العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نحن وخطط تحقيق الحياد الكربوني

بقلم: د. مها الصباغ {

الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

وضعت‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬تحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬هدفاً‭ ‬لها‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2060‭ ‬أو‭ ‬قبله‭. ‬وتشير‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الطموح‭ ‬باستخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬المختلفة‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬وضع‭ ‬السياسات‭ ‬المناسبة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬أيضاً‭ ‬تغيير‭ ‬سلوك‭ ‬العامة‭ ‬لتسريع‭ ‬عملية‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬منخفض‭ ‬الكربون‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭. ‬

تشكل‭ ‬عملية‭ ‬تغيير‭ ‬السلوك‭ ‬والعادات‭ ‬اليومية‭ ‬تحدياً‭ ‬إزاء‭ ‬تحقيق‭ ‬السلوك‭ ‬البيئي‭ ‬المستدام‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والسلوك‭ ‬المنخفض‭ ‬الكربون‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المستهلك‭ ‬هو‭ ‬المستفيد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬تغيير‭ ‬السلوك‭ ‬هذه‭. ‬وتوضح‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬السلوك‭ ‬يتطلب‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬نسبياً‭ ‬لتنفيذه،‭ ‬كما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة،‭ ‬وتوفير‭ ‬البدائل‭ ‬المستدامة‭ ‬بيئيا‭.‬

‭ ‬وتبين‭ ‬الدراسات‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬العادات‭ ‬اليومية‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬أو‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬التخطيط‭ ‬المسبق،‭ ‬هو‭ ‬الأسهل‭ ‬نسبياً،‭ ‬مثل‭ ‬إغلاق‭ ‬المصابيح‭ ‬والمكيفات‭ ‬عند‭ ‬مغادرة‭ ‬الغرف‭ ‬وإغلاق‭ ‬صنابير‭ ‬المياه‭ ‬عند‭ ‬تنظيف‭ ‬الأسنان‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬السلوكيات‭ ‬الأكثر‭ ‬استدامة‭ ‬مثل‭ ‬استخدام‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة،‭ ‬أو‭ ‬فرز‭ ‬المخلفات،‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬الغذائي،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬تطبيقا‭ ‬كونها‭ ‬تتطلب‭ ‬تغييراً‭ ‬جذرياً‭ ‬في‭ ‬نمط‭ ‬الحياة،‭ ‬وفي‭ ‬عملية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الفردية‭ ‬والأسرية‭. ‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬أوضحت‭ ‬الدراسات‭ ‬وجود‭ ‬فروقات‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬الممارسات‭ ‬البيئية‭ ‬بحسب‭ ‬النوع،‭ ‬إذ‭ ‬يختلف‭ ‬الذكور‭ ‬والإناث‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬تطبيقهم‭ ‬لهذه‭ ‬الممارسات‭. ‬وتؤكد‭ ‬النتائج‭ ‬الأولية‭ ‬لدراسة‭ ‬يتم‭ ‬إجراؤها‭ ‬حالياً‭ ‬بمركز‭ ‬الدراسات‭ ‬البيئية‭ ‬والحيوية‭ ‬بجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الفروقات‭ ‬لدى‭ ‬عينة‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬مواطني‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تشير‭ ‬النتائج‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬الذكور‭ ‬ممارسات‭ ‬منخفضة‭ ‬الكربون‭ ‬تتعلق‭ ‬باستهلاك‭ ‬الكهرباء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الإناث،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الذكور‭ ‬أكثر‭ ‬متابعة‭ ‬لكمية‭ ‬الكهرباء‭ ‬المستهلكة،‭ ‬وشراء‭ ‬الأجهزة‭ ‬الموفرة‭ ‬للطاقة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬خيارات‭ ‬خفض‭ ‬الاستهلاك‭ ‬مع‭ ‬دائرة‭ ‬المعارف‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬الإناث‭ ‬ضمن‭ ‬عينة‭ ‬الدراسة‭ ‬كن‭ ‬يتبعن‭ ‬ممارسات‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإدارة‭ ‬المخلفات،‭ ‬إذ‭ ‬يقمن‭ ‬بالتخلص‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬وجبات‭ ‬الطعام،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قيامهن‭ ‬بفرز‭ ‬المخلفات‭ ‬بنسبة‭ ‬أكبر‭ ‬وذلك‭ ‬لإعادة‭ ‬تدويرها‭. ‬

تعتبر‭ ‬نتائج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬مهمة‭ ‬لعملية‭ ‬صنع‭ ‬السياسات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تحدد‭ ‬الممارسات‭ ‬المستهدف‭ ‬تغييرها‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬تحدد‭ ‬أيضاً‭ ‬الفئة‭ ‬المستهدفة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تصميم‭ ‬السياسات‭ ‬المناسبة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬فعالية‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬الموضوعة‭ ‬سابقاً‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬الختام،‭ ‬فإن‭ ‬هدف‭ ‬تحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬خفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة،‭ ‬وإنما‭ ‬يعني‭ ‬أيضاً‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬وتحسين‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬رفاه‭ ‬الإنسان‭ ‬وجودة‭ ‬الحياة‭. ‬

 

{ رئيسة‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬البيئية‭ ‬والحيوية‭-‬

الأستاذ‭ ‬المشرف‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬

بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلوم‭ ‬البيئية‭ ‬

‭-‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا