العدد : ١٧١٠٣ - الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٣ - الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إرثكم هو الإبادة الجماعية

غدا‭ ‬يتولى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬السلطة‭ ‬رسميا‭ ‬وينتهي‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭. ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬عهد‭ ‬كل‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬المحللون‭ ‬والساسة‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬إرث‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭.. ‬ماذا‭ ‬حققت‭ ‬لأمريكا‭ ‬وللعالم،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬فشلت‭ ‬فيه،‭ ‬وهل‭ ‬يعتبر‭ ‬إرثها‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬إيجابيا‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

وليس‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬إرثا‭ ‬طيبا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يذكر‭ ‬لها‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالعالم‭ ‬أو‭ ‬بالدور‭ ‬العالمي‭ ‬لأمريكا‭ ‬ومكانتها‭.‬

في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬تحدث‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬وبعض‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬إدارته‭ ‬عن‭ ‬إرثهم‭ ‬وحاولوا‭ ‬أن‭ ‬يقدموا‭ ‬صورة‭ ‬إيجابية‭ ‬عما‭ ‬فعلته‭ ‬الإدارة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬قالوه‭ ‬متهافت،‭ ‬بل‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الكذب‭ ‬والتضليل‭.‬

وزير‭ ‬خارجية‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬عقد‭ ‬قبل‭ ‬يومين‭ ‬مؤتمرا‭ ‬صحفيا‭ ‬تحدث‭ ‬فيه‭ ‬عما‭ ‬يعتبرها‭ ‬إنجازات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحسب‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحرب‭ ‬غزة‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬بلينكن‭ ‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬نجحت‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬15‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬النزاع‭ ‬المدمر‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وإسرائيل‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬يمهد‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬دائم‭ ‬للنار‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬صحفيين‭ ‬قاطعوا‭ ‬بلينكن‭. ‬الصحفيون‭ ‬اتهموه‭ ‬بدعم‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وقال‭ ‬أحد‭ ‬الصحفيين‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬سمحت‭ ‬بقتل‭ ‬أصدقائي؟‭.. ‬كيف‭ ‬تشعر‭ ‬وأنت‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬إرثك‭ ‬هو‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية؟‭.. ‬300‭ ‬مراسل‭ ‬كانوا‭ ‬هدفا‭ ‬لقنابلك‭.. ‬لماذا‭ ‬واصلت‭ ‬إرسال‭ ‬القنابل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬فيه‭ ‬اتفاق‭ ‬في‭ ‬مايو‭.. ‬جدك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬اللوبي‭ ‬الإسرائيلي‭.. ‬هل‭ ‬سيطرت‭ ‬عليك‭ ‬إسرائيل؟‭.. ‬ولماذا‭ ‬سمحت‭ ‬بوقوع‭ ‬محرقة‭ ‬في‭ ‬عصرنا؟‭.. ‬وما‭ ‬هو‭ ‬شعورك‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إرثك‭ ‬الإبادة؟‭ ‬ووصف‭ ‬الصحفي‭ ‬بلينكن‭ ‬بأنه‭ ‬مجرم‭ ‬متسائلا‭: ‬لماذا‭ ‬لست‭ ‬في‭ ‬لاهاي؟

رجال‭ ‬الأمن‭ ‬تدخلوا،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬منشور‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬‭ ‬لحظة‭ ‬إخراج‭ ‬صحفي‭ ‬بالقوة‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬مؤتمره‭ ‬الصحفي‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬بنفسه‭ ‬وعرض‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬إنجازات‭ ‬لإدارته‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

قال‭ ‬بايدن‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬في‭ ‬طليعة‭ ‬المنافسة‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬وإنها‭ ‬أصبحت‭ ‬أقوى‭ ‬وخصومها‭ ‬أضعف‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭.‬

بايدن‭ ‬لخص‭ ‬إنجازات‭ ‬إدارته‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬واحدة‭ ‬قال‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬استخدمت‭ ‬قوتها‭ ‬‮«‬لجمع‭ ‬أمم،‭ ‬وزيادة‭ ‬أمننا‭ ‬وازدهارنا‭ ‬المشترك،‭ ‬ومقاومة‭ ‬العدوان،‭ ‬وحلّ‭ ‬المشاكل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع،‭ ‬والدفاع‭ ‬بلا‭ ‬كلل‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬والحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والإنسانية‮»‬‭.‬

إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬تضليل‭ ‬وغير‭ ‬صحيح‭.‬

أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬لم‭ ‬تجمع‭ ‬أمما‭ ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬أي‭ ‬ازدهار‭ ‬مشترك‭.‬

أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬لم‭ ‬تقاوم‭ ‬عدوانا‭ ‬بل‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬عدوان‭ ‬شهده‭ ‬العالم‭.‬

وأمريكا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬لم‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬حقوق‭ ‬إنسان،‭ ‬بل‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬مذبحة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وغيرها‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أننا‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬إرث‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬فهو‭ ‬إرث‭ ‬من‭ ‬العار‭ ‬لأمريكا‭ ‬والعالم‭.‬

أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن‭ ‬كانت‭ ‬شريكا‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬مذبحة‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ولولا‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬لما‭ ‬تمكنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أبدا‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭.‬

‭ ‬وبايدن‭ ‬وأركان‭ ‬إدارته‭ ‬يكذبون‭ ‬حين‭ ‬ينسبون‭ ‬لأنفسهم‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭. ‬فليس‭ ‬لهم‭ ‬أي‭ ‬فضل‭.‬

وإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬هبطت‭ ‬بمكانة‭ ‬أمريكا‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الحضيض‭ ‬وأظهرتها‭ ‬كقوة‭ ‬مجرمة‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬محل‭ ‬لقيادة‭ ‬العالم‭.‬

إرث‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬به‭ ‬الصحفي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬خاطب‭ ‬بلينكن‭.‬

وكما‭ ‬قال‭ ‬الصحفي‭ ‬فإن‭ ‬المكان‭ ‬الحقيقي‭ ‬لبايدن‭ ‬وأركان‭ ‬إدارته‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬لاهاي،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكموا‭ ‬كمجرمي‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬مكانهم‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬إرثهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا