العدد : ١٧٢٠٩ - الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٩ - الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات الانتشار النووي على الأمن الإقليمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

منذ‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬تعليق‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬بدأ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكانهم‭ ‬الاعتماد‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لضمان‭ ‬أمنهم‭ ‬الإقليمي‭. ‬وظهر‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬التزام‭ ‬أعضاء‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬،‭ ‬بزيادة‭ ‬إنفاقهم‭ ‬الدفاعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬دعمهم‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬وتقوية‭ ‬التعاون‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬المشترك‭.‬

وبينما‭ ‬يشهد‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬هذه‭ ‬التطورات،‭ ‬تُطرح‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬التزام‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬بأمن‭ ‬شركائها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬المنتصر‭ ‬البلوي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لبحوث‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬‮«‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وإيران‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬برنامج‭ ‬الأخيرة‭ ‬النووي،‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬تحولات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬التسلح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وكما‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬إيفو‭ ‬دالدر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬شيكاغو‭ ‬للشؤون‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬عالمي،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬انتشار‭ ‬نووي‭ ‬جيد‮»‬‭ ‬للأمن‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬سيروير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جونز‭ ‬هوبكنز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬النووي‭ ‬ليس‭ ‬منطقة‭ ‬آمنة‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬تهديدًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬خلال‭ ‬العِقد‭ ‬المقبل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬احتمال‭ ‬بروز‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬مسلحة‭ ‬نوويا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬تعليقهما‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬‮«‬أدت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‮»‬؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ديباك‭ ‬داس‮»‬،‭ ‬و«راشيل‭ ‬إبستين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬مكانًا‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬البلوي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وتهديدات‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬وزيادة‭ ‬المخزونات‭ ‬النووية‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويًا،‭ ‬وقضايا‭ ‬عدم‭ ‬الامتثال،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬السابقة»؛‭ ‬تعد‭ ‬عوامل‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬المصداقية‮»‬‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬القلق‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬للانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يظل‭ ‬التركيز‭ ‬الغربي‭ ‬منصبًا‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭ ‬المتقدمة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬امتلاكها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬274‭ ‬كيلوجرامًا‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بنسبة‭ ‬60%‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أكد‭ ‬الصحفي‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬جورنال‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بمخزون‭ ‬يقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬90‭ ‬رأسًا‭ ‬حربيًا‭. ‬ووثق‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬عبر‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬الأرضية،‭ ‬والصواريخ‭ ‬المجنحة‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬الغواصات،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مدى‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬4500‭ ‬كيلومتر‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«جورنال‮»‬،‭ ‬يعتبر‭ ‬حجم‭ ‬مخزونها‭ ‬النووي‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬ضرر‭ ‬بالغ‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يُعد‭ ‬ثاني‭ ‬أصغر‭ ‬مخزون‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬وثق‭ ‬‮«‬سيروير‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬قدرات‭ ‬التخصيب،‭ ‬وإعادة‭ ‬المعالجة‮»‬‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬غامضة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮»‬‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬معاهدة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬و«البروتوكول‭ ‬الإضافي‮»‬‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية؛‭ ‬يسمحان‭ ‬للموقعين‭ ‬عليها‭ ‬بإجراء‭ ‬التخصيب،‭ ‬وإعادة‭ ‬المعالجة‭ ‬لأغراض‭ ‬مدنية؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬مفاجئًا‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬برامج‭ ‬نووية‭ ‬مدنية‭ ‬قد‭ ‬‮«‬جرّبت‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬كميات‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬والبلوتونيوم‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬وتيرة‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬أبطأ‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬متوقعًا‮»‬،‭ ‬وأرجع‭ ‬ذلك‭ ‬جزئيًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نهج‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الانتشار‭ ‬بقوة‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تحذيره‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عودة‭ ‬المشهد‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أضر‭ ‬بمصداقية‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬توم‭ ‬كولينا‮»‬،‭ ‬المؤلف‭ ‬المشارك‭ ‬لكتاب‭ ‬‮«‬الزر‭.. ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬النووي‭ ‬الجديد‭ ‬وسلطة‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬ترومان‭ ‬إلى‭ ‬ترامب»؛‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العواقب‭ ‬الكارثية‮»‬‭ ‬لخروج‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬مازالت‭ ‬تتراكم‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬‮«‬أصبحت‭ ‬احتمالات‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬ضئيلة،‭ ‬حيث‭ ‬اقتربت‭ ‬طهران‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬والتز‮»‬،‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬سعي‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التفكيك‭ ‬الكامل‮»‬‭ ‬لبرنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بهذه‭ ‬المطالب،‭ ‬وأظهرت‭ ‬عدم‭ ‬اكتراثها‭ ‬بالمبادرة‭ ‬المفترضة‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإجراء‭ ‬محادثات‭ ‬نووية‭ ‬جديدة‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬ترسل‭ ‬إشارات‭ ‬متضاربة‭ ‬بشأن‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬مبعوث‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬ويتكوف‮»‬،‭ ‬موقف‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬القائل‭: ‬‮«‬لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عسكريًا‮»‬؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬والتز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬الخيارات‭ ‬مطروحة‮»‬،‭ ‬لمنع‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬آيزنشتات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الضربة‭ ‬الوقائية»؛‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعظيم‭ ‬الأضرار‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬بالبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬كسب‭ ‬الوقت‭ ‬لإحياء‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬و«إنشاء‭ ‬ترتيبات‭ ‬إقليمية‭ ‬لاحتواء‭ ‬طهران‭ ‬حاليًا‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬مدمر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭.‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بدون‭ ‬هجوم‭ ‬أمريكي‭ ‬أو‭ ‬إسرائيلي‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬اللحظة‭ ‬شديدة‭ ‬التقلب‮»‬،‭ ‬توفر‭ ‬‮«‬مجالًا‭ ‬لسوء‭ ‬التقدير‮»‬،‭ ‬وتعرض‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭ ‬للأزمة،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬النووية‭ ‬وسياسة‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬تريتا‭ ‬بارسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬الرشيد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬قوتها‭ ‬بشكل‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تصديق‭ ‬ترامب‭ ‬لفرضية‭ ‬ضعفها،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬فكرة‭ ‬الاستسلام‭ ‬أصبحت‭ ‬غير‭ ‬واردة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أقصى‭ ‬نقطة‭ ‬نفوذ‮»‬‭ ‬لطهران‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬نووية‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الآن‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬‭ ‬بفضل‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬‮«‬تنازلات‭ ‬وتخفيف‭ ‬العقوبات‮»‬،‭ ‬مقابل‭ ‬التراجع‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تفقد‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ‭ ‬عندما‭ ‬تقوم‭ ‬بتخصيب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬واستخدامه‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تتزايد‭ ‬المخاوف‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬صوفان‭ ‬للدراسات‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬احتمال‭ ‬امتلاك‭ ‬إيران‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬الماضيين،‭ ‬يثير‭ ‬قلقًا‭ ‬عميقًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬يدفع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الردع‭ ‬النووي‮»‬‭. ‬وأقر‭ ‬المركز‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬التصور‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬طهران‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬قد‭ ‬يُطلق‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬نووي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالضمانات‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬انتشار‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أقرّ‭ ‬‮«‬سيروير‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬تركيا،‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬المرشحة‭ ‬لامتلاك‭ ‬القدرة‭ ‬النووية،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تعهدت‭ ‬صراحة‭ ‬بعدم‭ ‬تسليح‮»‬‭ ‬تقنيتها‭ ‬النووية‭ ‬المدنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصديقها‭ ‬على‭ ‬‮«‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬و‮«‬البروتوكول‭ ‬الإضافي‮»‬،‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشابه‭ ‬المواقف‭ ‬المصرية‭ ‬والإماراتية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬أوضحت‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تنضم‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬اتفاقيات‭ ‬نووية‭ ‬جديدة،‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬تتخلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬دعت‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬لوضع‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬وتوقيعها‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬كدولة‭ ‬غير‭ ‬مسلحة‭ ‬نوويًا‭.‬

وعليه،‭ ‬رحّبت‭ ‬‮«‬سوزي‭ ‬سنايدر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الحملة‭ ‬الدولية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬بهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬واعتبرتها‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬مهمة‮»‬،‭ ‬نحو‭ ‬ضرورة‭ ‬إخضاع‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للضمانات‭ ‬الدولية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬امتلاك‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لهذه‭ ‬الأسلحة،‭ ‬سيكون‭ ‬أمرًا‭ ‬حيويًا‭ ‬للأمن‭ ‬الطويل‭ ‬الأمد‭ ‬لجميع‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬انضمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬‮«‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى،‭ ‬تتبعها‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬معاهدة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحظر‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬وأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬انتهاك‭ ‬ائتلاف‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ومهاجمته‭ ‬للمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬على‭ ‬المراقبة‭ ‬الخارجية‭ ‬لبرنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬ممثليها‭ ‬عن‭ ‬جلسات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬كلفت‭ ‬بصياغة‭ ‬معاهدة‭ ‬ملزمة‭ ‬قانونًا‭ ‬لإخلاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أقرّ‭ ‬‮«‬البلوي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬بشأن‭ ‬منع‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬تُذكر‭ ‬دون‭ ‬مشاركة‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سيروير‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬‮«‬انزلق‭ ‬إلى‭ ‬دوامة‭ ‬من‭ ‬الصراع‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬نحو‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقرار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬بعد،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلًا،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬صوفان‭ ‬للدراسات‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لخطوط‭ ‬الحمراء‮»‬‭ ‬في‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الأمن‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬‮«‬تجاوزها‭ ‬باستمرار‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬والنصف‭ ‬الماضيين،‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستكشاف‭ ‬‮«‬للقدرات‭ ‬اللازمة‮»‬،‭ ‬لبرامج‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كيفية‭ ‬إنشاء‭ ‬هذه‭ ‬البرامج،‭ ‬و«الحصول‭ ‬على‭ ‬المكونات‭ ‬اللازمة‮»‬‭.‬

كما‭ ‬دفع‭ ‬انعدام‭ ‬ثقة‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬الضمانات‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دولها‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬حديثها‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬مظلة‭ ‬نووية‭ ‬محلية؛‭ ‬فإن‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والمواجهة‭ ‬المتصاعدة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬المسلحتين‭ ‬نوويًا،‭ ‬قد‭ ‬تُثير‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬‮«‬ردع‭ ‬نووي‮»‬،‭ ‬خاص‭ ‬بها،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا