وقت مستقطع

علي ميرزا
النفاق الرياضي
في أجواء يفترض أن تسودها الروح الرياضية والعدالة التنافسية تسللت عدوى النفاق بدون استئذان إلى الأجواء الرياضية لتلوث نقاءها وتشوه مبادئها.
«النفاق الرياضي» لم يعد ظاهرة هامشية، بل أصبح تصرفات متفشية تعكس ازدواجية المعايير، وتكشف عن وجه آخر يقف خلف الشعارات البراقة التي يرفعها كل من له صلة بالرياضة.
فالنفاق الرياضي في أبسط صوره هو التناقض الصارخ بين القول وما يمارس في الساحة الرياضية، فماذا نسمي من يرفع شعارات مثل «اللعب النظيف» و«احترام الخصم»، بينما سلوكه يقف على النقيض تماما؟ كأن يقوم بالتحريض، أو الكيل بمكيالين، أو حتى تشجيع العنف والكراهية طالما كان الطرف الآخر هو المتهم.
وهناك أوجه عديده تلوثت بها الأجواء الرياضية، كأن تجد بعض الجماهير تدين العنف عندما يصدر من خصومها، وتبرره أو تتغاضى عنه عندما يصدر من فريقها، ويهاجمون الحكام عندما يخسر فريقهم، ويشيدون بهم في حال الفوز، حتى إن ارتكبوا الأخطاء ذاتها.
حتى الإعلام الرياضي الذي يفترض منه أن يكون طرفا عادلا ومحايدا لم يسلم من النفاق المبطن مرة والمكشوف مرة أخرى، عندما يتجاهل أو يطبل أو يتماشى أو يتملق أو يهاجم لغرض في نفسه.
ولا يتوانى الإداريون واللاعبون عن رفع شعارات براقة ولكنها تصطدم بواقع مغاير، فنسمع تصريحات «هدفنا هو تقديم مباراة جميلة تليق بالجماهير»، ولكننا نشاهد احتجاجات، وتضييعا للوقت، وحركات تمثيلية، وأحيانا افتعال مشاحنات، نجدهم يشتكون من الظلم حين يكون القرار ضدهم، ويصمتون إذا استفادوا منه.
في بعض الحالات تظهر الاتحادات صرامة في تطبيق اللوائح على جهات معينة، وتمارس التساهل مع جهات أخرى، مثل هذه الازدواجية تكهرب الأجواء، وتغذي التعصب والانقسام.
فالنفاق الرياضي يخلق بيئة مشحونة تبتعد كل البعد عن القيم الحقيقية للرياضة. وبدل أن تكون الملاعب ساحات للتنافس الشريف تتحول إلى مسارح للادعاء والتضليل.
ولمواجهة هذه الآفة البليدة لا بد من كل طرف في المنظومة الرياضية سواء كان مشجعا، أو لاعبا، أو إعلاميا، أو مسؤولا أن يبدأ بنفسه ويحاسبها قبل أن يحاسب غيره، فالانسجام والتناغم بين القول والفعل هما جوهر الروح الرياضية، وحين تطبق القوانين بعدالة، ويعاد للرياضة معناها الحقيقي، يمكن حينها فقط أن نقول إننا نمارس رياضة نظيفة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك