العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

أفكار سرطانية

مؤخرا‭ ‬قرأت‭ ‬تعليقا‭ ‬لإحدى‭ ‬الناشطات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬تويته‭ ‬لشخص‭ ‬ما،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المؤثرين،‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬تجربة‭ ‬الزواج‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬للتعلم،‭ ‬لأنها‭ ‬غالبا‭ ‬لا‭ ‬تنجح‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬مرة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الزيجات‭ ‬حاليا‭ ‬قائمة‭ ‬بسبب‭ ‬الأعراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فقط‭.‬

وتساءلت‭ ‬الناشطة‭: ‬

من‭ ‬أين‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬بهذه‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬يتحدث‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬ندرة‭ ‬نجاح‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬مرة؟

وهل‭ ‬لديه‭ ‬إحصائية‭ ‬أو‭ ‬دراسة‭ ‬مسحية‭ ‬تؤكد‭ ‬ذلك؟

والسؤال‭ ‬الأهم‭:‬

هل‭ ‬فكر‭ ‬هذا‭ ‬المدعو‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬على‭ ‬المتابعين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وخاصة‭ ‬الذين‭ ‬ينوون‭ ‬الارتباط؟

وما‭ ‬هو‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬يخلفها‭ ‬بآرائه‭ ‬الشاذة‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬المجتمع؟‭ ‬

فعليا‭ ‬هناك‭ ‬آراء‭ ‬كثيرة‭ ‬نراها‭ ‬اليوم‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬تسميم‭ ‬عقول‭ ‬الشباب‭ ‬وتعزيز‭ ‬نظرية‭ ‬الفردية،‭ ‬وإلى‭ ‬انهيار‭ ‬مؤسسة‭ ‬الأسرة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تفكيك‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬دراسة‭ ‬أعدتها‭ ‬شركة‭ ‬استطلاعات‭ ‬رأي‭ ‬خاصة‭ ‬بجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الزواج‭ ‬انخفضت‭ ‬بنحو‭ ‬20%‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬انتشار‭ ‬فكرة‭ ‬الاستقلالية‭ ‬ووجود‭ ‬صورة‭ ‬ذهنية‭ ‬مشوهة‭ ‬للزواج‭.‬

وأضافت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬الشباب‭ ‬المصري،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬فتاة‭ ‬فوق‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬وثلاثين‭ ‬غير‭ ‬متزوجات،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬خطير‭ ‬جدا‭ ‬ينمّ‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأسرة‭ ‬اليوم‭ ‬يعاني‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬طرأ‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬ثقافية‭ ‬وقيمية‭ ‬مجتمعية‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬آثارها‭ ‬السلبية،‭ ‬وكيفية‭ ‬التصدي‭ ‬لها،‭ ‬والعودة‭ ‬بقيمة‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهدها‭.‬

إن‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬أصبح‭ ‬مشكلة‭ ‬تؤرق‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬بل‭ ‬والخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬عامة،‭ ‬وهي‭ ‬تخالف‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وتعاليمنا‭ ‬الدينية،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬العلمي‭ ‬والعملي‭ ‬وتنامي‭ ‬الشعور‭ ‬بالفردية‭ ‬والأنانية‭ ‬وتكريس‭ ‬القوة‭ ‬الأنثوية‭ ‬والأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعلاقات‭ ‬السريعة‭ ‬والخفية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬عصرية‭ ‬مفزعة‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬الكثيرون،‭ ‬وخاصة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬ينشرون‭ ‬آراءهم‭ ‬السرطانية‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬للعب‭ ‬بأفكارهم،‭ ‬وإبرازها‭ ‬كالبعبع‭ ‬الذي‭ ‬يرفضه‭ ‬العقل‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬مال‭ ‬القلب‭ ‬ليبقى‭ ‬السؤال‭:‬

كيف‭ ‬نعيد‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقة‭ ‬قدسيتها؟‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا