أول بحرينية يتم ابتعاثها من قبل جامعة سالفورد البريطانية لتفوقها العلمي.. أصدرت أول بحثين علميين من نوعهما على مستوى العالم تم نشرهما في مجلتين مرموقتين أمريكية وبريطانية.. أستاذ مساعد قسم المحاسبة بجامعة البحرين د. نوره عبدالله الزايد لـ«أخبار الخليج»:
يقول الكاتب والفيلسوف والشاعر الأمريكي رالف والدوامرسون: «لا يمكن تحقيق أي شيء عظيم بدون شغف»!
لذلك يبقي الشيء المهم في حياة المرء أن يعثر على شغفه الذي يمده بالطاقة والحماس تجاه ما يثير اهتمامه، وحين يحدث ذلك يكون قد وضع قدماه على أول طريق العطاء والنجاح.
وهذا ما حدث مع هذه المرأة الملهمة التي اتخذت من شغفها رسالة لخدمة المجتمع والإنسانية، فأصدرت أول بحثين علميين من نوعهما على مستوى العالم عن توقع فشل البنوك باستخدام حوكمة الشركات والمؤشرات المالية والثاني عن إعادة النظر في حوكمة الشركات وتحمل المخاطر المالية، حيث تم نشرهما في مجلتين دوليتين شهيرتين في أمريكا وبريطانيا، ليعكس وجودها العلمي المتميز وجها حضاريا ومشرقا لوطنها.
د. نوره عبدالله الزايد، أستاذ مساعد قسم المحاسبة بجامعة البحرين، نشأت على أن العلم والمعرفة نور يضيء الطرقات ويفتح المجالات ويمكن من الوصول إلى حقائق علمية تيسر حياة البشر، وأيقنت أنه بالبحث العلمي يمكن الوصول إلى الحقائق، والتنبؤ بالمستقبل، وتحقيق الابتكار، وتقديم حلول قوية للمشاكل التي يمكن أن تواجه أي مجتمع.
هي معلمة موهوبة، وعالمة متمكنة، قررت أن تبحث دائما عبر مسيرتها الطويلة عن العلم والمعرفة، على اعتبار أنهما معيار للتنمية الشاملة والمستدامة وعمود للنهوض الحضاري، وهذا ما جعل للعلم والعلماء مكانة مرموقة في كل بقاع العالم.
حول هذه التجربة الثرية كان الحوار التالي:
متى بدأ اهتمامك بالعلم؟
اهتمامي بالعلم بدأ في مرحلة مبكرة للغاية، فأنا عاشقة للقراءة منذ نعومة أظافري، ونهمة للعلم والمعرفة بشدة، وهذا ما نشأت عليه، وقد التحقت بالمدارس الحكومية وفخورة بذلك، وكنت من المتفوقات دائما، حيث تم تكريمي في الثانوية العامة من قبل رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وحصلت على بعثة لدراسة المحاسبة في جامعة البحرين، وهو التخصص الذي يناسب ميولي نظار لحبي لمادة الرياضيات بشكل خاص، وبعد تخرجي بدأت مسيرتي التعليمية في الجامعة في منصب مساعد بحث وتدريس بقسم المحاسبة، وبالفعل وجدت شغفي في هذه المهنة وفي إعداد الأبحاث العلمية وتطويرها، وقررت أن أواصل جهودي في هذا المجال لتحقيق الإفادة لوطني وللإنسانية جمعاء، والحصول على رسالتي الماجستير والدكتوراه من بريطانيا.
حدثينا عن تجربتك الدراسية في بريطانيا؟
لقد تم ابتعاثي من جامعة البحرين لدراسة الماجستير في جامعة سالفور البريطانية ، وكنت المبتعثة الوحيدة التي منحتني تلك الجامعة بعثة للدراسة بها على نفقتها الخاصة نظرا لتفوقي في الدراسة على مر مشواري، ثم واصلت الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه في نفس الجامعة، وبذات التخصص وكانت عن الحوكمة بعنوان «سن القوانين لإدارة كل ما يتعلق بالشركة لحماية حقوق المستثمرين»، ولعل سبب اختياري لهذا الموضوع هو قلة الدراسات عنه خاصة فيما يتعلق بالشركات المالية، وذلك رغم احتياجنا الكبير لها، وبصفة خاصة في مملكة البحرين ودول المنطقة عامة، ومن ثم هناك شعرت برغبة شديدة في التعمق أكثر في مجال الحوكمة المالية.
أهم تحدٍ في مجال الحوكمة المالية؟
لا شك أن العنصر النسائي اثبت كفاءة كبيرة في مجال الدراسات المتعلقة بالحوكمة المالية، ولم تواجهني أي عقبة لكوني امرأة في هذا الحقل، ولكن يمكن القول بإن أي باحث في هذا الشأن خاصة يواجه صعوبة بالغة فيما يتعلق بالمعلومات والبيانات المطلوبة لإنجاز بحثه وأعتقد أن هذا هو السبب وراء العزوف عن البحث فيما يتعلق بالحوكمة المالية، وهو أهم تحدي واجهني على المستوى الشخصي، ولذلك أتمني أن أنشيء منصة بيانات بمملكة البحرين خاصة، ومنطقة الخليج عامة، لتوفير احتياجات الباحثين ولتسهيل مهمتهم ولحثهم على هذا العمل الهام للبشرية جمعاء، وذلك انطلاقا من تجربتي الشخصية التي اشعرتني بأهمية وجود مثل هذه المشروع.
كيف ترين الاهتمام بالبحث العلمي عربيا؟
لا شك أن هناك اهتماما كبيرا بالبحث العلمي في السنوات الأخيرة في العالم العربي بشكل عام، ولكنه لم يصل بعد إلى مستوى الطموح، فالمطلوب مزيد من التركيز على هذا المجال، وذلك لرفع مستوى المعرفة في كثير من العلوم، كما هو حادث في الدول المتقدمة، فما زلنا وللأسف الشديد نعتمد على أبحاث غيرنا في كثير من الأمور رغم توافر الكوادر اللازمة للقيام بهذه المهمة، ومن المؤكد أن ذلك يتطلب دعما ماديا كبيرا، وكم من للمتطوعين في هذا المجال، إلى جانب مشاركة العديد من الهيئات والجهات التنظيمية لتطوير مسألة الحوكمة في البحرين، والتي حتى اليوم لا تزال تمدنا فقط بالتوصيات التي يصدرها البنك المركزي، ولا توجد أي جزاءات تقع على المخالفين.
أصعب مرحلة مرت بك؟
من المؤكد أن أصعب مرحلة مرت بي كانت أثناء الغربة لدراسة رسالتي الماجستير والدكتوراه، والتي استمرت حوالي خمس سنوات في بريطانيا، وتزامن ذلك مع اندلاع جائحة كورونا، ويمكن القول بأنه رغم قسوة التجربة إلا أن الغربة زادتني حبا لوطني وتعلقا به، إلى جانب إدراكي لقيمة ما نحن فيه من نعم وميزات وتسهيلات قد لا يشعر بها الكثيرون للأسف الشديد، ويكفينا نعم يفتقدها كثير من المجتمعات أهمها الأمن والأمان والترابط والتراحم والتكافل والمحبة والاخوة بين الناس، فعلينا أن نفخر بذلك جميعا.
أهم أبحاثك العلمية؟
لقد صدر لي بحثان هامان وهما الأوائل من نوعهما على مستوى العالم، الأول استغرق حوالي ثلاث سنوات، وقد شرعت في إعداده خلال العام الثاني من الدراسة الجامعية، وكان عن توقع فشل البنوك باستخدام حوكمة الشركات والمؤشرات المالية، والثاني بدأت إنجازه في السنة الثالثة من رسالة الدكتوراه وتطلب مني أربع سنوات للانتهاء منه، وكان عن إعادة النظر في حوكمة الشركات وتحمل المخاطر المالية، وقد تعلمت الكثير من الخبرات عبر تجربتي لإعداد البحوث العلمية.
ماذا علمتك تلك التجربة؟
أثناء قيامي بإعداد البحثان العلميان تعلمت الكثير من الأمور التي فادتني في حياتي بشكل عام أهمها الصبر، وكيفية تقبل النقد حتى ولو كان لاذعا أو قاسيا، وهذا ما واجهته بصفة خاصة عند محاولة نشر البحثين في مجلات علمية عالمية مرموقة، والتي لم أرضي عنها بديلات رغم ما واجهته من صعوبات في سبيل ذلك، وفي كل مرة كنت أتعثر فيها أجد نفسي وقد زدت صمودا واصرارا حتى يتحقق هدفي، وقد كان لي ما أردت بفضل الخالق سبحانه وتعالي.
مبدأ تسيرين عليه؟
مبدأي في الحياة لا للاستسلام، فأنا شخصية لا تقبل الفشل في أي شيء، وحين شعرت به في بعض الأحيان لم استسلم له ولم أتوقف عنده، وبفضل الله سبحانه وتعالي وقوة الإرادة والإصرار إلى جانب دعم الوالدين واصلت المسيرة، ونجحت في تحقيق أهدافي، حتى حين كنت أتعرض لأي نقد لاذع كنت أتذكر مقولة أستاذ لي بأنه شيء إيجابي وليس سلبي ويجب الاستفادة منه وبكل رحابة صدر.
في رأيك متى تفشل المرأة؟
أكاد أن أجزم بأن المرأة تفشل أو تنجح بقرار منها، ومن ثم ليس لدي القناعة بأن هناك امرأة فاشلة، صحيح قد تواجه صعوبات أو عثرات، ولكن عليها بالتحلي بالصبر والشعور بالرضا تجاه أي شيء يحدث لها أو معها، والتمسك بالإصرار على تحقيق أهدافها والسعي الجاد نحو تحقيقها، شخصيا حاولت جاهدة أن أصنع من التحديات دافع قوي للنجاح.
أهم الإنجازات؟
هناك العديد من الإنجازات التي أفخر بها وحققتها عبر مشواري، فإلى جانب البحثان العلميان الهامان التي تم ذكرهما سابقا، فقد شاركت في ورشة تدريب المدربين للسياسات الاقتصادية المراعية للجنسين بالتعاون بين جامعة البحرين ومكتب الأمم المتحدة الإنمائي، كذلك حصولي على تكريم من قبل رئيسة الجامعة السابقة ووزير مجلسي الشورى والنواب، فضلا عن عرض أحد الأبحاث في المؤتمر الدولي للإدارة والاقتصاد في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، وغيرها من الأمور التي اعتز بها كثيرا.
البحث القادم؟
بحثي القادم سيكون بمشيئة الله عن خصائص مجالس إدارة الشركات وخاصة المالية، وكيف يتم تطويرها، وحوكمتها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك