العدد : ١٧١٩٢ - الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٢ - الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سوريا الجديدة وتحدي النجاح في إدارة التنوع!

بقلم: د. عبدالمنعم سعيد

الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

عنوان‭ ‬المقال‭ ‬منقول‭ ‬عن‭ ‬عنوان‭ ‬محاضرة‭ ‬ألقيتها‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بتاريخ‭ ‬23‭ ‬إبريل‭ ‬2017‭. ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬وجوه‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬مذابح‭ ‬ضحاياها‭ ‬بمئات‭ ‬الألوف،‭ ‬أما‭ ‬النازحون‭ ‬فيها‭ ‬فكانوا‭ ‬بالملايين‭. ‬

سوريا‭ ‬وقتها‭ ‬كانت‭ ‬المثال‭ ‬الذي‭ ‬يتدفق‭ ‬منها‭ ‬اللاجئون‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬وعابرا‭ ‬للحدود‭ ‬إلى‭ ‬تركيا،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬خالقة‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية،‭ ‬وعاكسة‭ ‬لفشل‭ ‬تاريخي‭ ‬للساسة‭ ‬والجماعات‭ ‬السياسية‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الوطنية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬التعدديات‭ ‬العرقية‭ ‬والمذهبية‭ ‬والدينية‭ ‬واللغوية‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬إلى‭ ‬مقدمة‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬الباكستاني‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬القارية‭.‬

‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬والسودان‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬الفكر‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬وطنية‭ ‬الدولة‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬منه‭. ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬العام‭ ‬1994‭ ‬صدور‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬الملل‭ ‬والنحل‭ ‬والأعراق‮»‬‭ ‬ومعه‭ ‬حدثت‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬حقوق‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬مايو‭ ‬1994‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭.‬

‭ ‬لم‭ ‬يقدر‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الانعقاد‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الداعين‭ ‬له‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬لعقد‭ ‬المؤتمر‭. ‬كانت‭ ‬العاصفة‭ ‬قد‭ ‬قامت،‭ ‬وانقلبت‭ ‬الدنيا‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬واستنكرت‭ ‬طوائف‭ ‬أن‭ ‬توصف‭ ‬بالأقلية،‭ ‬وصدرت‭ ‬بيانات‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬مؤامرات‭ ‬أجنبية‭.‬

‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬تعرضوا‭ ‬لمسألة‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬العرقية‭ ‬أو‭ ‬الدينية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنها‭ ‬سمة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬وقدر‭ ‬أن‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭. ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬شهده‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وفتن‭ ‬داخلية‭ ‬ومن‭ ‬إراقة‭ ‬دماء‭ ‬والحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬كان‭ ‬سببه‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬الأقليات‭ ‬وقمعهم‭ ‬بما‭ ‬وصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيماوية‭.‬

ما‭ ‬ألح‭ ‬بالذكرى‭ ‬والمحاضرة‭ ‬الماضية‭ ‬والكتاب‭ ‬‮«‬العمدة‮»‬‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬مؤخرا‭ ‬ودفعت‭ ‬السلطة‭ ‬السورية‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬دامية‭ ‬مع‭ ‬الأقلية‭ ‬العلوية‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض،‭ ‬وجماعات‭ ‬من‭ ‬مؤيديها‭ ‬المعبرين‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬السابقة‭ ‬لبشار‭ ‬الأسد‭ ‬ووالده‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬عندما‭ ‬امتد‭ ‬عمر‭ ‬هيمنة‭ ‬الأقلية‭ ‬إلى‭ ‬54‭ ‬عاما‭. ‬

وفقا‭ ‬لبعض‭ ‬التقديرات،‭ ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬تجاوز‭ ‬الألف،‭ ‬وما‭ ‬بدا‭ ‬أنه‭ ‬تمرد‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬القائمة‭ ‬بعد‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬فتح‭ ‬الشام‮»‬‭ ‬في‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالسلطة‭ ‬السابقة،‭ ‬ومعاونيها‭ ‬عندما‭ ‬جرى‭ ‬حل‭ ‬الجيش‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬السوري،‭ ‬ومساعديها‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني،‭ ‬فإنه‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬التنوع‮»‬‭ ‬الأصلية‭.‬

‭ ‬ولحسن‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬اختارت‭ ‬طريق‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الواقعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قضاة‭ ‬محايدين‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬عليهم‭ ‬مواجهة‭ ‬السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬تحدثت‭ ‬عنه‭ ‬منذ‭ ‬دخول‭ ‬دمشق‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وما‭ ‬ذكرته‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تستوعب‭ ‬جميع‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الدولة؟‭! ‬

المعضلة‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬جوهرها‭ ‬استيعاب‭ ‬الجميع‭ ‬وإدارة‭ ‬التنوع‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬فإنها‭ ‬دائما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬قائمة‭ ‬تستطيع‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخروج‭ ‬عليها‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬اللازم‭ ‬للدولة‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أداة‭ ‬الدولة‭ - ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬الجديد‭- ‬قام‭ ‬على‭ ‬مجمع‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬حركات‭ ‬جهادية‭ ‬أخرى‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والشيشان‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬ومثلهم‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭.‬

سوف‭ ‬نترك‭ ‬الأمر‭ ‬السوري‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيقات،‭ ‬وإلى‭ ‬الرئيس‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يقصر‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬استيعاب‭ ‬جميع‭ ‬الطوائف‭ ‬السورية‭ ‬على‭ ‬كثرتها‭ ‬وتنوعها،‭ ‬وفيما‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬اللاذقية‭ ‬أنه‭ ‬حقق‭ ‬نجاحا‭ ‬في‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬لاستيعاب‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‭ (‬قسد‭) ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭. ‬

ولكن‭ ‬المهمة‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬التحقيقات،‭ ‬وإنما‭ ‬مواجهة‭ ‬الجذور‭ ‬الحقيقية‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬منعه‭ ‬من‭ ‬الحدوث‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬والحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عشرات‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬اختفاء‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬وهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحكام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والأنظمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬يجري‭ ‬ذكرها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬لسان‭. ‬

ولكنْ‭ ‬هناك‭ ‬سبب‭ ‬لا‭ ‬يذكر‭ ‬كثيرا،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يريدون‭ ‬الحرية‭ ‬يصمتون‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بحرية‭ ‬الآخرين‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬متعلقة‭ ‬بالحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬وبعده‭ ‬حرية‭ ‬الاعتقاد،‭ ‬وحرية‭ ‬التنوع‭ ‬والاختيار،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يضعون‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬يكفل‭ ‬هذه‭ ‬الحريات‭. ‬

فالحقيقة‭ ‬الثابتة‭ ‬طوال‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنساني‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬في‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬مذهب‭ ‬أو‭ ‬طريقة‭ ‬سياسية‭ -‬أي‭ ‬أيديولوجية‭- ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬ذاتية‭ ‬تخص‭ ‬الإنسان‭ ‬وتاريخه‭ ‬وما‭ ‬يحقق‭ ‬له‭ ‬السلام‭ ‬الداخلي‭. ‬وليس‭ ‬معروفا‭ ‬أبدا‭ ‬لماذا‭ ‬أصبح‭ ‬المسلمون‭ ‬مسلمين،‭ ‬والبوذيون‭ ‬بوذيين،‭ ‬ولماذا‭ ‬انقسم‭ ‬المسلمون‭ ‬إلى‭ ‬طوائف‭ ‬ومذاهب‭ ‬وانقسم‭ ‬المسيحيون‭ ‬إلى‭ ‬بروتستانت‭ ‬وكاثوليك‭ ‬وفرق‭ ‬ومذاهب‭ ‬تحاربت‭ ‬مئات‭ ‬الأعوام‭. ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬التفسير‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬جعل‭ ‬البشر‭ ‬شعوبا‭ ‬وقبائل‭ ‬متنوعة‭ ‬ومتعددة‭ ‬حتى‭ ‬تتعارف‭ ‬وتتبادل‭ ‬الأفكار،‭ ‬وإلا‭ ‬لكانت‭ ‬الإنسانية‭ ‬طبعة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭ ‬أو‭ ‬الشياطين‭.‬

وفي‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬تكرر‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬عندما‭ ‬اقترب‭ ‬الأمر‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬العقيدة،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬اقترب‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬عرقية‭ ‬مختلفة‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬اشتركت‭ ‬مع‭ ‬الغالبية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الدين‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المذهب‭. ‬وعندما‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬يقاتل‭ ‬الأكراد‭ ‬صمتت‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬صمتا‭ ‬رهيبا،‭ ‬وكان‭ ‬وراء‭ ‬المسألة‭ ‬كلها‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬قومي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬الإمبريالية،‭ ‬أو‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الانفصال‭ ‬الكردي،‭ ‬فيتفتت‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬الجميع‭ ‬موحدا‭. ‬

وما‭ ‬انطبق‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬انطبق‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬فقد‭ ‬حدثت‭ ‬مواجهات‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬وغرب‭ ‬السودان،‭ ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬مسيحية‭ ‬أو‭ ‬سنية‭ ‬أيضا‭. ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬الاختلافات‭ ‬بين‭ ‬المكونات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬اوجدت‭ ‬الصراعات،‭ ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬واليمن‭.‬

هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المعاملة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنا‭ ‬القبول‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وقد‭ ‬مرت‭ ‬شعوب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭. ‬فقد‭ ‬حاول‭ ‬الأمريكيون‭ ‬دمج‭ ‬واستيعاب‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬ومن‭ ‬بعدهم‭ ‬السود‭ ‬بشكل‭ ‬قسري‭ ‬أحيانا،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬التجاهل‭ ‬أحيانا‭ ‬أخرى‭. ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الألمان‭ ‬يحاولون‭ ‬مع‭ ‬الطائفة‭ ‬التركية‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وسبقتها‭ ‬تجارب‭ ‬سابقة‭ ‬للماليزيين‭ ‬تجاه‭ ‬الأقلية‭ ‬الصينية،‭ ‬وادعى‭ ‬الصرب‭ ‬دوما‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬للأقلية‭ ‬حتى‭ ‬قامت‭ ‬الأقلية‭ ‬المسلمة‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بقوات‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬لمهاجمة‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الفوز‭ ‬بدولة‭ ‬يتمتعون‭ ‬فيها‭ ‬بالمساواة‭. ‬وأصبح‭ ‬نفس‭ ‬الموضوع‭ ‬مطروحا‭ ‬بإلحاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬فإما‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المكونات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬أو‭ ‬حدوث‭ ‬شروخ‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬قد‭ ‬تقودها‭ ‬إلى‭ ‬أزمات‭ ‬ومواجهة‭ ‬سيناريو‭ ‬التقسيم‭.‬

{ كاتب‭ ‬ومفكر‭ ‬سياسي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا