العدد : ١٧١٠١ - الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠١ - الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جيمي كارتر ودوره في عملية السلام!

بقلم: د. عبد المنعم سعيد

الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

يقال‭ ‬إنه‭ ‬كثيرًا‭ ‬لا‭ ‬تُعرف‭ ‬قيمة‭ ‬الناس‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وفاتهم؛‭ ‬ولا‭ ‬تُستثنى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭. ‬الإعلاميون‭ ‬والساسة‭ ‬فجأة‭ ‬أعطوا‭ ‬القيمة‭ ‬الكبرى‭ ‬والتي‭ ‬يستحقها‭ ‬الرئيس‭ ‬39‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ (‬1977‭ -‬1982‭) ‬نظرًا‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬السلام‭ ‬المصري‭ -‬الإسرائيلي‭ (‬1979‭)‬؛‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬المدنية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬منحته‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭.‬

‭ ‬حصل‭ ‬كارتر‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬وفاته‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬بلين‮»‬‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬جورجيا‭ ‬وحتى‭ ‬إقامة‭ ‬الشعائر‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬دفنه‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭. ‬القيمة‭ ‬التاريخية‭ ‬لكارتر‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والعمل‭ ‬المدني‭ ‬قلل‭ ‬منها‭ ‬دائمًا‭ ‬أنه‭ ‬خدم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬فترة‭ ‬رئاسية‭ ‬واحدة‭ ‬انقلبت‭ ‬فيها‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬حمله‭ ‬إلى‭ ‬مقعد‭ ‬الرئاسة‭ ‬بعد‭ ‬عهد‭ ‬جمهوري‭ ‬شهد‭ ‬فضيحة‭ ‬ووترجيت،‭ ‬ونهاية‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭ ‬بفضيحة‭ ‬استراتيجية‭ ‬عظمى‭. ‬وقتها‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬تمر‭ ‬بفترة‭ ‬اغتسال‭ ‬وتطهير‭ ‬أخلاقي‭ ‬وسياسي‭ ‬سادت‭ ‬فيها‭ ‬فجاجة‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون؛‭ ‬وصخب‭ ‬التغيير‭ ‬الجيلي‭ ‬للرافضين‭ ‬التجنيد‭ ‬في‭ ‬الجيش،‭ ‬والمثيرين‭ ‬للضجيج‭ ‬في‭ ‬الجامعات،‭ ‬وشعارات‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬الحدائق‭. ‬

كارتر‭ ‬جاء‭ ‬حاملًا‭ ‬معه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ونظافة‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬والكذب،‭ ‬وفي‭ ‬طريقه‭ ‬فاجأه‭ ‬الرئيس‭ ‬السادات‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فجاءته‭ ‬فرصة‭ ‬سياسية‭ ‬انتهزها‭ ‬بالسعي‭ ‬نحو‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬المصري‭ ‬فاجأه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬قرر‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬لكي‭ ‬يحقق‭ ‬مفاجأة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬منذ‭ ‬مفاجأة‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭ ‬التي‭ ‬مهد‭ ‬فيها‭ ‬السلاح‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬والسياسة‭. ‬كانت‭ ‬القاهرة‭ ‬سابقة‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام؛‭ ‬وكان‭ ‬كارتر‭ ‬مهيأً‭ ‬أخلاقيًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬أول‭ ‬معاهدة‭ ‬للسلام‭ ‬غيرت‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬‮«‬الوجودية‮»‬‭ ‬للصراع‭ ‬لكي‭ ‬يصبح‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬ميادينه‭ ‬فكرًا‭ ‬وإبداعًا‭ ‬عندما‭ ‬انعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭.‬

كنت‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬سبتمبر‭ ‬1977؛‭ ‬وفي‭ ‬غمرة‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬الاستقرار‭ ‬جرت‭ ‬الأحداث‭ ‬المثيرة‭ ‬الواحدة‭ ‬بعد‭ ‬الأخرى،‭ ‬مفاجئة‭ ‬لأحد‭ ‬المصريين‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬الحرب‭ ‬وفجأة‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬مثيرًا‭ ‬للأمل،‭ ‬ولاسعًا‭ ‬من‭ ‬كم‭ ‬الانتقادات‭ ‬والهجوم‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬من‭ ‬الرفاق‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭. ‬لدارس‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬فإن‭ ‬شخصية‭ ‬كارتر‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والسادات‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬المصري‭ ‬والعربي‭ ‬باتت‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬وفي‭ ‬قلب‭ ‬مستقبل‭ ‬العالم‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

وحينما‭ ‬هلت‭ ‬بشائر‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التالية،‭ ‬ونجح‭ ‬كارتر‭ ‬في‭ ‬تخطي‭ ‬عقبة‭ ‬الانتخابات‭ ‬التمهيدية‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬فائزًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬إدوارد‭ ‬كينيدي‮»‬،‭ ‬ظننت‭ ‬أن‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬ثانية‭ ‬ممهد‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬اليقين‭. ‬ولما‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬شمال‭ ‬إلينوي‭ ‬بينما‭ ‬انتهيت‭ ‬من‭ ‬أطروحتي‭ ‬للدكتوراه‭ ‬فقد‭ ‬جربت‭ ‬إجراء‭ ‬تصويت‭ ‬لتلاميذي‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬45‭ ‬طالبًا‭ ‬وطالبة‭. ‬المفاجأة‭ ‬الكبيرة‭ ‬كانت‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شبه‭ ‬إجماع‭ ‬على‭ ‬المرشح‭ ‬الجمهوري‭ ‬رونالد‭ ‬ريجان،‭ ‬الممثل‭ ‬والمحافظ‭ ‬وكبير‭ ‬السن‭. ‬التصويت‭ ‬دفعني‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التفكير،‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬كثيرًا‭ ‬وفي‭ ‬قلبه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬قد‭ ‬غزا‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ونشبت‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭. ‬والأخطر‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬اغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬السادات،‭ ‬واصطف‭ ‬التلاميذ‭ ‬لتعزيتي‭ ‬في‭ ‬وفاته‭ ‬باعتباري‭ ‬أقرب‭ ‬المصريين‭ ‬لهم‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬معروفًا‭ ‬وقتها‭ ‬بالحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الثانية؛‭ ‬أما‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فبعد‭ ‬أول‭ ‬معاهدة‭ ‬للسلام‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬مساره‭ ‬الدائم‭ ‬حينما‭ ‬نشبت‭ ‬الحرب‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬1982‭. ‬خرج‭ ‬كارتر‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بينما‭ ‬ينتظر‭ ‬ركوب‭ ‬الرهائن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬اختطفهم‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬احتجزها‭ ‬الخميني‭ ‬حتى‭ ‬قام‭ ‬ريجان‭ ‬بحلف‭ ‬اليمين‭.‬

في‭ ‬الذهن‭ ‬ظل‭ ‬الرئيسان‭ ‬كارتر‭ ‬والسادات‭ ‬وقضية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ملحة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬التالية؛‭ ‬وعندما‭ ‬جرت‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬لتحرير‭ ‬الكويت‭ ‬أقدم‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬مدريد‭ ‬للسلام،‭ ‬وجاءت‭ ‬نسائم‭ ‬إمكانية‭ ‬التعايش‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وكما‭ ‬هي‭ ‬العادة‭ ‬فإن‭ ‬التعايش‭ ‬والسلام‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬وجههما‭ ‬عمليات‭ ‬الاغتيال‭ ‬والعنف‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬غاشمة؛‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬جرى‭ ‬الاغتيال‭ ‬لإسحاق‭ ‬رابين؛‭ ‬لأنه‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو،‭ ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬عندما‭ ‬أتى‭ ‬اليهود‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬يعني‭ ‬فلسطين،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فارغة‭. ‬

جاءت‭ ‬وزارة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الأولى‭ ‬ومعها‭ ‬الاستيطان‭ ‬والمذابح،‭ ‬على‭ ‬الجانبين‭ ‬العربي‭ ‬والإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لفرصة‭ ‬السلام‭ ‬أن‭ ‬تضيع؛‭ ‬فجرى‭ ‬تكوين‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬للسلام‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬التحالف‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الحروب،‭ ‬وآن‭ ‬أوان‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬السلام؛‭ ‬وكان‭ ‬حضور‭ ‬الرئيس‭ ‬كارتر‭ ‬مهمًا‭ ‬لهذه‭ ‬المناسبة‭. ‬وبتفويض‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬سافرت‭ ‬أنا‭ ‬ود‭. ‬رياض‭ ‬المالكي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬قائدًا‭ ‬لإحدى‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬وفيما‭ ‬بعد‭ ‬صار‭ ‬وزيرًا‭ ‬للخارجية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭. ‬ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬كارتر‭ ‬في‭ ‬أتلانتا‭ ‬وجاء‭ ‬إلينا‭ ‬مبتسمًا‭ ‬وكأنما‭ ‬تذكر‭ ‬أن‭ ‬الشعلة‭ ‬التي‭ ‬أشعلها‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬تقريبًا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬باقية،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الأخبار‭ ‬السيئة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬كان‭ ‬طلبنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬ويلقي‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬المحدد‭.‬

قال‭ ‬لنا‭ ‬الرئيس‭ ‬كارتر‭ ‬إنه‭ ‬يود‭ ‬الحضور‭ ‬كثيرًا،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬ذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬بحتة؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لرئيس‭ ‬سابق‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬إلى‭ ‬أضواء‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬رئيس‭ ‬لاحق،‭ ‬هو‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون؛‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتسجيل‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬فيديو‭ ‬يعرض‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭. ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬يقدر‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الانعقاد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬ولا‭ ‬أذكر‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬لتسجيل‭ ‬الكلمة‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬للقاء‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأخيرة،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬لقاء‭ ‬آخر،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬وفي‭ ‬بيت‭ ‬ضيافة‭ ‬رسمية‭ ‬التقيت‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم‭ ‬وآخرين‭ ‬يغيبون‭ ‬عن‭ ‬الذاكرة‭ ‬الآن،‭ ‬وكان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬جهوده‭ ‬الإنسانية‭ ‬الخاصة‭ ‬ببيوت‭ ‬الفقراء‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬نشطًا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وكثرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬النامي‭ ‬استحق‭ ‬عليها‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام؛‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يفضل‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬نتيجة‭ ‬جهوده‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬الآن‭ ‬فإن‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ ‬يرحل‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬سن‭ ‬المائة‭ ‬باعتباره‭ ‬الأطول‭ ‬عمرًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين؛‭ ‬وبعد‭ ‬تجربة‭ ‬أذهلتني‭ ‬وهو‭ ‬قراره‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬بالتوقف‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأدوية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السرطان،‭ ‬لكي‭ ‬يقضي‭ ‬وقته‭ ‬مع‭ ‬أولاده‭ ‬وأحفاده‭ ‬وأحفاد‭ ‬الأحفاد‭ ‬أيضًا‭. ‬الرجل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سياسيًا‭ ‬فقط،‭ ‬وأول‭ ‬وربما‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬جاء‭ ‬رئيسًا‭ ‬من‭ ‬جورجيا،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬كان‭ ‬مزارعًا‭ ‬ونجارًا‭ ‬مفعمًا‭ ‬بالإنسانية‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬الأمريكيون‭ ‬والعالم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬أفضل‭.‬

من‭ ‬يعيش‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يفتقد‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ ‬وأنور‭ ‬السادات،‭ ‬القيادات‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬نوعًا‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ ‬البطولة‭ ‬غير‭ ‬المعتادة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الغارقة‭ ‬في‭ ‬صدامات‭ ‬وجودية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الرفق‭ ‬والنظرة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل،‭ ‬لا‭ ‬تقتل‭ ‬فيه‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬ولا‭ ‬تهدم‭ ‬فيه‭ ‬المدن‭ ‬والحضارة‭.‬

 

‭ ‬{ كاتب‭ ‬ومفكر‭ ‬مصري‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا