زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لا خير في أي منهما
الخواجات (الجنس الذي اختار لنفسه صفة الأبيض)، يقتلك ويمشي في جنازتك، فهم من اقترف أبشع الجرائم الجماعية التي عرفتها البشرية: القرصنة وتجارة الرقيق، وتجارة المخدرات والإبادة الجماعية خلال حروب طاحنة أو بحق شعوب استعمروها.
دعنا من كل ذلك واسأل نفسك: لماذا هناك اتفاق عالمي مكتوب وملزم ومدون بأن تحمل كل علبة سجائر تحذيرا صريحا بأن التدخين يسبب السرطان والتوهان والخفقان والعجز الجنسي والخلل النفسي، بينما لا تحمل أي زجاجة خمر تحذيرا عن مضار الخمر الصحية؟ ولأننا طرشان في الزفة، فإننا نركب كل موجة تسونامي تنطلق من أمريكا وأوروبا حتى لو ذهبت بنا في تريليون «داهية». أمريكا ومعها دول أوروبا ترى في المخدرات خطرا يعادل خطر الإرهاب، وتطبطب على ظهر هذه الدولة وتضرب الأخرى بالبوكس في البطن بحسب موقفها من مكافحة المخدرات. (استمعت في أكتوبر المنصرم إلى مسؤول أمني مكسيكي حاورته قناة تلفزيونية أمريكية وسألوه: لماذا حكومتكم فاشلة في التصدي لعصابات تهريب المخدرات رغم أنها صارت خطرا على أمن المكسيك لأنها تمارس عمليات قتل واسعة النطاق بحق رجال الأمن والقضاة والصحفيين، كما أن نشاطها في تهريب المخدرات صار أوسع نطاقا؟ فرد المسؤول المكسيكي: لن ننجح في القضاء على تجارة المخدرات طالما أنكم يا أمريكان أكبر مستخدم وسوق لها، كما أن كل السلاح الذي بيد عصابات المخدرات المكسيكية يأتي من الولايات المتحدة، فامنعوا أنتم تهريب الأسلحة إلينا لننجح نحن في مكافحة المخدرات والمتاجرين بها)!
يقول جون ييتس نائب مدير شرطة سكتلند يارد في لندن، إن أضرار الخمر في مجال السلامة الشخصية والأمن العام أكبر من أضرار جميع أنواع المخدرات مجتمعة، لأن أكثر من 60% من حوادث المرور القاتلة تحدث والسائقون تحت تأثير الكحول، كما أن معظم عمليات القتل غير العمد يرتكبها سكارى، ومعنى هذه العبارة الأخيرة هي أن شخصا ما قد يتناول بضعة كؤوس من الخمر، وهو يغني ويضحك ثم، فجأة يدخل في مشاجرة أو جدل مع شخص يعرفه أو لا يعرفه، فيحسم المشاجرة باستخدام أداة قتل، ومع كل هذا ليست هناك حملة دولية منظمة لمكافحة الكحول، تعرف ليش؟ لأن قيمة زجاجة الويسكي العادي الواحدة تعادل قيمة مائة علبة سجائر! فهمت؟ يعني الحكاية فلوس.. ملايين ومليارات.. طيب ولكن ماذا عن الملايين الذين تتعرض جيوبهم للجفاف والتصحر وصحتهم للبهدلة والتدهور بسبب تعاطيهم المنتجات الأسكتلندية السائلة؟ يصطفلوا.. داهية تأخذهم.. ما حد سائل فيهم.. المهم أن جيوب وخزائن منتجي الويسكي والفودكا والبراندي تظل عامرة بالنقود. يعني لأن صناعة الخمور عصب اقتصاد معظم الدول الغربية بسبب ما تجنيه الحكومات من ضرائب ورسوم تصدير واستيراد من تلك الصناعة، فلن تسمع بحملة دولية منظمة للتنبيه إلى مخاطر تعاطي الكحول. ولكن لا يمر يوم من دون تعالي الصيحات من هنا وهناك عن مخاطر المخدرات! حتى في دول العالم الثالث التعبانة فإن المخدرات هي «كبيرة الكبائر». والخمر قد تكون ممنوعة، وحيث هي «مباحة» وتباع بموجب تراخيص فإن حكمها من الناحية الاجتماعية مخفف «مكروه». متعاطي المخدرات منبوذ ويستحق السجن والضرب ولا يستحق الرثاء.. ولكن دراسات أجرتها جامعة برستول البريطانية تؤكد أن تأثير الكحول على السلوك والأمن العام أسوأ من تأثير مخدرات مدمرة وغير شائعة مثل مادة كيتامين. وهذه ليست دعوة كي «نخِف» على جماعة المخدرات، بل دعوة إلى الانتباه إلى خطر أكبر من المخدرات الخطرة جداً بحد ذاتها، ولا أتحدث هنا عن المعالجات الأمنية فهي لا تفلح أبدا في الحد من تفشي استخدام المواد الخطرة على السلامة الشخصية والعامة بل المعالجات الاجتماعية، ونشر الوعي بأن الخمر خطر على متعاطيها.. ومتعاطيها خطر على الآخرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك