دمشق/باريس - (أ ف ب): استهل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع زيارته لباريس أمس الأربعاء بلقاء فريد المذهان، المعروف بـ«قيصر»، الذي التقط آلاف الصور لجثث شوّهها التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون في سوريا خلال حكم بشار الأسد. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ان الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني «يلتقيان السيد فريد المذهان المعروف بـ(قيصر) على هامش زيارتهما لجمهورية فرنسا». وكان الشرع وصل أمس الأربعاء الى العاصمة الفرنسية، في أول زيارة رسمية له لأوروبا، بحسب ما أفادت سانا. وكشف «قيصر» عن هويته ووجهه للمرة الأولى في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية في فبراير الماضي، بعد شهرين من إسقاط الرئيس بشار الأسد. وأوضح أنه عقب اندلاع النزاع في سوريا، باتت مهمته «تصوير جثث ضحايا الاعتقال، لشيوخ ونساء وأطفال، تمّ اعتقالهم على الحواجز العسكرية والأمنية في مدينة دمشق، ومن ساحات التظاهر التي كانت تنادي بالحرية والكرامة». وانشق العسكري السابق بعدما جمع بين العامين 2011 و2013، نحو 55 ألف صورة توثّق وحشية الممارسات في السجون السورية إبان فترة قمع الاحتجاجات. وأوضح المذهان أنه اتخذ قرار الانشقاق سريعا، لكنه أرجأ خطوته ليتمكن من «تجميع أكبر عدد من الصور التي توثق وتدين أجهزة النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الانسانية بحق المعتقلين». وفي عام 2020، دخل قانون العقوبات الأمريكي المعروف باسم قيصر، والمسمّى بناء على ما كشفه المذهان، حيز التنفيذ ليفرض سلسلة إجراءات اقتصادية ضد السلطات السورية.
وأصدرت دول عدة مثل هولندا وفرنسا وألمانيا إدانات ومذكرات توقيف بحق مسؤولين سابقين في الأجهزة الأمنية السورية بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية بناء على صور «قيصر». ودعا المذهان في فبراير الى رفع هذه العقوبات بعد سقوط الأسد. ويسعى الشرع من خلال زيارته الأوروبية الأولى إلى الدفع نحو رفع العقوبات المفروضة على دمشق إبان حكم الأسد، والتي تستنزف اقتصاد البلاد الرازح تحت تداعيات نزاع استمر 14 عاما في بلاد يعيش 90% من سكانها تحت خط الفقر، وفقا للأمم المتحدة.
واستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه أمس الأربعاء، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أول زيارة له إلى دولة غربية منذ توليه السلطة بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد في ديسمبر. ورحب ماكرون بالشرع وصافحه في ساحة القصر الرئاسي حيث اصطفت ثلة من الحرس الجمهوري، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس. وسيبحث الشرع مع ماكرون في باريس في عدد من الملفات في مقدمها إعادة الإعمار وآفاق التعاون الاقتصادي لا سيما في مجالي الطاقة والطيران، وفق ما أفاد مصدر رسمي في وزارة الإعلام وكالة فرانس برس الثلاثاء. كذلك، تشمل المباحثات، وفقا للمصدر «ملفات هامة لعل أبرزها التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة السورية الجديدة والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، والعلاقات مع دول الجوار وخصوصا لبنان»، الدولة المجاورة لسوريا التي تجمعها معها مصالح مشتركة، وتشكّل فرنسا أحد داعميها التقليديين.
ويأمل ماكرون من خلال استقباله في المساعدة في بناء «سوريا حرّة ومستقرّة وسيدة تحترم كلّ مكوّنات المجتمع السوري»، على ما أفاد قصر الإليزيه وكالة فرانس برس يوم الثلاثاء. وأكّدت دوائر الرئيس ماكرون أنها على دراية بـ«ماضي» بعض المسؤولين السوريين وهي حريصة على «عدم التساهل» مع «الجماعات الإرهابية». وفي ظلّ الانتقادات التي تثيرها زيارة الرئيس السوري، أصدر الإليزيه بيانا قال فيه إن الرئيس الفرنسي سيطلب من الشرع خلال زيارته «الحرص على جعل مكافحة الإفلات من العقاب واقعا» و«محاكمة» المسؤولين عن «تجاوزات بحق المدنيين». وشدّد قصر الإليزيه على أن «طلبنا هو حماية كلّ المدنيين، أيا كان أصلهم وديانتهم»، مشيرا إلى «قلق شديد» يساور فرنسا إزاء «رؤية مواجهات دينية عنيفة للغاية تعود» إلى سوريا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك