عالم يتغير
![](https://media.akhbar-alkhaleej.com/thumbeditor.php?img=editor/thumbeditor.jpg)
فوزية رشيد
الخيال السياسي!
{ حين جلس الرئيس الأمريكي قبل أيام في مكتبه وهو يشير إلى من حوله على الطاولة وبيده قلم ، قال وهو يحاول أن يكتسب ملامح الأسى والجدية فيما يقوله: «لنتصور أن هذه الطاولة الكبيرة هي الشرق الأوسط، وهذا القلم هو «إسرائيل» ، سترون أن القلم صغير جداً بالنسبة إلى مساحة الطاولة ... أليس كذلك ... إنه صغير جدا)! ولكي يأخذ القلم حجما يريده ترامب لا بد من تكبيره! فهم من حوله، وفهم العرب وفهم العالم، ما يرمي إليه وهو الذي قال أيضا قبل دخوله البيت الأبيض بشهور: «إن الكيان الصهيوني أرضه صغيرة جدا بالنسبة إلى جيرانه) ولذلك عليه أن يتوسع طبعاً! أمَّا كيف فمعروف لدى المستعمر!
في قراءة لخط ولتوقيع الرئيس الأمريكي الذي يستعرضه أمام الكاميرات، ما أن يوقع على واحدة من قراراته أو فرماناته! حلل خبراء الـ«غرافولوجي» النفسية، بأن توقيعه يشير إلى أن (لديه طاقة ورغبة في الهجوم والدفاع، عشق الذات، شرس، قلق، مغرور، يحب الزعامة) باختصار هو نرجسي شديد النرجسية وبصيغة عدائية وشرسة، ويغلف قلقه الداخلي بالغرور والتباهي والتحدي! وهو الذي دخل الرئاسة الأمريكية من باب العقارات وبرامج ملكات الجمال!
{ ولكن ما تقوله تصرفاته تضيف إلى قراءة خطه وتوقيعه صفة تجمع بين الجموح أو الجنون والخيال، ومعه بدأ العالم يُدخل في قاموسه الدولي مصطلحا جديدا هو الخيال السياسي خيال يتلاعب بالسياسة والزعامة الأمريكية وبالدول وسيادتها وبالشعوب وأوطانها! وبالرؤى الاستراتيجية والمبادئ والقوانين الدولية! ليدخل (مساحات الوهم والعالم المتخيل) ليكون بديلا عن الحقائق الثابتة حول مفهوم الوطن والشعب تحديداً والفارق بينهما وبين أرض خالية يتم الاستيلاء عليها أو شراؤها للاستثمار التجاري! وبهذا الخيال والوهم يقوم كما يفعل المجنون أو الأخرق بإحداث صدمة على الوعي العالمي وفي محيطه سواء بكلامه أو تصرفاته!
{ هذا ما فعله من خلال التصريحات الخيالية حول غزة وتهجير شعبها الفلسطيني ليصنع على أرضها «ريفييرا» الشرق الأوسط! ولعل صهاينة الكيان «المنتشون بتصريحات ترامب» وخياله الواسع وأوهامه، جاء من داخلهم من يدعوهم إلى الصحو! فها هو رئيس وزراء الكيان الأسبق «إيهود باراك» يصف مقترح «ترامب» بإعادة توطين مليوني فلسطيني يقيمون في قطاع غزة بـ«الخيال»، وقد أصبح واحداً من الذين أصابتهم الدهشة خاصة حين قال ترامب إن «الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وليرحل الغزاويون إلى دول أخرى وألا يعودوا) بل الصدمة أصابت حتى الديموقراطيين والجمهوريين داخل أمريكا!
{ كما أدخلت هوليوود مصطلح «الخيال العلمي» ليصبح عنوانا للكثير من أفلامها، فإن ترامب خرج من الفن والخيال الفني ومن العقارات إلى الخيال السياسي والوهم (بطوفان لغوي) كما أسماه أحد الصهاينة ردا على طوفان الأقصى! ولكن سيناريو الخيال عند «ترامب» لم يرتق حتى إلى مستوى أردأ السيناريوهات الفنية والدرامية وحتى الاستعراضية! بل سيناريوهات التلاعب بالمفاهيم والحقائق، لم تصل حتى الآن إلى ما وصل إليه الرئيس الأمريكي، الذي ينفي الواقع والتاريخ والحقائق والجغرافيا ومفاهيم الوطن وحق الشعب في وطنه، ليقول بروح البجاحة لدى تاجر العقارات: «هذه الأرض أعجبتني وسآخذها! وليرحل شعبها إلى أرض أخرى في دول أخرى وليعيشوا هناك حياة أجمل»! وبذلك دمج بفهلوة «الحاوي» وهو يستعرض ألاعيبه وسحره الوهمي بأخطر نظرية استعمارية استيطانية يصرح بها رئيس دولة عظمى، ليدخل معجم السياسة الدولية مصطلحا آخر جديدا هو (الخيال الترامبي الاستعماري العقاري)! فهو يحتل البلد ويطرد شعبه كله في ذات الوقت!
{ حين يجتمع الجنون والوهم والخيال الشاطح عند شخص ما فبإمكان من يسمعه من العقلاء أن يضحكوا وينصرفوا بعدها ليقولوا: هذا مجنون! وكفى.
أما حين تجتمع تلك الصفات لدى رئيس دولة تقع بين يديه قرارات التنفيذ والقوة، وسيرة طويلة للدولة التي يحكمها من جرائم الحرب والإبادة، فان ذلك يختلف! وهو جنون لا يمكن التفرج عليه والانصراف عنه، حتى لو كان يسوق الوهم ويسرح في الخيال! وربما لهذا كانت ردة الفعل العربية والدولية على تلك التصريحات «الخيالية» والواهمة، والخارجة عن أي منطق حتى في الخيال!، وبتلك الآلية الرافضة عبر التصريحات حتى الآن، لأن لا أحد يعبأ بما كان يقوله «ترامب» وهو خارج الرئاسة، أما وقد احتل مقعد الرئاسة والقرار والتنفيذ في أخطر وأقوى دولة، فإن إطلاق أي تصريح رئاسي يمثل الدولة التي يرأسها! دون الوقوف أمام إن كانت قابلة للتنفيذ من عدمه لأن لا أحد يعرف أي مسافة سيقطعها الجنون أو الوهم أو الخيال في إطار تنفيذ ما قاله من تصريحات!
الولايات المتحدة ومؤسساتها وشعبها وكل دول العالم عليها أن تعمل لإنزال صاحب الخيال الفالت من فوق الشجرة، حتى يأمن العالم على نفسه! أما غزّة فتشبث شعبها بأرضه ووطنه وتاريخه وأحلامه ونضاله كفيلة بأن ترد أي مجنون إلى عقله حتى لو شطح في الوهم والخيال!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news
![](https://akhbar-alkhaleej.com/assets/images/iconforinsta.png)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك