العدد : ١٧١٧١ - الجمعة ٢٨ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧١ - الجمعة ٢٨ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

استراتيجية ترامب التجارية هل تضعف النفوذ الأمريكي عالميا؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

لم‭ ‬تكن‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬مجرد‭ ‬استئناف‭ ‬لسياساته‭ ‬الحمائية،‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية،‭ ‬وضوابط‭ ‬تجارية‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬الواردات،‭ ‬بل‭ ‬رافقها‭ ‬تحذيرات‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬اقتصاديين،‭ ‬بينهم‭ ‬مديرة‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬‮«‬كريستالينا‭ ‬جورجيفا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬العالمية‭.‬

وفي‭ ‬12‭ ‬مارس،‭ ‬دخلت‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬شاملة‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألومنيوم‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مصدرها،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬أو‭ ‬خصومها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬إليزابيث‭ ‬بوخوالد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬جزء‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬لفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تصحيح‭ ‬الاختلالات‭ ‬التجارية،‭ ‬وإنعاش‭ ‬الصناعة‭ ‬المحلية‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬تشاد‭ ‬باون‮»‬،‭ ‬و«دوغلاس‭ ‬إروين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تُعد‭ ‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬هوسه‭ ‬بسياسة‭ ‬الضغط‭ ‬الاقتصادي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬المالية‭ ‬والسياسية،‭ ‬واعتبرا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬‮«‬ستقوض‭ ‬أهدافه‭ ‬الاقتصادية‮»‬‭. ‬

وتم‭ ‬تقييم‭ ‬الردود‭ ‬السريعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالزيادة‭ ‬في‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الأسهم‭ ‬في‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‮»‬،‭ ‬كعوامل‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬توقعات‭ ‬دخول‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الركود،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬ككل‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬وثّق‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬ترامب،‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية،‭ ‬‮«‬يتجه‭ ‬مجددًا‭ ‬نحو‭ ‬فرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬عدوانية»؛‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬اقتصادية‭ ‬وجيوسياسية‭ ‬أوسع،‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الصيني،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الهيمنة‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬كندا‭ ‬والمكسيك،‭ ‬وحتى‭ ‬محاولته‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬جزيرة‭ ‬جرينلاند‭ ‬من‭ ‬الدنمارك،‭ ‬الدولة‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الناتو‭.‬

ووفقًا‭ ‬لـ«نيكولاس‭ ‬مولدر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كورنيل‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬محاولة‭ ‬لاستغلال‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬غير‭ ‬المستغلة‮»‬‭ ‬للضغط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬حلفائها‭ ‬وجيرانها،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬‮«‬مسعى‭ ‬الجمهوريين‭ ‬لتفكيك‭ ‬التحالفات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬نفوذ‭ ‬أمريكي‭ ‬أحادي،‭ ‬يمنحها‭ ‬سيطرة‭ ‬مطلقة‭ ‬في‭ ‬تعاملاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬بشكل‭ ‬فردي‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تُعد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬السلع‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مثل‭ ‬كندا،‭ ‬والمكسيك،‭ ‬والدنمارك،‭ ‬‮«‬أهدافًا‭ ‬مغرية‮»‬‭ ‬لما‭ ‬يصفه‭ ‬البعض‭ ‬بـ«الابتزاز‭ ‬الاقتصادي‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬

ومنذ‭ ‬يومه‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوي،‭ ‬أطلق‭ ‬ترامب‭ ‬تهديدات‭ ‬واسعة‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المنافسين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬للمنتجين‭ ‬الأمريكيين‭. ‬وفي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فبراير،‭ ‬وقع‭ ‬أمرًا‭ ‬تنفيذيًا‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬المكسيك‭ ‬وكندا،‭ ‬و10%‭ ‬على‭ ‬الصين‭. ‬ورغم‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬تعليق‭ ‬مؤقت‭ ‬مدة‭ ‬30‭ ‬يومًا‭ ‬مقابل‭ ‬التزامات‭ ‬من‭ ‬جيرانه‭ ‬بشأن‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬ومكافحة‭ ‬تهريب‭ ‬المخدرات،‭ ‬وتمديده‭ ‬شهرًا‭ ‬آخر‭ ‬عند‭ ‬دخولها‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬فبراير،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إدارته‭ ‬رفعت‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬20%‭.‬

واستمرارًا‭ ‬لتهديداته،‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬عزمه‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألومنيوم‭ ‬من‭ ‬كندا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬تصريحاته‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه،‭ ‬لكنه‭ ‬تعهد‭ ‬بـ‮«‬الإغلاق‭ ‬الدائم‮»‬‭ ‬لصناعة‭ ‬السيارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الجارة‭ ‬الشمالية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تخفض‭ ‬الحكومة‭ ‬الكندية‭ ‬رسومها‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬الأمريكية‭. ‬

وأشار‭ ‬‮«‬باون‮»‬،‭ ‬و«إروين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والفوضى‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬أكبر‭ ‬شركاء‭ ‬واشنطن‭ ‬التجاريين‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقديرات‭ ‬‮«‬سيمون‭ ‬إيفينيت‮»‬،‭ ‬و‮«‬يوهانس‭ ‬فريتز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬سانت‭ ‬جالن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬شاملة‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألومنيوم،‭ ‬وإلغاء‭ ‬الإعفاءات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قدمتها‭ ‬إدارته‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬الواردات‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بمقدار‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬150‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬باون‮»‬،‭ ‬و«إروين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬‮«‬تهديد‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة‭ ‬وسيلة‭ ‬للمساومة‭ ‬لإجبار‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬رسومها‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المتضررة‭ ‬استجابت‭ ‬سريعًا‭ ‬بفرض‭ ‬حواجز‭ ‬تجارية‭ ‬صارمة،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬عزمها‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬أمريكية‭ ‬بقيمة‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬تشمل‭ ‬بالأساس‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭. ‬ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬مولدر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬‮«‬الروابط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬الوثيقة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للاستجابة‭ ‬للتهديدات‭ ‬والضغوط»؛‭ ‬بسبب‭ ‬تقديرها‭ ‬لأهمية‭ ‬علاقاتها‭ ‬العميقة‭ ‬معها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أثبت‭ ‬عكس‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬للضغوط‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬متوقعًا‭.‬

وردًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بالرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬‮«‬غير‭ ‬المبررة‮»‬‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬المعادن‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬نيته‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬أبريل‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50%‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬المصنعة‭ ‬في‭ ‬أمريكا؛‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الكحول،‭ ‬والملابس‭ ‬والدرجات‭ ‬النارية،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تقديرية‭ ‬تبلغ‭ ‬4.5‭ ‬مليارات‭ ‬يورو،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مستحضرات‭ ‬التجميل‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والمنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬بقيمة‭ ‬إضافية‭ ‬تبلغ‭ ‬18‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭. ‬كما‭ ‬فرضت‭ ‬‮«‬كندا‮»‬،‭ ‬رسومًا‭ ‬جمركية‭ ‬متبادلة‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بينما‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الخيارات‭ ‬مطروحة‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬القيود‭ ‬التجارية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬رغم‭ ‬تفضيله‭ ‬‮«‬نهجًا‭ ‬عمليًا‮»‬‭ ‬لتأمين‭ ‬إعفاءات‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬كامبل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬آر‭ ‬يو‭ ‬جروب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المستفيدين‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬الصلب‭ ‬والألومنيوم،‭ ‬هم‭ ‬المنتجون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬لهذه‭ ‬المعادن‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬باون‮»‬،‭ ‬و«إروين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السياسة‭ ‬المتقطعة‮»‬،‭ ‬لفرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬‮«‬غير‭ ‬فعالة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬إليها،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسواق‭ ‬الأسهم‭ ‬العالمية‭ ‬تفاعلت‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬مع‭ ‬تهديداته‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة،‭ ‬وأوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الأسواق‭ ‬‮«‬تذبذبت‮»‬‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬مارس،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬مؤشر‭ ‬ستاندرد‭ ‬آند‭ ‬بورز‭ ‬500‭ ‬بنسبة‭ ‬10%،‭ ‬مقارنة‭ ‬بمستواه‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬فبراير‭ ‬2025‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬صرح‭ ‬بنك‭ ‬‮«‬يو‭ ‬بي‭ ‬إس‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة،‭ ‬نتوقع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬والضعف‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الأسهم‮»‬‭. ‬وسُجل‭ ‬هذا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬ظل‭ ‬التضخم‭ ‬مرتفعًا‭ ‬منذ‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬يناير‭. ‬وتوقع‭ ‬بنك‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬مورغان‮»‬،‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬30%‭ ‬إلى‭ ‬40%،‭ ‬كما‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬زاندي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬موديز‭ ‬أناليتيكس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬هذا‭ ‬الركود‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬من‭ ‬15%‭ ‬إلى‭ ‬35%‭..‬

ووفقًا‭ ‬لتقييم‭ ‬‮«‬تارا‭ ‬سنكلير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬نهج‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الحالي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فرض‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية،‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خلق‭ ‬معاناة،‭ ‬ثم‭ ‬رؤية‭ ‬ما‭ ‬سيحدث،‭ ‬وبعدها‭ ‬معالجة‭ ‬النتائج‮»‬‭. ‬وانتقد‭ ‬‮«‬جاريد‭ ‬بيرنشتاين‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬الأمريكيين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ومستشاريه‭ ‬‮«‬ورثوا‭ ‬اقتصادًا‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الأقوى‭ ‬بين‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة،‭ ‬لكنهم‭ ‬أضاعوا‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬في‭ ‬ستة‭ ‬أسابيع‭ ‬فقط؛‭ ‬بسبب‭ ‬الفوضى‭ ‬السياسية‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬ثقة‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والمستهلكين‭ ‬في‭ ‬ثبات‭ ‬قوة‭ ‬السوق‭ ‬الأمريكي‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التأثيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مولدر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬سياسات‭ ‬ضغط‭ ‬اقتصادية‭ ‬قسرية‭ ‬على‭ ‬حلفائه‭ ‬لزيادة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬وسوقه‭ ‬وعملته؛‭ ‬لكنه،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ستنجح‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬الثنائية‭. ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬الاتجاه‭ ‬العالمي‭ ‬نحو‭ ‬سياسات‭ ‬تجارية‭ ‬أكثر‭ ‬حمائية‭ ‬وتعددية‭ ‬الأقطاب،‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ستقبل‭ ‬بهذا‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مولدر‮»‬،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬التجارية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬المنافسين‭ ‬والحلفاء‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬تكلفة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬التجارة‭ ‬تشكل‭ ‬فقط‭ ‬24%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لأمريكا‭ (‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬النسب‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬73%،‭ ‬والمكسيك‭ ‬67%،‭ ‬والصين‭ ‬37%‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أقر‭ ‬بأنها‭ ‬فقدت‭ ‬تأثيرها‭ ‬التجاري‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعقود‭ ‬الماضية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬رسومًا‭ ‬جمركية‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬صادراتها‭ ‬إليها‭ ‬لديها‭ ‬خيارات‭ ‬بديلة‭ ‬لتجنب‭ ‬هذا‭ ‬الضغط،‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬ومجموعة‭ ‬البريكس‭. ‬

وبينما‭ ‬تخضع‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬لما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬بريان‭ ‬جاردنر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬‮«‬ستيفل‭ ‬للاستثمار‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬المرتفعة‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ -‬مثل‭ ‬التعريفة‭ ‬الجمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%على‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألومنيوم‭- ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬والمراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬محاولة‭ ‬لتعزيز‭ ‬قطاع‭ ‬التصنيع‭ ‬المحلي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬وسيلة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬للرضوخ‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الطموحات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭. ‬

وخلص‭ ‬‮«‬باون‮»‬،‭ ‬و«إيروين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مشاكل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأساسية‮»‬،‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬داخلية،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الخارج‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الشركاء‭ ‬التجاريين‭ ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل،‭ ‬بل‭ ‬يضر‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬الاستياء‭ ‬وردود‭ ‬الفعل‭ ‬الانتقامية‭ ‬دوليا‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التهديدات‭ ‬المستمرة‭ ‬بفرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬وتيرة‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الأسهم‭ ‬العالمية؛‭ ‬بل‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭. ‬وحذر‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بروسويلاس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬آر‭ ‬إس‭ ‬إم‭ ‬إنترناشونال‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ستدرك‭ ‬حتما‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ملتزمة‭ ‬بقيود‭ ‬السوق‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬نفسها‭.‬

وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬مولدر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تصاعد‭ ‬ضغوط‭ ‬ترامب‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الحلفاء‭ ‬والمنافسين‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬أو‭ ‬خارجه،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬أهمية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬تجنّب‭ ‬العقوبات‭ ‬التجارية‭ ‬مبررًا‭ ‬كافيًا‭ ‬لتحمّل‭ ‬هذه‭ ‬القيود،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الفوائد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للتجارة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬تغطي‭ ‬تكاليف‭ ‬التضييقات‭ ‬المتزايدة‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬بالغ‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬نفوذه،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عالميًا،‭ ‬وتعزيز‭ ‬نظام‭ ‬اقتصادي‭ ‬وسياسي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬حيث‭ ‬سيتراجع‭ ‬نفوذ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تدريجيًّا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا