العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

قلب الإنسان وصدمة الاكتشاف!

{‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬أفَلَمْ‭ ‬يَسِيرُوا‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬فَتَكُونَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬قُلُوبٌ‭ ‬يَعْقِلُونَ‭ ‬بِهَا‭ ‬أَوْ‭ ‬آذَانٌ‭ ‬يَسْمَعُونَ‭ ‬بِهَا‭ ‬فَإِنَّهَا‭ ‬لَا‭ ‬تَعْمَى‭ ‬الْأَبْصَارُ‭ ‬وَلَكِن‭ ‬تَعْمَى‭ ‬الْقُلُوبُ‭ ‬الَّتِي‭ ‬فِي‭ ‬الصُّدُورِ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الحج‭ ‬الآية‭ ‬46‭.‬

هذه‭ ‬الآية‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الآيات‭ ‬الأخرى‭ ‬تؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬القلب‭ ‬كمركز‭ ‬للتعقل‭ ‬والتفكير‭ ‬والبصيرة‭ ‬منذ‭ ‬1400‭ ‬عام‭! ‬وكان‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬توصيف‭ ‬مجازي،‭ ‬وهم‭ ‬يقارنون‭ ‬كلام‭ ‬الله‭ ‬ببعض‭ ‬‮«‬النظريات‭ ‬العلمية‮»‬‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭ ‬لتكون‭ ‬حقائق‭ ‬علمية،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬العلم‭ ‬نفسه‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬كلام‭ ‬القرآن‭!‬

{‭ ‬فقد‭ ‬توصل‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬صدم‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬الطبي‮»‬‭ ‬بالتأكيد‭ ‬والمجتمع‭ ‬العلمي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭! (‬ما‭ ‬وجدوه‭ ‬كان‭ ‬شبكة‭ ‬عصبية‭ ‬داخل‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان،‭ ‬اكتشفوا‭ ‬حوالي‭ ‬40000‭ ‬خلية‭ ‬متخصصة‭)!‬

تُسمى‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا‭ ‬‮«‬الأعصاب‭ ‬الحسية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬تشبه‭ ‬الخلايا‭ ‬العصبية‭ ‬في‭ ‬الدماغ،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬القلب‭! ‬تفكر‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الدماغ‭ ‬البشري،‭ ‬تشعر‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الدماغ‭ ‬البشري،‭ ‬تستشعر‭ ‬وتتذكر‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الدماغ‭ ‬البشري‭!‬

التفكير‭ ‬والذاكرة‭ ‬مستقلان‭ ‬في‭ ‬القلب‭! ‬للقلب‭ ‬لغة‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭! ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬دائمًا‭ ‬بالكلمات‭ ‬لكن‭ ‬الدماغ‭ ‬يتلقى‭ ‬تعليمات‭ ‬تخبره‭ ‬بما‭ ‬يجب‭ ‬عليه‭ ‬فعله‭ ‬من‭ ‬القلب‭! ‬القلب‭ ‬يُرسل‭ ‬تلك‭ ‬التعليمات‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬شعورنا‭ ‬تجاه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولنا،‭ ‬وهذه‭ ‬الإدراكات‭ ‬تمرّ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فلترة‭ ‬تجاربنا‭ ‬الشخصية‭! ‬فجأة‭ ‬يصبح‭ ‬القلب‭ ‬مركز‭ ‬الاهتمام،‭ ‬لأننا‭ ‬نعلم‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬القلب‭ ‬يخبر‭ ‬الدماغ‭ ‬بكيفية‭ ‬تنظيم‭ ‬الجسم،‭ ‬هذا‭ ‬أولاً‭. ‬وثانيًا‭: ‬القلب‭ ‬وهذه‭ ‬الشبكة‭ ‬العصبية‭ ‬هي‭ ‬المفتاح‭ ‬فيما‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬ذكاء‭ ‬القلب‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬القلب‭ ‬لديه‭ ‬ذاكرة‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الدماغ‭ ‬القحفي‮»‬،‭ ‬يشعر‭ ‬ويتذكر‭ ‬ويفكر‭ ‬ويستشعر‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الدماغ،‭ ‬والآن‭ ‬عندما‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬نسير‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬ونتنقل‭ ‬بين‭ ‬هذين‭ ‬العالمين‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬ولا‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬الأمر،‭ ‬لأن‭ ‬معظمنا‭ ‬بارعون‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭! ‬نحن‭ ‬باستمرار‭ ‬نقوم‭ ‬بهذه‭ ‬الرقصة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬العصبية‭ ‬للقلب‭ ‬والشبكة‭ ‬العصبية‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭).‬

جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تعليق‭ ‬علمي‭ ‬على‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الجديد‭!‬

{‭ ‬الموقنون‭ ‬بعلم‭ ‬الله‭ ‬وكتابه‭ ‬المحكم‭ ‬يدركون‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تناقض‭ ‬بين‭ ‬القرآن‭ ‬و«الحقائق‮»‬‭ ‬العلمية‭ ‬الثابتة،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحقائق‭ ‬‮«‬النظريات‭ ‬العلمية‮»‬‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬حيزّ‭ ‬الافتراض‭ ‬والاحتمال‭ ‬وليس‭ ‬الحقائق،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬‮«‬الوهم‭ ‬العلمي‮»‬‭ ‬بل‭ ‬وربما‭ ‬‮«‬الزيف‭ ‬العلمي‮»‬‭ ‬لأغراض‭ ‬تخص‭ ‬محتكري‭ ‬بعض‭ ‬العلوم‭! ‬منها‭ ‬‮«‬العلوم‭ ‬الكونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تُشرف‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬الكون‭ ‬وبداية‭ ‬تشكله‭ ‬وماهيته‭ ‬وشكله‭! ‬وحقيقة‭ ‬الأرض‭ ‬باعتبارها‭ ‬كوكبًا‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬العلوم‭ ‬القديمة‭ ‬والتأكيدات‭ ‬القرآنية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬هي‭ ‬المركز‭! ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬علوم‭ ‬قديمة‭ ‬كثيرة‭ ‬تم‭ ‬دثرها،‭ ‬وفيها‭ ‬آيات‭ ‬واضحة،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬الوهم‭ ‬العلمي‮»‬‭ ‬لأغراض‭ ‬خاصة‭ ‬بمنتجي‭ ‬هذا‭ ‬الوهم،‭ ‬روجوّا‭ ‬النظريات‭ ‬باعتبارها‭ ‬حقائق‭ ‬علمية،‭ ‬وحيث‭ ‬هناك‭ ‬لغط‭ ‬كبير‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العلمي‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬وحول‭ ‬الخديعة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العلوم،‭ ‬وربما‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬أو‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭ ‬ستتكشف‭ ‬الحقائق،‭ ‬التي‭ ‬بدورها‭ ‬ستؤكد‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬حول‭ ‬الكون،‭ ‬وحقيقة‭ ‬الخلق،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬أرضا‭ ‬وسماوات،‭ ‬بما‭ ‬يتنافى‭ ‬حاليًا‭ ‬مع‭ ‬النظريات‭ ‬وليس‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭! ‬ولنا‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬ربما‭ ‬وقفة‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬تفصيلاً‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬يؤكد‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬القلب‭ ‬هو‭ ‬‮«‬المركز‮»‬‭ ‬وأنه‭ ‬مستقل‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬العقل،‭ ‬وأن‭ ‬الرهان‭ ‬هو‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬القلب‭ (‬إلا‭ ‬من‭ ‬أتى‭ ‬الله‭ ‬بقلب‭ ‬سليم‭)! ‬فإن‭ ‬العلم‭ ‬لم‭ ‬يكتشف‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭! ‬فيما‭ ‬المؤمنون‭ ‬يدركون‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الأزمان،‭ ‬ويوّلون‭ ‬في‭ ‬معارفهم‭ ‬الروحية‭ ‬للكون‭ ‬وللحياة‭ ‬وللإنسان‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬المعارف‭ ‬القلبية‮»‬،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬تعمق‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ليكونوا‭ ‬من‭ ‬الراسخين‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬والمقصود‭ ‬هنا‭ ‬العلم‭ ‬الإلهي‭!‬

{‭ ‬الحياة‭ ‬والإنسان‭ ‬والاعجاز‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مُلغزة‭ ‬وحيرة‭ ‬لأصحاب‭ ‬‮«‬العلم‭ ‬التجريبي‮»‬،‭ ‬ولكنها‭ ‬بمثابة‭ ‬الحقائق‭ ‬المعرفية‭ ‬لمن‭ ‬يوقن‭ ‬بالله‭ ‬وكلامه‭ ‬وما‭ ‬فصله‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬المحكم‭! ‬لتكون‭ ‬المعارف‭ ‬الروحية‭ ‬مفتاحًا‭ ‬متاحًا‭ ‬لحلّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الألغاز‭ ‬العلمية،‭ ‬لو‭ ‬تفكرّ‭ ‬أصحابها‭ ‬بقلوبهم،‭ ‬وأدركوا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العلوم‭ ‬المادية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬كل‭ ‬الإجابات،‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭! ‬وأن‭ ‬العقل‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬خديعة‭ ‬كبرى‭!‬

{‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬العارفين‭ ‬والمتأملين‭ ‬في‭ ‬حكمة‭ ‬الخلق‭ ‬والحياة‭ ‬والإنسان‭ ‬مقولة‭ (‬اتبع‭ ‬قلبك‭)! ‬لأن‭ ‬القلب‭ ‬هو‭ ‬المركز‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬يُملي‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬كيفية‭ ‬تنظيم‭ ‬الجسد‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الاكتشاف،‭ ‬وإنما‭ ‬تنظيم‭ ‬الروح‭ ‬والمعارف‭ ‬الروحية،‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬والشبكة‭ ‬العصبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬إدراجه‭ ‬في‭ ‬‮«‬ذكاء‭ ‬القلب‮»‬‭!‬

والقلب‭ ‬هو‭ ‬وسيلة‭ ‬الصلة‭ ‬أيضًا‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬المادة‭ ‬وعالم‭ ‬الغيب،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬الفكر‭ ‬وعالم‭ ‬الروح،‭ ‬وبين‭ ‬الفيزيقي‭ ‬والميتافيزيقي،‭ ‬أو‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وما‭ ‬وراء‭ ‬عالم‭ ‬المادة‭! ‬فالقلب‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬الروح‭!‬

إنه‭ ‬القلب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬‮«‬العلم‭ ‬التجريبي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬المادي‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬مضخة‭ ‬للدم‭ ‬وغيره،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬فقط،‭ ‬وباكتشاف‭ ‬علمي،‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬للقلب‭ ‬أبعادًا‭ ‬كثيرة‭! ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اكتشافها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬بعد‭! ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬يَجُبُّ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداه‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا