العدد : ١٧١٢٨ - الخميس ١٣ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٨ - الخميس ١٣ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دول الخليج والتحديات القادمة

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

تواجه‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬حاليا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬للعلن‭ ‬مشروعات‭ ‬ومخططات‭ ‬خطيرة‭ ‬تستهدفها‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬لسيادتها‭ ‬واستقلالها‭ ‬ورفاهية‭ ‬شعوبها‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬وإثارته‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬والخطط‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭.‬

فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬مثل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬اعتاد‭ ‬عليها‭ ‬المواطنون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬الخليجي،‭ ‬فإن‭ ‬هنالك‭ ‬ثلاثة‭ ‬تحديات‭ ‬مستجدة‭ ‬بدأت‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭:‬

أولا‭: ‬موضوع‭ ‬ترك‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب‭ ‬أمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتفعل‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬بلا‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭ ‬وإثارة‭ ‬موضوع‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مجددا‭ ‬خدمة‭ ‬للمشروع‭ ‬التوسعي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حدوثه‭ ‬واستمراره‭ ‬سيجلب‭ ‬الضرر‭ ‬ليس‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬سيجلب‭ ‬الضرر‭ ‬أيضا‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬الخطيرة‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬حتمية‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

ثانيا‭: ‬الضغط‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬بهدف‭ ‬تخفيض‭ ‬سعر‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬لتمويل‭ ‬الميزانيات‭ ‬والخدمات‭ ‬والإنفاق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات،‭ ‬وقد‭ ‬استمع‭ ‬الجميع‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬لخفض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬مع‭ ‬علمه‭ ‬المسبق‭ ‬بالالتزامات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التزامات‭ ‬دول‭  ‬المنطقة‭ ‬بقرارات‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬‭ ‬و«أوبك‭ ‬بلس‮»‬‭ ‬والتفاهمات‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنتجين‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬أوبك‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬وضمان‭ ‬سعر‭ ‬عادل‭ ‬ومعتدل‭ ‬للنفط،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬القبول‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الرفض‭ ‬سوف‭ ‬يدخل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭.‬

ثالثا‭: ‬أعادت‭ ‬ولاية‭ ‬ترامب‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬والبرامج‭ ‬الاستثمارية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬وقد‭ ‬رحبت‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬بالتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬والاستثمار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المنطق‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬قلل‭ ‬احتمالية‭ ‬التطبيق‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬قد‭ ‬شمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية‭ ‬المستعصية‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والأزمة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬ومع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬والمكسيك‭ ‬وكندا‭ ‬وإيران‭ ‬والبرازيل‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الاقتصادية‭  ‬والتجارية‭ ‬قادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أن‭ ‬تستعد‭ ‬لهذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬والتواصل‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬3‭ ‬خطوات‭:‬

الأولى‭: ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬ووضوحا‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬القرارات‭ ‬موحدة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تستفرد‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬بممارسة‭ ‬أي‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬حدة‭. ‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التجارب‭ ‬أثبتت‭ ‬أهمية‭ ‬التضامن‭ ‬ودور‭ ‬وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬والكلمة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬وازدهار‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬وتجاوز‭ ‬أي‭ ‬خلافات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إضعاف‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الخارجية‭.‬

الثانية‭: ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭ ‬والخليجية‭ ‬والتجارة‭ ‬البينية‭ ‬وإعداد‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بدور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬صناعية‭ ‬وإنتاجية‭ ‬مشتركة‭.‬

والثالثة‭: ‬إن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحتها‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حروب‭ ‬أو‭ ‬صراعات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المخاوف‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬تدهور‭ ‬الأوضاع‭ ‬إلى‭ ‬مواجهات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬مساع‭ ‬لحل‭ ‬قابل‭ ‬للاستقرار‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬وعليه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬أزمة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تدخلات‭ ‬أو‭ ‬صراعات‭ ‬قد‭ ‬تجلب‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬أزمات‭ ‬مستجدة‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا