العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

مقالات

حقيبة ذكريات دشتي

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

في‭ ‬قصيدة‭ (‬الصورة‭) ‬للشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬فهد‭ ‬عافت‭ ‬التقاطات‭ ‬جميلة‭ ‬تُوضّح‭ ‬أهمية‭ ‬الصور‭ ‬في‭ ‬اقتناص‭ ‬اللحظة‭ ‬وذكرياتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬إيقاف‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬الزمنية‭ ‬وحفظها‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬ملموسة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬بخيال‭ ‬الانسان‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬ليعيشها‭ ‬ويستذكر‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وصحبتها،‭ ‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬تقنية‭ ‬التصوير‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬التأثيرات‭ ‬الضوئية‭ ‬وانعكاساتها‭.‬

وقصيدة‭ (‬عافت‭) ‬باللهجة‭ ‬العامية‭ ‬الدارجة،‭ ‬وهي‭ ‬أجمل‭ ‬بكثير‭ ‬حين‭ ‬تستمع‭ ‬إليها‭ ‬بصوته،‭ ‬ولكني‭ ‬لأغراض‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬سأستعير‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬مقاطعها‭ ‬العذبة‭ ‬مكتوبة‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭: ‬

كانت‭ ‬الصورة‭ ‬جميله‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬طفل،

وخلفنا‭ ‬كانت‭ ‬مره‭ ‬تلبس‭ ‬عباه،‭ ‬وأطرف‭ ‬الصورة‭ ‬ولد‭ ‬يضحك‭ ‬صباه،

‭ ‬وقربنا‭ ‬حطّت‭ ‬حمامه،‭ ‬قربها‭ ‬حطّت‭ ‬حمامه

تذكرين‭ ‬اش‭ ‬كثر‭ ‬كانت‭ ‬أبسط‭ ‬الاشياء‭ ‬تثير‭ ‬الانتباه؟

وكان‭ ‬في‭ ‬الصورة،‭ ‬وهذا‭ ‬أجمل‭ ‬اللي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬

طباعك،‭ ‬نظرتك‭ ‬والشيطنة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬عيونك،‭ ‬جنونك‭ ‬واندفاعك،

بسمتك‭ ‬لمّا‭ ‬تطوقني‭ ‬ذراعك‭.‬

أذكر‭ ‬أنك‭ ‬قبل‭ ‬ندخل‭ ‬هذي‭ ‬الصورة‭ ‬بلحظه،‭ ‬

التفتيّ‭ ‬لي‭ ‬وقلتي‭: ‬قول‭ ‬احبك

قلت‭: ‬أخاف‭ ‬ليا‭ ‬تكلمت‭ ‬أحرم‭ ‬اذني‭ ‬من‭ ‬سماعك‭.‬

كانت‭ ‬الصورة‭ ‬جميله،

‭ ‬كنتي‭ ‬في‭ ‬أحلي‭ ‬نفانيفك،‭ ‬كأن‭ ‬الصبح‭ ‬ضيفك

‭ ‬أو‭ ‬كأنك‭ ‬من‭ ‬كثر‭ ‬ما‭ ‬كنتي‭ ‬إنتي،‭ ‬كنتي‭ ‬طيفك،

‭ ‬كنتي‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬مواعيدك‭ ‬وفا‭ ‬وكنت‭ ‬انا‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬ايديني‭ ‬دفا‭ ‬

كانت‭ ‬الصورة‭ ‬جميله‭ ... ‬وكان‭ ‬في‭ ‬الصوره‭ ‬طفل‭.‬

انتهت‭ ‬القصيدة،‭ ‬واثق‭ ‬بأن‭ ‬بعضكم‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصور‭ ‬الشعرية‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬الشاعر‭ ‬فهد‭ ‬عافت،‭ ‬التي‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تستحضر‭ ‬تفاصيل‭ ‬اللحظة‭ ‬برشاقة‭ ‬لنرسمها‭ ‬في‭ ‬خيالنا‭ ‬ونراها‭ ‬به‭. ‬

‭ ‬لذا‭ ‬وكما‭ ‬أسلفت،‭ ‬تلعب‭ ‬الصور‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فهي‭ ‬الحافظة‭ ‬للحظات‭ ‬والموثّقة‭ ‬للأحداث،‭ ‬وتُعدّ‭ ‬شكلاً‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬العناصر‭ ‬المساندة‭ ‬لدور‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬وتُسهم‭ ‬بشكل‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حرّية‭ ‬الاعلام‭ ‬والتي‭ ‬يُعد‭ ‬سقفها‭ ‬مؤشراً‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ديمقراطية‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬الديمقراطي‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬حديثي‭ ‬عن‭ ‬الصور‭ ‬قد‭ ‬استحضر‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬من‭ ‬يقرأني‭ ‬الآن‭ ‬اسماً‭ ‬معيناً‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬شخص‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المصورين‭ ‬الذين‭ ‬اعتاد‭ ‬عليهم،‭ ‬أما‭ ‬عنّي‭ ‬فإن‭ ‬المصور‭ ‬الخلوق‭ ‬جداً‭ (‬عبدالله‭ ‬دشتي‭) ‬كان‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬اختياري‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬حيث‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬التصوير‭ ‬شغفاً‭ ‬يمارسه‭ ‬لما‭ ‬يفوق‭ ‬الخمسين‭ ‬عاما،‭ ‬وكان‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتواجد‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكنه‭ ‬حضوره‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬والأدبية،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬صادف‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬فعاليات‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬واحدة،‭ ‬فإنه‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬حضورها‭ ‬جميعاً‭ ‬أو‭ ‬أكثرها‭ ‬بحسب‭ ‬الوقت‭ ‬ليلتقط‭ ‬الصور‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬ويتفنن‭ ‬في‭ ‬التقاط‭ ‬اللحظات‭ ‬الإبداعية‭ ‬بكل‭ ‬عفويتها‭ ‬وأريحيتها‭ ‬بصورة‭ ‬مباغتة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬أثرى‭ ‬المهتمين‭ ‬بجمع‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬التقطها‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬اشتغاله‭ ‬بهذا‭ ‬الشغف‭.‬

والجميل‭ ‬في‭ ‬دشتي‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬حاملاً‭ ‬حقيبته‭ ‬التي‭ ‬أسميتها‭ (‬حقيبة‭ ‬الذكريات‭) ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلم،‭ ‬وأنه‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬لقيك،‭ ‬لا‭ ‬يُغادرك‭ ‬وأنت‭ ‬خالي‭ ‬الوفاض،‭ ‬فدائماً‭ ‬ما‭ ‬يفاجئك‭ ‬بمجموعة‭ ‬صور‭ ‬التقطها‭ ‬قبل‭ ‬أوان،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬قريباً‭ ‬أو‭ ‬بعيدا،‭ ‬صور‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تُدهشك،‭ ‬إذ‭ ‬لك‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬وقع‭ ‬صورة‭ ‬تستلمها‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬لتوقعك‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وزحام‭ ‬الدهشة‭ ‬من‭ ‬إطلالتك‭ ‬ومن‭ ‬المكان‭ ‬ومن‭ ‬صحبة‭ ‬الصورة‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بعضهم‭ ‬فارقك‭ ‬في‭ ‬زحام‭ ‬الحياة،‭ ‬أو‭ ‬رحل‭ ‬عنها،‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬آخر‭ ‬أصبحت‭ ‬صورتهم‭ ‬مغايرة‭ ‬تماماً‭ ‬للمحبوسين‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬‭ ‬الصورة‭.‬

لذا،‭ ‬وللعمل‭ ‬الإنساني‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المصور‭ ‬البحريني‭ ‬عبدالله‭ ‬دشتي‭ ‬وبشكل‭ ‬مجاني‭ ‬للأفراد،‭ ‬ليس‭ ‬لأصدقائه‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬للجميع،‭ ‬دون‭ ‬تمييز،‭ ‬بصورة‭ ‬تركت‭ ‬بصمة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬التقتهم‭ ‬كاميرته‭ ‬من‭ ‬زائريها‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يحرص‭ ‬المصور‭ ‬على‭ ‬حضورها،‭ ‬فشكراً‭ ‬لذاكرة‭ ‬كاميرا‭ ‬هذا‭ ‬المصور‭ ‬البحريني‭ ‬الانسان‭ ‬الشغوف‭ ‬البشوش‭ ‬والخلوق‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا