في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلب وعدم اليقين، أصبح من الضروري وضع استراتيجيات استباقية قادرة على تحفيز الاستثمارات وتقليل الأعباء التي قد تعرقل تدفق رؤوس الأموال. أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول اليوم هو تأثير الضرائب العامة على استدامة الاستثمارات، خصوصاً في فترات الضغط الاقتصادي وتذبذب الأسواق. لذلك، فإن تبني استراتيجيات ذكية لتقليص هذا العبء يشكّل خطوة ضرورية لتعزيز استقرار البيئة الاستثمارية ورفع جاذبية الاقتصاد الوطني.
من بين الأدوات الفعالة التي يمكن توظيفها، هو سن تشريعات قانونية مرنة تسمح بتعديل السياسات الضريبية بما يتناسب مع ظروف المرحلة وتطورات الأسواق العالمية. هذا يشمل تمكين الجهات الاقتصادية من إعادة تقييم نسب الضرائب المفروضة على قطاعات معينة، وتوفير إعفاءات أو تخفيضات مشروطة تهدف إلى حماية الاستثمارات الحيوية، لا سيما تلك المرتبطة بالتكنولوجيا، الصناعة، والطاقة المتجددة.
كما يمكن للبحرين دراسة إنشاء صندوق استثماري سيادي مرن، يُستخدم عند الضرورة كأداة تدخل ذكية في الأسواق، سواء من خلال دعم السيولة في القطاعات الحيوية أو من خلال توجيه استثماراته إلى أدوات تحوّطية مثل الذهب، والذي يعتبر ملاذًا آمنًا في فترات عدم اليقين. وجود هذا الصندوق يمنح الدولة مساحة في تجنب الصعوبات المالية بعيدًا عن الضغوط الضريبية، ويمنح المستثمرين شعورًا بالثقة في استقرار البيئة الاقتصادية.
من جهة أخرى، فإن التفاوض الاستراتيجي على تقليل الضرائب الجمركية على الواردات يشكّل مسارًا موازيًا لدعم الأسواق المحلية وضمان استمرار تدفق المواد الأساسية بأسعار معقولة. ويمكن تشكيل فريق عمل وطني متخصص، يتم تدريبه على أعلى مستويات الاحترافية في التفاوض التجاري، وتكليفه بإعادة النظر في الاتفاقيات الجمركية الحالية مع الشركاء التجاريين، بهدف تحسين الشروط التي تعزز من استدامة الاقتصاد وتقليل الضغوط التضخمية.
ويتطلب نجاح هذه الاستراتيجيات وجود قيادة رشيدة تمتلك من الحكمة والرؤية ما يكفي لإدارة الأزمات بفعالية. وهنا، لا بد من الإشادة بقيادة جلالة الملك المعظم، وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في تقديم نموذج استثنائي في إدارة التحديات الاقتصادية بروح المبادرة والاستباقية، ما منح البحرين مرونة عالية وقدرة على تحويل الأزمات إلى فرص للتطوير والبناء.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك