استضافت المملكة العربية السعودية باعتبارها أكبر اقتصاد رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مؤتمر (ليب 2025) خلال الأسبوع الماضي على مدى أربعة أيام، بهدف تسيير عملية تبادلية عالمية للأفكار والشراكات، وتعزيز الحراك في مجال التكنولوجيا الحديثة، بما يرتقي بالمشهد التقني في المنطقة ويشجع على الرقمنة والابتكار، إذ شارك في المؤتمر أكثر من ألف متحدث وخبير تقني دولي، وأكثر من 40 شركة عالمية، و1800 جهة عارضة، و680 شركة ناشئة من 18 دولة مختلفة. الجدير ذكره ان مملكة البحرين شاركت في هذا الحدث التقني المهم بـ23 شركة وطنية ناشئة ومتخصصة من رواد المجال التكنولوجي، وكانت 14 منها بدعم من صندوق العمل (تمكين) وبتنظيم من جمعية البحرين لشركات التقنية (بتك).
إذ تمكنت العاصمة السعودية الرياض خلال هذا المؤتمر الذي صار يشكل ما يشبه منصة جاذبة للاستثمارات الصارخة في قطاعات التكنولوجيا الحديثة والتقنية المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء و«البلوك تشين» والواقع الافتراضي والمدن الذكية؛ من جذب الباقة الكبرى من سلسة الاستثمارات والمشاريع التقنية في المنطقة والتي بلغت مليارات الدولارات، وشكل حجم الاستثمار الكلي المعلن هذا العام في أعقاب المؤتمر الذي اختتم نسخته الرابعة مؤخرًا قفزة نوعية بالنسبة إلى نسخه السابقة التي شهدت نموا مطردا، إذ بات المؤتمر يشكل معيارا عالميا في سرعة إتمام الصفات وإطلاق المشاريع الجديدة، وبذلك سينطلق المؤتمر من السعودية نحو العالم بتنظيم نسختين للعام المقبل إحداهما في الرياض كما جرت العادة والأخرى في هونغ كونغ كخطوة مستحدثة، وهو ما يؤكد حجم التوقعات المستقبلية الواعدة والزخم الهائل الذي يشهده القطاع التكنولوجي.
وقد جاءت هذه الاستثمارات الضخمة التي ستسهم في نمو الاقتصاد المعرفي وتحقيق التنمية المستدامة بتميزها النوعي؛ كتمكين وتنمية المهارات الرقمية وتحفيز نمو التقنيات الناشئة، وكتأكيد لمكانة السعودية الراسخة كمركز إقليمي للتقنية والابتكار، وكوجهة استثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة والعميقة والحوسبة السحابية، وكبيئة جاذبة للشركات التقنية الرائدة عالميًا.
إذ تم التوقيع بين كبرى شركات المجال عالميا والمؤسسات السعودية على العديد من الشراكات الاستراتيجية، وذلك بنية نقل مستوى المخرجات التكنولوجية في المملكة الى مستوى أعلى بما يحقق توطين الصناعات التقنية وتطوير الكوادر المحلية، وذلك من خلال إنشاء مركز تصنيع وتقنية متقدم يعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الرياض، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي عبر إطلاق تجمع عالمي يلبي الطلب الإقليمي والعالمي، وإنشاء بنية تحتية متقدمة تعزز الابتكار الإقليمي في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، إلى جانب إدماج اللغة العربية كنموذج لغوي ضمن سحابة من الذكاء الاصطناعي بما يدعم المبتكرين المحليين، بالإضافة إلى إطلاق برامج التمكين في مجال الذكاء الاصطناعي أكاديميًا وذلك لتدريب المواهب في مجال التقنيات المتقدمة بما يضمن مستقبلا رقميا مبتكرا ومستداما، وأيضًا لإنشاء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي أو لتطوير مراكز بيانات قائمة، وغيرها من الاستثمارات القيمة، وذلك بغية المساهمة في نمو الاقتصاد الرقمي وتطوير حلول الأعمال.
إذ حظيت كل الجهات المشاركة من المؤسسات الناشئة في هذا المؤتمر بحزمة من الفوائد، بما فيها المؤسسات البحرينية، فإلى جانب فرصة التواصل مع قادة وخبراء المجال التي أتيحت لهم، أفسحت لهم هذه المشاركة المجال لبناء شبكة علاقات عالمية وعقد شراكات استراتيجية قد تترتب عليها فرص استثمارية مستقبلية في المجال، ومن هذا المنطلق أبرم مركز ناصر العلمي والتقني اتفاقية تفاهم مع شركة (عِلم) السعودية الرائدة في الحلول الرقمية، وذلك تعزيزًا لمفهوم التعاون في تطوير وإطلاق المنتجات والخدمات الرقمية المبتكرة المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، هذا واستطاعت كافة المؤسسات المشاركة عرض تجاربها والاطلاع على المعروض من التجارب الابتكارية العالمية المتنوعة في المؤتمر، الأمر الذي منحهم إضافة فكرية وفنية قد تخدم الخطط والرؤى المستقبلية لهذه المؤسسات من ناحية تطوير أعمالهم؛ ما من شأنه أن يعزز موقعهم في السوق الإقليمي والعالمي. هذا ومن المتوقع أن تعم مخرجات المؤتمر وتمتد لتلامس دول المنطقة بما ينعكس ايجابيًا على دول الجوار بما فيها مملكة البحرين، وذلك بما يعزز التكامل الاقتصادي، ويحقق مزيدًا من الشراكات الإقليمية في البحث والتطوير، ويرفد القطاع بالتبادل الفكري والمعرفي، ويعزز القدرات التقنية، ويسهم في تنمية القطاع على الصعيدين المحلي والإقليمي. ومن المتوقع أن يكفل لمملكة البحرين فرصة الاستفادة من خبرات وتجارب المملكة العربية السعودية التي ستتولد نتاجًا عن الاستثمارات والشراكات العالمية؛ التي أثمر عنها المؤتمر وذلك لتطوير القطاع التكنولوجي وطنيًا، بما يفسح فرصا تدريبية لانضمام المواهب البحرينية في الأكاديميات والمراكز التي ستنشأ في السعودية، الأمر الذي ستعود طائلته كمعزز لتطوير البنية التحتية الرقمية، مما يسهم في دعم المشاركة الوطنية في الإنتاج والابتكار التكنولوجي، وهذا من شأنه أن يتيح فرص عمل نوعية للشباب البحريني، ويكفل تنوع مصادر الدخل الوطني بما يحقق اقتصادا متنوعا ومستداما يعود أثره بالنفع على تحسين جودة حياة المواطن ويدفع بعجلة القطاع إقليميًا نحو أفاق أكثر تميزًا؛ ويسهم كذلك في تعزيز دور البحرين كمركز تقني، وإدراج اسمها صفًا إلى جانب دول المنطقة المتقدمة في هذا القطاع بما يشكل منظومة إقليمية تواكب التغير والتطور العالمي المستمر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك