تواجه دول مجلس التعاون الخليجي حاليا العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة في المرحلة الجديدة التي من الواضح أن تظهر فيها للعلن مشروعات ومخططات خطيرة تستهدفها بشكل رئيسي ومن المحتمل أن تشكل تهديدا لسيادتها واستقلالها ورفاهية شعوبها خاصة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم وإثارته بشكل علني العديد من المشروعات والخطط المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي بوجه خاص.
فبالإضافة إلى القضايا المطروحة في منطقتنا الخليجية مثل التحديات الاقتصادية وانعكاساتها على مستويات المعيشة وغير ذلك من الملفات التي اعتاد عليها المواطنون في هذا الإقليم الخليجي، فإن هنالك ثلاثة تحديات مستجدة بدأت تلوح في الأفق ومن المحتمل أن تمثل مشكلة خلال السنوات القليلة القادمة:
أولا: موضوع ترك الحبل على الغارب أمام إسرائيل لتفعل ما تريد في فلسطين ولبنان وسوريا بلا حسيب أو رقيب وإثارة موضوع تهجير الفلسطينيين مجددا خدمة للمشروع التوسعي الإسرائيلي، وهذا في حال حدوثه واستمراره سيجلب الضرر ليس للفلسطينيين فحسب، بل سيجلب الضرر أيضا لدول مجلس التعاون لأن مثل هذه الأفكار الخطيرة لها تداعيات حتمية على أمن واستقرار منطقة الخليج العربي.
ثانيا: الضغط الكبير الذي تمارسه الإدارة الأمريكية الجديدة على منتجي النفط في دول مجلس التعاون بهدف تخفيض سعر هذه المادة الأساسية التي تشكل المصدر الرئيسي لهذه الدول لتمويل الميزانيات والخدمات والإنفاق على هذه الخدمات، وقد استمع الجميع بشكل واضح إلى تلك الدعوة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار النفط مع علمه المسبق بالالتزامات الناجمة عن التزامات دول المنطقة بقرارات منظمة «أوبك» و«أوبك بلس» والتفاهمات مع عدد من المنتجين من خارج أوبك مثل روسيا الاتحادية في سبيل ضمان الاستقرار في الأسواق العالمية وضمان سعر عادل ومعتدل للنفط، ولذلك فإن ما يدعو إليه الرئيس الأمريكي الجديد سيكون له تداعيات خطيرة في حال القبول به، كما أن الرفض سوف يدخل دول المنطقة في مواجهة مع الإدارة الأمريكية قد تتسبب في أزمات اقتصادية وسياسية.
ثالثا: أعادت ولاية ترامب الجديدة إلى الساحة تلك المشاريع والبرامج الاستثمارية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون، وقد رحبت دول المجلس بالتعاون المشترك والاستثمار، إلا أن المنطق الذي يتحدث به الرئيس الأمريكي قد قلل احتمالية التطبيق لا سيما ان هذا المنطق قد شمل العديد من القضايا العالمية المستعصية بدءا من الحرب الروسية الأوكرانية وصولا إلى الاتحاد الأوروبي والأزمة مع روسيا ومع دول أخرى مثل الصين والمكسيك وكندا وإيران والبرازيل بما يعني أن الحرب الاقتصادية والتجارية قادمة لا محالة، ولذلك على دول مجلس التعاون أن تستعد لهذه المرحلة من خلال التعاون والتواصل فيما بينها لمواجهة هذه المخاطر من خلال 3 خطوات:
الأولى: تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون بشكل أكثر جدية ووضوحا بحيث تكون القرارات موحدة حتى لا تستفرد الإدارة الأمريكية الجديدة بممارسة أي ضغط على كل دولة على حدة.
ولا شك أن التجارب أثبتت أهمية التضامن ودور وحدة الموقف والكلمة في مواجهة الضغوط الخارجية حفاظا على أمن واستقرار وازدهار دول المجلس، وهذا لن يتحقق إلا من خلال وحدة الصف وتجاوز أي خلافات من شأنها إضعاف هذا الموقف الخليجي المشترك في مواجهة التحديات الخارجية.
الثانية: الاعتماد على الذات وتعزيز القدرات الوطنية والخليجية والتجارة البينية وإعداد الكوادر الوطنية القادرة على الاضطلاع بدور رئيسي في الإدارة والاعتماد على برامج صناعية وإنتاجية مشتركة.
والثالثة: إن دول مجلس التعاون ليس من مصلحتها الانجرار إلى أي حروب أو صراعات في المنطقة بما في ذلك المواجهة مع إيران خاصة في ضوء المخاوف الكبيرة من أن يقود تدهور الأوضاع إلى مواجهات عسكرية في ظل غياب أي مساع لحل قابل للاستقرار مع طهران وعليه ينبغي على دول المجلس أن تتعامل في السنوات القادمة مع أي أزمة بعيدا عن أي تدخلات أو صراعات قد تجلب إلى المنطقة أزمات مستجدة لا قدر الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك