العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تاريخ استهداف العرب الأمريكيين في الولايات المتحدة

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ٢٩ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

ظل‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وخاصة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬منهم،‭ ‬وأنصار‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يمثلون‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬وعندما‭ ‬سعى‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬الكونجرس‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬لتقييد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية،‭ ‬استغل‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭ ‬الموجود‭ ‬بين‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بشأن‭ ‬الخطر‭ ‬المفترض‭ ‬الذي‭ ‬يشكله‭ ‬العرب‭ ‬لتبرير‭ ‬أفعالهم‭.‬

إنهم‭ ‬يشعرون‭ ‬بالارتياح‭ ‬لأنهم‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬السلبية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالعرب‭ ‬تجعل‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬يتخذونها‭ ‬أكثر‭ ‬قبولاً‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬اصطدام‭ ‬جهودهم‭ ‬تلك‭ ‬بأطراف‭ ‬معارضة‭ ‬ورافضة‭ ‬لذلك‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تطال‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كثيرة‭. ‬ففي‭ ‬ثلاث‭ ‬مناسبات‭ ‬منفصلة‭ ‬خلال‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬عندما‭ ‬سعت‭ ‬إدارة‭ ‬رونالد‭ ‬ريغان‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية،‭ ‬بدأت‭ ‬حملتها‭ ‬تلك‭ ‬باستهداف‭ ‬حقوق‭ ‬العرب‭.‬

لقد‭ ‬افترضوا‭ ‬آنذاك‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭ ‬العربية‭ ‬سيكون‭ ‬محدودًا‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬أهدافهم‭ ‬أشخاصًا‭ ‬من‭ ‬عرقية‭ ‬أخرى،‭ ‬لكان‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المعارضة‭ ‬أقوى‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬أصدرت‭ ‬إدارة‭ ‬ريغان‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬يقضي‭ ‬بتفكيك‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الإدارة‭ ‬السابقة،‭ ‬برئاسة‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر،‭ ‬لحظر‭ ‬المراقبة‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ (‬السي‭ ‬آي‭ ‬إيه‭) ‬ومكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ (‬الأف‭ ‬بي‭ ‬آي‭)‬،‭ ‬باستخدام‭ ‬العرب‭ ‬ككبش‭ ‬فداء‭ ‬لتبرير‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬التعسفي‭.‬

ونتيجة‭ ‬لهذا،‭ ‬نجح‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬مدة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬الجماعات‭ ‬الطلابية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬وتقويضها‭ ‬ــ‭ ‬وقد‭ ‬اضطروا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬أيقاف‭ ‬تلك‭ ‬المساعي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينجحوا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬سوى‭ ‬إهدار‭ ‬ساعات‭ ‬عمل‭ ‬العملاء‭ ‬وإنفاق‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭.‬

كما‭ ‬تمكنت‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬رونالد‭ ‬ريغان‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬قانون‭ ‬تسليم‭ ‬المجرمين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الأسهل‭ ‬تلبية‭ ‬طلبات‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬بتسليم‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بحماية‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬الواجبة‭.‬

لقد‭ ‬فعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬متذرعين‭ ‬بقضية‭ ‬حامل‭ ‬تأشيرة‭ ‬فلسطيني‭ ‬طلبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسليمه‭ ‬آنذاك‭. ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬خلفيات‭ ‬تلك‭ ‬القضية،‭ ‬أعاد‭ ‬الكونجرس‭ ‬صياغة‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬طلبات‭ ‬التسليم‭.‬

وفي‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬ريغان‭ ‬أيضاً‭ ‬أصدرت‭ ‬دائرة‭ ‬الهجرة‭ ‬والتجنيس‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الخاصة‭ ‬بالإرهابيين‭ ‬الأجانب‭ ‬والأشخاص‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيهم‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تفصل‭ ‬الخطوات‭ ‬بموجب‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬ماكاران‭-‬والتر‭ ‬لسجن‭ ‬ومحاكمة‭ ‬وترحيل‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬عرقهم‭ ‬أو‭ ‬معتقداتهم‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬ارتباطاتهم‭ ‬فقط‭.‬

تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬المُتبع،‭ ‬تُشير‭ ‬‮«‬الخطة‮»‬‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬إلى‭ ‬المهاجرين‭ ‬العرب‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬كانت‭ ‬القضية‭ ‬التجريبية‭ ‬المُستخدمة‭ ‬كذريعة‭ ‬لتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لهذه‭ ‬‮«‬الخطة‮»‬‭ ‬اعتقال‭ ‬سبعة‭ ‬فلسطينيين‭ ‬وزوجة‭ ‬أحدهم‭ ‬الكينية،‭ ‬واتهامهم‭ ‬فقط‭ ‬بمعتقداتهم‭ ‬السياسية‭ ‬وطبيعة‭ ‬ارتباطاتهم‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬آنذاك‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬‮«‬يحظر‭ ‬المعاملات‭ ‬مع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الذين‭ ‬هددوا‭ ‬بتعطيل‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬أعقبه‭ ‬أيضا‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الشامل‭ ‬لعام‭ ‬1995‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬كلتا‭ ‬المحاولتين‭ ‬إلى‭ ‬إدخال‭ ‬تدابير‭ ‬قاسية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬خطير‭ ‬للحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬المكفولة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭.‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬منح‭ ‬القانون‭ ‬سلطات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬لوكالات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون،‭ ‬وألغى‭ ‬افتراض‭ ‬البراءة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يخضعون‭ ‬للتحقيق،‭ ‬وسمح‭ ‬بحظر‭ ‬‮«‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬الرئيس‭ ‬أنه‭ ‬يفيد‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‮»‬‭.‬

كما‭ ‬كرس‭ ‬ذلك‭ ‬إجراءات‭ ‬تسمح‭ ‬للحكومة‭ ‬باحتجاز‭ ‬الأشخاص‭ ‬وترحيلهم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أدلة‭ ‬سرية‭ ‬دون‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للمحتجزين‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم،‭ ‬كما‭ ‬وسمح‭ ‬لوكالات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬بإجراء‭ ‬عمليات‭ ‬مراقبة‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬أو‭ ‬الجماعات‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وطبيعة‭ ‬ارتباطاتهم‭ ‬فقط‭.‬

وباستخدام‭ ‬الأمر‭ ‬التنفيذي‭ ‬والتشريع‭ ‬الجديد،‭ ‬أطلقت‭ ‬إدارة‭ ‬كلينتون‭ ‬برنامجاً‭ ‬وطنياً‭ ‬للتصنيف‭ ‬والرقابة‭ ‬في‭ ‬المطارات،‭ ‬والذي‭ ‬قام‭ ‬بمضايقة‭ ‬واستجواب‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬الركاب‭ ‬العرب‭ ‬والأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرات،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬تسجيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬رحلاتهم،‭ ‬استناداً‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬ملابسهم‭ ‬أو‭ ‬مظهرهم‭         ‬أو‭ ‬أسمائهم‭ ‬العربية‭.‬

وعقب‭ ‬أحداث‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2001،‭ ‬صعّدت‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬والكونغرس‭ ‬من‭ ‬إجراءاتهما‭. ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬إخفاقات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬وتراخي‭ ‬متطلبات‭ ‬سلامة‭ ‬الطيران‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬السماح‭ ‬للإرهابيين‭ ‬بالتدرب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هجماتهم‭ ‬المروعة،‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬بوش‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأوامر‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬اعتقال‭ ‬وترحيل‭ ‬آلاف‭ ‬الطلاب‭ ‬والعمال‭ ‬والزوار‭ ‬العرب‭ ‬الأبرياء‭.‬

كما‭ ‬أمرت‭ ‬السلطات‭ ‬الأمريكية‭ ‬آنذاك‭ ‬أيضا‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬حاملي‭ ‬التأشيرات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بالتوجه‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬الهجرة‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬احتجاز‭ ‬كثيرين‭ ‬آخرين‭ ‬تمهيدا‭ ‬لترحيلهم‭.‬

سمح‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬الكونجرس‭ ‬بتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬المراقبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أجهزة‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التنصت‭ ‬على‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬قضائي،‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬المكتبات،‭ ‬والاستخدام‭ ‬الموسع‭ ‬للملفات‭ ‬الشخصية‭.‬

وباستخدام‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الموسعة‭ ‬التي‭ ‬منحتها‭ ‬لهم‭ ‬الإدارة،‭ ‬تمكن‭ ‬عملاء‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬المساجد‭ ‬والنوادي‭ ‬الاجتماعية‭ ‬العربية،‭ ‬وإيقاع‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬السذج‭ ‬في‭ ‬مؤامرات‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬وكالات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬نفسها‭.‬

هذا‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬ولكنه‭ ‬يضع‭ ‬الأساس‭ ‬للإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬الإدارة‭ ‬الحالية‭ ‬للرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭: ‬التهديدات‭ ‬للحريات‭ ‬المدنية‭ ‬مثل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والتجمع‭ ‬والحرية‭ ‬الأكاديمية‭.‬

كما‭ ‬زاد‭ ‬ترامب‭ ‬السلطات‭ ‬الممنوحة‭ ‬لوكالات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬لاستخدام‭ ‬تدابير‭ ‬غير‭ ‬دستورية‭ ‬لاحتجاز‭ ‬وترحيل‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬عرقهم‭ ‬أو‭ ‬معتقداتهم‭ ‬السياسية؛‭ ‬ووسع‭ ‬تفسير‭ ‬حجة‭ ‬‮«‬الدعم‭ ‬المادي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬إدارتا‭ ‬ريغان‭ ‬وكلينتون‭ ‬لإساءة‭ ‬استخدام‭ ‬الحقوق‭ ‬المحمية‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬بالتأكيد‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬المتخذة‭ ‬خلال‭ ‬إدارات‭ ‬ريغان‭ ‬وكلينتون‭ ‬وبوش‭ ‬كانت‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬مخاوف‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬مراجعة‭ ‬برامج‭ ‬تحديد‭ ‬الهوية‭ ‬والمراقبة‭ ‬والهجرة‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الإدارات‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬الكثير‭ ‬لكشف‭ ‬أو‭ ‬مقاضاة‭ ‬حالات‭ ‬الإرهاب‭ ‬الفعلية‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إنفاق‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬والموارد‭ ‬الثمينة‭ ‬لإنفاذ‭ ‬القانون،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬صلاحيات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬وتتسبب‭ ‬في‭ ‬تآكل‭ ‬الحقوق‭.‬

في‭ ‬حالة‭ ‬الأوامر‭ ‬التنفيذية‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تظاهر‭ ‬بمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ - ‬بل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تمرين‭ ‬في‭ ‬الاستخدام‭ ‬الوحشي‭ ‬للسلطة‭ ‬لإشاعة‭ ‬الخوف‭ ‬وإجبار‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأفراد‭ ‬على‭ ‬الخنوع‭ ‬والخضوع‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬تشترك‭ ‬فيه‭ ‬سياسات‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬أسلافه‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬السابقين‭ ‬هو‭ ‬استخدام‭ ‬العرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأنصارهم‭ ‬ومؤيديهم‭ ‬كمطية‭ ‬وكبش‭ ‬فداء‭ ‬مناسب‭ ‬لتبرير‭ ‬تآكل‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭.‬

يعلم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬ستدعم‭ ‬قاعدته‭ ‬الشعبية‭ ‬جهوده‭ ‬بكل‭ ‬حماس،‭ ‬كما‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الليبراليين‭ ‬في‭ ‬الكونغرس،‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يعارضون‭ ‬سياساته،‭ ‬سيترددون‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬دعمهم‭ ‬الكامل‭ ‬لضحايا‭ ‬سياساته‭ ‬إذا‭ ‬بدا‭ ‬أنهم‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬منتقدي‭ ‬إسرائيل‭.‬

يعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يلائمه‭ ‬ويتماشى‭ ‬مع‭ ‬سياساته‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يهتمون‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات،‭ ‬فهي‭ ‬مجرد‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬ومن‭ ‬يدافعون‭ ‬عنهم‭ ‬هم‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا