العدد : ١٧٢١١ - الأربعاء ٠٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١١ - الأربعاء ٠٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

المسرح الدولي وعبثية حلّ الدولتين!

{‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬الدولي‭ ‬وعنوان‭ ‬المسرحية‭ (‬فلسطين‭)! ‬

في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬يدخل‭ ‬إرهابيو‭ ‬العصابات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬يقتلون‭ ‬ما‭ ‬توافرّ‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬القرى‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ويحرقون‭ ‬قراهم‭ ‬ويرتكبون‭ ‬المجازر،‭ ‬ثم‭ ‬يخادعون‭ ‬بقية‭ ‬أخرى‭ ‬لدفعهم‭ ‬نحو‭ ‬الدول‭ ‬القريبة‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬حلّ‭ ‬الأمر‭! ‬والأهالي‭ ‬يصدقون،‭ ‬ويحملون‭ ‬مفاتيح‭ ‬بيوتهم‭ ‬معهم‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬العودة‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭! ‬فيما‭ ‬الصهاينة‭ ‬يحتلون‭ ‬بيوتهم،‭ ‬ويُصرحون‭ ‬بأنهم‭ ‬جاؤوا‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭ ‬ولذلك‭ ‬هي‭ ‬لشعب‭ ‬بلا‭ ‬أرض‭! ‬وقد‭ ‬توافدوا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬‮«‬الخزر‮»‬‭ ‬واعتبروا‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬الله‭ ‬المختار‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يحل‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحلّ‭ ‬لغيرهم‭ ‬من‭ ‬القتل‭ ‬والاحتلال‭ ‬وتهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬مستندين‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬الانتداب‭ ‬البريطاني‭ ‬والدعم‭ ‬الغربي‭ ‬ووعد‭ ‬بلفور‭!‬

{‭ ‬اللقطات‭ ‬تتسارع‭ ‬تحت‭ ‬الأضواء‭ ‬التي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬السواد‭ ‬والرمادي،‭ ‬فهنا‭ ‬مجزرة‭ ‬‮«‬دير‭ ‬ياسين‮»‬‭ ‬وهناك‭ ‬مجزرة‭ ‬‮«‬كفر‭ ‬قاسم‮»‬‭!‬

وتتسارع‭ ‬الأحداث‭ ‬أكثر‭ ‬ليدرك‭ ‬أهل‭ ‬فلسطين‭ ‬أن‭ ‬بلدهم‭ ‬وبقرار‭ ‬أممي‭ ‬قد‭ ‬تَّم‭ ‬إخضاعه‭ ‬للتقسيم‭ ‬قبل‭ ‬المجازر‭ ‬وبعدها‭!‬

لقطة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬حرب‭ ‬1948‭ ‬والأسلحة‭ ‬الفاسدة‭! ‬ولقطة‭ ‬تليها‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وقرارات‭ ‬تتوالى‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬التقسيم‭!‬

بكاء‭ ‬وصياح‭ ‬شعبي‭ ‬عربي،‭ ‬وتصريحات‭ ‬رسمية‭ ‬عربية،‭ ‬ثم‭ ‬مشاهد‭ ‬تتوالى‭ ‬حول‭ ‬أساليب‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فيما‭ ‬أحداث‭ ‬اغتصاب‭ ‬الوطن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تتكرس‭ ‬تحت‭ ‬خيمة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأممية‭ ‬ليحل‭ ‬معها‭ ‬مصطلح‭ ‬النكبة‭!‬

{‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬يشهد‭ ‬حرب‭ ‬1967،‭ ‬والتبريرات‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تنفي‭ ‬أنها‭ ‬هزيمة‭ ‬أو‭ ‬نكسة،‭ ‬فالكيان‭ ‬الوظيفي‭ ‬للاستعمار‭ ‬الغربي،‭ ‬يحتل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تخصيصه‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭! ‬بل‭ ‬يحتل‭ ‬الجولان‭ ‬وسيناء‭! ‬وهنا‭ ‬تزداد‭ ‬وتيرة‭ ‬العقدة‭ ‬الدرامية،‭ ‬فالأمر‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬بل‭ ‬امتدّ‭ ‬لاحتلال‭ ‬أراضٍ‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭!‬

وطأة‭ ‬الهزيمة‭ ‬تنتج‭ ‬حرب‭ ‬1973،‭ ‬ويتلقى‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬ضربة‭ ‬استراتيجية،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يحوّلها‭ ‬الشريك‭ ‬الأمريكي‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬سلام‭ ‬تجرّ‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬عربية،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلّ‭ ‬سلمي،‭ ‬وهنا‭ ‬يتعالى‭ ‬الصوت‭ ‬حول‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭!‬

{‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬يتراكض‭ ‬فيه‭ ‬المصوّرون‭ ‬في‭ ‬‮«‬وادي‭ ‬عربة‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬‮«‬أوسلو‮»‬‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬باتفاقية‭ ‬سلام‭ ‬بين‭ ‬المحتل‭ ‬وممثلي‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭! ‬تتوالى‭ ‬الأحداث‭ ‬ليكتشف‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭! ‬وأن‭ ‬اللاعب‭ ‬الصهيوني‭ ‬برعاية‭ ‬أمريكية‭ ‬يماطل‭ ‬ويماطل،‭ ‬وتشهد‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬لقطات‭ ‬سريعة‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الأولى‭ ‬ثم‭ ‬الثانية،‭ ‬واللاعب‭ ‬الأساسي‭ ‬يضع‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬كيفية‭ ‬تقسيم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬بعد‭ ‬تقسيم‭ ‬أرضهم‭ ‬واحتلالها‭! ‬فنصبح‭ ‬أمام‭ ‬حكومة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وحكومة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭! ‬ثم‭ ‬تتوالى‭ ‬اللقطات‭ ‬ويشتد‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الداخلي،‭ ‬والخلاف‭ ‬العربي‭ ‬العربي،‭ ‬والإرهاب‭ ‬الصهيوني‭ ‬يواصل‭ ‬مخططاته،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬لتقسيم‭ ‬العرب‭ ‬أنفسهم‭ ‬بين‭ ‬تيار‭ ‬الممانعة‭ ‬وتيار‭ ‬الاعتدال‭!‬

{‭ ‬تبدأ‭ ‬اللقطات‭ ‬الجديدة‭ ‬بأحداث‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى،‭ ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬لاعب‭ ‬جديد‭ ‬بغطاء‭ ‬ديني‭ ‬يراهن‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تفتيت‭ ‬العرب‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬عبر‭ ‬التقسيم‭ ‬الطائفي‭ ‬والمذهبي‭! ‬ويترأس‭ ‬هو‭ ‬بنفسه‭ ‬كلاعب‭ ‬جديد‭ ‬محور‭ ‬الممانعة،‭ ‬فيحقق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تحقيقه‭ ‬اللاعب‭ ‬الصهيوني‭!‬

‭ ‬ثم‭ ‬تتشابك‭ ‬الأحداث،‭ ‬وتتنافر‭ ‬الرؤى‭ ‬العربية‭ ‬بين‭ ‬المحورين،‭ ‬والانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬مستمر‭! ‬

{‭ ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ ‬يكتظ‭ ‬المسرح‭ ‬بصراخ‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ثم‭ ‬مصر‭ ‬ثم‭ ‬ليبيا،‭ ‬ليتداخل‭ ‬مع‭ ‬المشهد‭ ‬صورة‭ ‬أحداث‭ ‬سبتمبر‭ ‬أو‭ ‬أحداث‭ ‬البرجين‭ ‬كخلفية‭ ‬لدوافع‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬الخريف‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬وبعد‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فخّ‭ ‬غزوه‭ ‬للكويت‭! ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬يتشظى‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭! ‬وتزداد‭ ‬دول‭ ‬الخريف‭ ‬تفككا‭ ‬وضعفًا،‭ ‬وتتناسل‭ ‬المليشيات‭! ‬فيما‭ ‬المحتل‭ ‬الصهيوني‭ ‬يواصل‭ ‬أساليب‭ ‬التفكيك‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬وغربي‭ ‬متواصل،‭ ‬وتتناسل‭ ‬بدورها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لتصبح‭ ‬قضايا‭ ‬عربية‭ ‬متعدّدة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وثالثة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ورابعة‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬ثم‭... ‬وهنا‭ ‬يتربّع‭ ‬المحتل‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بفلسطين‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬العبث‭ ‬والضعف‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬العرب‭! ‬فيما‭ ‬الراعي‭ ‬الأمريكي‭ ‬يمدّ‭ ‬يده‭ ‬بقوة‭ ‬للاعبين‭: ‬الصهيوني‭ ‬والملالي‭!‬

{‭ ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ ‬يبدأ‭ ‬بأحداث‭ ‬أكتوبر،‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬ساعات‭ ‬عدة،‭ ‬لتبدأ‭ ‬مباشرة‭ ‬معها‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭!‬

المشاهد‭ ‬تتوالى‭ ‬والحقائق‭ ‬تتكشف‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم،‭ ‬المظاهرات‭ ‬الشعبية‭ ‬تملأ‭ ‬شوارع‭ ‬المدن‭ ‬الغربية‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولكن‭ ‬المجازر‭ ‬مستمرة‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬وببث‭ ‬مباشر‭! ‬والمحتل‭ ‬الصهيوني‭ ‬تتوسع‭ ‬أطماعه،‭ ‬فيحمل‭ ‬خرائط‭ ‬توسعه‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬تتوالى‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬17‭ ‬شهرًا،‭ ‬الإبادة‭ ‬مستمرة‭ ‬وفي‭ ‬ازدياد‭ ‬وتوسّع‭ ‬نوعي‭! ‬العرب‭ ‬يُصرحون،‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬وكأنها‭ ‬بدورها‭ ‬غير‭ ‬معنية‭! ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تدعم‭ ‬إرهاب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يتغير‭ ‬فيما‭ ‬مطالب‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬مستمرة‭!‬

{‭ ‬الفصل‭ ‬الأخير‭: ‬مفتوحة‭ ‬ساحته،‭ ‬فيما‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬سداسية‭ ‬يجلس‭ ‬ممثلو‭ ‬الصهيونية،‭ ‬يحتسون‭ ‬القهوة‭ ‬ويتهامسون‭ ‬ويضحكون‭ ‬وبين‭ ‬أيديهم‭ ‬خرائط‭ ‬جاهزة‭ ‬يقلبون‭ ‬في‭ ‬صفحاتها‭ ‬والمتفرجون‭ ‬يتفرجون‭! ‬وينتظرون‭ ‬معجزة‭ ‬من‭ ‬السماء‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا