عروض البيع والشراء خصوصا ما يتعلق بالشقق السكنية، تعتبر جانبا محوريا في تداولات القطاع العقاري.
ومع انتشار مشاريع التطوير العقاري والعروض التي تقدمها الكثير من الشركات، يجب هنا على كل من يرغب الاستثمار في هذا الجانب ان يركز على التروي والتدقيق أكثر من متابعة وهم ووعود الربح السريع والمضمون. وما يضاعف من أهمية هذا الأمر هو إفلاس بعض المطورين العقاريين خلال الفترات السابقة واضطرارهم إلى رفع قضايا إعادة تنظيم وإفلاس أمام المحاكم المدنية، وهو ما يعني أهمية الحذر عند التعامل مع مثل هذه الشركات خاصة في حالة تعسرهم المالي وعدم وجود السيولة النقدية الكافية لديهم لإنجاز المشاريع.
هناك الكثير ممن وقعوا ضحايا لهذه الظروف، منهم متقاعدون، الذين جمعوا حصيلة عرق جبينهم طوال حياتهم، ومنهم الشباب والشابات الذين لجأوا الى الاقتراض من البنوك لشراء الشقق والزواج أو لغرض استثمار العمر. وهؤلاء اعتمدوا على مطورين عقاريين، للأسف أفلس بعضهم، وهنا أصبح المستثمرون والشباب وغيرهم ضحايا متضررين، يداومون لدى مكاتب المحامين للمطالبة بحقوقهم المسلوبة، ورفع الدعاوى أملا في الحصول على حقوقهم التي ذهبت مع الريح من دون عودة في كثير من الأحيان، لأن بعض الشركات العقارية المطورة ذات مسؤولية محدودة ولها شخصية منفصلة عن أصحابها مما لا يمسهم قانون التنفيذ في أموالهم الشخصية.
في الآونة الأخيرة، شهدنا وبشكل مستمر، ربما كل عدة أشهر، إعلان بعض شركات التطوير العقاري الكبرى إفلاسها بعدما قامت بحصد أموال كبيرة من بيع الشقق السكنية من مستثمرين ومستفيدين مع منحهم عقودا ووعودا ومواعيد بتسليم الشقق والعقارات في أوقات محددة. ولأن وضع هذه الشركات ليس قويا وهي لا تملك السيولة النقدية الكافية، فإنها تقوم ببيع الشقق بأقل سعر ممكن لرفع السيولة النقدية لديها ودفع التزاماتها، ومن ثم نفاجأ بإفلاسها لأسباب منها المصاريف المتزايدة غير المدروسة والأرباح المصرفية الشهرية، وارتفاع تكاليف وأسعار المواد الاولية والتضخم وغيرها.
المشكلة أن بعض المطورين العقاريين وعلى الرغم من توقعهم هذه النتيجة فإنهم يحاولون بقدر الامكان إيقاع أكثر عدد ممكن من المشترين في هذه المصيدة عبر الاعلانات الواهمة بالثراء والربح المضمون من بيع الشقق.
لذلك فإن أفضل نصيحة تقدم الى المستثمر او المشتري قبل الاقدام على خطوة الشراء: تأكد أن المطور العقاري يملك القدرة المالية الكافية، وذلك عبر فحص التقرير المالي. فمن حقك قبل التعامل مع شركة ذات مسؤولية محدودة أن تطلب تقريرها المالي المدقق الذي يبين أن الشركة لديها القدرة الكافية من المبالغ النقدية لتغطية أي عجوزات أو مطالبات. على أن يكون التقرير معتمدا من إحدى شركات التدقيق الكبرى المحاسبية المنشورة والمودعة في وزارة الصناعة والتجارة، قسم السجل التجاري، ويكون سجلها التجاري نشطا وليس عليه حجوزات. كما يفضل مراجعة محام قبل عمليات الشراء للتأكد من ضمانة المشروع مثل الحصول على ضمانات شخصية من أصحاب المشروع.
فما نشهده من حالات إفلاس مطورين أو تقدمهم بطلبات وملفات لإعادة تنظيم أمورهم أمام القضاء، تستوجب الحذر الشديد، فلا ينفع الندم لاحقاً في حالة التسرع والاستعجال أمام وهم الربح السريع أو الأسعار المغرية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك