يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
نصيحة أمريكية لإدارة ترامب
عرضت في مقال سابق قبل يومين بعض ما جاء في تحليل مطول كتبته ليزا اندرسون أستاذة العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا الأمريكية ونشرته مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية الشهيرة عن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة واشادتها بالخطة وبالدور الذي تلعبه مصر.
تعتبر الأستاذة الأمريكية ان هناك تحديات كبرى لتنفيذ الخطة المصرية، ولكنها تقول ان هناك اطرافا لها دور أساسي مهم في هذا الصدد.
وهي تتحدث بصفة خاصة عن الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه دول الخليج العربية. كما تذكر أنه لا يمكن تجاهل موقف ودور قوة عظمى مثل الصين، ونفوذها الذي تزايد في العقد الأخير، وتشير الى اعلان الصين تأييدها للخطة المصرية.
أهم ما في تحليل الأستاذة الأمريكية النصيحة التي توجهها الى إدارة الرئيس ترامب فيما يتعلق بموقفها من الخطة المصرية، وبجهود تسوية القضية الفلسطينية بشكل عام.
تقول إن إدارة ترامب عليها أولا أن تقنع إسرائيل بأهمية وضرورة التوصل إلى تسوية بهذا الشأن مع الدول العربية.
وتقول ان إدارة ترامب عليها أن تدرك أنه في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي انه يطلق يد نتنياهو تماما في غزة، وفي الوقت الذي اعلن فيه خطته باحتلال غزة وتهجير أهلها، فإن الولايات المتحدة لديها مصالح حيوية اساسية في ان تكون علاقاتها ودية مع الدول العربية وأن تتصرف فيما يتعلق بالقضية على هذا الأساس. وتضيف انه لهذا السبب، فإن المصالح الأمريكية مع الدول العربية تحتم على إدارة ترامب ان تضغط على اسرائيل من اجل تقديم تنازلات من اجل التوصل الى تسوية.
كما نرى، في رأي الأستاذة الأمريكية ان مصالح أمريكا مع الدول العربية يجب ان تدفع الإدارة الأمريكية الى ان تغير مواقفها وان تقبل بتسويات ترضي العالم العربي سواء تعلق الأمر بموضوع غزة والخطة المصرية او فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بصفة عامة. كما تدعو الإدارة الى عدم الانسياق تماما وراء اسرائيل ومخططاتها، وأن تمارس ضغوطا على الاسرائيليين للقبول بتسويات.
هذا الجانب الأساسي المتعلق بالمصالح الأمريكية مع الدول العربية وما يترتب عليه من مواقف وسياسات كي لا تخسر هذه المصالح ليس غائبا عن الكثيرين من المحللين والساسة في أمريكا. ولهذا انتقد هؤلاء خطة ترامب باحتلال غزة وتهجير أهلها.
وهذا العامل بالذات من الواضح انه هو الذي دفع الرئيس الأمريكي ترامب إلى التراجع عن خطته بحسب تصريحاته في الفترة القليلة الماضية، اذ أعلن انه لا احد سوف يقوم بتهجير سكان غزة، كما ان المصادر ذكرت ان الإدارة قبلت مبدئيا بالخطة المصرية وانها مهتمة بمعرفة تفاصيل مثل ضمان الا تبقى حماس في غزة، وطبيعة اللجنة التي ستقوم بحكم غزة.. وهكذا. ومن الواضح ان الرفض الجماعي العربي القاطع لخطة ترامب كان دوره أساسيا في هذا التراجع.
مع هذا لا يجب اعتبار أن هذا التطور الظاهر هو موقف نهائي وان المسألة حسمت نهائيا.
اسرائيل كما هو معروف لم تتخل عن مخطط تهجير الفلسطينيين، اذ تعتبر ان هذه مسألة وجودية بالنسبة لها. والإدارة الأمريكية في النهاية تقف بجانب إسرائيل بكل قوتها، ويمكن في أي وقت ان تتبنى الموقف الاسرائيلي بالكامل. والدليل على هذا مثلا التقارير التي تحدثت في الأيام الماضية عن اتصالات أجرتها امريكا وإسرائيل مع ثلاث دول افريقية كي تقبل تهجير الفلسطينيين وتوطينهم على أراضيها، أو عن وجود خطة لتهجير الفلسطينيين الى سوريا.
اذن، الخطر الداهم قائم، والخطة المصرية بحاجة الى جهود عربية هائلة كي تدخل حيز التنفيذ فعلا وتقطع الطريق على هذه المخططات.
لهذا مطلوب قبل كل شيء استمرار صلابة الموقف العربي الرافض لأي مخطط للتهجير أو تصفية القضية.
وهذا التحليل للأستاذة الأمريكية ينبه الى جانب مهم هو ضرورة التعريف على أوسع نطاق في امريكا سياسيا واعلاميا بالخطة المصرية. التأييد السياسي والاعلامي لها في الأوساط الصحفية والإعلامية له دور مهم ومؤثر.
كما انه من المطلوب الإسراع بالتحرك العربي من اجل الدفع باتجاه تطبيق الخطة المصرية، وباتجاه اتخاذ خطوات نحو تسوية القضية الفلسطينية وقيام الدولة.
مع إدارة ترامب، المواقف والسياسات الأمريكية يمكن ان تتغير من النقيض الى النقيض بين يوم وليلة. لهذا، الموقف والتحرك العربي اليوم له أهمية حاسمة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك