قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام المحلية عن مصادر مطلعة أن معرض البحرين الدولي للكتاب يستعد للعودة من جديد بعد انقطاع دام لبعض من السنوات، حيث تعتزم هيئة البحرين للثقافة والآثار تنظيم هذا الحدث الثقافي البارز خلال الفترة من 23 أكتوبر حتى الأول من نوفمبر 2025، في مركز البحرين العالمي للمعارض.
إن صدقت هذه المعلومات، فإن الجمهور يرتقب هذا الحدث المهم، الذي لا شك أنه حدث ينتظره الكثير من المتعطشين المرتبطين بالكتاب في جميع توجهاته الفكرية والعلمية، والأدبية، والاقتصادية، والسياسية.
العودة المرتقبة لمعرض الكتاب، لا شك أنها عودة محمودة ومثنى عليها، وحتى ذلك اليوم الكل ينتظر. وبهذا الخبر الذي أتى في ذكرى اليوم العالمِي لِلكتاب وحقوق المؤلف والذي مر علينا ذكره في 23 أبرِيل، وهو يوم أقرته «اليونسكو منذ عام 1995 للاحتفال بالكتاب ومؤلفي الكتب. يعتبر تاريخ اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، تاريخا رمزيا في عالم الأدب، كونه يوافق ذكرى وفاة عدد من الأدباء العالميين، مثل ميغيل دي ثيربانتس، وليم شكسبير، غارثي اسو دي لا فيغا. وضمن احتفالات منظمة اليونسكو بهذا اليوم، تقوم المنظمة بالتعاون مع منظمات دولية معنية بصناعة الكتب، باختيار مدينة كعاصمة دولية للكتاب».
تمتد سنوات عمري بامتداد ذلك اليوم الذي عرفتُ فيه فك الحرف والتمعن في جمالياته، بين صفحات ذلك الكتاب الذي نقلني من أمية الفعل إلى صحوة القراءة والانشغال في البحث عنه بين رفوف المكتبات، حيث تُعتبر الكتب واحدةً من أهمّ المُؤشّرات التي تُبيِّن مدى ثقافة الأمم، وسعة اطلّاع أبنائها، وحجم معلوماتِهم، والجوانب التي تتركّز عليها اهتماماتُهم».
من هذا الجانب وطدتُ علاقتي بالكتاب صديقاً لوحدتي ووحشتي وملهماً حيوياً لذاكرتي التي لم تكن بما هي عليها الآن، لولا صحبتي بالكتاب وتعلقي به منذ العاشرة من عمري.
فالكتاب بالنسبة لي هو الرفيق والحبيب الأنيس الذي لا استغنى عنه وليس لي مقدرة على مغادرته، فهو الذي أيقظني من ظلمة جهلي وهو الذي سار بي نحو معرفة عوالم الدنيا وانشغالاتها، فدونه يعني لي ضياعا وموتا بطيئا.
لذا، فإننا نجد أنّ أي علاقة طرديّة تبنى بين المرء والكتاب هي علاقة، وعي وتطوُّر فكري وحضاري. فلا يمكن أن نسبر أغوار التاريخ المعرفي من دون وعي يقوده الكتاب الذي يفصل ويرسم خرائط المعرفة والتطور الحضاري.
ومن هذا المنطلق المعرفي كان على الأمم لزاماً أن يدرسوا واقع الصحوة وأبعادها من خلال وعي ما دونه الآخرون من رجال الفكر والأدب والسياسة والاقتصاد عبر نشأة الحضارات.
وحول ما قيل في الكتاب: يقول هنري دافيد ثورو: «الكتب هي الكنوز الحية التي تصف للإنسان همومه، أزماته، صراعه، سعادته، تاريخه، خيباته، أمراضه، واقعه، وخياله، إنها مخزن الذاكرة الأبدي للبشرية والميراث الأكبر والأغلى، القادر على تعريف الإنسان بنفسه وبماضيه وبما هو عليه الآن».
فهل تدرك أجيالنا المعاصرة في الألفية الثانية أهمية قراءة الكتب والحفاظ عليها؟
لأن الواقع يقول غير ذلك: فالقلة من الجيل الحداثي لا تعتمد الكتاب قائدها المعرفي، تريد أن تكتب من دون مرشد معرفي، معتمدة الدراسة المنتظمة من دون تدريب ومثابرة البحث المضني بعد التخرج عمن يطورها ويرشدها نحو الطريق الصحيح أدبياً وثقافياً معرفياً؟
من دون الأخذ بسلوك القراءة لدى أجيالنا الحديثة ولا يعطيها القدرة على التطوير والإبداع، ولا يجعلها قوية أمام المتغيرات الأدبية والعلمية والثقافية، بل يجعلها أمية في فك معرفة التطور، ولكوننا في عالم المتغيرات وفي زمن «الذكاء الاصطناعي» عالم يقودنا نحو التصلب والقدرة على مواكبة المتغيرات الحاصلة والسريعة في عالمنا، فلا يمكن لنا مجاراته من دون قائد معرفي متمثل في الكتاب.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك