العدد : ١٧١٩٧ - الأربعاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٧ - الأربعاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

نصيحة «ريغان».. والرسوم الجمركية

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضجة‭ ‬المثارة‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الصين‭ ‬بشأن‭ ‬صناعة‭ ‬الماركات‭ ‬و‮«‬البراندات‮»‬‭ ‬الأصلية‭ ‬العالمية،‭ ‬بأنها‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬صينية‮»‬،‭ ‬تستفيد‭ ‬منها‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتبيع‭ ‬منتجاتها‭ ‬للعالم‭ ‬بأسعار‭ ‬باهظة‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬فضلت‭ ‬الصمت‭ ‬وعدم‭ ‬التعليق،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تزداد‭ ‬دائرة‭ ‬كشف‭ ‬الأسرار،‭ ‬وتتضرر‭ ‬مصالح‭ ‬الشركات،‭ ‬وحصر‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬والتجاذبات‭ ‬السياسية‭.‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬الصين‭ ‬مقابل‭ ‬صمت‭ ‬الشركات،‭ ‬انتشر‭ ‬مؤخرا‭ ‬خطاب‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬رونالد‭ ‬ريغان‮»‬‭ ‬حول‭ ‬آثار‭ ‬وتداعيات‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬قابلته‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬بالصمت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى،‭ ‬وربما‭ ‬جعلت‭ ‬رئيس‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬يقوم‭ ‬بالتعقيب‭ ‬والرد‭ ‬واحتواء‭ ‬الموضوع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬لتحرير‭ ‬تجارتها‭ ‬وخفض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬ومؤكداً‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تفادي‭ ‬فرض‭ ‬ضرائب‭ ‬مضادة‭ ‬على‭ ‬وارداتها،‭ ‬وتدعم‭ ‬مسار‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬التوترات‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭!‬

في‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬رونالد‭ ‬ريغان‮»‬‭ ‬قراراً‭ ‬بفرض‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المنتجات‭ ‬اليابانية‭ ‬التي‭ ‬تستوردها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وخرج‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬إعلامي‭ ‬ليؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سيجتمع‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الياباني‭ ‬لسرعة‭ ‬إزالة‭ ‬العوائق‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وإلغاء‭ ‬قراره‭. ‬

وقال‭ ‬ريغان‭ ‬في‭ ‬خطابه‭: ‬‮«‬إن‭ ‬التزامنا‭ ‬بالتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬هو‭ ‬أيضاً‭ ‬التزام‭ ‬بالتجارة‭ ‬العادلة،‭ ‬لكن،‭ ‬وكما‭ ‬تعلمون،‭ ‬فإننا‭ ‬عندما‭ ‬فرضنا‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نحاول‭ ‬إشعال‭ ‬حرب‭ ‬تجارية،‭ ‬بل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مشكلة‭ ‬محددة‭.. ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يقترح‭ ‬أحدهم‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬وطني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حماية‭ ‬المنتجات‭ ‬والوظائف‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬ينجح‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬فقط‮»‬‭.‬

ولكن،‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬التالي؛‭ ‬تبدأ‭ ‬الصناعات‭ ‬المحلية‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الحماية‭ ‬الحكومية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة،‭ ‬فتتوقف‭ ‬عن‭ ‬المنافسة،‭ ‬وتتوقف‭ ‬عن‭ ‬إدخال‭ ‬التحسينات‭ ‬الإدارية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬المبتكرة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.. ‬وأثناء‭ ‬حدوث‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭: ‬تؤدي‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة‭ ‬بشكل‭ ‬حتمي‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬انتقامية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية،‭ ‬واندلاع‭ ‬حروب‭ ‬تجارية‭ ‬شرسة،‭ ‬والنتيجة‭ ‬هي‭ ‬فرض‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الرسوم،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الحواجز‭ ‬التجارية‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬وتراجع‭ ‬المنافسة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬مصطنع‭ ‬نتيجة‭ ‬الرسوم‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬الكفاءة‭ ‬الضعيفة‭ ‬وسوء‭ ‬الإدارة،‭ ‬إلى‭ ‬توقف‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬الشراء،‭ ‬ثم‭ ‬يحدث‭ ‬الأسوأ‭: ‬تنكمش‭ ‬الأسواق‭ ‬وتنهار؛‭ ‬تُغلق‭ ‬الشركات‭ ‬والصناعات؛‭ ‬ويفقد‭ ‬ملايين‭ ‬الناس‭ ‬وظائفهم‮»‬‭. ‬ولفت‭ ‬ريغان‭ ‬إلى‭ ‬تأثر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬سلباً‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بقرارات‭ ‬مماثلة،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬حريصاً‭ ‬حين‭ ‬تولى‭ ‬الرئاسة‭ ‬على‭ ‬تجنيب‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تشريعات‭ ‬الحماية‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تُدمّر‭ ‬الازدهار‭.‬

تلك‭ ‬كانت‭ ‬رؤية‭ ‬ونصيحة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬رونالد‭ ‬ريغان‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يسمعها‭ ‬ويلتزم‭ ‬بها‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬اليوم‭.. ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬أحد‭ ‬الصحفيين‭ ‬ينشر‭ ‬مقالا‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تواجه‭ ‬اليوم‭ ‬اختباراً‭ ‬وطنياً‭ ‬جديداً‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬محطات‭ ‬مفصلية‭ ‬مرّت‭ ‬بها‭ ‬سابقاً،‭ ‬مثل‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬والكساد‭ ‬الكبير‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬نفسه‭.. ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اليوم‭.. ‬تخريب‭ ‬لمشروع‭ ‬وطني‭ ‬بأكمله،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬هو‭ ‬اختبار‭ ‬لقدرتنا‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬عظمة‭ ‬أمريكا‭.. ‬من‭ ‬رئيسها‮»‬‭!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا