مع حلول الشهر الكريم تُطرح الكثير من الأسئلة المتعلقة بالصيام وأمراض الكلى في هذا الشهر الفضيل، وفي هذا المقال تعرض لكم الدكتورة صفاء نوروز استشاري أمراض وزراعة الكلى بالمركز الطبي الجامعي – مدينة الملك عبدالله بعض الحقائق المتعلقة بالصيام وصحة الكلى.
قد يتبادر إلى الأذهان تساؤلات حول كيفية تأثير الصيام على الكلى؛ تقوم الكلى بتصفية الدم من السموم الناتجة عن العمليات الأيضية في الجسم، وتنظيم ضغط الدم، وتنظيم مستوى الأملاح في الدم والتخلص من الزائد منها وكذلك من السوائل الزائدة عن حاجة الجسم وإنتاج البول؛ لذلك فهي تساند جميع الأعضاء في وظائفها وبالأخص القلب، وعند الصيام تقل كمية السوائل وقد يرتفع مستوى بعض الأملاح أو يهبط بصورة غير مرغوبة، وهنا يأتي دور الكلى في الحفاظ على مستويات متوازنة من الأملاح والسوائل لإبقاء الجسم في حالة صحيحة تمكنها من أداء وظائفها.
وبشكل عام، أمراض الكلى المزمنة أو ما يُعرف بالقصور الكلوي المزمن ينقسم إلى خمس مراحل بغض النظر عن المرض الرئيسي المسبب لها. المصابون بالقصور الكلوي من المرحلتين الأولى والثانية يمكنهم الصيام إجمالاً، أما المصابون بالقصور الكلوي المزمن من المرحلة الثالثة فلا بد أن يقرر لهم الطبيب قدرتهم على الصيام؛ فهناك عدد من الأمور التي لا بد من مراعاتها، وأهم هذه الأمور هي: ثبات وظيفة الكلى للمريض من دون انتكاسات حادة مدة لا تقل عن ستة أشهر، وأن تكون وظيفة الكلى مناسبة للعمر والبنية الجسمية، وكذلك نسبة تجمع السوائل في الجسم وكمية البول، وأن لا يعاني المريض من حالات صحية أخرى غير مستقرة كمرض السكري التي تستلزم عدم الصيام. أما مدى تأثير هذه العوامل على قابلية تأثر الكلى بالصيام وخاصة الصيام فترات طويلة يحدده الطبيب المعالج.
أما المصابون بالقصور الكلوي من المرحلتين الرابعة والخامسة والمرضى الخاضعين لجلسات الغسيل الكلوي فننصحهم بشكل عام بعدم الصيام وذلك تفادياً لعدم توازن الأملاح في الجسم وحالات الجفاف التي قد تنتج عن الصيام التي لها تأثير غير محمود على وظائف الجسم الأخرى.
وإذا كان المريض لائقاً صحياً للصيام وخاصة في الفصول التي تكون فيها ساعات الصيام طويلة فعدم شرب الماء والسوائل بشكل كاف قد ينتج عنه جفاف الجسم الذي يؤثر سلباً على وظائف الكلى، كما أن أغلب المرضى يعانون من أمراض مزمنة أخرى كالسكري وأمراض القلب، وعدم تناول أدويتهم أو ترتيب أوقات تناولها في شهر رمضان بالشكل الصحيح من شأنه أن يؤثر بصورة غير مباشرة على الكلى التي تقوم بضبط الأملاح والسوائل ومستوى الحموضة في الدم واختلال مستوياتها يهدد الصحة. لذا لا بد للمريض المؤهل للصيام أن يحرص على شرب كمية مناسبة من السوائل وترتيب الأدوية بالكيفية التي يحددها له طبيب العائلة أو الطبيب المختص في فترة الإفطار، وأن يلتزم بحمية غذائية متوازنة غير غنية بالسكريات والنشويات البسيطة والدهون. وعلاوة على ذلك ينبغي للمريض أن يكون أكثر حذراً إذا كان يتناول أدوية من المجموعات الآتية: Diuretics, Metformin, SGLT2 inhibitors, ACE inhibitors, ARB’s، وبالأخص إذا تعرض لوعكة صحية، فدائماً ننصح بإيقاف استخدامها إذا أصيب بوعكة صحية مثل ارتفاع حرارة الجسم، والإسهال، أو أي وعكة تؤدي إلى عدم القدرة على تناول الطعام والسوائل ما ينتج عنه حالة من الجفاف وهبوط ضغط الدم، وأن يراجع الطبيب في حالة تفاقم الحالة واستمرارها. وبشكل عام ننصح بتفادي تناول أدوية الألم من مجموعة الـNSAIDs وضبط معدلات سكر الدم بعد التشاور مع طبيب السكر المختص وقياس ضغط الدم بصورة دورية لتجنب الهبوط أو الارتفاع الشديد نتيجة تغيير مواعيد الأدوية. ومن فئات مرضى الكلى المهمة المرضى الخاضعون لعملية زراعة الكلى؛ لذا ننصح مرضى زراعة الكلى بعدم الصيام في السنة الأولى بعد الزراعة، وفي السنة الثانية بعد الزراعة إذا أراد الصيام فلا بد من التأكد من أن تكون وظيفة الكلى مستقرة مدة لا تقل عن ستة أشهر ومن دون قصور كلوي، وكذلك أن تكون مستويات السكر والضغط منتظمة. وكما ذكرنا سابقاً يجب الحفاظ على مستوى سوائل مناسبة لحالة المريض لتجنب الجفاف. وهنا نشدد على ضرورة المحافظة على تناول أدوية المناعة من دون توقف وبحسب إرشادات الطبيب؛ إذ إن الطبيب يرشد مريض زراعة الكلى بأوقات تناول هذه الأدوية بحسب أنواعها. ونشدد أيضاً على مناقشة الطبيب في حالة الرغبة في الصيام قبل موسم الصيام بوقت كاف؛ حتى يتسنى له إعادة التحاليل اللازمة للتأكد من استقرار وظيفة الكلى قبل الشروع في الصيام، وكذلك إعادة تحاليل الدم بعد انتهاء شهر رمضان المبارك للتأكد من استقرار الوظائف.
وفي حال إصابة مريض الكلى بأي وعكة صحية فعليه أن يمتنع عن الصيام وزيارة طبيب العائلة لإعادة التحاليل، كما أن عليه أن يمتنع عن الصيام إذا كان غير قادر على الالتزام بوجبات صحية منتظمة وشرب كمية كافية من السوائل في فترة الإفطار.
هذه أهم النصائح التي نشدد عليها في شهر الخير والبركات، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها. دمتم بخير وصحة وسلامة، وكل عام وأنتم بخير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك