العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

السرقة.. آفة اجتماعية خطيرة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

تقول‭ ‬كارولين‭ ‬أبراهام،‭ ‬مؤلفة‭ ‬كتاب‭ (‬عبقرية‭ ‬التملك‭.. ‬الأوديسة‭ ‬الغريبة‭ ‬لدماغ‭ ‬أينشتاين‭)‬،‭ ‬عندما‭ ‬توفى‭ ‬ألبرت‭ ‬آينشتاين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1955،‭ ‬قام‭ ‬الدكتور‭ ‬توماس‭ ‬ستولتز‭ ‬هارفي،‭ ‬بتشريح‭ ‬جثته‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬برينستون،‭ ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية،‭ ‬سرق‭ (‬مخ‭) ‬أينشتاين،‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬ثم‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬وقسمه‭ ‬إلى‭ ‬240‭ ‬قطعة‭ ‬وأرسل‭ ‬عينات‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬مختبرات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لدراستها‭.‬

صور‭ (‬هارفي‭) ‬مخ‭ ‬آينشتاين،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الزاويا‭ ‬الممكنة‭ ‬بعدما‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬محلول‭ ‬فورمالدهيد‭. ‬وعندما‭ ‬توفى‭ (‬هارفي‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬قامت‭ ‬عائلته‭ ‬بتصفية‭ ‬ممتلكاته‭. ‬وتم‭ ‬التبرع‭ ‬بالصور‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬مخ‭ ‬آينشتاين‭ ‬إلى‭ ‬المتحف‭ ‬الوطني‭ ‬للصحة‭ ‬والطب‭ ‬في‭ ‬سيلفر‭ ‬سبرينغز،‭ ‬بولاية‭ ‬ماريلاند‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬توماس‭ ‬هارفي‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬علماء‭ ‬آخرين‭ ‬لنشر‭ ‬ورقة‭ ‬عن‭ ‬نتائجهم‭ ‬حول‭ ‬أبحاثهم‭ ‬عن‭ ‬مخ‭ ‬آينشتاين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ووفقًا‭ ‬للكتاب‭ ‬فإنه‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬توماس‭ ‬هارفي‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬اسمًا‭ ‬لنفسه،‭ ‬لكن‭ ‬لسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬بسبب‭ ‬سرقته‭ ‬لمخ‭ ‬آينشتاين،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬كان‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬وظيفته‭ ‬وزوجته‭ ‬ووضعه‭ ‬كطبيب‭ ‬محترم‭ ‬تلقى‭ ‬تعليمه‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬برينستون‭.‬

كانت‭ ‬هذه‭ ‬السرقة‭ ‬من‭ ‬أغرب‭ ‬السرقات‭ ‬التي‭ ‬ذُكرت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬التي‭ ‬تؤرخ‭ ‬للسرقات‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فهناك‭ ‬سرقة‭ ‬غريبة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬تفكيك‭ ‬ونقل‭ ‬كنيسة‭ ‬قديمة‭ ‬عمرها‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬إذ‭ ‬تقول‭ ‬الرواية‭ ‬إنه‭ ‬‮ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬كنيسة‭ ‬كاتدرائية‭ (‬سانت‭ ‬يونان‭) ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬كوماروفو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1809‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تبعد‭ ‬حوالي‭ ‬186‭ ‬ميلاً‭ ‬من‭ ‬موسكو،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬تركها‭ ‬بالكامل‭ ‬مهجورة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السكان‭ ‬والحكومة،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الفرصة‭ ‬المثالية‭ ‬للصوص‭ ‬لتفكيك‭ ‬الكنيسة‭ ‬حجرًا‭ ‬حجرًا،‭ ‬وسرقتها،‭ ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬اللصوص‭ ‬جنوا‭ ‬أرباحًا‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬الرموز‭ ‬الدينية‭ ‬والهياكل‭ ‬الكنسية‭ ‬لعشاق‭ ‬التحف‭ ‬الفنية‭ ‬العتيقة‭.‬

هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬غريبة،‭ ‬فالقصة‭ ‬الأولى‭ ‬سجلت‭ ‬كسرقة‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬مال‭ ‬أو‭ ‬شيء‭ ‬عيني‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬ثروة،‭ ‬أو‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ثروة‭ ‬مالية،‭ ‬بخلاف‭ ‬القصة‭ ‬الثانية‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬فيها‭ ‬اللصوص‭ ‬ببيع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬بهدف‭ ‬جني‭ ‬المال،‭ ‬ولكن‭ ‬السرقة‭ ‬تبقى‭ ‬سرقة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬وبأي‭ ‬صورة‭ ‬حدثت،‭ ‬فنحن‭ ‬جميعًا‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تعني‭ ‬السرقة؟‭ ‬فهي‭ ‬تعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أخذ‭ ‬ممتلكات‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬موافقته‭ ‬بقصد‭ ‬حرمانه‭ ‬من‭ ‬مُلكه،‭ ‬وتعتبر‭ ‬السرقة‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬المراجع‭ ‬القانونية‭ ‬أحد‭ ‬المصطلحات‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الممتلكات‭ ‬الخاصة،‭ ‬مثل الاختلاس والنهب‭ ‬والسطو‭ ‬والاحتيال‭ ‬والاستيلاء،‭ ‬ويُسمى‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬السرقة‭ ‬باللص‭ ‬أو‭ ‬السارق‭. ‬والسرقة‭ ‬فعل‭ ‬مُجرَّم‭ ‬ومُخالف‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬الدول،‭ ‬ومن‭ ‬الجانب‭ ‬القانوني‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أركان،‭ ‬وهي‭: ‬الأخذ،‭ ‬والشيء المنقول،‭ ‬وآخذ‭ ‬ملك‭ ‬الغير،‭ ‬والقصد‭ ‬الجرمي‭. ‬فسرقة‭ ‬قلم‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬تُعد‭ ‬سرقة،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬شخص‭ ‬أكثر‭ ‬استحقاقا‭ ‬منك‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ابنك‭ ‬تُعد‭ ‬سرقة،‭ ‬وسرقة‭ ‬نجاح‭ ‬الآخرين‭ ‬سرقة،‭ ‬وتهميش‭ ‬وتطفيش‭ ‬الموظف‭ ‬حتى‭ ‬يترك‭ ‬وظيفته‭ ‬ويهرب‭ ‬منك‭ ‬تُعد‭ ‬سرقة،‭ ‬وكذلك‭ ‬سرقة‭ ‬أفكار‭ ‬الآخرين‭ ‬وجهودهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية،‭ ‬وسرقة‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬حتمًا‭ ‬سرقة،‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬يقوم‭ ‬المرء‭ ‬بتحويل‭ ‬عامل‭ ‬أو‭ ‬خادمة‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬الكفيل‭ ‬الأصلي‭ ‬إلى‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬علم‭ ‬الكفيل‭ ‬ورضاه‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬سرقة،‭ ‬وصور‭ ‬السرقة‭ ‬كثيرة‭ ‬جدًا،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬السرقة‭ ‬تُعد‭ ‬آفة‭ ‬من‭ ‬الآفات‭ ‬التي‭ ‬تنخر‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬مكافحتها‭ ‬وتحريمها،‭ ‬وذلك‭ ‬للأسباب‭ ‬التالية‭:‬

أولاً‭: ‬تأثيرات‭ ‬آفة‭ ‬السرقة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬التالية‭:‬

1‭. ‬تأثير‭ ‬اقتصادي؛‭ ‬السرقة‭ ‬تسبب‭ ‬خسائر‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬تؤدي‭ ‬سرقة‭ ‬الممتلكات‭ ‬إلى‭ ‬تكبد‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬خسائر‭ ‬مالية،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والاستثمارات،‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭.‬

2‭. ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار؛‭ ‬يعتقد‭ ‬السارق‭ ‬أنّ‭ ‬بسرقته‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬مجانًا،‭ ‬والحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬وجود‭ ‬خطأ‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المنتجات‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬أحدًا‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬دفع‭ ‬ثمنها،‭ ‬وعندما‭ ‬تكون‭ ‬السرقات‭ ‬متكررة‭ ‬أو‭ ‬كبيرة‭ ‬سترتفع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وسيزداد‭ ‬العبء‭ ‬الضريبي‭ ‬على‭ ‬المستهلك،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬سيدفع‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬يعوض‭ ‬الخسائر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسرقة‭.‬

3‭. ‬الشعور‭ ‬بعدم‭ ‬الأمان؛‭ ‬السرقة‭ ‬تخلق‭ ‬جوًا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الأمان‭ ‬والقلق‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬فعندما‭ ‬يصبح‭ ‬الناس‭ ‬معرضين‭ ‬للسرقة،‭ ‬يخشون‭ ‬على‭ ‬سلامتهم‭ ‬وممتلكاتهم،‭ ‬ويشعرون‭ ‬بعدم‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬بيئتهم‭ ‬اليومية‭.‬

4‭. ‬الانعكاس‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬والروابط‭ ‬الاجتماعية؛‭ ‬فالسرقة‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬إذ‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬التعاون‭ ‬والتفاعل‭ ‬المشترك‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬يشكون‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬آمنة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تتأثر‭ ‬الروابط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتعاون‭ ‬المجتمعي‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭.‬

5‭. ‬انتشار‭ ‬الأخلاق‭ ‬السيئة؛‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬السرقة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬يعني‭ ‬انتشار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‭ ‬الدنيئة؛‭ ‬إذ‭ ‬ترتبط‭ ‬السرقة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬السلبية،‭ ‬مثل‭: ‬قلة‭ ‬الاحترام،‭ ‬فعندما‭ ‬يأخذ‭ ‬السارق‭ ‬ما‭ ‬يُريد‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬المالك،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنّه‭ ‬قلّل‭ ‬من‭ ‬احترامه‭ ‬وقيمته،‭ ‬واعتبر‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬سرقه‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬أُخذ‭ ‬منه‭. ‬الطمع،‭ ‬حيث‭ ‬تنتج‭ ‬السرقة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬عن‭ ‬الطمع؛‭ ‬إذ‭ ‬يُشير‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬الأمن‭ ‬أنّ‭ ‬السارق‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يرَ‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعلم‭ ‬بوجوده‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجّح‭ ‬أن‭ ‬يسرق،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬السرقة‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحاجة‭ ‬بقدر‭ ‬ارتباطها‭ ‬بالطمع‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬الغير‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالآخر‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬صفات‭ ‬السارق؛‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالآخرين؛‭ ‬فالسرقة‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تضر‭ ‬بالمالك؛‭ ‬فتُقلّل‭ ‬من‭ ‬ربحه‭ ‬أو‭ ‬تحدّ‭ ‬من‭ ‬استخدامه‭ ‬للشيء‭ ‬أو‭ ‬استمتاعه‭ ‬به‭.‬

6‭. ‬الآثار‭ ‬النفسية؛‭ ‬يعاني‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬للسرقة‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬نفسية‭ ‬سلبية‭. ‬إذ‭ ‬يشعرون‭ ‬بالانتهاك‭ ‬الشخصي‭ ‬والاستغلال،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬صحتهم‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭. ‬وقد‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬والعزلة‭ ‬الاجتماعية‭.‬

7‭. ‬زيادة‭ ‬الجريمة‭ ‬والعنف؛‭ ‬كل‭ ‬الدراسات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السرقة‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬مستويات‭ ‬الجريمة‭ ‬والعنف‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬يتطور‭ ‬السارق‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬العنف‭ ‬وزيادة‭ ‬مستويات‭ ‬الجريمة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

8‭. ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬القانوني؛‭ ‬السرقة‭ ‬تضعف‭ ‬النظام‭ ‬القانوني‭ ‬وتستنزف‭ ‬موارده‭. ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬السرقة‭ ‬تخصيص‭ ‬موارد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬والقضاء‭ ‬والنظام‭ ‬القضائي،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬وضمان‭ ‬العدالة‭.‬

ثانيًا‭: ‬تأثيرات‭ ‬آفة‭ ‬السرقة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬

لا‭ ‬يقل‭ ‬تأثير‭ ‬السرقة‭ ‬على‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلاد‭ ‬عن‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬فكل‭ ‬الأمور‭ ‬مرتبطة‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يتأثر‭ ‬المجتمع‭ ‬يتأثر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وهكذا،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحلقات،‭ ‬لذلك‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التالية‭:‬

1‭. ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬مباشرة؛‭ ‬فالأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬يتكبدون‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬مباشرة‭ ‬نتيجة‭ ‬سرقة‭ ‬الممتلكات‭ ‬أو‭ ‬الأموال،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬العينية‭ ‬التي‭ ‬يعتقدها‭ ‬السارق‭ ‬أنها‭ ‬ممتلكات‭ ‬بسيطة،‭ ‬كقلم‭ ‬أو‭ ‬أوراق‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭.‬

2‭. ‬زيادة‭ ‬التكاليف‭ ‬الأمنية؛‭ ‬المؤسسات‭ ‬وكذلك‭ ‬الأفراد‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬إنفاق‭ ‬المزيد‭ ‬على‭ ‬تدابير‭ ‬الأمن‭ ‬والحماية‭ ‬لمنع‭ ‬السرقات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬التكاليف‭ ‬التشغيلية،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬فالكاميرات‭ ‬وأجهزة‭ ‬الإنذار‭ ‬تكلف‭ ‬المواطن‭ ‬مبالغ‭ ‬كبيرة‭.‬

3‭. ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية؛‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬للسرقة‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الوظائف‭ ‬وتقليل‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭.‬

4‭. ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الاستثمار؛‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬معدلات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬السرقة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬جاذبية‭ ‬للمستثمرين‭ ‬وكذلك‭ ‬المقيمين‭ ‬والسكان،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المحلي‭.‬

5‭. ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الثقة؛‭ ‬إن‭ ‬انخفاض‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتباطؤ‭ ‬النمو‭.‬

وهذا‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬فللسرقة‭ ‬آثار‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬وحتى‭ ‬فإنها‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬الاتيان‭ ‬به‭ ‬هنا‭.‬

ثالثًا‭: ‬الحلول‭ ‬المستدامة‭ ‬لمكافحة‭ ‬آفة‭ ‬السرقة

إن‭ ‬مكافحة‭ ‬السرقة‭ ‬تتطلب‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتدابير‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬معدلاتها،‭ ‬منها‭:‬

1‭. ‬التربية‭ ‬والتوعية‭ ‬والتثقيف؛‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬البشر‭ ‬بصورة‭ ‬مرضية‭ ‬إلا‭ ‬بالتربية‭ ‬الصحيحة‭ ‬والتوعية‭ ‬والتثقيف،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬السلوك‭ ‬وأهمية‭ ‬النزاهة‭ ‬والاحترام‭ ‬لحقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬ويمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملات‭ ‬توعوية‭ ‬وبرامج‭ ‬تثقيفية‭ ‬تستهدف‭ ‬مختلف‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬مثل‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭.‬

2‭. ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية؛‭ ‬إن‭ ‬التربية‭ ‬والتثقيف‭ ‬مهما‭ ‬كانا‭ ‬مهمين‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينهارا‭ ‬أمام‭ ‬الواقع‭ ‬المعيشي‭ ‬للإنسان،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للأفراد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬مثل‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬الكافية‭ ‬والعادلة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتقليل‭ ‬الفقر‭ ‬والتهميش‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الحاجة‭ ‬للسرقة‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتلبية‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭.‬

3‭. ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬وتشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون؛‭ ‬يجب‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬بصرامة‭ ‬لمكافحة‭ ‬السرقة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المرتكبين،‭ ‬وينبغي‭ ‬توفير‭ ‬آليات‭ ‬فعالة‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬بسرعة‭ ‬وعدالة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬للضحايا‭.‬

4‭. ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬والعلاج‭ ‬النفسي؛‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬للأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يمارسون‭ ‬السرقة‭ ‬أسباب‭ ‬وراء‭ ‬تصرفاتهم،‭ ‬مثل‭ ‬مشاكل‭ ‬نفسية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬والعلاج‭ ‬النفسي‭ ‬للأفراد‭ ‬المعنيين‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬المشكلات‭ ‬النفسية‭ ‬وتعزيز‭ ‬التأهيل‭ ‬وإعادة‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

5‭. ‬استخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة؛‭ ‬إن‭ ‬استخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬الأقفال‭ ‬الذكية‭ ‬وأنظمة‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬الأمن‭.‬

ختامًا،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬آفة‭ ‬السرقة‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬بالتعاون‭ ‬المجتمعي؛‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬تشجيع‭ ‬التعاون‭ ‬والتضامن‭ ‬المجتمعي‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬السرقة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬حماية‭ ‬الممتلكات‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

 

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا