العدد : ١٧٢٠٨ - الأحد ٠٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٨ - الأحد ٠٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

الثقافي

نبض: عودة معرض البحرين الدولي للكتاب.. عودة الوعي بأهمية الكتاب

{ بقلم : علي الستراوي

السبت ٠٣ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

قبل‭ ‬أيام‭ ‬تناقلت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة‭ ‬أن‭ ‬معرض‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬يستعد‭ ‬للعودة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬لبعض‭ ‬من‭ ‬السنوات،‭ ‬حيث‭ ‬تعتزم‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الثقافي‭ ‬البارز‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬أكتوبر‭ ‬حتى‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2025،‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬البحرين‭ ‬العالمي‭ ‬للمعارض‭.‬

إن‭ ‬صدقت‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات،‭ ‬فإن‭ ‬الجمهور‭ ‬يرتقب‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬المهم،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنه‭ ‬حدث‭ ‬ينتظره‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتعطشين‭ ‬المرتبطين‭ ‬بالكتاب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬توجهاته‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية،‭ ‬والأدبية،‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬والسياسية‭. ‬

العودة‭ ‬المرتقبة‭ ‬لمعرض‭ ‬الكتاب،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬عودة‭ ‬محمودة‭ ‬ومثنى‭ ‬عليها،‭ ‬وحتى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الكل‭ ‬ينتظر‭. ‬وبهذا‭ ‬الخبر‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬اليوم‭ ‬العالمِي‭ ‬لِلكتاب‭ ‬وحقوق‭ ‬المؤلف‭ ‬والذي‭ ‬مر‭ ‬علينا‭ ‬ذكره‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬أبرِيل،‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬أقرته‭ ‬‮«‬اليونسكو‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1995‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالكتاب‭ ‬ومؤلفي‭ ‬الكتب‭. ‬يعتبر‭ ‬تاريخ‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للكتاب‭ ‬وحقوق‭ ‬المؤلف،‭ ‬تاريخا‭ ‬رمزيا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأدب،‭ ‬كونه‭ ‬يوافق‭ ‬ذكرى‭ ‬وفاة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬العالميين،‭ ‬مثل‭ ‬ميغيل‭ ‬دي‭ ‬ثيربانتس،‭ ‬وليم‭ ‬شكسبير،‭ ‬غارثي‭ ‬اسو‭ ‬دي‭ ‬لا‭ ‬فيغا‭. ‬وضمن‭ ‬احتفالات‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم،‭ ‬تقوم‭ ‬المنظمة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬معنية‭ ‬بصناعة‭ ‬الكتب،‭ ‬باختيار‭ ‬مدينة‭ ‬كعاصمة‭ ‬دولية‭ ‬للكتاب‮»‬‭.‬

‭ ‬تمتد‭ ‬سنوات‭ ‬عمري‭ ‬بامتداد‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬عرفتُ‭ ‬فيه‭ ‬فك‭ ‬الحرف‭ ‬والتمعن‭ ‬في‭ ‬جمالياته،‭ ‬بين‭ ‬صفحات‭ ‬ذلك‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬نقلني‭ ‬من‭ ‬أمية‭ ‬الفعل‭ ‬إلى‭ ‬صحوة‭ ‬القراءة‭ ‬والانشغال‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عنه‭ ‬بين‭ ‬رفوف‭ ‬المكتبات،‭ ‬حيث‭ ‬تُعتبر‭ ‬الكتب‭ ‬واحدةً‭ ‬من‭ ‬أهمّ‭ ‬المُؤشّرات‭ ‬التي‭ ‬تُبيِّن‭ ‬مدى‭ ‬ثقافة‭ ‬الأمم،‭ ‬وسعة‭ ‬اطلّاع‭ ‬أبنائها،‭ ‬وحجم‭ ‬معلوماتِهم،‭ ‬والجوانب‭ ‬التي‭ ‬تتركّز‭ ‬عليها‭ ‬اهتماماتُهم‮»‬‭. ‬

من‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬وطدتُ‭ ‬علاقتي‭ ‬بالكتاب‭ ‬صديقاً‭ ‬لوحدتي‭ ‬ووحشتي‭ ‬وملهماً‭ ‬حيوياً‭ ‬لذاكرتي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬عليها‭ ‬الآن،‭ ‬لولا‭ ‬صحبتي‭ ‬بالكتاب‭ ‬وتعلقي‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬عمري‭.‬

فالكتاب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬هو‭ ‬الرفيق‭ ‬والحبيب‭ ‬الأنيس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬استغنى‭ ‬عنه‭ ‬وليس‭ ‬لي‭ ‬مقدرة‭ ‬على‭ ‬مغادرته،‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬أيقظني‭ ‬من‭ ‬ظلمة‭ ‬جهلي‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬سار‭ ‬بي‭ ‬نحو‭ ‬معرفة‭ ‬عوالم‭ ‬الدنيا‭ ‬وانشغالاتها،‭ ‬فدونه‭ ‬يعني‭ ‬لي‭ ‬ضياعا‭ ‬وموتا‭ ‬بطيئا‭.‬

لذا،‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬أنّ‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬طرديّة‭ ‬تبنى‭ ‬بين‭ ‬المرء‭ ‬والكتاب‭ ‬هي‭ ‬علاقة،‭ ‬وعي‭ ‬وتطوُّر‭ ‬فكري‭ ‬وحضاري‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسبر‭ ‬أغوار‭ ‬التاريخ‭ ‬المعرفي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬يقوده‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يفصل‭ ‬ويرسم‭ ‬خرائط‭ ‬المعرفة‭ ‬والتطور‭ ‬الحضاري‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬المعرفي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬لزاماً‭ ‬أن‭ ‬يدرسوا‭ ‬واقع‭ ‬الصحوة‭ ‬وأبعادها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وعي‭ ‬ما‭ ‬دونه‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬والسياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬عبر‭ ‬نشأة‭ ‬الحضارات‭.‬

وحول‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭: ‬يقول‭ ‬هنري‭ ‬دافيد‭ ‬ثورو‭: ‬‮«‬الكتب‭ ‬هي‭ ‬الكنوز‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬تصف‭ ‬للإنسان‭ ‬همومه،‭ ‬أزماته،‭ ‬صراعه،‭ ‬سعادته،‭ ‬تاريخه،‭ ‬خيباته،‭ ‬أمراضه،‭ ‬واقعه،‭ ‬وخياله،‭ ‬إنها‭ ‬مخزن‭ ‬الذاكرة‭ ‬الأبدي‭ ‬للبشرية‭ ‬والميراث‭ ‬الأكبر‭ ‬والأغلى،‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬تعريف‭ ‬الإنسان‭ ‬بنفسه‭ ‬وبماضيه‭ ‬وبما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن‮»‬‭.‬

فهل‭ ‬تدرك‭ ‬أجيالنا‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬الألفية‭ ‬الثانية‭ ‬أهمية‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها؟

لأن‭ ‬الواقع‭ ‬يقول‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭: ‬فالقلة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الحداثي‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬الكتاب‭ ‬قائدها‭ ‬المعرفي،‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكتب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مرشد‭ ‬معرفي،‭ ‬معتمدة‭ ‬الدراسة‭ ‬المنتظمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدريب‭ ‬ومثابرة‭ ‬البحث‭ ‬المضني‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬عمن‭ ‬يطورها‭ ‬ويرشدها‭ ‬نحو‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬أدبياً‭ ‬وثقافياً‭ ‬معرفياً؟

من‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بسلوك‭ ‬القراءة‭ ‬لدى‭ ‬أجيالنا‭ ‬الحديثة‭ ‬ولا‭ ‬يعطيها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬والإبداع،‭ ‬ولا‭ ‬يجعلها‭ ‬قوية‭ ‬أمام‭ ‬المتغيرات‭ ‬الأدبية‭ ‬والعلمية‭ ‬والثقافية،‭ ‬بل‭ ‬يجعلها‭ ‬أمية‭ ‬في‭ ‬فك‭ ‬معرفة‭ ‬التطور،‭ ‬ولكوننا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المتغيرات‭ ‬وفي‭ ‬زمن‭ ‬‮«‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬عالم‭ ‬يقودنا‭ ‬نحو‭ ‬التصلب‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬المتغيرات‭ ‬الحاصلة‭ ‬والسريعة‭ ‬في‭ ‬عالمنا،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬مجاراته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قائد‭ ‬معرفي‭ ‬متمثل‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭.‬

 

a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا