يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
أكبر تهديد لحرية التعبير
تحدثت في المقال السابق عن الحملة التي تشنها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب على الدول الأوروبية تحت حجة تراجع حريات التعبير فيها، وقلت إن الإدارة هي أكبر من ينتهك حريات التعبير اليوم. وأكبر دليل على ذلك ما تفعله إدارة ترامب مع الجامعات الأمريكية التي شهدت أو تشهد احتجاجات على المجازر الإسرائيلية أو تعبر عن أي شكل من أشكال التعاطف مع الفلسطينيين في محنتهم.
مع أن هذه الاحتجاجات سلمية كما هو معروف إلا أن ترامب هدد وأصدر أوامر بالفعل باعتقال وطرد الطلاب الأجانب الذين شاركوا في هذه الاحتجاجات من أمريكا. ولم يكتف بهذا، بل قرر قبل أيام قطع التمويل عن الجامعات التي شهدت احتجاجات.
وتم البدء في تنفيذ هذه الأوامر بالفعل. وقبل يومين تم اعتقال طالب فلسطيني يدعى محمود خليل بجامعة كولومبيا في نيويورك، كان قد شارك في الاحتجاجات داخل الجامعة ضد إسرائيل. وقال ترامب إن هناك اعتقالات أخرى قادمة وكتب في منشور على منصة «تروت سوشيل» يقول: «في أعقاب الأوامر التنفيذية التي وقعتها سابقا، اعتقلت دائرة الهجرة والجمارك بكل فخر محمود خليل، وهو طالب أجنبي متطرف مؤيد لحماس، واحتجزته في حرم جامعة كولومبيا. وهذا هو الاعتقال الأول من بين العديد من الاعتقالات القادمة».
يعتبر ترامب «بكل فخر» كما يقول إن اعتقال طالب وطرده من أمريكا لمجرد مشاركته في احتجاج سلمي يعتبر إنجازا هائلا.
كثير من الكتاب الأمريكيين لم يصمتوا عن هذه الانتهاكات الفجة لحريات الرأي والتعبير في أمريكا ونشروا مقالات وتحليلات تنتقد ما تفعله الإدارة.
من بين هذه الكتابات، توقفت عند تحليل مطول نشر قبل أيام كتبته الكاتبة الأمريكية المستقلة كاتلين جونستون.
التحليل يطرح أفكارا مهمة تستحق التنويه بها.
الكاتبة تستعرض تفصيلا الإجراءات القمعية ضد الطلاب والناشطين الذين احتجوا على حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ودافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصا طرد الطلاب الأجانب في الجامعات وقطع التمويل عن الجامعات.. وهكذا.
وتشير إلى أن جمعيات الحقوق المدنية في أمريكا أدانت هذه الإجراءات بشدة. على سبيل المثال، أصدر اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بيانا قال فيه: «من المفزع أن نرى البيت الأبيض وهو يهدد حرية التعبير والحرية الأكاديمية بهذا الشكل السافر». وبعد أن أعرب عن التضامن الكامل مع هذه الجامعات، قال في بيانه: «إن الحملة القمعية الأخيرة التي يشنها ترامب، والتي تهدف في جانب أساسي منها إلى تحريض المسؤولين في الجامعات ضد طلابهم تمثل عودة إلى عهد المكارثية في انتهاك سافر للقيم الدستورية الأمريكية ولرسالة الجامعات».
جوهر ما تريد أن تذهب إليه الكاتبة في تحليلها أنها تعتبر أن دعم الحكومات الغربية لإسرائيل هو في حقيقة الأمر أكبر تهديد لحرية التعبير في المجتمعات الغربية اليوم. وتشرح وجهة نظرها بهذا الخصوص تفصيلا.
تقول الكاتبة إنهم في الغرب يدوسون اليوم بالأقدام على الحريات المدنية من أجل حماية إسرائيل، ويتم قمع هذه الحريات من أجل دعمها. وهذا أكبر تهديد لحرية التعبير في الدول الغربية ولا يتقدمه أي تهديد آخر.
وتقول الكاتبة ولهذا السبب؛ فإن «الذين لا يكترثون في الغرب بجرائم إسرائيل، بل حتى الذين يؤيدون إسرائيل، يجب أن يعلنوا اليوم معارضتهم دفاعا عن حرية التعبير.. يجب أن يعارضوا قمع حرية التعبير دفاعا عن إسرائيل».
وتنهي مقالها بالقول: «عندما يتم قمع الحريات دفاعا عن دولة أجنبية مثل إسرائيل، ينبغي أن يهب فورا كل من يقول إنه ملتزم بالدفاع عن حرية التعبير للوقوف ضد ذلك».
كما نرى، ما تقوله الكاتبة الأمريكية على هذا النحو هي كلمة حق في وجه أكبر حملة قمع للحريات في أمريكا والغرب اليوم من أجل حماية إسرائيل وجرائمها.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك