الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
نصيحة «ريغان».. والرسوم الجمركية
على الرغم من الضجة المثارة في إعلان الصين بشأن صناعة الماركات و«البراندات» الأصلية العالمية، بأنها صناعة «صينية»، تستفيد منها الشركات الكبرى، وتبيع منتجاتها للعالم بأسعار باهظة.. إلا أن تلك الشركات فضلت الصمت وعدم التعليق، كي لا تزداد دائرة كشف الأسرار، وتتضرر مصالح الشركات، وحصر الموضوع في سياق الحرب التجارية والتجاذبات السياسية.
وعلى غرار ما كشفت عنه الصين مقابل صمت الشركات، انتشر مؤخرا خطاب للرئيس الأمريكي السابق «رونالد ريغان» حول آثار وتداعيات فرض الرسوم الجمركية، قابلته الإدارة الأمريكية الحالية بالصمت هي الأخرى، وربما جعلت رئيس البنك الدولي يقوم بالتعقيب والرد واحتواء الموضوع، من خلال دعوته إلى الدول النامية لتحرير تجارتها وخفض الرسوم الجمركية، ومؤكداً أن هذه الخطوة قد تسهم في تفادي فرض ضرائب مضادة على وارداتها، وتدعم مسار النمو الاقتصادي، وذلك في ظل تنامي التوترات التجارية العالمية!
في أبريل عام 1987 أصدر الرئيس الأمريكي السابق «رونالد ريغان» قراراً بفرض الرسوم على بعض المنتجات اليابانية التي تستوردها الولايات المتحدة، وخرج في خطاب إعلامي ليؤكد أنه سيجتمع مع رئيس الوزراء الياباني لسرعة إزالة العوائق التجارية بين البلدين، وإلغاء قراره.
وقال ريغان في خطابه: «إن التزامنا بالتجارة الحرة هو أيضاً التزام بالتجارة العادلة، لكن، وكما تعلمون، فإننا عندما فرضنا هذه الرسوم لم نكن نحاول إشعال حرب تجارية، بل التعامل مع مشكلة محددة.. مؤكدا أنه عندما يقترح أحدهم فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية، يبدو وكأنه يقوم بعمل وطني من خلال حماية المنتجات والوظائف الأمريكية، وأن ذلك قد ينجح لفترة قصيرة فقط».
ولكن، ما يحدث في النهاية هو التالي؛ تبدأ الصناعات المحلية بالاعتماد على الحماية الحكومية المتمثلة في الرسوم الجمركية المرتفعة، فتتوقف عن المنافسة، وتتوقف عن إدخال التحسينات الإدارية والتكنولوجية المبتكرة التي تحتاج إليها للنجاح في الأسواق العالمية.. وأثناء حدوث كل هذا، يحدث ما هو أسوأ: تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة بشكل حتمي إلى إجراءات انتقامية من قبل الدول الأجنبية، واندلاع حروب تجارية شرسة، والنتيجة هي فرض المزيد والمزيد من الرسوم، وارتفاع الحواجز التجارية أكثر فأكثر، وتراجع المنافسة بشكل متزايد.
وسرعان ما يؤدي ارتفاع الأسعار بشكل مصطنع نتيجة الرسوم التي تدعم الكفاءة الضعيفة وسوء الإدارة، إلى توقف الناس عن الشراء، ثم يحدث الأسوأ: تنكمش الأسواق وتنهار؛ تُغلق الشركات والصناعات؛ ويفقد ملايين الناس وظائفهم». ولفت ريغان إلى تأثر الاقتصاد الأمريكي سلباً خلال ثلاثينيات القرن الماضي بقرارات مماثلة، ما جعله حريصاً حين تولى الرئاسة على تجنيب الشعب الأمريكي تشريعات الحماية التجارية التي تُدمّر الازدهار.
تلك كانت رؤية ونصيحة الرئيس الأمريكي السابق «رونالد ريغان»، التي لم ولن يسمعها ويلتزم بها البيت الأبيض اليوم.. ما جعل أحد الصحفيين ينشر مقالا الأسبوع الماضي في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أشار فيه إلى أن «الولايات المتحدة تواجه اليوم اختباراً وطنياً جديداً لا يقل خطورة عن محطات مفصلية مرّت بها سابقاً، مثل الحرب الأهلية، والكساد الكبير وغيرهما، وأن هذا التحدي اليوم لا يأتي من الخارج، بل من داخل البيت الأبيض نفسه.. وأن ما يجري في الولايات المتحدة اليوم.. تخريب لمشروع وطني بأكمله، فإن هذا الظرف هو اختبار لقدرتنا على الدفاع عن عظمة أمريكا.. من رئيسها»!
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك