يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
لأن العالم في قبضة الهمج
قبل أيام، أصدرت منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة بيانا قالت فيه إن مليون طفل في قطاع غزة يصارعون الموت ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط انعدام الضروريات الأساسية. ووجهت نداء إغاثة لإنقاذ هؤلاء الأطفال.
اليونيسف أصدرت هذا النداء لأن إسرائيل منعت دخول أي مساعدات من أي نوع الى قطاع غزة، وقطعت الكهرباء والماء.
أي ان إسرائيل أرادت عن عمد أن تحكم بالموت ليس فقط على مليون طفل فلسطيني وانما على كل سكان غزة.
في اليوم التالي لنداء اليونيسف شنت اسرائيل عدوانا همجيا على غزة. وكما هو الحال مع كل عدوان إسرائيلي سقط مئات الشهداء وتم تدمير كل ما استطاعوا تدميره من منازل ومخيمات ومنشآت بلا تمييز.
كالعادة، مع كل جريمة حرب ترتكبها إسرائيل في غزة، سارعت أغلب دول العالم بإصدار بيانات تدين وتشجب وتطالب باحترام وقف إطلاق النار ووقف العدوان، وأيضا المنظمات الإنسانية الدولية سارعت بإصدار البيانات ونداءات الاستغاثة تدعو إلى وقف المجزرة.
وكالعادة، لم يكن لكل هذه البيانات والنداءات أي جدوى، وتمضي إسرائيل في عدوانها الهمجي ترتكب ما تريد من جرائم حرب وتقتل الأبرياء وتدمر أي شيء كأنها أكبر من كل دول العالم وفوق أي قانون دولي، ومطلقة السراح بلا حسيب.
في المحصلة النهائية، العالم كله بكل دوله ومنظماته وقدراته وإمكانياته يقف عاجزا عجزا مطلقا أمام قوة همجية وأمام أكبر إبادة جماعية عرفها العالم في العصر الحديث.
هذا امر لم يعرفه العالم من قبل. لم يعرف العالم كل هذا الخنوع والعجز أمام الهمج أعداء الانسانية والحضارة.
كيف يحدث هذا؟.. لماذا وصل العالم الى هذه الحال؟
أذكر أنه قبل فترة، وتحديدا في شهر نوفمبر الماضي طرحت البي بي سي البريطانية عبر أحد برامجها السؤال التالي على متابعيها:
لماذا تستمر إسرائيل في ارتكاب أفعال تصفها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية بأنها «إبادة جماعية» و«جريمة حرب»؟
مناسبة طرح السؤال كان صدور تقريرين في ذلك الوقت يدينان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة، من بين عشرات التقارير الدولية التي صدرت قبل ذلك.
التقرير الأول صدر عن اللجنة الأممية الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة، واعتبر أن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة «تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية» واتهم إسرائيل «باستخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب وفرض عقاب جماعي على الفلسطينيين».
والتقرير الثاني الذي صدر في نفس الوقت عن منظمة هيومن رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك، اعتبر أن أوامر الإخلاء التي تصدرها السلطات الإسرائيلية لسكان بعض المناطق في شمال قطاع غزة تمثل صورة من صور «التهجير القسري» و«التطهير العرقي» وهو ما يرقى إلى «جريمة حرب» بحسب القانون الإنساني الدولي. ويتناول التقرير الصادر في 154 صفحة بعنوان «يائسون، جائعون، ومحاصرون: تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين في غزة»، سلوك السلطات الإسرائيلية الذي أدى إلى نزوح أكثر من 90% من سكان غزة – 1.9 مليون فلسطيني – وإلى تدمير واسع النطاق لأجزاء كبيرة من غزة على مدار الأشهر الـ13 الماضية.
هذه التقارير الدولية هي التي دفعت البي بي سي إلى طرح التساؤل عن سبب استمرار إسرائيل في العدوان وارتكاب الجرائم رغم الإدانات الواضحة بارتكابها جرائم حرب وإبادة تستحق العقاب. وأرفقت بهذا السؤال أسئلة أخرى مرتبطة به هي: كيف يمكن إلزام إسرائيل بأوامر محكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن الخاصة بسلوكها في الحرب؟.. هل يمكن محاسبة إسرائيل على تلك الممارسات؟ كيف؟.. هل تبذل الدول العربية والمجتمع الدولي ما يكفي لإثناء إسرائيل عن ذلك السلوك؟
الجواب بسيط. إسرائيل نفسها كيان عدواني لا يعرف إلا ارتكاب الجرائم وليس له من هدف الا محاولة تنفيذ المشروع الصهيوني بالإرهاب. وهو كيان لا يعرف أي قيمة للإنسانية ولا معنى للسلام.
لكن الذي أتاح لهذا الكيان مواصلة ارتكاب كل هذه الجرائم هي الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا. ليس من الممكن أن تواصل اسرائيل كل هذه الهمجية لولا الدعم الأمريكي المطلق ومن الدول الغربية الأخرى.
هذه الدول الغربية هي التي أقامت نظاما عالميا يهمين عليه الغرب ويسلب من المنظمات الدولية أي قدرة على الحساب والعقاب لإسرائيل، ويتيح لها مواصلة جرائمها من دون خوف من العقاب.
باختصار الدول الغربية هي التي وضعت مقادير العالم في قبضة الهمج والهمجية. وهي أصلا تعتبر المشروع الصهيوني مشروعا غربيا. والدول الأخرى وعلى رأسها الدول العربية لم تفعل ما يجب عليها فعله لردع هؤلاء الهمج.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك