العدد : ١٧١٠٤ - الاثنين ٢٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٤ - الاثنين ٢٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اجتماع السقيفة.. ومحاولة لفهم جديد!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

السقيفة‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬السقيفة،‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬التاريخ‭ ‬سوف‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمة‭ ‬سواء‭ ‬اتفق‭ ‬المؤرخون‭ ‬حوله‭ ‬أو‭ ‬اختلفوا،‭ ‬وسوف‭ ‬يبقى‭ ‬أساسًا‭ ‬من‭ ‬الأسس‭ ‬المكينة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬الإسلام‭ ‬إذ‭ ‬قدمت‭ ‬للبشرية‭ ‬انموذجًا‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬قيمه‭ ‬الثابتة،‭ ‬وتعاليمه‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتغير،‭ ‬ولا‭ ‬تتبدل،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تقبل‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬المبدأ‭ ‬الإسلامي‭ ‬الثابت‭ ‬وهو‭: ‬‮«‬لا‭ ‬طاعة‭ ‬لمخلوق‭ ‬في‭ ‬معصية‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‮»‬‭ ‬وضرورة‭ ‬الإسلام‭ ‬وتعاليمه‭ ‬لحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬مثل‭ ‬الهواء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يستغني‭ ‬عنه‭ ‬ولو‭ ‬للحظة‭ ‬واحدة،‭ ‬يقول‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬فمن‭ ‬يرد‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يهديه‭ ‬يشرح‭ ‬صدره‭ ‬للإسلام‭ ‬ومن‭ ‬يرد‭ ‬أن‭ ‬يضله‭ ‬يجعل‭ ‬صدره‭ ‬ضيقًا‭ ‬حرجًا‭ ‬كأنما‭ ‬يصَّعَّد‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬كذلك‭ ‬يجعل‭ ‬الله‭ ‬الرجس‭ ‬على‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‮»‬‭. ‬الأنعام‭ / ‬125‭.‬

الآية‭ ‬الجليلة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬واضح،‭ ‬وفِي‭ ‬وضوح‭ ‬بَيِّن‭ ‬تقول‭: ‬إن‭ ‬الإسلام‭ ‬عقيدة‭ ‬وشريعة‭ ‬للإنسان‭ ‬كالهواء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يستغني‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬ليل‭ ‬أو‭ ‬نهار،‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬يُمَلِكه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أحدًا‭ ‬من‭ ‬خلقه،‭ ‬بل‭ ‬جعله‭ ‬مشاعًا‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

واختلاف‭ ‬المسلمين‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬الخليفة‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الرسول‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬له‭ ‬ما‭ ‬يبرره،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نص‭ ‬ديني‭ ‬قطعي‭ ‬الثبوت،‭ ‬قطعي‭ ‬الدلالة‭ ‬لحسم‭ ‬الخلاف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستفحل،‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إليه،‭ ‬ولكن‭ ‬غياب‭ ‬النص‭ ‬الديني،‭ -‬كما‭ ‬أشار‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬الأستاذ‭ ‬حسن‭ ‬العلوي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬عمر‭ ‬والتشيع،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬العلوي‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭: (..‬وبهذا‭ ‬المنظور‭ ‬ندخل‭ ‬سقيفة‭ ‬بني‭ ‬ساعدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للنص‭ ‬الديني‭ ‬رأي‭ ‬فيها‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬اجتهاد‭ ‬الصحابي‭ ‬سعد‭ ‬بن‭ ‬عبادة‭ ‬وجمع‭ ‬من‭ ‬الأنصار‭). ‬

‭(‬عمر‭ ‬والتشيع‭ / ‬حسن‭ ‬العلوي‭ / ‬ص45‭).‬

إذًا،‭ ‬فلا‭ ‬فائدة‭ ‬ترجى‭ ‬من‭ ‬إنفاق‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬سند‭ ‬ديني‭ ‬ينتصر‭ ‬لهذه‭ ‬الفرقة‭ ‬أو‭ ‬لتلك،‭ ‬وعلى‭ ‬المتجادلين‭ ‬أن‭ ‬يقروا‭ ‬بعظمة‭ ‬الإسلام‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬بعينه،‭ ‬وترك‭ ‬اختيار‭ ‬الحاكم‭ ‬يتولى‭ ‬المسلمون‭ ‬أمره،‭ ‬ومحاسبته‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬عصمة‭ ‬تمنع‭ ‬المساءلة‭ ‬والتغيير‭.‬

وهذه‭ ‬محاولة‭ ‬لفهم‭ ‬جديد‭ ‬قد‭ ‬تكشف‭ ‬لنا‭ ‬جوانب‭ ‬قد‭ ‬جهلها‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين،‭ ‬ولو‭ ‬أمعنا‭ ‬النظر،‭ ‬وحللنا‭ ‬الأحداث‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فًي‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬التاريخي‭ ‬لرأينا‭ ‬خيرًا‭ ‬كثيرا‭ ‬قد‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬حمَّلوا‭ ‬السقيفة‭ ‬فوق‭ ‬ما‭ ‬تحتمل،‭ ‬وذهبوا‭ ‬في‭ ‬فك‭ ‬رموزها‭ ‬مذاهب‭ ‬شتى،‭ ‬وأنا‭ ‬أرتاح‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬الأستاذ‭ ‬حسن‭ ‬العلوي‭ ‬في‭ ‬تحليله‭ ‬للذي‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬السقيفة‭ ‬حين‭ ‬وصف‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬بأنه‭ ‬‮«‬عبقري‭ ‬السقيفة‮»‬،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نميل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬تعصبًا،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خيرٍ‭ ‬للإسلام‭ ‬ودولته‭ ‬الراشدة‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬والعمل‭ ‬الجليل‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭(‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬حين‭ ‬حسم‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬يخلف‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬فقد‭ ‬توفي‭  ‬الرسول‭ ‬الكريم‭ ‬من‭  ‬دون‭ ‬اختيار‭ ‬خليفة‭ ‬للمسلمين‭ ‬من‭ ‬بعده،‭ ‬ولَم‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تصريح‭ ‬واضح‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬عبَّر‭ ‬عنها‭ ‬الأستاذ‭ ‬حسن‭ ‬العلوي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬والتشيع‮»‬‭ ‬بقوله‭ : ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬السقيفة‭ ‬إذ‭ ‬لو‭ ‬وجد‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خلاف‭ ‬عمن‭ ‬يتولى‭ ‬حكم‭ ‬المسلمين‭ ‬بعد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭).‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬اختيار‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬خليفة‭ ‬اختيارا‭ ‬موفقا‭ ‬ومباركا،‭ ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬يثني‭ ‬على‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭)‬،‭ ‬ويقدمه‭ ‬على‭ ‬أصحابه،‭ ‬لقد‭ ‬نال‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوسمة‭ ‬والنياشين،‭ ‬ولقد‭ ‬استقرت‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الصحابة‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬لأبي‭ ‬بكر،‭ ‬لهذا‭ ‬لم‭ ‬يعترض‭ ‬الصحابة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وبهذا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬يسجل‭ ‬للفاروق‭ ‬عمر‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬لأنه،‭ ‬وبلغة‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬فراغًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬يختلف‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الخليفة‭ ‬وهم‭ ‬يواجهون‭ ‬ردة‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬عن‭ ‬الإسلام،‭ ‬وإعداد‭ ‬الروم‭ ‬جيشًا‭ ‬لمحاربة‭ ‬المسلمين،‭ ‬فكانت‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭  ‬قد‭ ‬حمت‭ ‬المسلمين،‭ ‬وجنبت‭ ‬الدولة‭ ‬الوليدة‭ ‬مشاكل‭ ‬لا‭ ‬حد‭ ‬ولا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬وهكذا‭ ‬كان‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬سابق‭ ‬عصره‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬والاجتهاد‭.‬

لقد‭ ‬وقف‭ ‬الِصدِّيق‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬البيعة‭ ‬الحرة‭ ‬له‭ ‬خطيبًا،‭ ‬فقال‭: ‬أيها‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يعبد‭ ‬محمدًا،‭ ‬فإن‭ ‬محمدًا‭ ‬قد‭ ‬مات،‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬يعبد‭ ‬الله،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬حي‭ ‬لا‭ ‬يموت،‭ ‬ثم‭ ‬تلى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وما‭ ‬محمد‭ ‬إلا‭ ‬رسول‭ ‬قد‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬الرسل‭ ‬أفإن‭ ‬مات‭ ‬أو‭ ‬قتل‭ ‬انقلبتم‭ ‬على‭ ‬أعقابكم‭ ‬ومن‭ ‬ينقلب‭ ‬على‭ ‬عقبيه‭ ‬فلن‭ ‬يضر‭ ‬الله‭ ‬شيئًا‭ ‬وسيجزي‭ ‬الله‭ ‬الشاكرين‮»‬‭. (‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬144‭) ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬أيها‭ ‬الناس‭ ‬إني‭ ‬قد‭ ‬وُليت‭ ‬عليكم‭ ‬ولست‭ ‬بخيركم،‭ ‬فإن‭ ‬أحسنت‭ ‬فأعينوني،‭ ‬وإن‭ ‬أسأت‭ ‬فقوموني،‭ ‬أطيعوني‭ ‬ما‭ ‬أطعت‭ ‬الله‭ ‬فيكم،‭ ‬فإن‭ ‬عصيته‭ ‬فلا‭ ‬طاعة‭ ‬لي‭ ‬عليكم،‭ ‬الضعيف‭ ‬فيكم‭ ‬قوي‭ ‬عندي‭ ‬حتى‭ ‬آخذ‭ ‬الحق‭ ‬له،‭ ‬والقوي‭ ‬فيكم‭ ‬ضعيف‭ ‬عندي‭ ‬حتى‭ ‬آخذ‭ ‬الحق‭ ‬منه‭.‬

لقد‭ ‬سبق‭ ‬الصِّديق‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬عصره‭ ‬حين‭ ‬استهل‭ ‬خلافته‭ ‬بهذا‭ ‬العقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الفريد‭ ‬قبل‭ ‬المفكر‭ ‬الفرنسي‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو،‭ ‬أن‭ ‬موقف‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬كان‭ ‬عظيمًا،‭ ‬وحاسمًا‭ ‬دفع‭ ‬عن‭ ‬المسلمين‭ ‬شرًا‭ ‬كثيرا‭ ‬لأنه‭ ‬حمى‭ ‬دولة‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتداعى‭ ‬بنيانها،‭ ‬وتتهاوى‭ ‬أركانها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬فراغ‭ ‬سياسي،‭ ‬ولهذا‭ ‬كان‭ ‬تسلم‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬الصِّديق‭ ‬الخلافة‭ ‬بمجرد‭ ‬وفاة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬عملًا‭ ‬سياسيًّا‭ ‬حكيمًا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تحرص‭ ‬عليه‭ ‬الأمم‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬إذ‭ ‬يحتفظون‭ ‬بنائب‭ ‬الرئيس‭ ‬أو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬حين‭ ‬تواجه‭ ‬الدولة‭ ‬غزوًا‭ ‬خارجيًا‭ ‬أو‭ ‬انقلابًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آمن،‭ ‬فإذا‭ ‬حدث‭ ‬للرئيس‭ ‬أو‭ ‬الحاكم‭ ‬مكروه‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬تسلم‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬بعده،‭ ‬فلا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬فراغ‭ ‬سياسي‭!‬

ولقد‭ ‬عاصرنا‭ ‬وشاهدنا‭ ‬ما‭ ‬سُمِيَ‭ ‬بـ«الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬حولته‭ ‬من‭ ‬ربيع‭ ‬عربي‭ ‬إلى‭ ‬خريف‭ ‬عربي‭!‬

لذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬اهتمام‭ ‬الصحابة‭ ‬الكرام‭ ‬بالمحافظة‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬الإسلام‭ ‬ومواجهة‭ ‬حروب‭ ‬الردة‭ ‬والجيوش‭ ‬الرومانية‭ ‬تتهيأ‭ ‬للانقضاض‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الوليدة،‭ ‬وأن‭ ‬أمر‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬وتغسيله‭ ‬وتكفينه‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أولى‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬بيته،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬حيًّا‭ ‬لحرص‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬دولة‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬حين‭ ‬أوصى‭ ‬بالمحافظة‭ ‬على‭ ‬الصلاة‭ ‬وإنفاذ‭ ‬جيش‭ ‬أسامة،‭ ‬فقال‭ ‬لهم‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬سكرات‭ ‬الموت‭: ‬الصلاة‭.. ‬الصلاة،‭ ‬وأنفذوا‭ ‬جيش‭ ‬أسامة‭!‬

إذًا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬حريصًا‭ ‬أشد‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينالها‭ ‬مكروه،‭ ‬أو‭ ‬ينفرط‭ ‬عقد‭ ‬دولتها،‭ ‬ويزول‭ ‬رسمها‭.‬

هذه‭ ‬محاولة‭ ‬أرجو‭ ‬لها‭ ‬التوفيق‭ ‬والسداد‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬أحداث‭ ‬السقيفة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬الذي‭ ‬يحُسَمْ‭ ‬به‭ ‬الخلاف‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬خصوم‭ ‬الإسلام‭ ‬أن‭ ‬يشوهوا‭ ‬به‭ ‬سيرة‭ ‬الشيخين‭ ‬الجليلين‭: ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬الصدِّيق‭ ‬وعمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭)‬،‭ ‬وترك‭ ‬الصحابة‭ (‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنهم‭) ‬إرثًا‭ ‬سياسيًّا‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬عليه،‭ ‬ويطوروه‭ ‬بما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الأمم،‭ ‬وإبداعات‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬طبيعتها‭ ‬التجدد‭ ‬والإبداع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا