العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

نتنياهو يطالب العرب بالاعتراف بالدولة اليهودية!

{ في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬فيه‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬تزداد‭ ‬تعقيدا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬1948،‭ ‬والمطالبة‭ ‬العربية‭ ‬بإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفق‭ (‬المبادرة‭ ‬العربية‭ - ‬2002‭) ‬أي‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬1967،‭ ‬التي‭ ‬احتلها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬يكرر‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬رؤيته‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬المعادلات‭ ‬كلها،‭ ‬ويتنكر‭ ‬تماما‭ ‬للقوانين‭ ‬الأممية‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬القرار‭ ‬181‮»‬‭ ‬وما‭ ‬تلاه‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬عبر‭ ‬76‭ ‬عاما‭! ‬فهو‭ ‬يقول‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬إن‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬وأن‭ ‬العقلية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬العائق‭ ‬أمام‭ ‬السلام‭ ‬الزائف‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬ويقصد‭ ‬بذلك‭ ‬إقامة‭ ‬الدول‭ ‬اليهودية‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬التراب‭ ‬الفلسطيني‭! ‬ويضيف‭ ‬أن‭ (‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬فكرة‭ ‬سخيفة‭)! ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬تصريحاته‭ ‬السابقة،‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬أبداً‭ ‬بإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭! ‬يقول‭ ‬ذلك‭ ‬بالطبع‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬المتطرفين‭ ‬العنصريين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يطرحون‭ ‬في‭ ‬حكومته‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬طرح‭ ‬أحدهم‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭ ‬إبادة‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬بالنووي‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أطروحات‭ ‬متطرفة‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬الغاية‭ ‬الحقيقية‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬معها‭ ‬وبعدها،‭ ‬أي‭ ‬التهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬مطلق‭!‬

{ هكذا‭ ‬يعمل‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الرؤية‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية،‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬سردية‭ ‬صهيونية،‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يشغل‭ ‬العرب‭ ‬أنفسهم‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعترفوا‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية،‭ ‬أي‭ ‬القبول‭ ‬بتصفية‭ ‬القضية‭ ‬لكي‭ ‬تكتمل‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السلام‭ ‬بعدها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬العرب‭!‬

هذا‭ ‬الخيال‭ ‬الصهيوني‭ ‬الشاطح،‭ ‬سبقه‭ ‬الخيال‭ ‬‮«‬الترامبي‮»‬‭ ‬حول‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتعمير‭ ‬غزة‭ ‬للأغنياء‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ريفييرا‭ ‬الشرق‮»‬‭! ‬هو‭ ‬خيال‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ (‬الاستعمار‭ ‬العقاري‭) ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬بكل‭ ‬عنجهية‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬أرضه،‭ ‬وحقه‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحقه‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬نيل‭ ‬حقوقه‭ ‬خارج‭ ‬الأطر‭ ‬الاحتلالية‭ ‬والاستعمارية،‭ ‬التي‭ ‬سلبت‭ ‬أرضه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬خطرفات‭ ‬الأساطير‭ ‬والمرويات‭ ‬والتزوير‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭!‬

{ مع‭ ‬استمرار‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الصهيونية‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين‭ ‬ودول‭ ‬المنطقة،‭ ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬ذات‭ ‬المرويات‭ ‬الصهيونية‭ ‬والتزوير‭ ‬التاريخي،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬السعي‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يدخل‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬نفق‭ ‬أكثر‭ ‬ظلمة‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭! ‬ويسقط‭ ‬الرهان‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومعها‭ ‬يسقط‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬الذي‭ ‬ينشده‭ ‬العرب،‭ ‬لأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬غربي،‭ ‬يعمل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬سرديته‭ ‬الخيالية‭ ‬باعتبارها‭ ‬قابلة‭ ‬للحصول،‭ ‬وبدعم‭ ‬عربي‭ ‬لأجندته‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الوقحة،‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬الكيان‭ ‬يطرحها‭ ‬بكل‭ ‬بجاحة،‭ ‬وكأنها‭ ‬هي‭ ‬المنطق‭ ‬والحل‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬الاعتراف‭ ‬به،‭ ‬ولتذهب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العدالة‭ ‬والسلام‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‭!‬

{ إنه‭ ‬نوع‭ ‬خطير‭ ‬من‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الفكرية‮»‬‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭ ‬وغسيل‭ ‬دماغ‭ ‬ممنهج‭ ‬لاعتبار‭ ‬الاحتلال‭ ‬والطغيان‭ ‬والإبادة‭ ‬والتعدي‭ ‬على‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية‭ ‬ومصائر‭ ‬الشعوب،‭ ‬لتبدو‭ ‬كلها‭ ‬ومعها‭ ‬الدوس‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وكأنها‭ ‬أمور‭ ‬طبيعية‭! ‬وعلى‭ ‬العرب‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬وقبولها‭ ‬والدخول‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬واتفاقيات‭! ‬لينعم‭ ‬الصهاينة‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬وبالعنصرية‭ ‬والفاشية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أساساً‭ ‬للسلام‭! ‬وأي‭ ‬سلام‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الرؤى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والمتطرفة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬معا‭ ‬بما‭ ‬يدخلها‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬أشكال‭ ‬الإرهاب‭ ‬وكنوع‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬الفكرية‭!‬

{ المسألة‭ ‬هي‭ ‬تراكم‭ ‬السرديات‭ ‬في‭ ‬الذهنية‭ ‬الصهيونية‭ ‬ونقلها‭ ‬مرحلة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬العقل‭ ‬العربي،‭ ‬وتسريبها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬أسس‭ ‬الحياة‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬يقابلها‭ ‬أي‭ ‬منهجية‭ ‬عربية‭ ‬للرد‭ ‬التاريخي‭ ‬على‭ ‬أساطير‭ ‬الزيف‭ ‬والتلفيق،‭ ‬التي‭ ‬سرقت‭ ‬فلسطين‭ ‬أولاً‭ ‬وتريد‭ ‬سرقة‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬جغرافيا‭ ‬العرب‭! ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬يقابلها‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬فكري‭ ‬أو‭ ‬إعلامي‭ ‬أو‭ ‬سياسي،‭ ‬يوقف‭ ‬التطرف‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬عجلة‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬التي‭ ‬تقلب‭ ‬كل‭ ‬معادلات‭ ‬التاريخ‭ ‬والعقل‭ ‬والمنطق‭ ‬والسياسة‭! ‬بل‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬وكأنها‭ ‬مجرد‭ ‬تصريحات‭! ‬فيما‭ ‬الواقع‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬مرحلة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭! ‬وتصريحات‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬المستمرة‭ ‬والمتكررة‭ ‬لا‭ ‬تنسف‭ ‬فقط‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية‭ ‬والدولية،‭ ‬وإنما‭ ‬تضع‭ ‬مكانها‭ ‬معادلات‭ ‬استعمارية‭ ‬جديدة‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬والمطلوب‭ ‬هو‭ ‬الاعتراف‭ ‬العربي‭ ‬بها‭! ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬أي‭ ‬درك‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه؟‭! ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬محنة‭ ‬غزة‭ ‬ستصيب‭ ‬العرب‭ ‬كلهم‭ ‬ومتى؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا