زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ألماني أكثر كسلا مني!!
لابد لي بين الحين والحين أن أشكر أهل منطقة الخليج لأنهم تحملوني منذ أن حللت بينهم عندما تخلفت عن جيش سعد بي ابي وقاص، المتوجه الى معركة القادسية، وبسبب طول بقائي في المنطقة فإن هناك الكثيرين من أهلي ومعارفي المقيمين في السودان يحسبون أنني غارق في النعيم، بل وأن لي حصة من عائدات النفط في عدد من دول المنطقة، ليس حبا في سواد عيوني، بل اعترافا بأنني الوريث الشرعي الوحيد لعنترة بن شداد العبسي (وأنا جعفر العبسي)، وبالتالي فإن نصيبي من الإرث العنتري نفط خام أبيعه بكيفي ومزاجي في السوق الأسود مثل حظي، وبالتأكيد فإن العمل في منطقة الخليج منحني مستوى معيشيا لم أكن أحلم به عندما دخلت الحياة العملية في السودان، وأتاح لي السكن والراتب المريحين. ولكنني مثل كل العمالة المهاجرة لا أملك ترف اتخاذ قرار بترك العمل والاستمتاع بـ«التقاعد». فلن يكون لي راتب تقاعدي إذا توقفت عن العمل، وعاجلا أو «عاجلا جداً» سيصلني خطاب: شكر الله سعيك.. واعطنا عرض أكتافك.
ولكن تحسبا لمثل تلك المفاجآت غير السارة فقد حصلت على عدد من شهادات الميلاد التي تثبت أن الذي بيني وبين سن التقاعد كالذي بين طالبان والأمريكان، وبالضرورة فمع شهادات الميلاد المزورة ولكن موثقة ومعتمدة من قبل جهات قانونية، عندي جوازات سفر بعضها يثبت أنني من مواليد 1975 وبعضها أنني ما زلت طالب دراسات عليا. وتبعا لذلك فإن لدي شهادات دراسية وشهادات خبرة عملية بطريقة لكل حادث حديث. يعني بكالوريوس يفيد بأنني تخرجت من الجامعة في عام 1975 وآخر بأن سنة التخرج كانت 1985 أو 1993، وتبعا لذلك فإن شهادات الخبرة العملية تحمل تواريخ تتواءم مع شهادات الميلاد والتخرج إلخ (انتبهت إلى أن إحدى الشهادات كانت شاطحة للغاية لأنها تفيد بأنني تخرجت في الجامعة وعمري دون الثانية عشرة)، المهم وباختصار: لو مد الله في أيامي فلن أغادر منطقة الخليج ما لم أسمع ان السودان قدم قرضا لليابان.
ولكن نفسي وأمنيتي أن أتقاعد، أن أنال حريتي. أتصرف بوقتي كما أشاء. هناك كتب كثيرة أتمنى لو أملك الوقت لقراءتها، وكتب أتمنى تأليفها. وفي نفس الوقت لا مانع عندي من أن أظل أعمل حتى أموت أو أصاب بالعجز التام، ولكن بدون دوام رسمي ورئيس او مدير. ولهذا حسدت الألماني آرنو دوبل. عمره الآن 54 سنة. ترك المدرسة وعمره 16 سنة ليصبح عامل دهان وطلاء، ولكنه سرعان ما قال لنفسه «ما بدهاش»، ولم يلتحق بعمل بعدها، فما حاجته للعمل والحكومة الألمانية ظلت تعطيه شهريا 650 يورو أي نحو 800 دولار. وقد سبق للسيد دوبل ان ظهر في العديد من البرامج التليفزيونية ليشرح لماذا ظل عاطلا لنحو 40 سنة. وكانت ردوده منطقية: العمل مرهق ويبدد القوى. ولهذا لا يعمل سوى الأغبياء.
«الجميل» في الموضوع انه كان يتقاضى نحو 900 دولار عن كل مشاركة تليفزيونية. وأكثر ما أعجبني في دوبل هذا أنه كسول محترم.. كسول على مستوى.. فعنده مدير «أعمال»!! نعم شخص ليس عنده عمل وعنده مدير أعمال.. شوف العز.. ودور مدير الأعمال هذا هو ان يشتري له - مثلا - تذاكر القطارات والطائرات وتوصيل وجبات الطعام الجاهزة (هذا الشخص ألماني وليس سودانيا يا من تفترون أكاذيب عن كسلنا).
وفي ألمانيا جمعية للكسالى تشجع أعضاءها على تقليد الدببة، والمعروف ان الدببة القطبية تروح في نومة حوالي 6 شهور وتصحو على أقل من مهلها وتذهب الى حيث تتوافر أسماك السالمون وغيرها فتصطادها من دون بذل كثير جهد. وليت قارئا يجيد الألمانية يسأل صاحبنا هذا نيابة عني: عندك مانع نتبادل جوازات السفر يا آرنو دوبل؟
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك