الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
وزير المالية.. الصخرة في مواجهة الأمواج
في ساحة التحديات الاقتصادية، هناك رجال يتركون بصمة لا تمحى، ويقفون بثبات أمام الأمواج العاتية التي تواجه أوطانهم.. في مملكة البحرين، يبرز اسم معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني، كأحد هؤلاء الرجال.. صخرة تتكسر عليها التحديات المالية، مواجهاً تلك التحديات برؤية واضحة، وخطة محكمة، وإرادة صلبة.
«هذا الشبل من ذاك الأسد».. ليس غريباً أن يكون معالي الشيخ سلمان في مقدمة الصفوف، فهو ابن معالي الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، الرجل الذي كان أحد أعمدة الحكومة البحرينية من مناصبه الوزارية، كوزير في حكومة مملكة البحرين، وصاحب رؤية استباقية سبقت عصرها.. كانت له بصمات واضحة في رسم ملامح الاقتصاد البحريني. ومن أبرز مبادراته التاريخية برنامج تدريب 10,000 شاب بحريني، وهي المبادرة التي مهدت الطريق لآلاف الفرص الوظيفية، ووفرت حياة كريمة للعديد من العائلات البحرينية.. هذه الرؤية كانت استثماراً في الإنسان البحريني، وهو النهج الذي استكمله ابنه الشيخ سلمان عندما تبوأ منصب وزير المالية والاقتصاد الوطني.
بعد رحيل والده، تحمل الشيخ سلمان مسؤولياته مبكراً، وسلك طريق التعليم والتطوير، حتى تخرج بشهادات علمية مرموقة أهلته لخوض غمار سوق العمل.. اختار أن يبدأ مسيرته بعيداً عن الوظائف الحكومية، فدخل عالم القطاع المالي والاستثمار الدولي، ووصل إلى مناصب قيادية في أحد البنوك الدولية، حيث أدار استثمارات بمليارات الدولارات، وحقق نجاحات كبيرة.. لكن الحس الوطني لديه كان أقوى من أي مغريات مهنية، فعاد إلى البحرين ليكون جزءًا من فريق البحرين الأكبر، مساهماً في قيادة العمل الحكومي، وشغل منصب مدير عام مكتب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حيث لعب دوراً محورياً في دعم المبادرات الاقتصادية، ثم شارك في وضع خطة خفض المصاريف الحكومية في 2015، تحت شعار «الحكومة تبدأ بنفسها»، وهي الخطة التي نجحت في تقليل النفقات الإدارية وزيادة الإيرادات غير النفطية.
عندما تبوأ الشيخ سلمان منصب وزير المالية والاقتصاد الوطني في 2018، كانت البحرين تواجه تحديات مالية كبيرة. لكنه لم يتردد في اتخاذ قرارات جريئة، فكان إطلاق برنامج التوازن المالي بالتعاون مع الفريق الحكومي ودعم من السلطة التشريعية، وهو البرنامج الذي بدأ يؤتي ثماره سريعاً، حيث حققت البحرين تقدماً ملموساً نحو الاستدامة المالية، وكانت على وشك تحقيق فائض مالي بعد عامين فقط من إطلاقه.. إلا أن جائحة «كورونا» جاءت لتعصف بالاقتصاد العالمي، وتؤثر بشكل مباشر على الإيرادات النفطية وغير النفطية، ما استدعى تمديد البرنامج حتى عام 2024. وعلى الرغم من ذلك، نجح البرنامج في تحقيق فائض أولي، وفي نفس الوقت حافظ الاقتصاد على نموه، وهو مؤشر على نجاح السياسات الاقتصادية التي يقودها الشيخ سلمان.
واليوم، تتعامل البحرين مع ملف خدمة الدين العام، وهو أحد أكبر البنود في المصروفات السنوية، إضافة إلى الدعم الحكومي والرواتب.. في هذا الإطار، كان الشيخ سلمان واضحاً وصريحاً مع مجلسي النواب والشورى، مؤكداً أن حماية المواطن البحريني وذوي الدخل المحدود هي الأولوية القصوى.
أحد أبرز الإصلاحات التي يدافع عنها الوزير هو توجيه الدعم إلى مستحقيه، ما يعني وقف دعم السلع الشامل للجميع بمن فيهم المقيمون، لكنه في الوقت ذاته سيزيد الدعم المباشر للمواطنين، وبالأخص ذوي الدخل المحدود، ما يضمن عدم المساس برواتب المواطنين، ويحافظ على استقرار الدينار البحريني، وبالتالي تجنب التضخم وارتفاع الأسعار.. كما يعمل على إيجاد مصادر تمويل جديدة، وتنويع الإيرادات غير النفطية، عبر آليات مبتكرة تشمل إيرادات على الشركات وإجراءات متوازنة، تضمن عدالة توزيع الأعباء من دون التأثير على الفئات الأكثر حاجة.
«الصخرة التي تتحطم عليها التحديات المالية».. لا شك أن الشيخ سلمان ليس وحده في هذه المعركة، فهو يحظى بدعم كبير من أربعين نائباً في مجلس النواب.. أصبحوا يطلقون عليه في العديد من الجلسات أنه النائب الحادي والأربعون، وهو ما يعكس مدى تعاونه معهم، إضافة إلى أعضاء مجلس الشورى، مما يعكس قناعة أعضاء السلطة التشريعية بضرورة مواصلة الإصلاحات المالية.
وبصفتي كاتبا صحفيا لا أعمل في الحكومة.. فإنني أرى من واجبي قول الحقيقة كما هي: نحن أمام وقت صعب، ومعركة مالية واقتصادية يجب أن ننتصر فيها جميعاً، كلٌ من موقعه، سواء كان موظفاً حكومياً أو في القطاع الخاص، تاجراً أو صاحب دخل محدود.. البحرين بحاجة إلى تكاتف الجميع لتحقيق الاستدامة المالية، وتجاوز التحديات، لتبقى على الدوام نموذجاً للنجاح الاقتصادي، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، ومتابعة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
«خاتمة.. البحرين دائماً أقوى».. التحديات ليست جديدة على البحرين، لكنها دائماً تخرج أقوى من الأزمات، بفضل مواطنيها الأوفياء، وإيمانهم بضرورة العمل المشترك لتحقيق مستقبل اقتصادي مستدام. ومع قيادة مالية مهنية وشجاعة، فإننا على ثقة بأن البحرين ستواصل النجاح، وتبقى شامخة رغم الأمواج.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك