عالم يتغير

فوزية رشيد
نتنياهو يطالب العرب بالاعتراف بالدولة اليهودية!
{ في الوقت الذي يسعى فيه العرب إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، التي تزداد تعقيدا كل عام منذ 1948، والمطالبة العربية بإقامة الدولة الفلسطينية وفق (المبادرة العربية - 2002) أي ضمن حدود 1967، التي احتلها الكيان الصهيوني، يكرر «نتنياهو» رؤيته المتطرفة، ويعمل على قلب المعادلات كلها، ويتنكر تماما للقوانين الأممية التي أصدرها مجلس الأمن منذ «القرار 181» وما تلاه من قرارات عبر 76 عاما! فهو يقول الأحد الماضي إن المشكلة أن العرب لا يريدون الاعتراف بالدولة اليهودية وأن العقلية الفلسطينية هي العائق أمام السلام الزائف الذي يريده ويقصد بذلك إقامة الدول اليهودية على كامل التراب الفلسطيني! ويضيف أن (إقامة دولة فلسطينية فكرة سخيفة)! وذلك على ضوء تصريحاته السابقة، بأنه لن يسمح أبداً بإقامة دولة فلسطينية! يقول ذلك بالطبع استنادا إلى «المتطرفين العنصريين» الذين يطرحون في حكومته ما هو أبعد من ذلك، حتى طرح أحدهم «سموتريتش» إبادة أهل غزة بالنووي! إلى جانب أطروحات متطرفة كثيرة أخرى حول الغاية الحقيقية للحرب على غزة والضفة معها وبعدها، أي التهجير والتطهير العرقي في ظل استمرار حرب الابادة بدعم أمريكي مطلق!
{ هكذا يعمل «نتنياهو» ومن معه من أصحاب الرؤية التوسعية في الجغرافيا العربية، على طرح سردية صهيونية، وهي أنه بدلا من أن يشغل العرب أنفسهم عن القضية وإقامة الدولة الفلسطينية، عليهم أن يعترفوا بالدولة اليهودية، أي القبول بتصفية القضية لكي تكتمل اتفاقيات السلام بعدها مع كل العرب!
هذا الخيال الصهيوني الشاطح، سبقه الخيال «الترامبي» حول تهجير الفلسطينيين وتعمير غزة للأغنياء وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق»! هو خيال ينتمي إلى (الاستعمار العقاري) الذي يعمل بكل عنجهية على إنكار الحق الفلسطيني في أرضه، وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال، وحقه المشروع في نيل حقوقه خارج الأطر الاحتلالية والاستعمارية، التي سلبت أرضه بناء على خطرفات الأساطير والمرويات والتزوير في التاريخ!
{ مع استمرار الرؤية الاستعمارية الصهيونية تجاه فلسطين ودول المنطقة، واستناداً إلى ذات المرويات الصهيونية والتزوير التاريخي، فإن كل السعي العربي والدولي لحل القضية الفلسطينية، يدخل كل عام في نفق أكثر ظلمة من الذي سبقه! ويسقط الرهان العربي على إقامة الدولة الفلسطينية، ومعها يسقط السلام والاستقرار الذي ينشده العرب، لأن الكيان الصهيوني بدعم أمريكي غربي، يعمل كل يوم على تمرير سرديته الخيالية باعتبارها قابلة للحصول، وبدعم عربي لأجندته الاستعمارية الوقحة، التي أصبح الكيان يطرحها بكل بجاحة، وكأنها هي المنطق والحل أو هي الواقع الذي يجب الاعتراف به، ولتذهب بعد ذلك العدالة والسلام القائم على أساسها إلى الجحيم!
{ إنه نوع خطير من «الحرب الفكرية» على الدول والشعوب العربية وغسيل دماغ ممنهج لاعتبار الاحتلال والطغيان والإبادة والتعدي على الأوطان العربية ومصائر الشعوب، لتبدو كلها ومعها الدوس على القانون الدولي، وكأنها أمور طبيعية! وعلى العرب الاعتراف بها وقبولها والدخول بعدها في صفقات واتفاقيات! لينعم الصهاينة بالدولة اليهودية وبالعنصرية والفاشية، باعتبارها أساساً للسلام! وأي سلام بالإمكان أن يقوم على تلك الرؤى الاستعمارية والمتطرفة في آن معا بما يدخلها في أبشع أشكال الإرهاب وكنوع من الإبادة الفكرية!
{ المسألة هي تراكم السرديات في الذهنية الصهيونية ونقلها مرحلة بعد أخرى إلى العقل العربي، وتسريبها إلى كل أسس الحياة العربية، ولا يقابلها أي منهجية عربية للرد التاريخي على أساطير الزيف والتلفيق، التي سرقت فلسطين أولاً وتريد سرقة أجزاء أخرى من جغرافيا العرب! مثلما لا يقابلها أي رد فكري أو إعلامي أو سياسي، يوقف التطرف في سرعة عجلة التصريحات الصهيونية، التي تقلب كل معادلات التاريخ والعقل والمنطق والسياسة! بل يتم التعامل معها وكأنها مجرد تصريحات! فيما الواقع يقول إنه يتم تنفيذها مرحلة بعد أخرى! وتصريحات «نتنياهو» المستمرة والمتكررة لا تنسف فقط الجهود الدبلوماسية العربية والدولية، وإنما تضع مكانها معادلات استعمارية جديدة لكل دول المنطقة، والمطلوب هو الاعتراف العربي بها! ولا نعرف أي درك وصلنا إليه؟! وإن كانت محنة غزة ستصيب العرب كلهم ومتى؟!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك