زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
.. وقاومت الفتنة في لندن
عملت في تلفزيون بي بي سي في لندن، على أمل ان يصيبني ما أصاب حبيبي الطيب صالح - رحمه الله - من مجد أدبي، فقد عمل في إذاعة بي بي سي (هنا لندن) سنين عددا، كسب خلالها معارف أعانته على تأليف أعماله الروائية الخالدة، ومن بينها «عرس الزين» و«موسم الهجرة إلى الشمال»، ولكنني تنازلت عن طموح المجد الأدبي، واضطررت إلى مغادرة لندن بسبب تحرش بنات بريطانيا بي، وعلى رأسهم الراحلة الأميرة ديانا سبنسر بي، فرغم أنها كانت متزوجة بولي عهد بريطانيا وقتها، إلا أنها كانت كلما وجدتني جالسا أمام التلفزيون، تلاحقني بنظراتها وابتساماتها بدلا من ان تنظر إلى المذيع الذي كان يحاورها! وحدث ذات مرة في مبنى البي بي سي في وايت سيتي في منطقة شبردس بوش وبها سوق شعبي معظم زبائنه من العرب، وبه «تجار سودانيون»، يبيعون البلاوي التي فتكت بأمعاء السودانيين مثل الشطة القبانيت (أثيوبية المنبت) والدكوة (هذه هي الاسم الغرب إفريقي لزبدة الفول السوداني). المهم، حدث أن دخلت المصعد الكهربائي وكان به نفر من الخواجات، وفي الطابق الثاني ركبت معنا عارضة الأزياء نيومي كامبل (التي جعلناها نعومي). وبالخواجات ولع شديد بالمشاهير، وأحس من كانوا بالمصعد أنهم وبركوب بنت كامبل معهم شهدوا ليلة القدر، وطفح البشر على وجوههم، ومن دون الخلق الذين كانوا معنا، وقفت قبالتي وحيتني: هاي، وغمزت لي بعينيها الكبيرتين، فنظر من كانوا معنا إلي بإعجاب باعتبار انني دخلت التاريخ، وربما قالوا: الجنس على الجنس رحمة، باعتبار ان تلك الولية سوداء مثل «الشاب» الذي خصته بالتحية! وفي أحد الطوابق خلا المصعد من الجميع وبقينا انا وكامبل وهي لا تزال تبتسم، وأدركت انها تتحايل لـ«تفتح موضوعا معي»، ربما على أمل أن تستدرج الشيطان ليكون ثالثنا، فقد كان باديا على تضاريس وجهها أنها لم تستطع مقاومة الفتنة، فخشيت أن تفتح الموضوع، أو تتحرش بي على المكشوف، وأن أضطر إلى «كسر خاطرها» بحكم أنني من عائلة محافظة، فضغطت على زر المصعد وأوقفته في طابق لم اكن اقصده وخرجت من المصعد دفاعا عن شرفي!.
ليس قصدي هنا التباهي واستعراض جاذبيتي، فتلك مسائل محسومة ومفروغ منها، ولكن الكلام جاب الكلام، فقد كان لي صديق فلسطيني يقرأ مقالاتي في «أخبار الخليج» بانتظام، وقد استوقفني قبل يومين او ثلاثة وصاح: يا زلمي ذبحتنا بجزيرة بدين. لو كان فيها خير كنت طفشت منها وجيت الخليج؟ يستر عرضك ارحل منها لحتة تانيي «تانية»! وكان بذلك يعرب عن ضيقه بهذه السلسلة من المقالات، وبصراحة فإنني أحرص على أن «أعمل ألف حساب» لصديقي الفلسطيني ذاك لأنه «نحس» فقد ولد عام 1948 مع مقتل فلسطين، في قرية عرّابة التي يقال ان أبا لهب مدفون فيها، وأكمل دراسته الثانوية في سنة 1967 وهي السنة التي طارت فيها الضفة الغربية، وحطت في جيب اسرائيل، وبعد أن تلطش في عدد من الدول العربية ذهب إلى باكستان ليلتحق بإحدى جامعاتها في أول السبعينيات فانفصلت باكستان الشرقية وقامت دولة بنغلاديش، ويوم وصوله إلى لندن للعمل معنا في البي بي سي استأنف الثوار الايرلنديون تفجيراتهم ونسفوا عمارة في منطقة الدوكلاندس. وخلال عمله في أبو ظبي، كان كلما حاور مسؤولا كبيرا، طار من وظيفته، وذات مرة خاطب وزير الاعلام في دولة خليجية بشأن إجراء لقاء معه ولكن الوزير قال: الله يخليك.. بعدني ما شبعت من الوزارة، شوف غيري من اللي طولوا في الحكومة.
وفي هذه الأيام يحرص صاحبي الفلسطيني ذاك أن يذكرني بين الحين والحين وفي ضوء العنف الصهيوني الأهوج الذي يعصف بالأرواح والممتلكات في قطاع غزة، بقوله: أنا مو غزاوي، فلا ترمي بلاوي النحس نتنياهو عليّ.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك