العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

«كيف ولماذا؟».. أسئلة في البحث العلمي!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ١٦ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

كيف‭ ‬ولماذا‭.. ‬سؤالان‭ ‬يثيران‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أجوبة‭ ‬تشبع‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭.. ‬كيف؟‭ ‬سؤال‭ ‬يتقدم‭ ‬الأسئلة‭ ‬لكشف‭ ‬أسرار‭ ‬النفس‭ ‬البشرية،‭ ‬ومعرفة‭ ‬أحوالها،‭ ‬ولماذا؟‭ ‬يسعى‭ ‬وراء‭ ‬الغاية،‭ ‬ويملأ‭ ‬النفس‭ ‬طمأنينة،‭ ‬وراحة‭ ‬قلب،‭ ‬وستظل‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬تراود‭ ‬صاحبها‭ ‬حتى‭ ‬يشبعها‭ ‬بالمعرفة،‭ ‬والمثقف‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يملأ‭ ‬جوفه‭ ‬بالمعرفة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬وراء‭ ‬المعرفة،‭ ‬ويجتهد‭ ‬في‭ ‬بذل‭ ‬وقته‭ ‬وجهده‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحصيلها،‭ ‬وهو‭ ‬كلما‭ ‬طوى‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬صفحات‭ ‬المعرفة‭ ‬يشعر‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬منها،‭ ‬أما‭ ‬سؤال‭ ‬‮«‬لماذا؟‮»‬‭ ‬فهو‭ -‬كما‭ ‬قلنا‭- ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬الغاية‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬الإنسان‭ ‬إليها‭ ‬ولا‭ ‬يشبع‭ ‬منها،‭ ‬فإذًا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول،‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬نتهم‭ ‬بالمغالاة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬وطرح‭ ‬الأسئلة‭.. ‬كيف‭ ‬ولماذا؟‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬الذي‭ ‬يطلبه‭ ‬الإنسان،‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬تحصيله‭ ‬دون‭ ‬إحساس‭ ‬بالشبع،‭ ‬أو‭ ‬الاكتفاء‭ ‬العلمي‭ ‬أو‭ ‬الإشباع‭ ‬المعرفي‭.‬

يقدم‭ ‬لنا‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬وجبات‭ ‬صحية‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬المعرفة‭ ‬يسعى‭ ‬إليها‭ ‬الإنسان،‭ ‬ويظن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬اكتملت‭ ‬لديه‭ ‬المعرفة‭ ‬بتحصيلها،‭ ‬فإذا‭ ‬امتلكها‭ ‬تفتحت‭ ‬له‭ ‬أبواب‭ ‬المعرفة‭ ‬ونوافذها‭.‬

في‭ ‬سورة‭ ‬الغاشية‭ ‬يقول‭ ‬الحق،‭ ‬وهو‭ ‬أصدق‭ ‬القائلين‭: (‬أفلا‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الإبل‭ ‬كيف‭ ‬خلقت‭ (‬17‭) ‬وإلى‭ ‬السماء‭ ‬كيف‭ ‬رفعت‭ (‬18‭) ‬وإلى‭ ‬الجبال‭ ‬كيف‭ ‬نصبت‭ (‬19‭) ‬وإلى‭ ‬الأرض‭ ‬كيف‭ ‬سطحت‭ (‬20‭)) ‬سورة‭ ‬الغاشية‭.‬

هذه‭ ‬الآيات‭ ‬المعبرة‭ ‬تمام‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الإنسان‭ ‬وبحثه‭ ‬الدائم‭ ‬والدائب‭ ‬عن‭ ‬المعرفة،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بشيء‭ ‬يسير‭ ‬منها،‭ ‬بل‭ ‬يسعى‭ ‬جاهدًا‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬المزيد‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬ما‭ ‬يريد،‭ ‬وامتلك‭ ‬ناصية‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتشبع‭ ‬بثمارها‭ ‬اليانعة،‭ ‬فإذا‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬البعيد‭ ‬ثمار‭ ‬جديدة،‭ ‬ومعارف‭ ‬عديدة،‭ ‬ليمتطي‭ ‬صهوة‭ ‬حصانه،‭ ‬وينطلق‭ ‬في‭ ‬الصحارى‭ ‬والفيافي‭ ‬يسعى‭ ‬وراء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬الأولين‭ ‬والآخرين،‭ ‬والسبيل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وهو‭ ‬الكتاب‭ ‬المعجز‭ ‬الذي‭ ‬سيجد‭ ‬فيه‭ ‬ضالته‭ ‬المنشودة،‭ ‬وبغيته‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وأمنيته‭ ‬المرجوة‭ ‬لأنه‭ ‬كتاب‭ ‬لا‭ ‬يأتيه‭ ‬الباطل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلفه،‭ ‬يقول‭ ‬سبحانه‭: (.. ‬وإنه‭ ‬لكتاب‭ ‬عزيز‭ (‬41‭) ‬لا‭ ‬يأتيه‭ ‬الباطل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬تنزيل‭ ‬من‭ ‬حكيم‭ ‬حميد‭ (‬42‭)) ‬سورة‭ ‬فصلت‭.‬

هذا‭ ‬العهد‭ ‬الوثيق‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬التالين‭ ‬لهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬المبين‭ ‬يؤكده‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬إله‭ ‬قادر‭ ‬حكيم،‭ ‬ولقد‭ ‬أكدت‭ ‬الأيام‭ ‬والسنون‭ ‬صدقه،‭ ‬وتأبيه‭ ‬على‭ ‬التقليد‭ ‬والمحاكاة،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬قل‭ ‬لئن‭ ‬اجتمعت‭ ‬الإنس‭ ‬والجن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأتوا‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬القرآن‭ ‬لا‭ ‬يأتون‭ ‬بمثله‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬بعضهم‭ ‬لبعض‭ ‬ظهيرا‭) ‬الإسراء‭/ ‬88‭.‬

وهو‭ ‬أصدق‭ ‬الحديث‭ ‬لأنه‭ ‬أحسن‭ ‬القصص،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (‬نحن‭ ‬نقص‭ ‬عليك‭ ‬أحسن‭ ‬القصص‭ ‬بما‭ ‬أوحينا‭ ‬إليك‭ ‬هذا‭ ‬القرآن‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬لمن‭ ‬الغافلين‭) ‬يوسف‭/ ‬3‭.‬

ومعرفة‭ ‬الجواب‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭: ‬لماذا؟‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يعرفونه‭ ‬لأنه‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬الغاية،‭ ‬والقرآن‭ ‬بسط‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬والأنعام‭ ‬خلقها‭ ‬لكم‭ ‬فيها‭ ‬دفء‭ ‬ومنافع‭ ‬ومنها‭ ‬تأكلون‭ (‬5‭) ‬ولكم‭ ‬فيها‭ ‬جمال‭ ‬حين‭ ‬تريحون‭ ‬وحين‭ ‬تسرحون‭ (‬6‭) ‬وتحمل‭ ‬أثقالكم‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬بالغيه‭ ‬إلا‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس‭ ‬إن‭ ‬ربكم‭ ‬لرؤوف‭ ‬رحيم‭ (‬7‭)) ‬سورة‭ ‬النمل‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬أحوال‭ ‬الأنعام‭ ‬مع‭ ‬الإنسان،‭ ‬وما‭ ‬خفي‭ ‬من‭ ‬منافعها‭ ‬أعظم‭ ‬وأكثر،‭ ‬وهذا‭ ‬متروك‭ ‬للعلماء‭ ‬الذين‭ ‬يقضون‭ ‬زهرة‭ ‬شبابهم‭ ‬في‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية،‭ ‬وكرسوا‭ ‬من‭ ‬أوقاتهم‭ ‬ما‭ ‬عجز‭ ‬نظراؤهم‭ ‬عن‭ ‬تحصيله‭ ‬وبذلهم‭ ‬النفس‭ ‬والنفيس‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك،‭ ‬والآية‭ ‬الجليلة‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬النمل‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بالمعلوم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العلوم‭ ‬وما‭ ‬اكتشفه‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬منافع،‭ ‬وما‭ ‬ستره‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأن‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يعد‭ ‬البشرية‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬العطاء،‭ ‬يقول‭ ‬سبحانه‭: (‬والخيل‭ ‬والبغال‭ ‬والحمير‭ ‬لتركبوها‭ ‬وزينة‭ ‬ويخلق‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تعلمون‭) ‬النحل‭/ ‬8‭.‬

وتحت‭ ‬عنوان‭: (‬ويخلق‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تعلمون‭) ‬والحديث‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬وسائل‭ ‬المواصلات،‭ ‬وما‭ ‬يكشفه‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية،‭ ‬وما‭ ‬يبدعه‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬ترقيه‭ ‬الدائم،‭ ‬وأنه‭ ‬بتفعيل‭ ‬مفردات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬آياته‭ ‬وسوره‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الافتعال‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬الحضارة‭ ‬الحديثة‭ ‬وقيمها‭ ‬الإنسانية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا