الخدمات المصرفية في البحرين متقدمة على بريطانيا بعشرين سنة!
علي العريض: لا بد أن نعطي الشباب الفرصة حتى يحققوا آمالهم.. وأهل الخبرة عامل مساعد
رئيس التحرير: إنتاجية الشعوب تقرر مستوى الأمم
ناصر العريض: دور أساسي للتعليم في غرس مفاهيم العمل في نفوس النشء والشباب
وزير التنمية الاجتماعية: 500 مليار دولار حجم اقتصاد سنغافورة
الشيخ محمد بن عبدالله: علينا التعلم من مراكز الإبداع في العالم
الـشيخ جـابـر آل خــلـيـفـــة يـروي قـصـة الـملك قورش الـذي يـحـبـه اليهود
تتجسد أجواء المجالس الرمضانية في مملكة البحرين، في مجلس العريض- ناصر العريض بالمنامة، حيث تلتقي كل فئات المجتمع، تجمعهم فضائل المحبة والإخاء، بحضور المسؤول والمواطن، مع طرح الموضوعات التي تهم الشارع البحريني.
في مجلس العريض أمس الأول حضر معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمستشار عبدالله بن حسن البوعينين رئيس المحكمة الدستورية، والسيد أسامة بن صالح العلوي وزير التنمية الاجتماعية، إلى جانب كوكبة من النواب السابقين والشخصيات العامة، الذين طافوا بين عديد من الموضوعات سواء المحلية منها أو الإقليمية أو الدولية، جالت بين الماضي والحاضر.
وبدأ الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير اللقاء قائلا: نحن نعيش الآن في عصر الاقتصاد، فالشعوب تقاس بمردودها الاقتصادي بعيدا عن أي معايير أخرى، ولدينا مثال على ذلك في سنغافورة، التي تصنف من أكثر الاقتصادات انفتاحا في العالم.
وأشار أسامة العلوي وزير التنمية الاجتماعية إلى أن حجم الاقتصاد في سنغافورة يتجاوز 500 مليار دولار أمريكي، ومساحتها متقاربة مع البحرين وعدد سكانها يفوق عدد سكان المملكة 3 مرات، وهي من البلدان ذات التجارب الاقتصادية المشهودة في العصر الحديث.
وواصل رئيس التحرير حديثه قائلا: بالفعل التجربة السنغافورية تستحق الوقوف عندها كثيرا، وخاصة أن هذا البلد الصغير من ناحية المساحة تمكن منذ حصوله على الاستقلال في منتصف الستينيات رغم قلة المواد الطبيعية اعتمد على العنصر البشري ليصبح من أكثر بلدان العالم نجاحا.
وقال: إنني أرى أن مستقبل البحرين الآن في وصول الشباب إلى المناصب الفكرية والعلمية، متسائلا هل مازلنا نحتاج إلى الكوادر الأجنبية لتدير الأعمال الكبرى في البحرين؟
على سبيل المثال في مجال البنوك والصيرفة، لدينا كوادر بحرينية متميزة في هذا المجال، حتى وصلنا إلى مرحلة تصدير الكفاءات البحرينية في هذا القطاع الحيوي إلى الخارج، لكن مازالت هناك بعض البنوك تستعين بالأجانب في المناصب القيادية بها.
وأضاف رئيس التحرير أننا عندما نراجع دوائر الدولة نجد أن كل الكفاءات التي تديرها هم من أبناء البلد ولديهم تفهم أكثر من الأجنبي لتقاليد البلد، داعيا الحضور إلى المشاركة في الحديث حول هذا الموضوع.
تخصصات دقيقة
بدوره أكد الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة ضرورة الالتفات إلى أهمية وجود تخصصات دقيقة قد تحتاج إلى الاستعانة ببعض الخبرات من الخارج في وقت وزمان معين، فمازالت المنطقة تحتاج إلى نقل المعارف التي لم تصل إليها بشأن بعض المنتجات والابتكارات.
وقال: بالفعل لدينا كوادر شابة واعدة، ولكن يجب أن تتعلم من منابع الإبداع سواء في لوس أنجلوس أو نيويورك أو لندن، وعليهم أن يكونوا مواكبين لما يشهده العالم من مستجدات حتى لا نتأخر.
وأبدى علي العريض توافقه مع الطرح نفسه الذي قدمه رئيس التحرير بأننا لا بد أن نعطي الشباب الفرصة حتى يحققوا آمالهم، ولكن في الوقت نفسه نحتاج إلى عامل مساعد، الذي يتمثل في الخبرة التي تساعد الشباب الذي يتسلم المستقبل.
وأضاف أننا نحتاج إلى جزء من الخبرة الأجنبية لجزء من الوقت حتى يتم تأهيل الخبرة الوطنية.
وجدد رئيس التحرير تأكيده أن القطاع المصرفي في البحرين لا يحتاج إلى أحد من الخارج؛ فالنظام المصرفي في البحرين يتقدم على نظيره في بريطانيا على سبيل المثال، ولدينا العديد من الكفاءات البحرينية في هذا المجال.
وعقّب الشيخ محمد بن عبدالله قائلا: إنني لا أتحدث هنا عن التعامل اليومي للبنك، ولكني أقصد أنظمة الحوكمة المصرفية، ولا بد أن أشير هنا إلى أن إجراءات التقاضي التي يكون أحد أطرافها بنك هناك أسرع، حتى لا يصلوا إلى مرحلة الديون المعدومة.
البحرين أكبر
مصدر للمصرفيين
وأضاف أن البحرين أكبر مصدر للمصرفيين إلى دول الخليج، لدينا شباب مخلصون وأهل خبرة ولكن مازالوا يحتاجون إلى متابعة كل ما هو جديد.
وتداخل السيد عبدالنبي حسين قائلا: إنني عملت في القطاع البنكي في قطر مدة 7 سنوات، وقد اضطررنا إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية في بعض المجالات المصرفية كتقارير المخاطر، وخاصة فيما يتعلق بالاستثمارات خارج البلاد التي تعتمد على هذه النوعية من الخبرات.
وعلق رئيس التحرير أن الحديث عن إدارة المحافظ الاستثمارية للبنوك خارج البلاد أمر يخالف ما أقصده بشأن تعيين الأجانب في المناصب القيادية في البنوك المحلية، إنني لا أرى أي حاجة إلى تعيين رئيس تنفيذي أجنبي لأي بنك في البحرين، فالكفاءات البحرينية موجودة.
وشدد على تمسكه برأيه بأن الخدمات المصرفية البحرينية متقدمة على بريطانيا بعشرين سنة، فالبنوك البريطانية لا تقدم أي خدمات لعملائها بعكس البحرين.
وعلق علي العريض: إن البنوك قامت على النظريات التي وضعها هؤلاء.
فرد أنور عبدالرحمن قائلا: إنني لا أتكلم عن الماضي ولكنني أنظر إلى الحاضر.
وتابع: بعد الحرب العالمية الثانية غيّر الألمان فلسفة البنوك، فالبنك تأسس عند الإنجليز على أساس تاجر البندقية «money lenders» التي تقوم على الإقراض وتحصيل الفوائد، ولكن الألمان اتجهوا إلى اعتبار المصانع كشركاء مع البنوك من أجل تأسيس الأعمال التي تسهم في خلق فرص العمل للشعب الألماني من خلال توفير التمويل لهم بفوائد مخفضة في سبيل تحقيق الهدف الأسمى.
وهو الأمر ذاته المطبق في اليابان، فأي بضاعة تصنع في اليابان ربحها الصافي لا يزيد على 3%، في سبيل تشجيع تصدير هذه المنتجات خارج البلاد بما يتيح توفير فرص العمل أمام اليابانيين، وذلك بعكس المدرسة الإنجليزية بدليل تراجع المصانع البريطانية.
وأبدى المستشار القانوني سلام عبدالقادر تأييده لما طرح بشأن توافر الكفاءات البحرينية في القطاع المصرفي، لافتا إلى أنه من خلال اتصاله بالشؤون القانونية لأكثر من بنك في المملكة فإن البحرين تمتلك الكوادر الوطنية المتميزة في قطاع البنوك، ولا تحتاج إلى أجانب.
واستطرد رئيس التحرير قائلا: يجب علينا أن ندرك أن عصر الرجل الأبيض انتهى، فالشعوب تقدّر الآن بمعدل إنتاجيتها، فإذا قارنا عدد ساعات إنتاجية الرجل الأبيض مقارنة بجنسيات أخرى نجد أنها لا تزيد على 3 ساعات، أما الصين واليابان فهما في مقدمة الشعوب الأكثر إنتاجية وكذا الولايات المتحدة التي تعتمد على المهاجرين في الأساس وليس الرجل الأبيض، فيما متوسط الإنتاجية في بريطانيا 4 ساعات فقط.
الدول تتغير
بمستوى عطاء مواطنيها
وشدد أنور عبدالرحمن على أنه في هذا القرن إنتاجية الشعوب تقرر مستوى الأمم، والدول تتغير بمستوى عطاء مواطنيها، فلا يمكن لأي دولة أن تحقق المعجزات من دون عطاء متواصل من شعبها.
ونتمنى من الجيل الجديد أن يدرك هذه القيمة، لأننا نعوّل عليهم في بناء المستقبل، وآلا تتباين معدلات الإنتاجية.
بدوره، أكد ناصر العريض أن التعليم يلعب دورا أساسيا في تعزيز مفاهيم الإنتاجية في نفوس النشء والشباب، لأن المحيط الذي تضع فيه ولدك هو الذي يؤسس منهجية عقله في المستقبل، علينا أن نستفيد من التجارب اليابانية والصينية في تأسيس الكوادر المؤمنة بقيمة العمل الجاد، لذلك فإن التعليم هو الأساس الذي يقود نهضة الشعوب.
وعرج رئيس التحرير بحديثه إلى أن مستقبل العالم في الشرق الأقصى، وعلينا أن نلتف إلى هذا التغير العالمي، مستشهدا بما قاله آخر حاكم بريطاني لماليزيا عام 1956، عندما سئل عن رؤيته للمستقبل، مؤكدا أنه يرى أن مستقبل العالم في الشرق الأقصى، وبالفعل ذلك ما تحقق.
وتابع قائلا: اليوم نرى أن المؤسسات التجارية التي لا تجدد نفسها ولا تقيم علاقات مع دول الشرق الأقصى لن تجد ما تبيعه في المستقبل.
وعلّق الشيخ جابر آل خليفة على التراجع البريطاني قائلا إن دول الكومنولث التابعة للتاج البريطاني تفوقت على بريطانيا ذاتها في السنوات الأخيرة.
وأشار رئيس التحرير إلى أن أعمال البناء والتشييد في بريطانيا متوقفة على الرغم من وجود طلب في السوق للتملك والإيجار، ولكن المستثمر هناك لا يقبل على البناء لأن العائد أقل من 2% في ظل الضرائب والركود وزيادة كلفة الخدمات.
وعقّب ناصر العريض قائلا إن الحكومة هناك لا ترى حلا إلا في الضرائب، والضرائب تتسبب في هروب الاستثمار.
وأشار علي العريض إلى أن هناك دولا بنت تقدمها على حساب مستعمراتها، وبعد ذلك لم تتمكن من المحافظة على ما وصلت إليه.
وشدد أنور عبدالرحمن على أن الزمن تغير؛ فالرجل الأبيض لم يعد كما كان، ولا بد من النظر بعناية نحو تعزيز العلاقات نحو الشرق الأقصى.
وتطرق ناصر العريض إلى أن الشركات الصينية تنطلق بقوة في عالم التجارة العالمية في ظل دعم حكومي للقطاع الخاص، حتى تايوان أوجدت لنفسها مجالا من المنافسة العالمية من صناعة الرقائق الإلكترونية، لذا فإن الحجم لا علاقة له بنجاحك على مستوى العالم.
وأيده الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، مؤكدا أن ذلك يتحقق من خلال التركيز على التميز في المجالات النادرة وخاصة في عالم التكنولوجيا، وهو ما يضع البلدان على خريطة الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن.
ترامب وانطلاقة الصين
وردا على سؤال حول ما إذا كان وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيعيق الانطلاقة الصينية، قال أنور عبدالرحمن رئيس التحرير إن هذا عامل لا بد أن يؤخذ في الاعتبار، ونحن ننظر إلى التغيرات العالمية التي نشهدها حاليا، وفي ظل الحرب التجارية التي يفرضها الرئيس الأمريكي على الصين في الوقت الراهن.
أما بشأن إمكانية إقدام الولايات المتحدة على الهجوم على إيران فاستبعد رئيس التحرير حدوث ذلك، مستشهدا بأن أكبر «لوبي» داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعد اللوبي الإسرائيلي هو اللوبي الإيراني، وأن أغلبهم من غير الداعمين للنظام الإيراني الحالي، ولكنهم في الوقت نفسه يرون أن ثمن أي هجمات أمريكية على إيران سيكون غاليا، ليس على النظام الحالي فحسب ولكن عليهم أيضا في المستقبل.
واختتم المجلس بحديث عن التاريخ من الشيخ جابر آل خليفة الذي روى قصة قورش، الملك الفارسي الذي يحبّه اليهود وكانوا يدعون له في صلواتهم.
وكم كان شيخنا الفاضل على دراية بحقائق التاريخ الفارسي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك