العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأثير العقوبات الأمريكية على استقرار أسواق النفط العالمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬حملته‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬أطلق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬تهديدات‭ ‬عديدة‭ ‬ومتكررة‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬حذر‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬مثل‭ ‬جوزيف‭ ‬ستيجليتز،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬باهظة‭ -‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬100%‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭- ‬سيكون‭ ‬ضارًا‭ ‬للغاية،‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬والعالمي؛‭ ‬أصر‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬العقابية‭ ‬ضد‭ ‬المنافسين‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬ستعزز‭ ‬المزايا‭ ‬الصناعية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والقومي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الحلفاء‭ ‬والخصوم‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬فإن‭ ‬سياساتها‭ ‬لن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحدها‭. ‬واستمرارا‭ ‬للاتجاه‭ ‬السائد‭ ‬خلال‭ ‬العِقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬الواسع‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬وضوابط‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬يتحدون‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية؛‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬استعادة‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والعقوبات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالسفر‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الحكومات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والأفراد‭ ‬وإضافتها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‭. ‬

وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬تنامي،‭ ‬اعتماد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬منافسيها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬أوضح‭ ‬كريستوفر‭ ‬ساباتيني،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬للتعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬وسجل‭ ‬مركز‭ ‬صوفان‭ ‬للدراسات‭ ‬الأمنية،‭ ‬كيف‭ ‬ستشكل‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أداة‭ ‬رئيسية‭ ‬لإدارته‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وحلفائها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬المقصودة‭ ‬لهذه‭ ‬الإدارة‭ ‬تشمل‭ ‬كبار‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن،‭ ‬تجاه‭ ‬التهديدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعقوبات،‭ ‬تأثيرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬ساباتيني،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬اهتمام‭ ‬العالم‭ ‬بسياسات‭ ‬ترامب‭ ‬الاقتصادية‭ -‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬تنصيبه‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭- ‬كان‭ ‬منصبا‭ ‬على‭ ‬شغفه‭ ‬المعلن‭ ‬بالرسوم‭ ‬الجمركية‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬معدل‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الأساسي‭ ‬البالغ‭ ‬2‭.‬5%،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬كل‭ ‬شهر،‭ ‬هدد‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬كندا‭ ‬والمكسيك،‭ ‬وبنسبة‭ ‬60%‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬وبنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية‭ ‬الواردة‭ ‬لأمريكا‭. ‬كما‭ ‬كرر‭ ‬تهديداته‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ (‬البريكس‭)‬،‭ ‬حال‭ ‬حاولوا‭ ‬استبدال‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬كعملة‭ ‬أساسية‭ ‬للتجارة‭ ‬والمعاملات‭ ‬الدولية‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬حذر‭ ‬ماركوس‭ ‬نولاند،‭ ‬وواريك‭ ‬ماكيبين،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬بيترسون‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الدولي،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬المشاركة،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬المحتملة،‭ ‬ستعاني‭ ‬من‭ ‬أضرار‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استشهادهما‭ ‬بسمعة‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬التعاملات‭ ‬التجارية،‭ ‬كأسباب‭ ‬للاعتقاد‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬ترامب‭ ‬تهديداته؛‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التنبؤ‭ ‬بقيادته‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬التحليل‭ ‬الشامل‭ ‬لسياسات‭ ‬ترامب‭ ‬الجمركية،‭ ‬أشار‭ ‬ساباتيني،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إدارته‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬تفصح‭ ‬سوى‭ ‬عن‭ ‬القليل،‭ ‬بشأن‭ ‬نواياها‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستخدام‭ ‬العقوبات‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي،‭ ‬والتوجهات‭ ‬المعلنة‭ ‬للحكومة‭ ‬الجديدة،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬لهذا‭ ‬النهج‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتحالفات‭ ‬الدولية،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭.‬

وبين‭ ‬عامي‭ ‬2000و2021،‭ ‬تضاعف‭ ‬كم‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬وعلى‭ ‬السفر،‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬واشنطن،‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف‭ ‬من‭ ‬912‭ ‬إلى‭ ‬9421‭. ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2017‭ ‬و2021،‭ ‬فرض‭ ‬ترامب،‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬5000‭ ‬عقوبة‭ ‬منفصلة‭ ‬ضد‭ ‬الحكومات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والأفراد‭ ‬الأجانب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬القيود‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسفر‭ ‬على‭ ‬الإيرانيين‭ ‬غداة‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لعام‭ ‬2015‭. ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬جيف‭ ‬شتاين،‭ ‬وفيديريكا‭ ‬كوكو،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬أطلقت‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬6000‭ ‬عقوبة،‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أرسى‭ ‬بالفعل‭ ‬آليات‭ ‬لإعادة‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬خصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ -‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭- ‬فإن‭ ‬نطاق‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬العقابية‭ ‬مرشح‭ ‬للتوسع‭ ‬ليشمل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية،‭ ‬تعهدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بتوسيع‭ ‬إنتاجها‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بوتيرة‭ ‬سريعة،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬مطالبتها‭ ‬دول‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك،‭ ‬بزيادة‭ ‬إنتاجها‭ ‬لخفض‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية‭. ‬وأشارت‭ ‬كيت‭ ‬وينسون،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬ستاندرد‭ ‬آند‭ ‬بورز‭ ‬جلوبال‭ ‬كوموديتي‭ ‬إنسايتس،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬السياسية‭ ‬تعكس‭ ‬بوضوح‭ ‬نوايا‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تصعيد‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬وإيران‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬روسيا،‭ ‬بينما‭ ‬يسعى‭ ‬ترامب،‭ ‬لإنهاء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬عبر‭ ‬اتفاق‭ ‬دبلوماسي،‭ ‬أشار‭ ‬كيث‭ ‬جونسون،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لتصعيد‭ ‬الضغط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬موسكو‭. ‬ولتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬فرضت‭ ‬عقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬كبرى‭ ‬شركاتها‭ ‬النفطية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬183‭ ‬ناقلة‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـأسطول‭ ‬الظل؛‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬إبقاء‭ ‬سعر‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬60‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وهو‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬استهدفته‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬طُرحت‭ ‬إمكانية‭ ‬التهديد‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصارف،‭ ‬والمصافي،‭ ‬والموانئ‭ ‬في‭ ‬دول،‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬والصين،‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬وتنقل‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران،‭ ‬أشار‭ ‬ولي‭ ‬نصر،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬جونز‭ ‬هوبكنز،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تواجه‭ ‬عامًا‭ ‬حرجًا‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توقعات‭ ‬بعودة‭ ‬سياسة‭ ‬الضغوط‭ ‬القصوى،‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬هيمنتها‭ ‬الاقتصادية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أوضحت‭ ‬كيت‭ ‬وينسون،‭ ‬أن‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬تراجعت‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬وهو‭ ‬انخفاض‭ ‬كبير‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمستوى‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬3.22‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭. ‬وعليه،‭ ‬إذا‭ ‬تكرر‭ ‬فرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬الاقتصادية؛‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬راشيل‭ ‬زيمبا،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬هورايزون‭ ‬إنجيج،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المنتجين‭ ‬الإقليميين‭ ‬الآخرين،‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬سيكون‭ ‬عليهم‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬قليلاً؛‭ ‬لتعويض‭ ‬النقص‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬توازن‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬ترامب،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ربط‭ ‬تهديداته‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬وزيادة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬بقضية‭ ‬تسعير‭ ‬النفط،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكندا‭ ‬والمكسيك‭. ‬وتعد‭ ‬كندا،‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬موردي‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬تصدر‭ ‬لها‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬730‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية‭ ‬من‭ ‬المكسيك‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬صرح‭ ‬ترامب‭ ‬بإمكانية‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬كندا‭ ‬والمكسيك‭ ‬قائلًا‭: ‬قد‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬نفعله،‭ ‬سنتخذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬وتابع‭: ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬المكسيك‭ ‬وكندا‭ ‬جيدتين‭ ‬معنا‭ ‬أبدًا‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬لقد‭ ‬عاملونا‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عادل‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬التجارة،‭ ‬وسنكون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تعويض‭ ‬ذلك‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة‭ ‬لأننا‭ ‬لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬لديهم‭. ‬وسيعتمد‭ ‬قراره‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬السعر‭ ‬الذي‭ ‬يحدده‭ ‬الشريكان‭ ‬التجاريان‭ ‬للنفط‭ ‬عادلاً،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الأساس‭ ‬الفعلي‭ ‬للرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬هدد‭ ‬بفرضها‭ ‬يرتبط‭ ‬بجهود‭ ‬وقف‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬تهريب‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الفنتانيل‭.‬

وتعيد‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬طرح‭ ‬مسألة‭ ‬فاعلية‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬منافسيها‭ ‬الجيوسياسيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تداعياتها‭ ‬الواسعة‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬جوانب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬مدى‭ ‬فاعلية‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬العقابية‭ ‬أمرًا‭ ‬غير‭ ‬واضح،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ضارة‭ ‬لأهداف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬

وأوضح‭ ‬ساباتيني،‭ ‬أن‭ ‬العقوبات‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُعتبر‭ ‬أداة‭ ‬للضغط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والدبلوماسي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬طبقه‭ ‬ترامب‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬ضد‭ ‬منافسي‭ ‬واشنطن‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفعاليتها،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقييمها‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جدًا‭ ‬التراجع‭ ‬عنها،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لتهديدات‭ ‬اقتصادية‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬لعقود،‭ ‬مثل‭ ‬روسيا،‭ ‬والصين،‭ ‬وإيران،‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وفنزويلا،‭ ‬لم‭ ‬تنجو‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التهديدات‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬عززت‭ ‬تعاونها‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ودبلوماسيا،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬عسكريا،‭ ‬لتجنب‭ ‬العقوبات‭ ‬وتطوير‭ ‬قنوات‭ ‬مالية‭ ‬وتجارية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬لحماية‭ ‬نفسها‭ ‬واستدامة‭ ‬اقتصاداتها‭. ‬ويمكن‭ ‬رؤية‭ ‬دلائل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬توقيعه‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وطهران‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025‭. ‬

وبينما‭ ‬اعتبر‭ ‬نيكيتا‭ ‬سماجن،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬لمحة‭ ‬بيروقراطية‭ ‬للوضع‭ ‬الراهن،‭ ‬فقد‭ ‬حذرت‭ ‬نيكول‭ ‬جرايوسكي،‭ ‬وأور‭ ‬رابينوويتز،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ستانفورد،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬التعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يحفز‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الرؤى‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬للاتحاد‭ ‬وراء‭ ‬استيائهم‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬العالمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬صفوفهما‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬بن‭ ‬رودس،‭ ‬نائب‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬إلى‭ ‬العقلية‭ ‬السائدة‭ ‬بين‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬حيث‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬شيء‭ ‬سيئ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بقعة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ستُفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الأضرار‭ ‬الجانبية‭ ‬للعقوبات‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نفكر‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الأضرار‭ ‬الجانبية‭ ‬للحرب،‭ ‬بينما‭ ‬أشار‭ ‬كالب‭ ‬ماكاري،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬ورئيس‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بشأن‭ ‬سياسة‭ ‬كوبا‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن،‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬خصومها‭ ‬أصبح‭ ‬مفرطًا‭ ‬جدًا،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬خارجًا‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أشار‭ ‬ستيجليتز،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لن‭ ‬ترد‭ ‬على‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تتصاعد‭ ‬جهود‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لقيود‭ ‬التصدير‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا‭ ‬وفنزويلا،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لتجنب‭ ‬الرقابة‭ ‬الأمريكية؛‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬لتوسيع‭ ‬شبكة‭ ‬عملائها‭ ‬وشركائها‭ ‬المحتملين‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬إيران،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬حملة‭ ‬الضغوط‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬تتوقع‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬أوبك‭ ‬ملء‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬بزيادة‭ ‬إنتاجهم‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬شكوك‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬بشأن‭ ‬قدرة‭ ‬الإرادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للأعضاء‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬دعوة‭ ‬ترامب‭ ‬لزيادة‭ ‬مستويات‭ ‬الإنتاج‭ ‬لخفض‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية‭ ‬للنفط‭ ‬الخام؛‭ ‬يظل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعروف،‭ ‬كيف‭ ‬ستستجيب‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬المنتجة‭ ‬للنفط‭ ‬لتأثيرات‭ ‬نظام‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتزايد‭ ‬عالميًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا