أكد رؤساء تحرير الصحف المحلية أهمية مشروع قانون الصحافة الجديد المطروح على مجلس النواب في جلسته الاستثنائية اليوم، معتبرين أنه يؤسس لمرحلة جديدة ترسخ احترام حرية التعبير وفق ضوابط مهنية عادلة، تُصان فيها حقوق الصحفيين.
في البداية أكد الأستاذ مؤنس المردي رئيس تحرير صحيفة البلاد أن التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والطباعة والنشر تشكّل محطة فارقة في مسيرة العمل الصحفي في مملكة البحرين، وتعبّر عن وعي تشريعي متقدم بأهمية مواكبة المتغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع الصحافة والإعلام، ولا سيما في ظل التوسع الرقمي وانتشار المنصات الإلكترونية.
وأوضح أن مشروع القانون لا يقتصر على إلغاء العقوبات السالبة للحرية فحسب، بل يقدم معالجة قانونية شاملة لقضايا النشر، ويؤسس لمرحلة جديدة يُرسخ فيها احترام حرية التعبير وفق ضوابط مهنية عادلة، تُصان فيها حقوق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من أي تجاوزات أو انتهاكات.
وأضاف المردي أن من أبرز الجوانب الإيجابية في التعديلات المقترحة إدراج تنظيم صريح وشامل للإعلام الإلكتروني، بما يمنح الجهات المهنية مرجعية قانونية واضحة. ولفت إلى أن هذا التوجه يشكّل اعترافا رسميًا بأهمية الفضاء الرقمي، وضرورة تطويره لا تقييده، من خلال تنظيم الحقوق والواجبات، وحماية الصحفيين والمؤسسات من حملات الإساءة أو التعدي على حقوق الملكية الفكرية.
وتابع المردي قائلا: في ظل تطور وسائل النشر وتسارع دورة المحتوى، بات من الضروري أن تواكب التشريعات الإعلامية واقع العمل الصحفي، من خلال حماية حقوق النشر والاقتباس، وتحصين الجهود الصحفية من التعدي أو التكرار أو السرقة من دون إذن أو نسبة، فالمحتوى الإعلامي اليوم هو أصل معنوي وقيمة مهنية، يجب أن يُصان بقوة القانون تمامًا كأي منتج فكري أو فني.
وأشار إلى أن الجمود الذي عاشه قانون الصحافة لسنوات طويلة قد ترك المؤسسات الإعلامية والصحفيين في مواجهة مباشرة مع تحديات متزايدة، من دون ضمانات كافية تحميهم أو تنظّم عملهم، ما يجعل من مشروع القانون فرصة حقيقية للتصويب، وإعادة التوازن المطلوب بين الحرية والمسؤولية.
ونوّه المردي إلى أن التعديلات الواردة على قانون الصحافة والطباعة والنشر توازن بذكاء بين متطلبات حرية التعبير وحماية النظام العام وحقوق الأفراد، حيث تم تخفيض الغرامات، وإلغاء الحدود الدنيا للعقوبة، ومنح القضاء سلطة تقديرية واسعة، وهي خطوات تؤسس لعدالة إعلامية حديثة، وتُعزز استقلالية المنظومة القانونية.
بدوره أكّد راشد الحمر، رئيس تحرير صحيفة «الأيام»، أن مشروع قانون الصحافة الجديد الذي يناقشه مجلس النواب يُعدّ خطوة متقدمة نحو تطوير البيئة التشريعية للعمل الإعلامي في البحرين، مشيرًا إلى أن إدراج الجوانب التقنية والإعلام الإلكتروني في مشروع القانون يعكس وعيًا بأهمية مواكبة التحول الرقمي الذي أصبح ركيزة أساسية في العمل الصحفي المعاصر.
وأوضح الحمر أن الصحافة البحرينية شهدت في السنوات الأخيرة تحولات جوهرية، مع تزايد الاعتماد على النشر الإلكتروني وتوسّع قاعدة الجمهور عبر المنصات الرقمية، ما يتطلب تشريعات مرنة تواكب هذا الواقع الجديد. وأشاد بالتوجه نحو تخفيف الغرامات المالية التي كانت تشكّل عائقًا أمام العديد من المؤسسات الإعلامية، مؤكدًا أن دعم الصحافة لا يكون فقط من خلال الشعارات، بل عبر قوانين تضمن استدامة المؤسسات الإعلامية وتحفّز على الابتكار والجودة.
كما شدّد على أهمية إعادة النظر في مسؤوليات رئيس التحرير، قائلاً إن تحميله المسؤولية الكاملة عن كل ما يُنشر لم يعد منطقيًا في ظل توسع الفريق الصحفي وتعدد أدوات النشر، ما يجعل من العدل توزيع المسؤوليات وفق الأدوار الفعلية.
وفيما يتعلّق بمستقبل الصحافة الورقية، اعتبر الحمر أن القانون الجديد يجب أن ينظر إليها كجزء أصيل من المنظومة الإعلامية، وليس كوسيلة مهددة بالزوال. وقال: «رغم تراجع الإقبال على الصحف الورقية عالميًا، إلا أنها مازالت تحتفظ بقيمتها المهنية والتاريخية، وتلعب دورًا مهمًا في توثيق الأحداث ونقل التحليل العميق».
واختتم الحمر بدعوة أعضاء مجلس النواب إلى تسهيل إجراءات تمرير القانون، وخصوصا بعد الوصول إلى توافق تام بين الحكومة وجمعية الصحفيين البحرينية وجميع الصحف اليومية، بما يعكس حرص الجميع على تطوير مهنة الصحافة وضمان مستقبلها في بيئة تشريعية عادلة ومواكبة.
ونوّه الحمر بأهمية أن يتزامن تمرير القانون مع يوم الصحافة البحرينية الذي يصادف السابع من مايو، معتبراً إياه بمثابة هدية معنوية ثمينة للجسم الصحفي البحريني، وتقديراً مستحقًا للتضحيات الكبيرة التي يبذلها أبناء المهنة في خدمة الوطن ونقل الحقيقة.
وأعرب عبدالله إلهامي، رئيس تحرير صحيفة «الوطن»، عن دعمه الكامل لمشروع تعديل قانون الصحافة والطباعة والنشر، الذي سيعرض للتصويت في الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب اليوم الخميس. واعتبر إلهامي أن هذا المشروع يشكل خطوة استراتيجية نحو تنظيم الإعلام البحريني بما يتواكب مع المتغيرات الراهنة في الإعلام التقليدي والإلكتروني.
وأشار إلهامي إلى أن هذا التعديل يأتي بعد سنوات من المراجعات والمناقشات المعمقة بين وزارة الإعلام، وجمعية الصحفيين البحرينية، ولجنة الخدمات بمجلس النواب، حيث تم التوصل إلى صيغة توافقية تمثل تحديثا ضروريًا للقانون الذي يُنظم قطاع الإعلام في المملكة، بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
وأوضح إلهامي أن التعديلات التي تضمنها المشروع تُعد خطوة مهمة نحو تعزيز حرية الصحافة والإعلام في البحرين، حيث تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية التي كانت تُفرض على المخالفين في السابق، واستبدالها بغرامات مالية تتناسب مع حجم المخالفة، مما يعكس التوازن المطلوب بين حماية حقوق الأفراد وضمان حرية التعبير.
كما لفت إلهامي إلى أن المشروع يتضمن أيضًا إلغاء المسؤولية المفترضة عن المدير المسؤول في المواقع الإعلامية الإلكترونية، وهو ما يخفف من العبء القانوني الملقى على عاتقهم فيما يتعلق بالمحتوى المنشور، في الوقت الذي تم فيه تحديد المسؤوليات بشكل أكثر وضوحًا ودقة. هذا التعديل يأتي في إطار سعي القانون لتحقيق التوازن بين المسؤولية الفردية وتنظيم العمل الإعلامي.
وأضاف إلهامي أن التعديل يشمل تنظيمًا جديدًا للإعلام الإلكتروني من خلال إضافة فصل خاص بعنوان «الإعلام الإلكتروني»، وهو ما يضمن تنظيم هذه المنظومة الحيوية وفقًا لأحكام قانونية تحمي حرية استخدامه وتمنع الرقابة المسبقة على المحتوى. وقد جاء ذلك انسجامًا مع الممارسات القانونية المتبعة في العديد من الدول المتقدمة، مثل المملكة المتحدة، فرنسا، والسعودية.
من جانب آخر، تم التوافق على تعديل العديد من الغرامات، بما في ذلك تخفيض الحد الأعلى لبعض الغرامات وإلغاء الحد الأدنى لبعض المخالفات. وهو ما يوفر مرونة أكبر للقضاء في تحديد العقوبات بناءً على نوع المخالفة، مع ضمان تحقيق الردع العام والخاص.
وأكد إلهامي أن هذه التعديلات تمثل استجابة مباشرة لمتطلبات حماية الحق في التعبير وحرية الصحافة، وتُظهر التزام مملكة البحرين بتوفير بيئة إعلامية قانونية مهنية مرنة، تتواكب مع التطورات العالمية. كما دعا أعضاء مجلس النواب إلى دعم هذا المشروع الذي يُعدّ خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة البحرين في مجال الإعلام، ويُسهم في تطوير التشريعات الإعلامية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك