العدد : ١٧١٢٧ - الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٧ - الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ شعبان ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

فخورة بابني المتوحد وتخرجه في الثانوية العامة أهم إنجاز

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

أول بحرينية تحصل على شهادة البكالوريوس تخصص علاج طبيعي من جامعة 6 أكتوبر بالقاهرة..

بطلة قصة أم لطفل متوحد.. إيمان عبدالكريم شاكر لأخبار الخليج:


يقول‭ ‬الله‭ ‬تبارك‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كبد‮»‬‭!‬

معنى‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬واضح‭ ‬وصريح،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬سيعيش‭ ‬في‭ ‬ألم‭ ‬ومعاناة‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬لذلك‭ ‬حين‭ ‬تتعرض‭ ‬لأي‭ ‬ابتلاء‭ ‬تذكر‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬منك‭ ‬بلاء،‭ ‬فيهون‭ ‬عليك‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وردد‭ ‬في‭ ‬نفسك‭ ‬بأنك‭ ‬تسمع‭ ‬في‭ ‬ضلوع‭ ‬الليل‭ ‬شقشقة‭ ‬البلابل‭ ‬والسنابل‭ ‬والصباح،‭ ‬وكن‭ ‬على‭ ‬إيمان‭ ‬بأن‭ ‬غدا‭ ‬ستلتئم‭ ‬كل‭ ‬الجروح‭. ‬وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تفعله‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬البطلة،‭ ‬حين‭ ‬شاء‭ ‬لها‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬ترزق‭ ‬بأول‭ ‬طفل‭ ‬لها‭ ‬مصابا‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد،‭ ‬فلم‭ ‬تتوقف‭ ‬طويلا‭ ‬لاستيعاب‭ ‬الصدمة‭ ‬وتقبل‭ ‬الامر،‭ ‬بل‭ ‬راحت‭ ‬تأخذ‭ ‬بيده‭ ‬هي‭ ‬وأسرتها،‭ ‬وكسرت‭ ‬كافة‭ ‬الحواجز‭ ‬وحطمت‭ ‬كل‭ ‬القيود‭ ‬أمامه،‭ ‬حتى‭ ‬عبرت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬لتسطر‭ ‬أجمل‭ ‬قصة‭ ‬إنسانية‭. ‬

إيمان‭ ‬عبدالله‭ ‬شاكر،‭ ‬أول‭ ‬بحرينية‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬بكالوريوس‭ ‬تخصص‭ ‬علاج‭ ‬طبيعي‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬بجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية،‭ ‬علمتها‭ ‬الحياة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يأس‭ ‬مع‭ ‬القوة‭ ‬والصبر،‭ ‬وأن‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري‭ ‬هو‭ ‬الوسيلة‭ ‬الأولى‭ ‬لتخطي‭ ‬أي‭ ‬تجارب‭ ‬مؤلمة،‭ ‬وأنه‭ ‬مهما‭ ‬واجه‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬صعاب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬تخطيها‭. ‬لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬تجربتها‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬بفطرتها‭ ‬تحمل‭ ‬أرق‭ ‬قلب‭ ‬تحيطه‭ ‬بسياج‭ ‬قوي‭ ‬بفكرها‭ ‬وصلابة‭ ‬مواقفها،‭ ‬وأن‭ ‬الأثر‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدثه‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬كيفية‭ ‬استخدامها‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬الفريدة‭ ‬للقيام‭ ‬بإنجازات‭ ‬مذهلة،‭ ‬وإنها‭ ‬إذا‭ ‬ضعفت‭ ‬أو‭ ‬انكسرت‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬فبإصرارها‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تستعيد‭ ‬ذاتها‭ ‬وتلملم‭ ‬شتات‭ ‬أفكارها‭ ‬وتبني‭ ‬حطامها‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

حول‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬النموذجية‭ ‬الإنسانية‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭:‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬نشأتك؟

لقد‭ ‬كنت‭ ‬الابنة‭ ‬الكبرى‭ ‬والوحيدة‭ ‬ضمن‭ ‬أسرتي،‭ ‬وكنت‭ ‬متعددة‭ ‬المواهب‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفن‭ ‬والرسم‭ ‬والأعمال‭ ‬اليدوية،‭ ‬وقد‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬والدتي‭ ‬حب‭ ‬مساعدة‭ ‬الناس‭ ‬وخاصة‭ ‬المرضى،‭ ‬لذلك‭ ‬قررت‭ ‬دراسة‭ ‬العلاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬ميولي،‭ ‬وكنت‭ ‬اول‭ ‬بحرينية‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬وبعد‭ ‬التخرج‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬وطني‭ ‬وقضيت‭ ‬عام‭ ‬الامتياز‭ ‬بمجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي،‭ ‬وعملت‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬مدة‭ ‬16‭ ‬عاما،‭ ‬ثم‭ ‬تقاعدت‭ ‬اختياريا‭ ‬ضمن‭ ‬أول‭ ‬دفعة‭ ‬للتفرغ‭ ‬لرعاية‭ ‬أسرتي،‭ ‬خاصة‭ ‬ابني‭ ‬المريض‭ ‬بالتوحد،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬شعوري‭ ‬بالرغبة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العطاء،‭ ‬وقد‭ ‬ساعدني‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬عن‭ ‬رضا‭ ‬وقناعة‭ ‬ما‭ ‬مررت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬عائلية‭ ‬صعبة‭.‬

من‭ ‬أين‭ ‬مصدر‭ ‬قوتك؟

تجربة‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬كانت‭ ‬ممتعة‭ ‬للغاية،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬شخصيتي‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنها‭ ‬علمتني‭ ‬الحياة‭ ‬ومنحتني‭ ‬القوة‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أهلني‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تجربتي‭ ‬الصعبة‭ ‬بكل‭ ‬تماسك‭ ‬وصلابة‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬إصابة‭ ‬ابني‭ ‬الأول‭ ‬بمرض‭ ‬طيف‭ ‬التوحد،‭ ‬علما‭ ‬بأنها‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬العائلة‭.‬

 

كيف‭ ‬تعايشت‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الصدمة؟

في‭ ‬البداية‭ ‬ومع‭ ‬ظهور‭ ‬أعراض‭ ‬المرض‭ ‬وأهمها‭ ‬عدم‭ ‬التواصل‭ ‬البصري‭ ‬او‭ ‬الاستجابة‭ ‬لنا،‭ ‬وعدم‭ ‬الكلام،‭ ‬وتفضيله‭ ‬للوحدة‭ ‬والانعزال،‭ ‬ثم‭ ‬تشخيصه‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬شعرت‭ ‬بصدمة‭ ‬شديدة،‭ ‬لكني‭ ‬لم‭ ‬اسمح‭ ‬لنفسي‭ ‬بأن‭ ‬أتوقف‭ ‬عندها‭ ‬كثيرا،‭ ‬ولم‭ ‬تطل‭ ‬مرحلة‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬تقبل‭ ‬الأمر،‭ ‬ولاحقا‭ ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬إدماجه‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬كنت‭ ‬أخجل‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬وقررت‭ ‬إلحاقه‭ ‬بالتعليم‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬طفل‭ ‬سوي،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كانت‭ ‬رحلة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المدرسة‭ ‬الملائمة‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية‭.‬

أهم‭ ‬محطات‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬بداية‭ ‬الرحلة‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إلحاقه‭ ‬بمدرسة‭ ‬عالية‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬مدرسة‭ ‬حكومية‭ ‬وكان‭ ‬عمره‭ ‬عندئذ‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬ثم‭ ‬إدماجه‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬حوار‭ ‬الدولية‭ ‬وقد‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬وفرت‭ ‬له‭ ‬مرافقا‭ ‬خاصا‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬نهائيا‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬ويعد‭ ‬تخرجه‭ ‬هذا‭ ‬أهم‭ ‬إنجاز‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬لتبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬الجامعة‭.‬

هل‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأكاديمية؟

لا‭ ‬ولله‭ ‬الحمد،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬مشكلة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬دور‭ ‬الاسرة‭ ‬هنا‭ ‬كبيرا‭ ‬وأساسيا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحسن‭ ‬حالته‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬الاعراض‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وبدعم‭ ‬الاهل‭ ‬استطاع‭ ‬ان‭ ‬يتجاوز‭ ‬معظم‭ ‬المشاكل‭ ‬والتحديات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الجماعي‭ ‬وقد‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬مواهبه‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الموسيقى‭ ‬والرسم،‭ ‬حتى‭ ‬نال‭ ‬عضوية‭ ‬منصة‭ ‬الابداع‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬مركز‭ ‬الطلبة‭ ‬الموهوبين‭ ‬عن‭ ‬مقطوعة‭ ‬موسيقية‭ ‬عن‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬البحريني‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬وقت‭ ‬كورونا‭.‬

ما‭ ‬الملكات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها؟

ابني‭ ‬يتمتع‭ ‬بالذكاء‭ ‬العالي‭ ‬والحفظ‭ ‬المبهر،‭ ‬وخاصة‭ ‬للمقطوعات‭ ‬الموسيقية‭ ‬فحين‭ ‬يستمع‭ ‬إليها‭ ‬ولو‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬عزفها‭ ‬بمنتهى‭ ‬البراعة،‭ ‬وقد‭ ‬وفرنا‭ ‬له‭ ‬مرسما‭ ‬وآلات‭ ‬موسيقية‭ ‬بالمنزل،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬المشاهير‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أون‭ ‬لاين‭.‬

أصعب‭ ‬المراحل؟

أصعب‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬كانت‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وهي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬بدأنا‭ ‬فيها‭ ‬بتلقينه‭ ‬دروس‭ ‬التخاطب،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬كثير‭ ‬الصراخ‭ ‬والبكاء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أوقعني‭ ‬تحت‭ ‬ضغوط‭ ‬نفسية‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مسؤوليات‭ ‬العمل‭ ‬ولكننا‭ ‬تخطينا‭ ‬جميعا‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬بسلام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعاوننا،‭ ‬وعندما‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬الصف‭ ‬الرابع‭ ‬الابتدائي‭ ‬واجهنا‭ ‬صعوبة‭ ‬اخرى‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مدرسة‭ ‬مناسبة‭ ‬لمواصلة‭ ‬تعليمه،‭ ‬وأذكر‭ ‬ان‭ ‬طبيبته‭ ‬النفسية‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬جملة‭ ‬مؤلمة‭ ‬وقاسية‭ ‬مازالت‭ ‬ترن‭ ‬في‭ ‬أذني‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬وكانت‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬إصراري‭ ‬على‭ ‬تعليمه‭.‬

وما‭ ‬تلك‭ ‬الجملة؟

لقد‭ ‬قالت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬رحلته‭ ‬التعليمية‭ ‬لأنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬المواصلة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أصابني‭ ‬باكتئاب‭ ‬وإحباط‭ ‬شديدين،‭ ‬ولكني‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬قررت‭ ‬عدم‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬رأيها‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬حافزا‭ ‬قويا‭ ‬نحو‭ ‬عبور‭ ‬أي‭ ‬حواجز‭ ‬تحول‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬التعليم،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬مر‭ ‬باختبارات‭ ‬اكاديمية‭ ‬عدة‭ ‬أكدت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬صعوبة‭ ‬تعلم،‭ ‬ثم‭ ‬قررت‭ ‬إلحاقه‭ ‬بمدرسة‭ ‬حوار‭ ‬الدولية‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬تسع‭ ‬سنوات،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كان‭ ‬يعامل‭ ‬كحالة‭ ‬خاصة،‭ ‬وتبدلت‭ ‬شخصيته‭ ‬180‭ ‬درجة‭. ‬

رسالتك‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬طبيبته؟

أقول‭ ‬لهذه‭ ‬الطبيبة‭ ‬إن‭ ‬رأيها‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يتماشى‭ ‬مطلقا‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬مهنتها‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬أتأثر‭ ‬به‭ ‬واتوقف‭ ‬عن‭ ‬المحاولة‭ ‬والمواصلة،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬أتوجه‭ ‬إليها‭ ‬بالشكر‭ ‬فبقدر‭ ‬ما‭ ‬أحبطني‭ ‬كلامها‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬حفزني‭ ‬على‭ ‬الأخذ‭ ‬بيده‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تعليمه‭ ‬والعبور‭ ‬به‭ ‬بسلام‭ ‬من‭ ‬أزمته‭.‬

كيف‭ ‬تم‭ ‬إدماجه‭ ‬في‭ ‬المجتمع؟

لقد‭ ‬سعيت‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬إلى‭ ‬إدماجه‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ومشاركته‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والورش‭ ‬لتدريبه‭ ‬على‭ ‬هواياته‭ ‬وتنميتها‭ ‬مثل‭ ‬الرسم‭ ‬والسباحة‭ ‬والموسيقى،‭ ‬وبرعاية‭. ‬وهنا‭ ‬أقول‭ ‬لأي‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬حالتي‭ ‬ألا‭ ‬تقارن‭ ‬ابنها‭ ‬المتوحد‭ ‬بأي‭ ‬طفل‭ ‬آخر،‭ ‬فكل‭ ‬متوحد‭ ‬يعتبر‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬لها‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الدقيقة،‭ ‬فقط‭ ‬تقارنه‭ ‬بنفسه‭ ‬وبتطور‭ ‬حالته‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬حتى‭ ‬تتيقن‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الصحيح،‭ ‬وبالطبع‭ ‬هو‭ ‬مشوار‭ ‬صعب‭ ‬للغاية،‭ ‬ولكنه‭ ‬يستحق‭ ‬الجهد‭ ‬المبذول،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تجربتي‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬ابني‭ ‬محمد،‭ ‬الذي‭ ‬تعلمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭.‬

ماذا‭ ‬تعلمت‭ ‬منه؟

تعلمت‭ ‬منه‭ ‬الصبر‭ ‬والقوة‭ ‬والمواجهة،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬أخجل‭ ‬من‭ ‬حالته‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وأحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الخروج‭ ‬به‭ ‬الى‭ ‬المجتمع‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬فخورة‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬علمني‭ ‬التزام‭ ‬الصدق‭ ‬والشفافية‭ ‬في‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬حتى‭ ‬عند‭ ‬نقل‭ ‬او‭ ‬توصيل‭ ‬مشاعري،‭ ‬فهو‭ ‬أصفى‭ ‬قلب‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬أصادفه‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يتمتع‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬وفهم‭ ‬الناس،‭ ‬وكم‭ ‬أنا‭ ‬سعيدة‭ ‬بحسابه‭ ‬على‭ ‬الانستجرام‭ ‬الذي‭ ‬يعرض‭ ‬فيه‭ ‬رسوماته‭ ‬ومقطوعاته‭ ‬الموسيقية‭ ‬والذي‭ ‬يتواصل‭ ‬عبره‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭.‬

انعكاس‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬على‭ ‬أسرتك؟

تجربة‭ ‬وجود‭ ‬طفل‭ ‬متوحد‭ ‬بأسرتي‭ ‬أثرت‭ ‬إيجابيا‭ ‬عليها‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬تفكك‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬وانفصال‭ ‬الزوج‭ ‬عن‭ ‬الزوجة،‭ ‬ولكني‭ ‬وزوجي‭ ‬وابنائي‭ ‬توحدنا‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬رعاية‭ ‬واحتضان‭ ‬ابني،‭ ‬حتى‭ ‬إخوته‭ ‬تم‭ ‬تدريبهم‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬كحالة‭ ‬خاصة،‭ ‬واليوم‭ ‬أصبح‭ ‬أخوه‭ ‬سندا‭ ‬له‭ ‬رغم‭ ‬فارق‭ ‬العمر‭ ‬بينهما‭ ‬والذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭.‬

ماذا‭ ‬ينقص‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬رأيك؟

أتمنى‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬العلاج‭ ‬والتدريب‭ ‬والاحتضان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬متخصصة‭ ‬متعددة‭ ‬لاحتوائها،‭ ‬فهناك‭ ‬عائلات‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬نظام‭ ‬غذائي‭ ‬وعلاجي‭ ‬خاص‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬العمرية،‭ ‬ولا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬توجيه‭ ‬الشكر‭ ‬إلى‭ ‬أستاذ‭ ‬سمير‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬منصة‭ ‬الابداع‭ ‬العربي،‭ ‬والذي‭ ‬أخذ‭ ‬بيد‭ ‬أبني‭ ‬ومنحه‭ ‬فرص‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬عن‭ ‬إبداعاته‭ ‬المتنوعة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج‭.‬

طموحك‭ ‬القادم؟

اليوم‭ ‬سيبدأ‭ ‬ابني‭ ‬مشوارا‭ ‬جديدا‭ ‬وهو‭ ‬خوض‭ ‬تجربة‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية،‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬تختلف‭ ‬تماما‭ ‬عما‭ ‬سبق،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬حلمه‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬التصميم‭ ‬المرئي،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يواجهه‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬فإنني‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬مستحيل‭ ‬طالما‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا