كتبت مروة أحمد:
بين المنشـار والخشب، ورائحة الطلاء التي عجّت بالمكان يقف النجـار يوسف حسن علي في ورشة النجارة التي صممها في منزله والذي أختار أن يحوّل هذه المساحة الصغيرة إلى ورشة يتصل بها محلٌ استعرض فيه القطع النوعية التي أمضي أكثر من عشرين سنة في صناعتها وإتقانها، ومن القطع التي يُحب أبو خالد صناعتها وخصوصًا في موسم القرقاعون هي «الفريسة» التي كانت مصدر إقبال من قبل الشبـاب وبالتحديد الفرق الشعبية صـارت أداة لجلسـات التصوير.
وبينما كان يستعرض أحجام «الفريسة» والقطع الفريدة التي تميّزت بالألوان الزاهية والخرز الملّون قال يوسف حول الإقبـال على شراء «الفريسة» والذي أصبح لغرض جلسـات التصوير المخصصة للأطفال وأن الأمهات هنّ أكثر الفئات استغلالًا لشراء «الفريسة» لهذا الشـأن، وأضاف بوجود عدد ضئيل من الفرق الشعبية التي قد تقوم باقتنائها لعروضها في فترة القرقاعون.
وفي وسط محله الصغير، جلس يوسف حسـن على المقعد الخشبي الشعبي الذي صممه بنفسه، متكلمًا عن شغفه بالنجارة والخشب، وحبّه لصناعة القطع المختلفة دفعه إلى صناعة «الفريسة» والطبول في فترة القرقاعون حيث ارتبط القرقاعون بهاتين القطعتين للأولاد، حيث يصنع الطبول بـألوان وأحجام مختلفة يصل أصغرها بحجم المسباح، والأكبر يصل حجمه للحجم الطبيعي للولد البالغ من العمر 10 سنوات تقريبًا، وتتراوح أسعار الطبلة من دينار إلى أكثر ويرتفع السعر بحسب الحجم والتفاصيل الموجودة على الطبلة.
واستعرض يوسف أسعار «الفريسة» التي تبدأ من خمسة دنانير للأطفال البالغ أعمارهم ثلاث سنوات والأكبر منها حجمًا يصل سعرها إلى ثمانية دنانير، أما «الفريسة» الأكبر فوصل سعرها إلى عشرة دنانير والأكبر حجمًا والمخصصة للرجال يصل سعرها لـ25 دينارا.
وحديثًا عن الماضي واليوم، تحدث يوسف حسن عن ارتباط «الفريسة» والطبول الشعبية البحرينية بشهر رمضان المبارك، حيث كانت الطبلة تعتبر جزءا من زي الولد الشعبي في القرقاعون الذي يقوم بتعليقها على رقبته والانطلاق لجمع المكسرات والحلوى من بيوت «الفريج» مع التغني بأزاهيج القرقاعون المعروفة، أما «الفريسة» فقد ارتبطت بأهزوجة «سلم ولدهم يا لله» والتي يؤديها مجموعة شباب في مقتبل العمر يتجولون في الفرجان معهم طبولهم، وفور وقوفهم عند بيت أحد الناس يبدأون بترديد هذه الأهزوجة ويقوم الشاب الذي معه «الفريسة» بالرقص في المنتصف متلثمًا بشماغه ويتمايل بها في المنتصف.
وبالنسبة إلى اليوم فقد أكد أن الطبلة و«الفريسة» صارت جزءا من جلسـات التصوير المخصصة للأطفال والصغار، ويوجد عدد ضئيل من الأمهات اللاتي مازلّن متمسكات بالموروث الشعبي الخاص بـأهمية وجود الطبلة مع ثوب القرقاعون والقحفية.
أما بالنسبة إلى التحديات الإضافية التي يُعاني منها يوسف في هذه الفترة هي انتشار بيع «الفريسة» الرخيصة التي عادةً ما تكون مصنوعة من القطن والفلين ويتم بيعها من قبل العمالات الأسيوية في الأسواق القديمة، إلا أن هذه النوعيات الرخيصة لا يمكن تصليحها في حال تلفها على عكس «الفريسة» المصنوعة من الخشب التي يمكن بسهولة تركيبها وإصلاحها ولا يمكن إتلافها بسهولة لقساوة الخشب وصناعتها الجيدة.
وفي ختام حديثه دعـا إلى أهمية التمسك بالموروث الشعبي العاكس للهوية، وأن هذه الصور إن كانت صغيرة إلا أنها تعبر عن تراث هذا البلد، كما شجع على تعريف وتثقيف الأجيال الجديدة بمثل هذه العناصر التي ارتبطت بشهر رمضان المبارك منذ سنوات الأجداد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك