد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬غراهام‭ ‬أليسون‮»‬،‭ ‬و‮«‬إريك‭ ‬شميت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬هارفارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬ريادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬راسخة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحديها‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬يُظهر‭ ‬أن‭ ‬دولًا‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الصين،‭ ‬تمتلك‭ ‬الآن‭ ‬الأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمجاراة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تجاوز‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وغالبًا‭ ‬بتكاليف‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭.‬

وتُعد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الصاعدة‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الإيطالي‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬تفتح‭ ‬بالفعل‭ ‬‮«‬آفاقًا‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬المتوسطة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لديها‭ ‬طموحات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬هائلة‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬سليمان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬الضخمة،‭ ‬والاستثمارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬واحتياطيات‭ ‬الطاقة‭ ‬الكبيرة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬السعودية،‭ ‬تجعلها‭ ‬‮«‬منافسًا‭ ‬قويًا‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬العالمي‭ ‬نحو‭ ‬الهيمنة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحوسبة‮»‬‭.‬

ووفقًا‭ ‬لـ«المعهد‭ ‬الإيطالي‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬استثمرت‭ ‬المملكة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬24‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الست‭ ‬الماضية،‭ ‬وتخطط‭ ‬لاستثمار‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إضافية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إطلاقها‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬التسامي‮»‬،‭ ‬بقيمة‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬كمركز‭ ‬تكنولوجي‭ ‬عالمي‭.‬

أما‭ ‬الإمارات،‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬إطلاق‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إم‭ ‬جي‭ ‬إكس‮»‬‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬ضمن‭ ‬خطوة‭ ‬استراتيجية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬العالمي‭. ‬وتسعى‭ ‬الشركة‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬صفقات‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمتها‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية،‭ ‬مثل‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ويمثل‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬دعما‭ ‬واضحا‭ ‬من‭ ‬حكومتها‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إعلانها‭ ‬نيتها‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬ومراجعة‭ ‬تشريعاتها‭ ‬الجديدة‭. ‬

وعليه،‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الإيطالي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬نقطة‭ ‬اتصال‭ ‬استراتيجية‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬حدة‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬عبر‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬مرنة‭ ‬تُعلي‭ ‬من‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭. ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬و«واشنطن‮»‬،‭ ‬نتيجة‭ ‬فرض‭ ‬الأخيرة‭ ‬رسومًا‭ ‬جمركية‭ ‬عالمية‭ ‬أعلى‭ ‬على‭ ‬الصادرات،‭ ‬وبلوغ‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬145%،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة‭ ‬بنسبة‭ ‬125%‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تصطف‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬القوتين‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬توقعت‭ ‬‮«‬كورتني‭ ‬فرير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬إيموري‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬مطالبة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬بالانحياز‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مواجهتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التجارية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬التعاون‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المستقبلي؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬جاكوبس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬قد‭ ‬ترفضه‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬في‭ ‬موازنة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬القوتين‭ ‬العظميين،‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬تظل‭ ‬الشريك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأبرز‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬‭ ‬إذ‭ ‬توقع‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬آسيا‭ ‬هاوس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬نظيره‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2027‭ ‬فإن‭ ‬علاقات‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬شهدت‭ ‬نموا‭ ‬ملحوظا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬رفع‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬السعودي‮»‬،‭ ‬حجم‭ ‬استثماراته‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬20‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬26‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثالث،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬‮«‬سليمان‮»‬،‭ ‬‮«‬دليلًا‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬الشراكة‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«الرياض‮»‬،‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬الابتكار‭ ‬والبنية‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬وفي‭ ‬أوائل‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬جي‭ ‬42‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬لأبو‭ ‬ظبي‭ ‬تستعد‭ ‬لتوسيع‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطط‭ ‬لزيادة‭ ‬استثماراتها،‭ ‬وترسيخ‭ ‬مكانتها‭ ‬كشركة‭ ‬رائدة‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الناشئة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬المتنامية،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬ستيفاني‭ ‬هاوشير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬قد‭ ‬تدرس‭ ‬تصنيف‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات‭ -‬وربما‭ ‬دول‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى‭ ‬‭ ‬كدول‭ ‬‮«‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬رقائق‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬الأمريكية‭. ‬وأفادت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبيرغ‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬تدرس‭ ‬فعليًا‭ ‬تخفيف‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬رقائق‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إنفيديا‮»‬‭ ‬العملاقة،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬دوافعها‭ ‬تتصل‭ ‬جزئيًا‭ ‬بالشراكة‭ ‬البارزة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬مايكروسوفت‮»‬،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬جي‭ ‬42‮»‬،‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الضغوط‭ ‬المتزايدة‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬التكنولوجي‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬الخليجيين،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يُعاملون‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أنظمة‭ ‬التصدير‭ ‬الأمريكية‭ ‬كـ«دول‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬عمق‭ ‬التحالفات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬القائمة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬ترى‭ ‬‮«‬دينا‭ ‬اسفندياري‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬بلومبيرغ‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬بشأن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬واشنطن‭ ‬لمطالبة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بـ‮«‬الاختيار‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬بكين‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقبلية‭. ‬ولكن‭ ‬نظرًا‭ ‬لكون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬الضامن‭ ‬الأمني‭ ‬الأساسي‮»‬‭ ‬لدول‭ ‬الخليج،‭ ‬وبقاء‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬شريكها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الرئيسي‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬كليهما‮»‬،‭ ‬لضمان‭ ‬استقرارها،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مسارها‭ ‬التنموي‭ ‬الراهن‭.‬

لذلك،‭ ‬افترضت‭ ‬‮«‬اسفندياري‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ستواصل‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬التوازن‭ ‬الاستراتيجي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬لتقديم‭ ‬مكاسب‭ ‬للطرفين‭ ‬‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬دون‭ ‬الانحياز‭ ‬التام‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬طرف‭. ‬بينما‭ ‬اقترح‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الإيطالي‮»‬،‭ ‬استراتيجيتين‭ ‬متكاملتين‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭: ‬أولًا،‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬متوسطة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬احتكار‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬للتكنولوجيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬دول،‭ ‬مثل‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والهند؛‭ ‬وثانيًا،‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المعرفة‭ ‬المحلية،‭ ‬عبر‭ ‬توطين‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي،‭ ‬وتأمين‭ ‬المعادن‭ ‬الخام‭ ‬الأساسية،‭ ‬ونقل‭ ‬المعرفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكات‭ ‬التكنولوجية‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬سليمان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعاونها‭ ‬الوثيق‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬تستطيع‭ ‬تطوير‭ ‬نموذج‭ ‬تعاون‭ ‬رقمي،‭ ‬يمكن‭ ‬تكراره‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬والجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬الأوسع،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مستقبل‭ ‬ضوابط‭ ‬التصدير‮»‬‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬الحيوية،‭ ‬مثل‭ ‬رقائق‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬واقع‭ ‬الترابط‭ ‬وبناء‭ ‬التحالفات،‭ ‬وليس‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬حبيس‭ ‬‮«‬تسلسلات‭ ‬هرمية‭ ‬جامدة‮»‬،‭ ‬حكمت‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن‭ ‬التكنولوجية‭ ‬سابقًا‭. ‬

ويُشير‭ ‬‮«‬إميل‭ ‬هوكاييم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬الصورة‭ ‬العالمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬مليًا؛‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬فوائد‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬المحتملة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭. ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬اتخاذ‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬خطوة‭ ‬بترقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬المؤهلة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬رقائق‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬المتقدمة؛‭ ‬سيمثل‭ ‬تطورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك،‭ ‬ودعم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المستقبلية؛‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬سليمان‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬انطلاق‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا