العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

ما الحل أفيدوني!

ما‭ ‬إن‭ ‬يضرب‭ ‬عداد‭ ‬العمر‭ ‬الثلاثين‭ ‬حتى‭ ‬ينشغل‭ ‬معظم‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬آثار‭ ‬الزمن‭ ‬على‭ ‬البشرة‭ ‬والجسم،‭ ‬وعند‭ ‬بلوغنا‭ ‬الأربعين‭ ‬يبدأ‭ ‬الخوف‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬التجاعيد‭ ‬وأثرها‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الخارجي،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يدق‭ ‬جرس‭ ‬الخمسين‭ ‬نستيقظ‭ ‬من‭ ‬الغفوة‭ ‬الكاذبة‭ ‬للالتفات‭ ‬إلى‭ ‬الجوهر‭ ‬وهو‭ ‬سلامة‭ ‬أجسامنا‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬الخارجي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عظامنا،‭ ‬أما‭ ‬المصيبة‭ ‬الأهم‭ ‬وهي‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬كيفية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمخاخنا‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الذاكرة‭ ‬أو‭ ‬المرض‭ ‬اللعين‭ ‬الزهايمر‭.‬

أقول‭ ‬عنه‭ ‬لعين‭ ‬لأنني‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنه‭ ‬ينافس‭ ‬المرض‭ ‬الخبيث‭ ‬السرطان‭ ‬في‭ ‬مهاجمته‭ ‬الشرسة‭ ‬لأقرب‭ ‬الناس‭ ‬لنا‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬إنسان‭ ‬آخر‭ ‬يعيش‭ ‬بيننا‭ ‬ولا‭ ‬يعرفنا‭.‬

لقد‭ ‬هاجم‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬اللعين‭ ‬أقرب‭ ‬الناس‭ ‬لي‭ ‬وحوله‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬قوي‭ ‬وحكيم‭ ‬له‭ ‬شنة‭ ‬ورنة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬يخشاه‭ ‬الكبير‭ ‬قبل‭ ‬الصغير‭ ‬لذكائه‭ ‬وصراحته‭ ‬وقوة‭ ‬عزيمته‭ ‬إلى‭ ‬إنسان‭ ‬ضعيف‭ ‬خائف‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يتذكر‭ ‬أبناءه‭ ‬وأهم‭ ‬تفاصيلهم‭ ‬الشخصية‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد،‭ ‬يسأل‭ ‬أبناءه‭ ‬السؤال‭ ‬نفسه‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬ويجعلهم‭ ‬يتحسرون‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬العقل‭ ‬الذي‭ ‬شاخ‭ ‬وكسر‭ ‬صاحبه‭.‬

أصابني‭ ‬الذعر‭ ‬الشديد‭ ‬أن‭ ‬يصيبني‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬اللعين،‭ ‬فسألت‭ ‬الأطباء‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مخي‭ ‬منه‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأدوية‭ ‬فنصحوني‭ ‬بممارسة‭ ‬بعض‭ ‬الألعاب‭ ‬البسيطة‭ ‬يوميا‭ ‬لزيادة‭ ‬التركيز‭ ‬وتنشيط‭ ‬المخ،‭ ‬وبما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬والكل‭ ‬يفتي‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الوسائل،‭ ‬وخصوصا‭ ‬التيك‭ ‬توك،‭ ‬فإنني‭ ‬أمارس‭ ‬بعض‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬عبر‭ ‬التطبيقات‭ ‬المنتشرة‭ ‬والمتوافرة‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الجميع‭ ‬وفي‭ ‬هواتفنا‭ ‬الشخصية،‭ ‬وفعلا‭ ‬اندمجت‭ ‬في‭ ‬تقريبا‭ ‬ثلاثة‭ ‬ألعاب‭ ‬جميلة‭ ‬وبسيطة‭ ‬تنشط‭ ‬المخ‭ ‬وتفصلني‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭ ‬خصوصا‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬متوترة‭. ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬شروط‭ ‬هذه‭ ‬الألعاب‭ ‬أنه‭ ‬لكي‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬النقاط‭ ‬الإضافية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أشاهد‭ ‬الإعلانات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬عليّ‭ ‬اللعبة،‭ ‬وطبعا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مراحل‭ ‬متقدمة‭ ‬فوجئت،‭ ‬بل‭ ‬صعقت‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬ببعض‭ ‬الإعلانات‭ ‬التي‭ ‬تقززت‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬تطبيقات‭ ‬لبعض‭ ‬الأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬مشاهد‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يراها‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬محترم‭ ‬بأي‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬مذهب‭ ‬كان،‭ ‬أول‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬كان‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أقفل‭ ‬اللعبة‭ ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أرفض‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬بأن‭ ‬أخسر‭ ‬الدور،‭ ‬ولكن‭ ‬لكي‭ ‬أتابع‭ ‬للمرحلة‭ ‬الأخرى‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أنهي‭ ‬الإعلان‭ ‬غصبا‭ ‬عني،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬مني‭ ‬أنا‭ ‬الإنسانة‭ ‬الخمسينية‭ ‬الناضجة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬يدي‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬أتقزز‭ ‬من‭ ‬المناظر‭ ‬حتى‭ ‬ينتهي‭ ‬الإعلان‭..  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أفكر‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬أي‭ ‬مراهق‭ ‬أو‭ ‬مراهقة‭ ‬يلعبون‭ ‬هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬وتفاجئهم‭ ‬هذه‭ ‬الإعلانات‭ ‬فماذا‭ ‬سيكون‭ ‬رد‭ ‬فعلهم؟‭ ‬وكيف‭ ‬ستؤثر‭ ‬عليهم‭ ‬سلبا؟‭ ‬وما‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نوعي‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬المدمن‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بأن‭ ‬يحاسب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬البشعة‭ ‬التي‭ ‬يبثونها‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬العادية‭ ‬البسيطة؟

نحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬ومهما‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬نراقب‭ ‬ونمنع‭ ‬فهو‭ ‬أصبح‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬جيل‭ ‬بأكمله،‭ ‬كيف‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نحمي‭ ‬أطفالنا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬الضارة؟‭ ‬

التربية‭ ‬الصحيحة‭ ‬وغرس‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والوازع‭ ‬الديني‭ ‬الصح‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬في‭ ‬أطفالنا‭ ‬هما‭ ‬الحل‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬فهل‭ ‬لديكم‭ ‬أي‭ ‬حلول‭ ‬أخرى؟‭ ‬أفيدوني‭ ‬أفادكم‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا