العدد : ١٧٢١٧ - الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٧ - الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عدوان أرضي في موقع جوي

تناولت‭ ‬في‭ ‬مقالي‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬أمر‭ ‬تعقيدات‭ ‬السفر‭ ‬جوا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إجراءات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الطائر،‭ ‬مثل‭ ‬تفتيش‭ ‬الأحذية‭ ‬بالأشعة‭ ‬السينية،‭ ‬وليس‭ ‬انتهاء‭ ‬بفحص‭ ‬الملابس‭ ‬الداخلية،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬المطارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إيقاف‭ ‬المسافر‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬زجاجية،‭ ‬وتصويره‭ ‬بأشعة‭ ‬تخترق‭ ‬الملابس،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬‮«‬الشرف‮»‬‭. ‬واليوم‭ ‬أحكي‭ ‬لكم‭ ‬واقعة‭ ‬جرت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬إقلاع‭ ‬الطائرة‭.‬

كان‭ ‬صاحبنا‭ ‬المغترب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬جازان‭ ‬بجنوب‭ ‬السعودية‭ ‬متوجها‭ ‬إلى‭ ‬بلاده،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ودع‭ ‬زوجته‭ ‬وهي‭ ‬طبيبة‭ ‬بلدياته،‭ ‬وأبلغها‭ ‬بأن‭ ‬أسرته‭ ‬استدعته‭ ‬لأمر‭ ‬طارئ،‭ ‬وقالت‭ ‬له‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬جازان‭: ‬بالسلامة‭ ‬يا‭ ‬حبيبي،‭ ‬لولا‭ ‬أني‭ ‬سأكون‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬عند‭ ‬موعد‭ ‬سفرك‭ ‬لرافقتك‭ ‬في‭ ‬مشوار‭ ‬المطار‭. ‬وفي‭ ‬المطار‭ ‬فرغ‭ ‬الرجل‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬السفر‭ ‬الأولية،‭ ‬وجلس‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬فتح‭ ‬بوابات‭ ‬الصعود‭ ‬الى‭ ‬الطائرة‭. ‬وفجأة‭ ‬وجد‭ ‬زوجته‭ ‬أمامه‭: ‬والله‭ ‬فيك‭ ‬الخير‭ ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬الناس،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬الزوغان‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬لوداعي‭. ‬وعينك‭ ‬ما‭ ‬تشوف‭ ‬إلا‭ ‬النور‭. ‬صاحت‭ ‬فيه‭: ‬إن‭ ‬شاللا‭ ‬يكون‭ ‬آخر‭ ‬وداع‭ (‬أرجو‭ ‬من‭ ‬المصحح‭ ‬عدم‭ ‬تصحيح‭ ‬‮«‬إن‭ ‬شاللا‮»‬‭ ‬فهكذا‭ ‬ننطقها‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬الدارج‭. ‬ونطقها‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬معناه‭ ‬الزحلقة‭. ‬ففي‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬مثلا‭ ‬إذا‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬معروفا‭ ‬وقال‭ ‬لك‭: ‬إن‭ ‬شاالله‭ ‬يصير‭ ‬خير‭. ‬انس‭ ‬الموضوع‭. ‬يصير‭ ‬خير‭ ‬نفسها‭ ‬قد‭ ‬يقصد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬الشر‭ ‬المستطير،‭ ‬وهي‭ ‬تقال‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مشاجرة‭ ‬او‭ ‬ملاسنة،‭ ‬بمعنى‭ ‬نواصل‭ ‬بعد‭ ‬الفاصل‭ ‬وللمشاجرة‭ ‬والملاسنة‭ ‬بقية‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬محمودة‭. ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الصادق‭ ‬في‭ ‬التزامه‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‮»‬‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬الهمزة‭ ‬في‭ ‬‮«‬شاء‮»‬‭). ‬المهم‭ ‬طاحت‭ ‬الدكتورة‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬بالشبشب‭ ‬وأشبعته‭ ‬ضربا‭ ‬وشتما‭ ‬من‭ ‬العيار‭ ‬الثقيل

وبين‭ ‬فرقعات‭ ‬اللسان‭ ‬والشبشب‭ ‬سمع‭ ‬الزوج‭ ‬طراطيش‭ ‬كلام‭ ‬ما‭ ‬معناه‭: ‬أسرتك‭ ‬تريدك‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬طارئ‭ ‬يا‭ ‬خائن‭ ‬يا‭ ‬غشاش؟‭ ‬تكتكت‭ ‬وخططت‭ ‬للزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬وتحسب‭ ‬أنني‭ ‬نائمة‭ ‬على‭ ‬‮«‬أذني‮»‬؟‭ ‬لما‭ ‬تشوف‭ ‬حلمة‭ ‬أذنك‭!! ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬تلقى‭ ‬عدة‭ ‬لكمات‭ ‬وصفعات‭ ‬وركلات‭ ‬جزاء‭ ‬ترجيحية‭ ‬نجح‭ ‬الزوج‭ ‬في‭ ‬الصراخ‭: ‬أنت‭ ‬طالق‭.. ‬طالق‭.. ‬أُس‭ ‬مليون‭! ‬وإذا‭ ‬به‭ ‬يفاجأ‭ ‬بأن‭ ‬جملته‭ ‬المفيدة‭ ‬هذه‭ ‬تأتي‭ ‬بنتيجة‭ ‬فورية‭. ‬توقفت‭ ‬الزوجة‭ (‬سابقا‭) ‬عن‭ ‬الضرب‭ ‬والشتم‭. ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالضبط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬سكوتها‭ ‬حدث‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬طبت‭ ‬ساكتة‮»‬‭. ‬يعني‭ ‬سقطت‭ ‬مغشيا‭ ‬عليها،‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تفرِق‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ (‬سابقا‭). ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬بلا‭ ‬قلب‭ ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬‮«‬الأصول‮»‬‭ ‬فبعد‭ ‬ان‭ ‬قصفها‭ ‬بطلقات‭ ‬تكفي‭ ‬لخراب‭ ‬بيوت‭ ‬مدينة‭ ‬بأكملها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬ان‭ ‬يلمسها‭ ‬او‭ ‬يقترب‭ ‬منها‭. ‬وهكذا‭ ‬تولى‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬نقلها‭ ‬الى‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬زوغت‮»‬‭ ‬منه‭ ‬لتتلقى‭ ‬العلاج‭ ‬فيه‭.‬

كانت‭ ‬الزوجة‭ ‬قد‭ ‬تلقت‭ ‬بعد‭ ‬توجه‭ ‬زوجها‭ ‬الى‭ ‬المطار‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬من‭ ‬قريبة‭ ‬لها‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬عائد‭ ‬الى‭ ‬‮«‬البلد‮»‬‭ ‬للزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬‮«‬يا‭ ‬هبلة‭ ‬يا‭ ‬غشيمة‮»‬،‭ ‬فكان‭ ‬ان‭ ‬توجهت‭ ‬الى‭ ‬المطار‭ ‬وحدث‭ ‬العدوان‭ ‬وطار‭ ‬عقد‭ ‬الزواج

ليس‭ ‬لدي‭ ‬معلومات‭ ‬تؤكد‭ ‬او‭ ‬تنفي‭ ‬ان‭ ‬الزوج‭ ‬كان‭ ‬يعتزم‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬ظهر‭ ‬زوجته،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬وضعها‭ ‬أمام‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬‭. ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬عنده‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬النية‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬يستأهل‭ ‬العقوبة‭ ‬التي‭ ‬أكلها‭ ‬في‭ ‬المطار‭! ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬كسبت‭ ‬الزوجة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬ذلك؟‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬تعتقد‭ ‬ان‭ ‬ضرب‭ ‬الزوج‭ ‬وشتمه‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭ ‬كفيل‭ ‬بجعله‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى؟‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬أنها‭ ‬وبفعلتها‭ ‬تلك‭ ‬كانت‭ ‬ستحمله‭ ‬على‭ ‬الشروع‭ ‬فورا‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬وبمنطق‭ ‬أغنية‭ ‬المطرب‭ ‬السوداني‭ ‬كمال‭ ‬ترباس‭ ‬فإن‭ ‬لسان‭ ‬حال‭ ‬الزوجة‭ (‬رغم‭ ‬أنفها‭): ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬أنا‭ ‬الضايع‭!! ‬فسواء‭ ‬كان‭ ‬عنده‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عنده‭ ‬مخطط‭ ‬سري‭ ‬للزواج‭ ‬فإن‭ ‬الضرب‭ ‬والشتم‭ ‬كانا‭ ‬كفيلان‭ ‬بإقناعه‭ ‬بالسعي‭ ‬للزواج‭ ‬بأخرى‭. ‬ويا‭ ‬بنات‭ ‬حواء‭ ‬تسلحن‭ ‬بطول‭ ‬البال‭ ‬والبراعة‭ ‬في‭ ‬التكتيك‭ ‬وأنتن‭ ‬تتصدين‭ ‬لنزعات‭ ‬الأزواج‭ ‬الامبريالية‭ ‬التوسعية‭. ‬وبلاش‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬البيوت‭ ‬الشامل‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا