العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

هل تحسم بريطانيا موقفها من الاعتراف بدولة فلسطين؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬ظل‭ ‬الحملة‭ ‬القمعية‭ ‬التي‭ ‬شنّتها‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬ضد‭ ‬النشاط‭ ‬المؤيد‭ ‬لفلسطين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬محاولات‭ ‬لترحيل‭ ‬الطالب‭ ‬والناشط‭ ‬محمود‭ ‬خليل‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬رغم‭ ‬تمتّعه‭ ‬بإقامة‭ ‬قانونية،‭ ‬كتب‭ ‬رامي‭ ‬خوري،‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬خطًا‭ ‬أماميًا‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭-‬الإسرائيلي،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬تتبلور‭ ‬داخلها‭ ‬قوة‭ ‬محلية‭ ‬مضادة‭ ‬ناشئة،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬التصدي‭ ‬للانحياز‭ ‬الأمريكي‭ ‬التاريخي‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية،‭ ‬ولمسار‭ ‬العسكرة‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فحسب،‭ ‬إذ‭ ‬شهدت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬موجة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الحاشدة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬طعون‭ ‬قانونية‭ ‬ضد‭ ‬السياسات‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬دعمها‭ ‬لتحركات‭ ‬ونيات‭ ‬ائتلاف‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرفة‭. ‬وتصدّر‭ ‬مطلب‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قائمة‭ ‬مطالب‭ ‬المحتجين،‭ ‬الذين‭ ‬دعوا‭ ‬حكوماتهم‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وإيطاليا‭- ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تغيرت‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬ماكرون،‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬عزمه‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬اعتراف‭ ‬فرنسا‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سبيل‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬الحل‭ ‬السياسي،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬دعمه‭ ‬للحق‭ ‬الشرعي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬وسلام،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬بسلام‭ ‬وأمن‭.‬

وكتب‭ ‬باتريك‭ ‬وينتور،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون،‭ ‬شكّلت‭ ‬ضغطًا‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬واضحًا،‭ ‬على‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحذو‭ ‬حذوه‭. ‬ودفع‭ ‬هذا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬مطالبة‭ ‬حكوماتهم‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬إميلي‭ ‬ثورنبيري،‭ ‬رئيسة‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬حيث‭ ‬أيدت‭ ‬اعتراف‭ ‬بريطانيا‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يجلس‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الانتظار،‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬لندن،‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‮»‬‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بشأن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬سجل‭ ‬وينتور،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬ديفيد‭ ‬كاميرون‭ -‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭- ‬قدم‭ ‬سياسة‭ ‬بلاده‭ ‬بشكل‭ ‬هامشي،‭ ‬عندما‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ ‬الاعتراف‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عملية‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬إسبانيا،‭ ‬والنرويج،‭ ‬وجمهورية‭ ‬أيرلندا‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024؛‭ ‬لتعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والعدالة‭ ‬والاتساق‭ -‬كما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز،‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسبانيا‭ ‬فإن‭ ‬حكومة‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك،‭ ‬لم‭ ‬تحرك‭ ‬ساكنًا‭ ‬آنذاك‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬لمنصب‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬دعا‭ ‬ستارمر،‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واصفًا‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأنه‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جو‭ ‬ميدلتون،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الاندبندنت،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬قرر‭ ‬تأجيل‭ ‬خطوة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الإضرار‭ ‬بعلاقة‭ ‬بريطانيا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

من‭ ‬جانبهم،‭ ‬حثّ‭ ‬النواب‭ ‬البريطانيون‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ديفيد‭ ‬لامي‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬للاعتراف‭ ‬رسميًا‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭. ‬وفي‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬سألته‭ ‬باولا‭ ‬باركر،‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيتحلى‭ ‬بالشجاعة،‭ ‬والجرأة‭ ‬لضمان‭ ‬ألا‭ ‬نبقى‭ ‬هنا‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬عامًا‭ ‬نناقش‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭. ‬

ووافق‭ ‬السير‭ ‬فنسنت‭ ‬فين،‭ ‬القنصل‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬اعتراف‭ ‬بريطانيا‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالانحياز؛‭ ‬بل‭ ‬يتعلق‭ ‬بـالتكافؤ،‭ ‬والعدالة‭ ‬والمسألة‭ ‬التاريخية،‭ ‬معبّرا‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لأن‭ ‬لندن‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تقود،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تتبع،‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المهمة،‭ ‬معترفًا‭ ‬بأنها‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬تاريخية،‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬الوعود‭ ‬الناقصة‭ ‬في‭ ‬وعد‭ ‬بلفور،‭ ‬وسوء‭ ‬إدارتها‭ ‬لفترة‭ ‬الانتداب‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬دعمها‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬بينما‭ ‬ترفض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بإحدى‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬فين،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬عائق‭ ‬قانوني‭ ‬يمنع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬مستشهدًا‭ ‬بتصريح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬الأسبق‭ ‬ويليام‭ ‬هيغ‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬بأن‭ (‬تُحقق‭ ‬فلسطين‭ ‬المعايير‭ ‬المعتمدة‭ ‬دوليًا‭ ‬لتكون‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭)‬؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬بريطانيا‭ -‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬أوروبا‭- ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشكل‭ ‬عقبات‭ ‬تمنع‭ ‬الحكومات‭ ‬من‭ ‬إظهار‭ ‬القيادة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتجاوزها‭.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬صراع‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬داخل‭ ‬بريطانيا‭ ‬بشأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قائما،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تفاعلت‭ ‬بها‭ ‬كيمي‭ ‬بادينوك،‭ ‬زعيمة‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬المعارض،‭ ‬مع‭ ‬واقعة‭ ‬منع‭ ‬إسرائيل‭ ‬للنائبين‭ ‬البريطانيين‭ ‬ابتسام‭ ‬محمد،‭ ‬ويوان‭ ‬يانغ‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وترحيلهما،‭ ‬حيث‭ ‬كانا‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬روتينية‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬لصالح‭ ‬البرلمان‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ضمن‭ ‬وفد‭ ‬نظمه‭ ‬مجلس‭ ‬التفاهم‭ ‬العربي‭ ‬البريطاني‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬المعونة‭ ‬الطبية‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬أبدت‭ ‬بادينوك،‭ ‬دعمها‭ ‬لإجراءات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬البرلمانيين‭ ‬البريطانيين،‭ ‬ودعم‭ ‬مهمتهما‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬وإبلاغ‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وكتب‭ ‬كريس‭ ‬دويل،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬التفاهم‭ ‬العربي‭- ‬البريطاني،‭ ‬أن‭ ‬المزاعم‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بأن‭ ‬زيارة‭ ‬محمد،‭ ‬ويانغ،‭ ‬تروج‭ ‬لخطاب‭ ‬كراهية‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬هي‭ ‬مزاعم‭ ‬باطلة‭ ‬بكل‭ ‬بساطة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬الوفد‭ ‬حصلوا‭ ‬مسبقًا‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬للسفر،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كانت‭ ‬تعلم‭ ‬بقدومهم،‭ ‬وبالهدف‭ ‬من‭ ‬زيارتهم،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة،‭ ‬تمثل‭ ‬سابقة‭ ‬تاريخية‭ ‬تقوم‭ ‬فيها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بترحيل‭ ‬نائبين‭ ‬منتخبين‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬البريطاني،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬قد‭ ‬سهل‭ ‬زيارات‭ ‬لـ161‭ ‬نائبًا‭ ‬بريطانيًا‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1997‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أدانت‭ ‬ثورنبيري،‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬بوصفه‭ ‬إهانة‭ ‬لبريطانيا،‭ ‬فقد‭ ‬دافعت‭ ‬بادينوك،‭ ‬عن‭ ‬القرار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬بحدودها،‭ ‬وهي‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬أثارت‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬الحادة‭ ‬داخل‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية،‭ ‬ووصفها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ديفيد‭ ‬لامي،‭ ‬بـالموقف‭ ‬المخزي،‭ ‬واعتبرها‭ ‬إد‭ ‬ديفي،‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬الليبرالي‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬سوء‭ ‬تقدير‭ ‬لا‭ ‬يُصدق‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاعتراف‭ ‬البريطاني‭ ‬المحتمل‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تعاون‭ ‬محتمل‭ ‬مع‭ ‬حكومات‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى،‭ ‬ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬ماكرون،‭ ‬أن‭ ‬مؤتمر‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ -‬المزمع‭ ‬عقده‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬في‭ ‬يونيو2025‭ ‬بمشاركة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬خاصة‭ ‬السعودية‭- ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حاسمًا؛‭ ‬كتب‭ ‬فين،‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬ستارمر،‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬باعتباره‭ ‬أفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬للوفاء‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬التاريخية‭ ‬لبريطانيا‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولالتزامها‭ ‬المعلن‭ ‬بدعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تساءل‭ ‬وينتور،‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬العلاقات‭ ‬القوية‭ ‬حاليًا‭ ‬بين‭ ‬فرنسا،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية،‭ ‬مقاومة‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬فرنسي‭ ‬قوي‭ ‬للاعتراف‭ ‬بفلسطين،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬سلام‭ ‬أوروبية‭-‬خليجية‭. ‬ورغم‭ ‬اعترافه،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬قد‭ ‬تثير‭ ‬غضب،‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مشاركة‭ ‬نشطة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬واشنطن،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬وربما‭ ‬عدم‭ ‬عرقلة‭ ‬اعتراف‭ ‬أوروبي‭ ‬أوسع‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وتثير‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالية‭ ‬سؤالًا‭ ‬جوهريًا‭.. ‬وهو‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُحدث‭ ‬الاعتراف‭ ‬الرسمي‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة،‭ ‬فرقًا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانتهاكات‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة؟‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬148‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬193‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬قد‭ ‬اعترفت‭ ‬رسميًا‭ ‬بفلسطين،‭ ‬فإن‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬بل‭ ‬والتزمت‭ ‬كلها‭ ‬الصمت‭ ‬حيال‭ ‬سلسلة‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتُكبت‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭. ‬ورغم‭ ‬قيادة‭ ‬ماكرون،‭ ‬للدفع‭ ‬نحو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفلسطين‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا،‭ ‬فقد‭ ‬رفضت‭ ‬حكومته‭ ‬المذكرة‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬لاعتقال‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بحجة‭ ‬أنه‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحصانة‭ ‬الدبلوماسية‭.‬

ومع‭ ‬تصعيد‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬المتطرفة‭ ‬لعمليات‭ ‬تدمير‭ ‬غزة،‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬واشنطن؛‭ ‬حذرت‭ ‬ثورنبيري،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬إجراءات‭ ‬عاجلة،‭ ‬فلن‭ ‬تبقى‭ ‬هناك‭ ‬فلسطين‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭.‬

وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وكما‭ ‬خلص‭ ‬فين،‭ ‬فإن‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬البريطانية‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬حدود‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الحديث،‭ ‬بما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬أصبحت‭ ‬حكومتنا‭ ‬اليوم‭ ‬تملك‭ ‬فرصة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وإن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بريطانيا‭ ‬مستعدة‭ ‬لقيادة‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا