عالم يتغير

فوزية رشيد
المسرح الدولي وعبثية حلّ الدولتين!
{ نحن الآن في المسرح الدولي وعنوان المسرحية (فلسطين)!
في الفصل الأول يدخل إرهابيو العصابات الصهيونية، يقتلون ما توافرّ بين أيديهم من أهالي القرى الفلسطينية، ويحرقون قراهم ويرتكبون المجازر، ثم يخادعون بقية أخرى لدفعهم نحو الدول القريبة حتى يتم حلّ الأمر! والأهالي يصدقون، ويحملون مفاتيح بيوتهم معهم على أمل العودة خلال أيام! فيما الصهاينة يحتلون بيوتهم، ويُصرحون بأنهم جاؤوا إلى أرض بلا شعب ولذلك هي لشعب بلا أرض! وقد توافدوا من كل دول أوروبا وهم من «الخزر» واعتبروا أنفسهم «شعب الله المختار» الذين يحل لهم ما لا يحلّ لغيرهم من القتل والاحتلال وتهجير الشعب الفلسطيني، مستندين على حكومة الانتداب البريطاني والدعم الغربي ووعد بلفور!
{ اللقطات تتسارع تحت الأضواء التي تتراوح بين السواد والرمادي، فهنا مجزرة «دير ياسين» وهناك مجزرة «كفر قاسم»!
وتتسارع الأحداث أكثر ليدرك أهل فلسطين أن بلدهم وبقرار أممي قد تَّم إخضاعه للتقسيم قبل المجازر وبعدها!
لقطة أخرى حول حرب 1948 والأسلحة الفاسدة! ولقطة تليها في الأمم المتحدة وقرارات تتوالى بعد قرار التقسيم!
بكاء وصياح شعبي عربي، وتصريحات رسمية عربية، ثم مشاهد تتوالى حول أساليب المقاومة الفلسطينية، فيما أحداث اغتصاب الوطن الفلسطيني تتكرس تحت خيمة المؤسسات الأممية ليحل معها مصطلح النكبة!
{ الفصل الثاني يشهد حرب 1967، والتبريرات فيها لا تنفي أنها هزيمة أو نكسة، فالكيان الوظيفي للاستعمار الغربي، يحتل ما تم تخصيصه للفلسطينيين في فلسطين! بل يحتل الجولان وسيناء! وهنا تزداد وتيرة العقدة الدرامية، فالأمر لم يعد مقتصرًا على فلسطين بل امتدّ لاحتلال أراضٍ عربية أخرى!
وطأة الهزيمة تنتج حرب 1973، ويتلقى العدو الصهيوني ضربة استراتيجية، سرعان ما يحوّلها الشريك الأمريكي هذه المرة إلى اتفاقية سلام تجرّ ما بعدها من اتفاقيات عربية، على أمل الوصول إلى حلّ سلمي، وهنا يتعالى الصوت حول «حل الدولتين»!
{ الفصل الثالث يتراكض فيه المصوّرون في «وادي عربة» ثم في «أوسلو» وهذه المرة باتفاقية سلام بين المحتل وممثلي الشعب الفلسطيني! تتوالى الأحداث ليكتشف الجميع أن الاتفاقية تحولت إلى حبر على ورق! وأن اللاعب الصهيوني برعاية أمريكية يماطل ويماطل، وتشهد الأرض في لقطات سريعة الانتفاضة الأولى ثم الثانية، واللاعب الأساسي يضع على الطاولة كيفية تقسيم الفلسطينيين أنفسهم بعد تقسيم أرضهم واحتلالها! فنصبح أمام حكومة في غزة وحكومة في الضفة! ثم تتوالى اللقطات ويشتد الصراع الفلسطيني الداخلي، والخلاف العربي العربي، والإرهاب الصهيوني يواصل مخططاته، وهذه المرة لتقسيم العرب أنفسهم بين تيار الممانعة وتيار الاعتدال!
{ تبدأ اللقطات الجديدة بأحداث حرب الخليج الأولى، فقد دخل إلى الساحة لاعب جديد بغطاء ديني يراهن أنه قادر على تفتيت العرب وهذه المرة عبر التقسيم الطائفي والمذهبي! ويترأس هو بنفسه كلاعب جديد محور الممانعة، فيحقق ما لم يستطع تحقيقه اللاعب الصهيوني!
ثم تتشابك الأحداث، وتتنافر الرؤى العربية بين المحورين، والانقسام الفلسطيني والعربي مستمر!
{ الفصل الرابع يكتظ المسرح بصراخ الأحداث في تونس ثم مصر ثم ليبيا، ليتداخل مع المشهد صورة أحداث سبتمبر أو أحداث البرجين كخلفية لدوافع ما حدث في «الخريف العربي» وبعد احتلال العراق من خلال فخّ غزوه للكويت! في هذا الفصل يتشظى الوعي العربي أكثر فأكثر! وتزداد دول الخريف تفككا وضعفًا، وتتناسل المليشيات! فيما المحتل الصهيوني يواصل أساليب التفكيك بدعم أمريكي وغربي متواصل، وتتناسل بدورها القضية الفلسطينية لتصبح قضايا عربية متعدّدة واحدة في العراق وأخرى في سوريا وثالثة في لبنان ورابعة في ليبيا، وأخرى في السودان، ثم في الصومال ثم... وهنا يتربّع المحتل الذي بدأ بفلسطين على عرش العبث والضعف الذي أصاب العرب! فيما الراعي الأمريكي يمدّ يده بقوة للاعبين: الصهيوني والملالي!
{ الفصل الخامس يبدأ بأحداث أكتوبر، التي استغرقت ساعات عدة، لتبدأ مباشرة معها حرب الإبادة في غزة!
المشاهد تتوالى والحقائق تتكشف لشعوب العالم، المظاهرات الشعبية تملأ شوارع المدن الغربية وأخرى في العالم، ولكن المجازر مستمرة وهذه المرة على الشاشات وببث مباشر! والمحتل الصهيوني تتوسع أطماعه، فيحمل خرائط توسعه في الجغرافيا العربية إلى الأمم المتحدة! تتوالى الاحتجاجات، وبعد مرور 17 شهرًا، الإبادة مستمرة وفي ازدياد وتوسّع نوعي! العرب يُصرحون، الدول الإسلامية وكأنها بدورها غير معنية! الدول الكبرى تدعم إرهاب الكيان الصهيوني! ولا شيء يتغير فيما مطالب حل الدولتين مستمرة!
{ الفصل الأخير: مفتوحة ساحته، فيما على طاولة سداسية يجلس ممثلو الصهيونية، يحتسون القهوة ويتهامسون ويضحكون وبين أيديهم خرائط جاهزة يقلبون في صفحاتها والمتفرجون يتفرجون! وينتظرون معجزة من السماء!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك