العدد : ١٧١٢٦ - الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٦ - الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ شعبان ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

يا بهيّة خبريني ع اللي حصل

بداية‭ ‬أقول‭ ‬ان‭ ‬خوضي‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الزواج‭ ‬أو‭ ‬تربية‭ ‬العيال‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أنني‭ ‬زوج‭ ‬أو‭ ‬أب‭ ‬مثالي،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬أنتقد‭ ‬بعض‭ ‬عيوبي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬وأنا‭ ‬أنقل‭ ‬حكايات‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬أزواج‭ ‬وآباء‭ ‬آخرين‭ ‬اليوم،‭ ‬اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أحكي‭ ‬لكم‭ ‬مجددا‭ ‬عن‭ ‬السيدة‭ ‬بهية‭ ‬سالم‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬دمياط‭ ‬بمصر،‭ ‬تطلب‭ ‬خلع‭ ‬زوجها،‭ (‬ولا‭ ‬يهمني‭ ‬الحكم‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬القاضي‭ ‬بل‭ ‬كون‭ ‬أنها‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬طالبة‭ ‬الطلاق‭ ‬مع‭ ‬التعهد‭ ‬بأن‭ ‬تعيد‭ ‬للزوج‭ ‬المهر‭ ‬و«الصيغة‮»‬‭ ‬أي‭ ‬المشغولات‭ ‬الذهبية‭ ‬التي‭ ‬أهداها‭ ‬لها‭).. ‬وقد‭ ‬تستغرب‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬لاهتمامي‭ ‬بهذه‭ ‬الواقعة‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق،‭ ‬ذلك‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرك‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬‮«‬عادي،‭ ‬ياما‭ ‬الملايين‭ ‬تتطلق‭ ‬يوميا،‭ ‬فما‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬سعي‭ ‬بهية‭ ‬الى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخلع‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الطلاق‭ ‬مع‭ ‬التنازل‭ ‬للزوج‭ ‬عن‭ ‬ممتلكات‭ ‬وأموال‭ ‬كثرت‭ ‬أم‭ ‬قلّت؟‭ ‬ما‭ ‬غريب‭ ‬إلا‭ ‬الشيطان‭.. ‬أولا‭ ‬يا‭ ‬عزيزي‭ ‬ويا‭ ‬عزيزتي،‭ ‬بهية‭ ‬عمرها‭ ‬80‭ ‬سنة،‭ ‬وظلت‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬زوجها‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬83‭ ‬سنة،‭ ‬طوال‭ ‬61‭ ‬سنة،‭ ‬وأنجبا‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬الأولاد‭ ‬والبنات،‭ ‬أنجبوا‭ ‬بدورهم‭ ‬كتيبة‭ ‬من‭ ‬الأولاد‭ ‬والبنات‭ (‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭). ‬وحسب‭ ‬أقوال‭ ‬بهية‭ ‬فإنها‭ ‬وقفت‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬ثريا‭ ‬ولكنه‭ ‬انقلب‭ ‬عليها‭ ‬مؤخرا‭ ‬وصار‭ ‬يعتدي‭ ‬عليها‭ ‬بالضرب‭ ‬والسب‭ ‬حتى‭ ‬أحال‭ ‬حياتها‭ ‬الى‭ ‬جحيم‭! ‬ولهذا‭ ‬فقد‭ ‬أيدت‭ ‬بشدة‭ ‬السيدة‭ ‬بهية،‭ ‬ونصحتها‭ ‬بعدم‭ ‬طلب‭ ‬الخلع‭ ‬بل‭ ‬الطلاق،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تدفع‭ ‬لزوجها‭ ‬المفتري‭ ‬مليما‭ ‬أسود،‭ ‬صار‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬للتداول‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬رمسيس‭ ‬الأول‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق‭ ‬بين‭ ‬الستينيين‭ ‬او‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬ظلوا‭ ‬متزوجين‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬تثير‭ ‬الحيرة‭ ‬وأحيانا‭ ‬الاستنكار،‭ ‬وقد‭ ‬تجد‭ ‬شخصا‭ ‬كان‭ ‬ينفق‭ ‬على‭ ‬أسرته‭ ‬بسخاء‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭ ‬‮«‬بخيل‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يتخطى‭ ‬حاجز‭ ‬الستين‭.. ‬فمن‭ ‬يتقدم‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬يخش‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬البهدلة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬كافية‭: ‬العيال‭ ‬سيكبرون،‭ ‬وسيصبح‭ ‬لهم‭ ‬عيال،‭ ‬وتتغير‭ ‬أولوياتهم،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬فائض‭ ‬يعينونني‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬شيخوختي‭. ‬وقد‭ ‬يصبحون‭ ‬عاقين‭ ‬ويهملون‭ ‬أمري،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬أحوالهم‭ ‬متيسرة‭ ‬ماديا‭. ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬أحد‭ ‬الزوجين‭ ‬أكثر‭ ‬عصبية‭.. ‬وكثير‭ ‬‮«‬الطلبات‮»‬‭. ‬وهناك‭ ‬العيال،‭ ‬فبعد‭ ‬الإنجاب‭ ‬ينصرف‭ ‬الاهتمام‭ ‬الى‭ ‬تربيتهم‭. ‬وقد‭ ‬يقتصر‭ ‬الحديث‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬خلال‭ ‬اليوم‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬تلغرافات‭ ‬من‭ ‬شاكلة‭ ‬‮«‬صحيني‭ ‬مع‭ ‬أذان‭ ‬المغرب‮»‬‭. ‬أو‭ ‬‮«‬رايحة‭ ‬لخالتي‭ ‬قماشة‭ ‬باكر‭ ‬الصبح‮»‬‭. ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الزوج‭ ‬هو‭ ‬العائل‭ ‬الوحيد‭ ‬للأسرة‭ ‬فإنه‭ ‬يزداد‭ ‬اهتماما‭ ‬بالعمل‭ ‬حتى‭ ‬يوفر‭ ‬احتياجاتها،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬الى‭ ‬إهمال‭ ‬أمر‭ ‬الزوجة‭ ‬ولو‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭. ‬والزوجة‭ ‬بدورها‭ ‬تترك‭ ‬الفراش‭ ‬فجرا‭ ‬و«تجهز‮»‬‭ ‬العيال‭ ‬للمدرسة‭ ‬ثم‭ ‬تدخل‭ ‬المطبخ‭ ‬وعند‭ ‬عودة‭ ‬العيال‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬الصياح‭: ‬صلوح‭ ‬حط‭ ‬شنطتك‭ ‬في‭ ‬غرفتك‭.. ‬هنادي‭ ‬لا‭ ‬تنامي‭ ‬قبل‭ ‬كتابة‭ ‬الواجب‭ ‬المدرسي‭.. ‬حمودي‭ ‬حذرتك‭ ‬الف‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬لبس‭ ‬النعال‭ ‬الخايسة‭ ‬هاذي،‭ ‬وشيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬تصبح‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬‮«‬رسمية‮»‬،‭ ‬وكأنها‭ ‬علاقة‭ ‬شراكة‭ ‬في‭ ‬‮«‬مشروع‮»‬،‭ ‬فتحل‭ ‬الغلظة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬محل‭ ‬المودة،‭ ‬وتتسع‭ ‬الشقة‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬بحيث‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تفرِق‮»‬‭ ‬مع‭ ‬أحدهما‭ ‬او‭ ‬كليهما‭ ‬فضّ‭ ‬الشراكة،‭ ‬فيحدث‭ ‬الطلاق‭ ‬ويستنكره‭ ‬الناس‭ ‬‮«‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬صبرتم‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬كذا‭ ‬سنة‭.. ‬فات‭ ‬الكثير‭ ‬وما‭ ‬بقي‭ ‬إلا‭ ‬القليل‮»‬‭. ‬والعبارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مرعبة،‭ ‬لأنها‭ ‬تذكر‭ ‬بالموت‭ ‬فيقرر‭ ‬طالب‭ ‬الطلاق‭ ‬الاستعجال‭ ‬فيه‭ ‬لـ‮«‬يرتاح‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬المهلة‭ ‬القصيرة‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬والشاهد‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬صمود‭ ‬الزواج‭ ‬عشرين‭ ‬أو‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الزيجة‭ ‬ناجحة‭ ‬أو‭ ‬قابلة‭ ‬للاستمرار،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬‮«‬مفتري‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يقيم‭ ‬وزنا‭ ‬للعشرة‭ ‬والألفة‭ ‬الطويلة،‭ ‬فهناك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يحس‭ ‬بأن‭ ‬شريكة‭ ‬حياته‭ ‬وأمّ‭ ‬عياله‭ ‬صارت‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬ثروة‭ ‬أو‭ ‬منصبا‭ ‬رفيعا،‭ ‬وهناك‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬يزداد‭ ‬لسانها‭ ‬سلاطة‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭ ‬فتجعل‭ ‬الزوج‭ ‬يقرر‭ ‬الفرار‭ ‬بما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬عمره‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا