العدد : ١٧١٩٣ - السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٣ - السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

غزة وحسابات نتنياهو الداخلية والجيوسياسية في المنطقة

بقلم: د. رمزي بارود {

الخميس ١٧ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

يواصل‭ ‬ائتلاف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬والقوى‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تدعمه‭ ‬التضحية‭ ‬بأرواح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية،‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬شنيعة‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬السياسي‭.‬

إن‭ ‬التاريخ‭ ‬الإجرامي‭ ‬لوزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬تجسد‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬المأساوية‭.‬

فقد‭ ‬انضم‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬إلى‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬الحكومي‭ ‬عقب‭ ‬انتخابات‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬وظل‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬سيجبره‭ ‬على‭ ‬الرحيل‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬قتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتدمير‭ ‬مدنهم‭ ‬مستمرا،‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬القارب‭ ‬ــ‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬هو‭ ‬ولا‭ ‬نتنياهو‭ ‬كان‭ ‬لديهما‭ ‬أي‭ ‬خطة‭ ‬حقيقية‭ ‬‮«‬لليوم‭ ‬التالي‮»‬،‭ ‬بخلاف‭ ‬تنفيذ‭ ‬بعض‭ ‬أبشع‭ ‬المجازر‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

في‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬غادر‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬الحكومة‭ ‬فورًا‭ ‬عقب‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬كثيرون‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يصمد‭ ‬طويلا‭. ‬إن‭ ‬عدم‭ ‬ثقة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انهيار‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬تمامًا،‭ ‬جعلا‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتطبيق‭.‬

عاد‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬إلى‭ ‬المنصب‭ ‬الوزاري‭ ‬الذي‭ ‬يشغله‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬عندما‭ ‬استؤنفت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬تغريدة‭ ‬يوم‭ ‬عودته‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬عدنا‭ ‬بكل‭ ‬قوتنا‭ ‬وبأسنا‭!‬‮»‬‭.‬

تفتقر‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بالفلسطينيين‭. ‬وبينما‭ ‬يعمق‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬معاناةً‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬تفعله‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬أخرى‭ ‬بسكان‭ ‬مدنيين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث،‭ ‬تستمر‭ ‬الحرب‭ ‬لأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يرفضون‭ ‬الاستسلام‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يدرك‭ ‬المخططون‭ ‬العسكريون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬نصر‭ ‬عسكري‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنًا‭. ‬وقد‭ ‬انضم‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬السابق‭ ‬موشيه‭ ‬ياعلون‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬المتزايد،‭ ‬حيث‭ ‬صرّح‭ ‬خلال‭ ‬مقابلة‭ ‬أجريت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الانتقام‭ ‬ليس‭ ‬خطة‭ ‬حرب‮»‬‭.‬

إن‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬الذين‭ ‬يدعمون‭ ‬انتهاك‭ ‬نتنياهو‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬استئناف‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬يدركون‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬صراع‭ ‬سياسي‭ ‬بالكامل‭ ‬تقريباً،‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إبقاء‭ ‬شخصيات‭ ‬مثل‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬المتطرف‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬في‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬استمرار‭ ‬للسياسة‭ ‬بوسائل‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬افترض‭ ‬الجنرال‭ ‬البروسي‭ ‬كارل‭ ‬فون‭ ‬كلاوزفيتز‭ ‬ذات‭ ‬مرة،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬السياسة‮»‬‭ ‬وراء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬بإسرائيل‭ ‬كدولة‭ ‬بل‭ ‬بالبقاء‭ ‬السياسي‭ ‬لنتنياهو‭ ‬نفسه‭.‬

إن‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬يضحي‭ ‬بالأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يفعل‭ ‬وزراؤه‭ ‬المتطرفون‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬دعمهم‭ ‬بين‭ ‬الدوائر‭ ‬الانتخابية‭ ‬اليمينية‭ ‬والدينية‭ ‬والقومية‭ ‬المتطرفة‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تعكس‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية،‭ ‬والحرب‭ ‬الإيديولوجية،‭ ‬والصراع‭ ‬الطبقي‭ ‬‭ ‬يمتد‭ ‬ويتوسع‭ ‬نطاقه‭ ‬ليشمل‭ ‬لاعبين‭ ‬سياسيين‭ ‬آخرين‭ ‬أيضاً‭.‬

تدعم‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إسرائيل‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬تلقته‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بريطانيا‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬التزامها‭ ‬تجاه‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬رغم‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬وستمنستر،‭ ‬متمسكةً‭ ‬بذلك‭ ‬بارتباط‭ ‬مصالحها‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬متجاهلةً‭ ‬رغبات‭ ‬شعبها‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬ألمانيا‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالذنب‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬جرائمها‭ ‬الماضية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتظاهر‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتصرف‭ ‬بطرق‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬المعلنة‭.‬

هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يعكس‭ ‬عالم‭ ‬جورج‭ ‬أورويل‭ ‬البائس‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬1984‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تُشن‭ ‬حرب‭ ‬أبدية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬افتراضات‭ ‬ساخرة‭ ‬وكاذبة،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬السلام‭... ‬والحرية‭ ‬هي‭ ‬العبودية‭... ‬والجهل‭ ‬هو‭ ‬القوة‮»‬‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬تنعكس‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬اليوم،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬قتامة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تستبدل‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬السلام‮»‬‭ ‬بـ«الأمن‮»‬،‭ ‬وتسعى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬جاهدةً‭ ‬للهيمنة‭ ‬و‮«‬الاستقرار‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تواصل‭ ‬أوروبا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الديمقراطية‮»‬‭.‬

هناك‭ ‬فرقٌ‭ ‬رئيسيٌّ‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬أيٍّ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الدول‭ ‬العظمى‮»‬‭. ‬فهم‭ ‬يُعاملون‭ ‬كمجرد‭ ‬قطع‭ ‬في‭ ‬رقعة‭ ‬شطرنج‭ ‬جيوسياسية،‭ ‬ويتم‭ ‬استغلال‭ ‬موتهم‭ ‬وتحملهم‭ ‬للظلم‭ ‬لخلق‭ ‬وهم‭ ‬‮«‬الصراع‮»‬‭ ‬وتبرير‭ ‬استمرار‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭.‬

تُغطي‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬مقتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‭ ‬الذين‭ ‬تجاوز‭ ‬عددهم‭ ‬الآن‭ ‬50‭ ‬ألفًا‭ ‬‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬نادرًا‭ ‬ما‭ ‬تُشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬حربًا‭ ‬بالمعنى‭ ‬التقليدي،‭ ‬بل‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬تُنفذها‭ ‬وتُمولها‭ ‬وتدافع‭ ‬عنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬والقوى‭ ‬الغربية‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬محلية‭. ‬يواصل‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬المقاومة‭ ‬لأنها‭ ‬خيارهم‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الدمار‭ ‬والإبادة‭ ‬الشاملة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حرب‭ ‬نتنياهو‭ ‬ليست‭ ‬مستدامة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الأورويلي‭ (‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬جورج‭ ‬أورويل‭) ‬أيضًا‭. ‬فلكي‭ ‬تكون‭ ‬مستدامة،‭ ‬ستحتاج‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬موارد‭ ‬اقتصادية‭ ‬هائلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬توفيره،‭ ‬رغم‭ ‬سخاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ستحتاج‭ ‬أيضًا‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬إمداد‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬من‭ ‬الجنود،‭ ‬لكن‭ ‬التقارير‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬جنود‭ ‬الاحتياط‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لا‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يسعى‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬إدامة‭ ‬الحرب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬نطاقها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُغيّر‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬بطرق‭ ‬لا‭ ‬يفهمها‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬ولا‭ ‬حلفاؤهم‭ ‬تمامًا‭.‬

وإدراكًا‭ ‬منهم‭ ‬لذلك،‭ ‬اجتمع‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬لاقتراح‭ ‬بديل‭ ‬لخطة‭ ‬نتنياهو‭ ‬‭ ‬ترامب‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتخذوا‭ ‬بعدُ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬جادة‭ ‬لمحاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬منذ‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭.‬

يتعين‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬يصعد‭ ‬موقفه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬التصريحات،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قد‭ ‬يشهد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬تحالف‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬المتطرفين‭ ‬فترة‭ ‬أطول‭ ‬قليلا‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للغرب،‭ ‬فإن‭ ‬أزمته‭ ‬المتفاقمة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تناقضاته‭ ‬الأخلاقية‭. ‬يُجسّد‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬التفكير‭ ‬المزدوج‮»‬‭ ‬لأورويل‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بمعتقدين‭ ‬متناقضين‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬واحد‭ ‬وقبول‭ ‬كليهما‭. ‬تدّعي‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬دعم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بينما‭ ‬تدعم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬تُحلّ‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة،‭ ‬سيظل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يعاني‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا