لماذا يواجه الوسيط او البائع في مجال العقارات صعوبة أكثر من باقي المجالات؟ هل يعتبر البيع في سوق العقارات كغيره من باقي القطاعات؟ هل هناك فرق كبير بين العقارات والمنتجات الأخرى؟ هل تعتبر العقارات منتجات أساسا؟ أم خدمات؟ ماهي أهم الأدوات والاسرار التي يجب أن يركز عليها البائع حتى يصبح بائع عقارات محترفا؟
تساؤلات يناقشها الخبير في مجال التسويق والمدرب في العلوم والمهارات الإدارية محمد شريف، مؤكدا ان البيع في العقارات يعتبر من أصعب أنواع البيع لسبب بسيط ان هذا المنتج يعتبر غالي الثمن، وبالتالي فإن قرار الشراء ليس بالقرار السهل، وغالبا ما يعني استهلاك جميع مدخرات الشخص. لذلك يتطلب الأمر من البائع او الوسيط أن يمتلك على الأقل ست مهارات ومعلومات أساسية تساعده في اقناع الزبون. المهارة الأولى هي امتلاكه معلومات وفهما كافيا وكبيرا لطبيعة المشروع الذي يبيعه، بما في ذلك نقاط القوة ونقاط الضعف والمميزات والعيوب والفرص والتحديات. فبيع العقار يعتمد على جوانب أساسية هي: الثقة والمصداقية والتسهيلات المقدمة. فلا بد أن يشعر العميل بأن الشخص الذي يتعامل معه صادق، وأن تبنى جسور الثقة بين الطرفين، وهذا اهم بكثير وأكثر تأثيرا من أي عوامل جذب أخرى، وهي السلاح الحقيقي للبائع والوسيط.
المهارة الثانية هي المكالمة البيعية. وهي باختصار القدرة على الحديث الجذاب والمقنع وجمع المعلومات المطلوبة من خلال المكالمة الهاتفية. فمن بين كل 100 عميل يتصل، هناك 25 عميلا غير مهتمين. و25 عميلا يتصلون من باب الفضول. و25 عميلا يتصلون لتضييع الوقت. ولكن هناك ما لا يزيد على 25 عميلا قد يكونون مستعدين فعلا للمعاملة. لذلك المكالمة الهاتفية هي آلية الفرز للوسيط، وهي الوسيلة لجمع كافة المعلومات المطلوبة من العميل بما في ذلك احتياجاته وميولاته وطبيعة حياته، حتى يمكن للوسيط تقديم العروض والخيارات المناسبة. وبالتالي لا بد من امتلاك مهارات المكالمة البيعية.
والمهارة الثالثة هي فن المقابلة، وهي مرحلة لاحقة لمرحلة الاتصال الهاتفي. وهي من أصعب المراحل لأن العميل في الغالب يكون قد حضر لاختبار مصداقية الوسيط او البائع. ويفحص حتى الديكورات والمكتب وملابس الوسيط وسلوكياته، أي يكون الوسيط تحت الاختبار في هذه المقابلة. وهذا ما يعني ان المظهر والتصرفات أمر أساسي في المقابلة البيعية. ودور الوسيط هنا يتمحور في اقناع العميل انه في المكان الصحيح ويتخذ القرار الصحيح.
ثم تأتي مهارة تقديم العرض المقنع، وهي مرحلة تهدف الى استقطاب العميل والتأكيد له أنه لم يختر المكان الصحيح فقط، وإنما هو عميل مميز سيحصل على عروض مغرية وفرص استثمارية جذابة، بل وخدمات ما بعد البيع. وكل ذلك يقنع العميل بأنه يتعامل مع المكتب الأنسب، ويتقلص تردده تدريجيا. وهنا من الضروري الحرص على تقديم عرض او معلومة بشكل مختلف لم يعتد العميل سماعها، وهذا ما يلفت نظر العميل وسط الزخم الكبير من الإعلانات والعروض.
وهذه المهارة تتطلب حتى فهم لغة الجسد وردود فعل العميل ونظراته ومدى انبهاره او عدم اكتراثه. أي تحليل ردود الأفعال، وهذا ما يقود الى المهارة الخامسة، وهي التأكيد على التفاصيل. بمعنى أنه إذا اختار العميل أحد العروض، فإنه ينتظر ما يعزز قناعته بانه اتخذ القرار السليم. وهنا يأتي دور الوسيط في تقديم معلومات وتسهيلات وعروض لم يعتد العميل سماعها، مثل المقدم القليل والعروض التمويلية المناسبة والتقسيط على فترات طويلة، مع إقناعه بأن هذه المعاملة تعتبر استثمارا، وأن الوسيط نفسه على استعداد لمساعدة العميل على بيع العقار مستقبلا إذا ما رغب بذلك. ومن العوامل الجاذبة هنا توفير خدمات ما بعد البيع مثل التشغيل او الإدارة، مقابل رسوم بالطبع. وكل ذلك يكون بمصداقية تعزز ثقة العميل. وأخيرا المهارة السادسة وهي إغلاق المعاملة بالشكل الصحيح. فمن أصعب الأمور في المعاملة العقارية بدء المعاملة وكسر الحواجز، وكذلك انهاء المعاملة وإقفالها. حيث تنتقل المعاملة الى التعامل الرسمي. لذلك في كثير من الشركات يكون هناك شخص متخصص هو من يتولى انهاء المعاملة العقارية، حتى لو كانت جميع المراحل السابقة مع وسيط آخر. فإقفال البيع يجب ان يكون بطريقة احترافية تتضمن العقود والجوانب القانونية ودفع المبالغ والتوقيعات وغيرها. فقد يكون الوسيط ماهرا في التفاوض والحديث والاقناع، ولكنه ليس بهذه المهارة في مرحلة إقفال المعاملة، وأي خطأ بما في ذلك ابتسامة عابرة او ردة فعل او نظرة ليست في محلها، قد تجعل العميل يعود الى مرحلة التردد، وقد يلغي المعاملة.
وهنا نعود الى موضوع المصداقية في تنفيذ كافة الالتزامات بعد اقفال المعاملة، مثل مواعيد التسليم واستكمال العقود الرسمية وتنفيذ كافة الالتزامات. ويختتم محمد شريف بالتأكيد أن البيع العقاري يعتبر رحلة ممتعة جدا لأن فيه هدفا يسعى الوسيط الى الوصول اليه من خلال مهارات وصبر، لأن البيع في العقارات لا يتم بين يوم وليلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك