العدد : ١٧١٧١ - الجمعة ٢٨ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧١ - الجمعة ٢٨ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاسـتثمار البحـــريني في اقتصاد المستقبل

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٢٤ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

جاء‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬البحريني،‭ ‬‮«‬المنذر‮»‬،‭ ‬ليكشف‭ ‬عن‭ ‬مسار طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬المستقبل،‭ ‬يعكس‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬المواطن‭ ‬هو‭ ‬أغلى‭ ‬ثروات‭ ‬المملكة‮»‬،‭ ‬وبأن‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬ومحور‭ ‬هذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬هو‭ ‬أعمدة‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭. ‬ولهذا،‭ ‬كرست‭ ‬المملكة‭ ‬معظم‭ ‬إيراداتها‭ ‬للإنفاق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التنمية،‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬حققت‭ ‬فيه‭ ‬سبقًا‭ ‬خليجيًا‭ ‬قاطرة‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة،‭ ‬لجهة‭ ‬وضع‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.‬

وفي‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭  ‬الملك،‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬نمطه‭ ‬التقليدي،‭ ‬لكنه‭ ‬ذلك‭ ‬المُتَوجه‭ ‬لجسر‭ ‬الفجوة‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬والإمساك‭ ‬بالمعارف‭ ‬الحديثة،‭ ‬وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية،‭ ‬بادر‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬بإطلاق‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬مدارس‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يدمج‭ ‬التعليم‭ ‬بثورة‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات،‭ ‬ليكون‭ ‬خطوة‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية،‭ ‬وقد‭ ‬توسع‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬ليشمل‭ ‬208‭ ‬مدارس‭ ‬حكومية،‭ ‬وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬يوفر‭ ‬النوعية‭ ‬المطلوبة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬خريجيه‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ثورة‭ ‬العصر،‭ ‬وينقل‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬المنظور‭ ‬التقليدي‭ ‬المحدود‭ ‬زمانًا‭ ‬ومكانًا‭ ‬إلى‭ ‬التعليم‭ ‬المستمر‭ ‬خارج‭ ‬المدرسة‭ ‬عبر‭ ‬التعلم‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وقد‭ ‬أتبع‭ ‬الملك‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بمبادرة‭ ‬‮«‬مدارس‭ ‬التمكين‭ ‬الرقمي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مستجدات‭ ‬التحول‭ ‬العالمي‭ ‬نحو‭ ‬الرقمنة،‭ ‬وأبعاد‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مجتمع‭ ‬المعرفة،‭ ‬ودفع‭ ‬عملية‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬استهلاكها‭ ‬إلى‭ ‬إنتاجها‭.‬

ولهذا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكّون‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬جيل‭ ‬له‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬مهندسو‭ ‬البحرين‭ ‬وفنيوها‭ ‬وعلماؤها‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬‮«‬المنذر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬مداره‭ ‬المخصص‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬مارس،‭ ‬وبه‭ ‬دخلت‭ ‬نادي‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬وتطويره‭ ‬بالكامل‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬بأياد‭ ‬بحرينية،‭ ‬وفضلاً‭ ‬عما‭ ‬يجلبه‭ ‬من‭ ‬معلومات،‭ ‬فإنه‭ ‬يحللها‭ ‬مستخدمًا‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬كما‭ ‬يقوم‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الاتصالات،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬دعم‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬البث‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وتتولى‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للفضاء‮»‬،‭ ‬إدارته‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭.‬

وكان‭ ‬هناك‭ ‬أربع‭ ‬خطوات‭ ‬متشابكة‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬هي‭: ‬‮«‬إنشاء‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬و«إطلاق‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي‮»‬،‭ ‬و«الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‮»‬،‭ ‬و‮«‬استراتيجية‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‮»‬،‭ ‬بدايةً‭ ‬بملحمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬العلمي‭ ‬والتجارب‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬البحرينية‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬بادر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬بإنشائها‭ ‬بالمرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬رقم‭ ‬11‭ ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬بعد‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬مشروع‭ ‬مدارس‭ ‬المستقبل،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أخذ‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يؤتي‭ ‬ثماره،‭ ‬ويوفر‭ ‬كوادر‭ ‬يمكن‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭. ‬

وجاء‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬الهيئة‮»‬،‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬والوصول‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء،‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬والمستدامة‭. ‬ومنذ‭ ‬قيامها،‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬تسخير‭ ‬علوم‭ ‬وتقنيات‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬البحرينية‭ ‬وتأهيلها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وهي‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬لتحديد‭ ‬احتياجاتها،‭ ‬والأكاديمية‭ ‬لتعزيز‭ ‬البحث‭ ‬والابتكار‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء‭ ‬المتنوعة‭.‬

وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬الهيئة‮»‬،‭ ‬مختبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬الذي‭ ‬يُمكِّن‭ ‬أعضاء‭ ‬فريق‭ ‬الفضاء‭ ‬البحريني‭ -‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭ - ‬من‭ ‬استكمال‭ ‬دراساتهم‭ ‬العليا‭ ‬التخصصية‭ ‬في‭ ‬هندسة‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء،‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬خبراء‭ ‬بحرينيين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬وبناء‭ ‬وتشغيل‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬كما‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬مختبرًا‭ ‬لمعالجة‭ ‬بيانات‭ ‬الفضاء،‭ ‬وصور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬يحلل‭ ‬وينتج‭ ‬البيانات‭ ‬المكانية،‭ ‬ويتيح‭ ‬أيضًا‭ ‬منشورات‭ ‬تترجم‭ ‬البيانات‭ ‬الجغرافية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قام‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬بتقديم‭ ‬ونشر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬العلمية،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتصميم‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الإماراتي‭ ‬‮«‬ظبي‭ ‬سات‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬مهندسو‭ ‬الطيران‭ ‬البحرينيون‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاختبارات‭ ‬والتحليلات‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬هيكل‭ ‬القمر‭. ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬تمكن‭ ‬أعضاء‭ ‬فريق‭ ‬البحرين‭ ‬للفضاء‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬بحريني‭ ‬إماراتي‭ ‬مشترك‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬ضوء‭ ‬1‮»‬،‭ ‬تيمنًا‭ ‬بكتاب‭ ‬الضوء‭ ‬الأول‭ ‬لجلالة‭ ‬لملك‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أطلقت‭ ‬قمرًا‭ ‬صناعيًا،‭ ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬عام‭ ‬1957،‭ ‬تلتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬1958،‭ ‬أما‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬فكانت‭ ‬إندونيسيا‭ ‬عام‭ ‬1976،‭ ‬وأول‭ ‬دولة‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬هي‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬1994،‭ ‬بينما‭ ‬سجلت‭ ‬مصر‭ ‬السبق‭ ‬عربيًا‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬والسعودية‭ ‬خليجيًا‭ ‬في‭ ‬2000،‭ ‬تلتها‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬ثم‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭. ‬وقد‭ ‬باتت‭ ‬السعودية‭ ‬تمتلك‭ ‬اليوم‭ ‬17‭ ‬قمرًا‭ ‬صناعيًا،‭ ‬فيما‭ ‬تمتلك‭ ‬الإمارات‭ ‬14‭ ‬قمرًا،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬عالمي‭ ‬يقدر‭ ‬عدد‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬بـ5500‭ ‬قمر،‭ ‬تملك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬منها‭ ‬بـ‭ ‬3415‭ ‬قمرًا،‭ ‬تليها‭ ‬الصين‭ ‬بـ‭ ‬535‭ ‬قمرًا،‭ ‬ثم‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بـ‭ ‬486‭ ‬قمرًا،‭ ‬ويظل‭ ‬البعد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الأبرز‭ ‬لهذه‭ ‬الأقمار،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬74%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عددها،‭ ‬بواقع‭ ‬4047‭ ‬قمرًا‭.‬

وتزامنًا‭ ‬مع‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬وبما‭ ‬يخدم‭ ‬عملها،‭ ‬كان‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي‭ ‬2014‭ - ‬2024‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030،‭ ‬التي‭ ‬عدت‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬‮«‬عنصرًا‭ ‬أساسيًا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬الطبيعية‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬منتج‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬عالميًا‭. ‬وقد‭ ‬سعت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للإسهام‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬البحرين‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وضمان‭ ‬رفاه‭ ‬المملكة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبيئة‭ ‬والثقافي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬وتحسين‭ ‬وصول‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬الصحية‭ ‬لمعالجة‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الطبية‭ ‬الفريدة‭ ‬للمواطنين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬وسمعتها‭ ‬إقليميًا‭ ‬وعالميًا،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬محلية‭ ‬ذات‭ ‬مستوى‭ ‬عالي‭ ‬للبحرينيين‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭. ‬

وقد‭ ‬حددت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أولوياتها‭ ‬البحثية‭ ‬وفقًا‭ ‬لاحتياجات‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والصحية،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الارتباط‭ ‬بقطاع‭ ‬الصناعة،‭ ‬وإدماج‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬الأساسية،‭ ‬فيما‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مجالات‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى،‭ ‬هي‭: ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والمصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬والتمويل‭ ‬والتأمين،‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والصحة‭ ‬العامة‭ ‬والطب‭ ‬الانتقالي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭.‬

وتعزيزًا‭ ‬لدور‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‭ ‬2014‭-‬2024‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬جعل‭ ‬البحرين‭ ‬مركزًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬تعليم‭ ‬ذي‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬خريجين‭ ‬مزودين‭ ‬بالمهارات‭ ‬والمعارف‭ ‬والسلوكيات‭ ‬اللازمة‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬المعرفة،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬استدامة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ورفع‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للمملكة‭. ‬وقد‭ ‬وضعت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬هدفًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬خريجي‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬العالمي،‭ ‬عبر‭ ‬تزويدهم‭ ‬بالمهارات‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قدراتهم‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬والمرونة‭ ‬وريادة‭ ‬الأعمال،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنمية‭ ‬مهاراتهم‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬والتعاون‭ ‬الفعّال‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬النتائج‭ ‬المحققة‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬أطلقت‭ ‬المملكة،‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬2022‭ ‬‭ ‬2026‮»‬،‭ ‬بأربعة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭: ‬‮«‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لقطاع‭ ‬الاتصالات‮»‬،‭ ‬و«دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‮»‬،‭ ‬و«تطوير‭ ‬الحوكمة‭ ‬الإلكترونية‮»‬،‭ ‬و«تطوير‭ ‬القدرات‭ ‬الرقمية‮»‬،‭ ‬مستهدفة‭ ‬100%‭ ‬نسبة‭ ‬تغطية‭ ‬للشبكة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنطاق‭ ‬العريض‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المملكة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬إضافي‭ ‬للأتمتة‭ ‬200‭ ‬خدمة‭ ‬حكومية،‭ ‬ورفع‭ ‬نسبة‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬بنسبة‭ ‬35%،‭ ‬والوصول‭ ‬بعدد‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬ألفا‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬وزيادة‭ ‬كفاءة‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬عبر‭ ‬التحول‭ ‬الإلكتروني‭ ‬للخدمات،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لإيجاد‭ ‬طرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ورقمنة‭ ‬الوثائق‭ ‬والمستندات‭ ‬الحكومية،‭ ‬والتحول‭ ‬الإلكتروني‭ ‬للمدفوعات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أداء‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭.‬

وقد‭ ‬وفرت‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الثلاثة‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬البحريني‭ ‬‮«‬المنذر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬مصادفة،‭ ‬بل‭ ‬نتاج‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬المدروس،‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬أهم‭ ‬الجهات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء،‭ ‬مثل‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المؤشر‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز،‭ ‬هو‭ ‬قدرة‭ ‬الكوادر‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬وتوظيف‭ ‬أحدث‭ ‬ما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬كما‭ ‬أبرز‭ ‬الإطلاق‭ ‬التعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين،‭ ‬ووزارات‭ ‬الداخلية،‭ ‬والخارجية،‭ ‬والمالية،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬والإعلام،‭ ‬والمواصلات،‭ ‬وهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬الاتصالات،‭ ‬ومركز‭ ‬الاتصال‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬شاركت‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬بعض‭ ‬مكونات‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬قدرة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬تطوير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يمثل‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬‮«‬المنذر‮»‬،‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬مهمة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬حيث‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬بيانات‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬مما‭ ‬يدعم‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية،‭ ‬مثل‭ ‬الزراعة،‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬والملاحة،‭ ‬والتجارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬كما‭ ‬يوفر‭ ‬معلومات‭ ‬تخطيط‭ ‬عمراني‭ ‬تدعم‭ ‬التوسع‭ ‬الإسكاني،‭ ‬والتجاري،‭ ‬والصناعي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬عنصر‭ ‬أساسي‭ ‬لقطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يسهم‭ ‬القمر‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن‭ ‬المائي،‭ ‬ويدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬والابتكار،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬بأبعاده‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬صوت‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬بيانات‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬مصدرها،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬المشوهة،‭ ‬كما‭ ‬يزيد‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وما‭ ‬تخلقه‭ ‬من‭ ‬وظائف‭ ‬ذات‭ ‬أجور‭ ‬عالية،‭ ‬ويفتح‭ ‬المجال‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬فضائية‭ ‬دولية،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬إطلاقه‭ ‬مقدمة‭ ‬مشاريع‭ ‬فضائية‭ ‬بحرينية‭ ‬أكبر‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬مدارات‭ ‬أبعد‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا