الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
المساجد.. وحملة «مفحص قطاة»
بين فترة وأخرى نشهد كلاما وحديثا في الإعلام والمجالس، عن تراجع أوضاع بعض المساجد والجوامع، وحاجتها إلى الصيانة الدورية.. ولكن يجب أن يعلم الجميع بداية أنه صحيح أن كل المساجد والمصليات تتبع إدارة الأوقاف، ولكن بعضها لها أوقاف مخصصة، وبعضها لا وقف لها.. كما أن معظم «الجوامع» في البلاد تتبع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وليس كل «الجوامع» تتبع إدارة الأوقاف.. وتلك ازدواجية وتداخل لا أعرف سببها!! ولكني أعرف أن الدولة حريصة على رعاية بيوت الرحمن، ومؤخرا تم تدشين حملة «مفحص قطاة».
قد يكون الاسم غريبا نوعا ما وغير شائع.. وقد يتصور البعض من قراءة سريعة لعنوان الحملة أنها ذات صلة بعملية «فحص» السيارات، أو مكافحة ظاهرة «التفحيط» التي يقوم بها بعض الشباب المتهورين.. إلا أن الأمر متعلق بحملة أطلقتها إدارة الأوقاف السنية مؤخرا، بعنوان: «مفحص قطاة» بهدف جمع التبرعات لصيانة وترميم المساجد التي لا وقف لها، وستستمر على مدار العام.
كنت قد بحثت في عدد من الكتب والمراجع حول معنى كلمة «مفحص قطاة»، ووجدت الإعجاز اللغوي النبوي، في وصف المساهمة في بناء المسجد ولو بجزء قليل أشبه بالحمامة التي تجمع النباتات والحشائش لبناء عشها وحماية بيضها.
فعن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى مسجدًا لله كمَفْحَص قطاة، أو أصغر، بنى الله له بيتا في الجنة».. وهو حديث صحيح.. وتذكر كتب التفسير أن «مفحص القطاة» هو موضع بروك «القطاة» أو الدجاجة على بيضها، وهو مشتق من «الفحص» أي البحث، فالدجاجة تفحص في الأرض برجليها لتتخذ لنفسها مفحصاً تبرك فيه أو تبيض فيه.
والقطاة هي طائر كالحمام، ومفحصها هو الموضع الذي تُحشِّشُ فيه؛ أي تجمع الحشيش والنبات فيه؛ لتخيمه لها وتبيض فيه، أو أصغر من هذا الموضع، وخصّ «القطاة» بهذا لأنها لا تبيض على شجرة ولا على رأس جبل، بل إنما تجعل مفحصها على بسيط الأرض من دون سائر الطير، فلذلك شبّه به المسجد، ولأنها توصف بالصدق، فكأنه أشار بذلك إلى الإخلاص في بنائه، ولا ريب أنه لا يكفي مقداره للصلاة فيه، فهو محمول على المبالغة، أو هو على ظاهره بأن يزيد في المسجد قدرًا يحتاج إليه، تكون تلك الزيادة هذا القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد، فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر.
فضيلة الشيخ د. راشد الهاجري رئيس مجلس الأوقاف السنية أكد أن شعار الحملة يأتي امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من بنى مسجدًا لله كمفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة»، ومثنيًا على الرعاية المتواصلة التي تحظى بها المساجد طوال العام من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبدعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وفي شهر رمضان المبارك الماضي تابعنا تنفيذ الأمر الكريم لصاحب السمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بافتتاح وترميم وتأهيل 40 مسجدًا تابعًا لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية.. كما شهدنا الشراكة المجتمعية من أصحاب الخير والأسر الكريمة والمحسنين للاهتمام بالمساجد في جميع المحافظات.
حاليا تم تدشين الحملة في بعض المجمعات التجارية عبر التبرع الالكتروني، ومن المتوقع أن تنطلق الحملة وتتواصل مع كافة القطاعات والهيئات والمؤسسات، وأفراد المجتمع، بهدف ترميم المساجد التي لا وقف لها، وغرس ثقافة العطاء، وتعزيز الشراكة المجتمعية، مع الاستمرارية في الأجر وعمل الخير، وديمومة المحافظة على المساجد ودور العبادة.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك